تفسير سورة الأحقاف (7)


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد:

فها نحن مع سورة الأحقاف سابعة آل حم، ومع هذه الآيات، فهيا بنا لنصغي مستمعين تلاوتها، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس ونسمع.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصَارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون * وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ * فَلَوْلا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ [الأحقاف:26-28].

إنذار المشركين بإهلاك عاد

معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! السياق الكريم مع أهل مكة، مع مشركي العرب، مع كفار قريش، فقد أمر الله تعالى رسوله أن يقص عليهم قصة عاد، وبين لهم الأحداث التي جرت فيها وأخيراً الدمار والهلاك الذي تم، إذ لم ينج من تلك الأمة إلا هود ومجموعة من المؤمنين والمؤمنات، وتركوا تلك الديار مرة واحدة، والتحقوا بالشمال، وهي أعظم أمة على وجه الأرض في تلك الأيام: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ [الفجر:6-8].

قال تعالى: وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ [الأحقاف:21] فكفروا برسول الله هود، وكفروا بما جاءهم به من الهدى، وكفروا بلقاء الله والوقوف بين يديه والحساب والجزاء، واستمروا على ذلك مع قوتهم فأهلكهم الله تعالى.

إهلاك عاد بعد تمكينهم لتكذيبهم بآيات الله تعالى

وبعد ذلك يقول تعالى هنا: وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ [الأحقاف:26] أي: مكنا قوم عاد في الأرض والبناء والعمران والقوة والسلطان، وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ [الأحقاف:26] مكناهم في شيء ما مكناكم أنتم فيه ولا عرفتموه، أنتم ضعفاء وقوم عاد أقوياء جبابرة، مكناهم ما لم نمكن لكم، ومع هذا مسحنا وجودهم، فلم لا تخافون أنتم ولا تخشون الله ولا تخافون العقاب؟

وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ [الأحقاف:26] هذا أولاً، وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً [الأحقاف:26]، لهم أسماع يسمعون بها، وأبصار يبصرون بها، وقلوب يعقلون بها، وما أغنت عنهم شيئاً وأهلكهم الله، لماذا؟ لإصرارهم على الكفر، وعنادهم على الباطل، كذبوا بدعوة هود وبرسالته وبما جاء به، كذبوا بلقاء الله، كذبوا بتوحيد الله، وأبوا إلا أن يعبدوا الأصنام والتماثيل، فهل أغنت عنهم أسماعهم وأبصارهم؟ لا شيء، لماذا؟

إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ [الأحقاف:26] هذا سبب هلاكهم: جحودهم وتكذيبهم، وإنكارهم لما جاء به نبي الله ورسوله هود، هذا الجحود هو الذي سبب دمارهم وهلاكهم، لو اعترفوا بتلك الآيات التي كان يبينها هود لهم ويشرحها لهم ويفصلها لهم من كلام الله عز وجل ما كانوا يهلكون، لكنهم -والعياذ بالله- جحدوا وكذبوا واستكبروا، إذاً: فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصَارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ [الأحقاف:26].

وإلى الآن الكفار بأسماعهم وأبصارهم وأفئدتهم هل عرفوا الله؟ هل سألوا عنه؟ هل عبدوه؟ هل سألوا عما يحب وعما يكره ليفعلوا؟ ملايين من أمريكا إلى اليابان كفار عليهم لعائن الله وهم أهل النار، لهم أسماع وأبصار وعقول وقلوب، فلم ما يسألون؟ هل جاءنا كافر إلى المدينة وقال: أريد أن أسألكم عن الله فعرفوني به، ما الذي يحب أن نفعل، ما الذي يكره فنترك؟ هل هناك علامة تدل على وجوده، هل هناك كتاب أنزله؟ وهكذا، فهل فعلوا هذا؟ ما فعلوا.

وهكذا يقول تعالى: وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ [الأحقاف:26] أي: مكنا قوم عاد فيما لم نمكن لكم أنتم فيه، قويناهم أكثر منكم وجعلنا لهم أسماعاً وأبصاراً وأفئدة، ومع هذا فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصَارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ [الأحقاف:26] لماذا؟ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ [الأحقاف:26]، والجحود هو الكفر والإنكار والتكذيب، وآيات الله تتجلى في الكون كله، ارفع رأسك إلى السماء وهي أعظم آية، من أوجد هذه السماء؟ انظر إلى ثور من الثيران أو بعير من الأبعرة، فمن أوجد هذا البعير؟ انظر إلى عقرب، فمن ملأها بالسم وجعل سمها قاتلاً؟ انظر إلى كل شيء، كيف تنكرون وجود الله وتكذبون به، وتعبدون الأصنام والأحجار معه، وتدعون التقرب والتزلف إليه؟

معنى قوله تعالى: (وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون)

قال تعالى: وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون [الأحقاف:26] أحاط بهم الذي كانوا يستهزئون به ويسخرون، كانوا يقولون: هات العذاب، أين هذا العذاب؟ لا تهددنا بالباطل! فالعذاب أحاط بهم أو لا؟ والله! ما هي إلا ريح عاصفة دامت سبع ليال وثمانية أيام فما أبقت شيئاً على وجه أرضهم، اقتلعت النخيل والأشجار، ما نجا منهم إلا فئة آمنت وأسلمت وخرجت قبل نزول العذاب بهم.

وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون [الأحقاف:26] والاستهزاء ضرب من ضروب الكفر والعياذ بالله، يسخر ويستهزئ، يقول: ما هذا! ما الذي تقول؟ أين الله؟ أين العذاب؟ كيف كذا؟ هذا هو الاستهزاء والسخرية، ما آمنوا إيماناً حقيقياً ولا أقبلوا على الله يطلبون هداه، ولا أسلموا قلوبهم لله، فلا يذكرون إلا الله، هكذا استهوتهم الشياطين فأهلكتهم.

وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون [الأحقاف:26] ما الذي كانوا يستهزئون به؟ العذاب، حين يخوفهم هود ويهددهم بالعذاب، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يخوف المشركين فيستهزئون بالعذاب، يقولون: أين هذا العذاب؟

معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! السياق الكريم مع أهل مكة، مع مشركي العرب، مع كفار قريش، فقد أمر الله تعالى رسوله أن يقص عليهم قصة عاد، وبين لهم الأحداث التي جرت فيها وأخيراً الدمار والهلاك الذي تم، إذ لم ينج من تلك الأمة إلا هود ومجموعة من المؤمنين والمؤمنات، وتركوا تلك الديار مرة واحدة، والتحقوا بالشمال، وهي أعظم أمة على وجه الأرض في تلك الأيام: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ [الفجر:6-8].

قال تعالى: وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ [الأحقاف:21] فكفروا برسول الله هود، وكفروا بما جاءهم به من الهدى، وكفروا بلقاء الله والوقوف بين يديه والحساب والجزاء، واستمروا على ذلك مع قوتهم فأهلكهم الله تعالى.

وبعد ذلك يقول تعالى هنا: وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ [الأحقاف:26] أي: مكنا قوم عاد في الأرض والبناء والعمران والقوة والسلطان، وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ [الأحقاف:26] مكناهم في شيء ما مكناكم أنتم فيه ولا عرفتموه، أنتم ضعفاء وقوم عاد أقوياء جبابرة، مكناهم ما لم نمكن لكم، ومع هذا مسحنا وجودهم، فلم لا تخافون أنتم ولا تخشون الله ولا تخافون العقاب؟

وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ [الأحقاف:26] هذا أولاً، وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً [الأحقاف:26]، لهم أسماع يسمعون بها، وأبصار يبصرون بها، وقلوب يعقلون بها، وما أغنت عنهم شيئاً وأهلكهم الله، لماذا؟ لإصرارهم على الكفر، وعنادهم على الباطل، كذبوا بدعوة هود وبرسالته وبما جاء به، كذبوا بلقاء الله، كذبوا بتوحيد الله، وأبوا إلا أن يعبدوا الأصنام والتماثيل، فهل أغنت عنهم أسماعهم وأبصارهم؟ لا شيء، لماذا؟

إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ [الأحقاف:26] هذا سبب هلاكهم: جحودهم وتكذيبهم، وإنكارهم لما جاء به نبي الله ورسوله هود، هذا الجحود هو الذي سبب دمارهم وهلاكهم، لو اعترفوا بتلك الآيات التي كان يبينها هود لهم ويشرحها لهم ويفصلها لهم من كلام الله عز وجل ما كانوا يهلكون، لكنهم -والعياذ بالله- جحدوا وكذبوا واستكبروا، إذاً: فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصَارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ [الأحقاف:26].

وإلى الآن الكفار بأسماعهم وأبصارهم وأفئدتهم هل عرفوا الله؟ هل سألوا عنه؟ هل عبدوه؟ هل سألوا عما يحب وعما يكره ليفعلوا؟ ملايين من أمريكا إلى اليابان كفار عليهم لعائن الله وهم أهل النار، لهم أسماع وأبصار وعقول وقلوب، فلم ما يسألون؟ هل جاءنا كافر إلى المدينة وقال: أريد أن أسألكم عن الله فعرفوني به، ما الذي يحب أن نفعل، ما الذي يكره فنترك؟ هل هناك علامة تدل على وجوده، هل هناك كتاب أنزله؟ وهكذا، فهل فعلوا هذا؟ ما فعلوا.

وهكذا يقول تعالى: وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ [الأحقاف:26] أي: مكنا قوم عاد فيما لم نمكن لكم أنتم فيه، قويناهم أكثر منكم وجعلنا لهم أسماعاً وأبصاراً وأفئدة، ومع هذا فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصَارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ [الأحقاف:26] لماذا؟ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ [الأحقاف:26]، والجحود هو الكفر والإنكار والتكذيب، وآيات الله تتجلى في الكون كله، ارفع رأسك إلى السماء وهي أعظم آية، من أوجد هذه السماء؟ انظر إلى ثور من الثيران أو بعير من الأبعرة، فمن أوجد هذا البعير؟ انظر إلى عقرب، فمن ملأها بالسم وجعل سمها قاتلاً؟ انظر إلى كل شيء، كيف تنكرون وجود الله وتكذبون به، وتعبدون الأصنام والأحجار معه، وتدعون التقرب والتزلف إليه؟

قال تعالى: وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون [الأحقاف:26] أحاط بهم الذي كانوا يستهزئون به ويسخرون، كانوا يقولون: هات العذاب، أين هذا العذاب؟ لا تهددنا بالباطل! فالعذاب أحاط بهم أو لا؟ والله! ما هي إلا ريح عاصفة دامت سبع ليال وثمانية أيام فما أبقت شيئاً على وجه أرضهم، اقتلعت النخيل والأشجار، ما نجا منهم إلا فئة آمنت وأسلمت وخرجت قبل نزول العذاب بهم.

وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون [الأحقاف:26] والاستهزاء ضرب من ضروب الكفر والعياذ بالله، يسخر ويستهزئ، يقول: ما هذا! ما الذي تقول؟ أين الله؟ أين العذاب؟ كيف كذا؟ هذا هو الاستهزاء والسخرية، ما آمنوا إيماناً حقيقياً ولا أقبلوا على الله يطلبون هداه، ولا أسلموا قلوبهم لله، فلا يذكرون إلا الله، هكذا استهوتهم الشياطين فأهلكتهم.

وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون [الأحقاف:26] ما الذي كانوا يستهزئون به؟ العذاب، حين يخوفهم هود ويهددهم بالعذاب، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يخوف المشركين فيستهزئون بالعذاب، يقولون: أين هذا العذاب؟