تفسير سورة الأنبياء (11)


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ * وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ * وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ * وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ [الأنبياء:73-77].

معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قال ربنا جل ذكره: وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً [الأنبياء:73]. وهؤلاء الذين جعلهم الله أئمة هم إبراهيم وولده إسحاق وحفيده يعقوب، هؤلاء الثلاثة؛ إذ تقدم ذكرهم في الآية السابقة. والذي جعلهم أئمة هو الله جل جلاله.

ومعنى أئمة: يقتدى بهم، فيصلون ويؤتم بهم، ويدعونهم يوجهونهم يعلمونهم، فكل ذلك من مقتضى كونهم أئمة، أي: هداة ودعاة ومبلغين. والذي جعلهم أئمة هو الله، الذي شاء أن ينبئهم، وأن يرسلهم، فكانوا أنبياء رسلاً عليهم السلام.

وقوله تعالى: وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا [الأنبياء:73] أي: يهدون الناس والعباد الضلال إلى الإيمان وصالح الأعمال؛ لينجوا من العذاب والخزي في الدنيا والآخرة.

وهم يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا [الأنبياء:73] لهم بذلك، وتعليمنا لهم ذلك. هكذا يقول تعالى ممتناً عليهم، فهو يقول: وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا [الأنبياء:73] أولاً.

بيان ما أوحاه الله تعالى إلى إبراهيم وأبنائه

قال تعالى: وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ [الأنبياء:73].

وهناك كلمة عند أهل اليمن سمعناها من الطلاب والعوام، وهي: أنهم يقولون: بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين، وهذا موافق لقوله تعالى وقوله الحق في سورة السجدة: وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ [السجدة:24]. فكلمة بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين كلمة عامية، وهي من القرآن. فالصبر واليقين بهما تنال الإمامة في الدين. فإذا أردت أن تكون إماماً للناس إذاً فعليك بالصبر واليقين.

واليقين هو: إيمانك بكل ما أمر الله بالإيمان به يقيناً لا يخالطه شك ولا ارتياب أبداً.

وهنا يقول تعالى: وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ [الأنبياء:73] الأمر بـ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ [الأنبياء:73]. والذي أخبر بهذا الخبر في مكة محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يستطع أحد أن يقوله غيره. فهذا وحي الله الذي أنزل على محمد، فهو رسول الله إذاً.

وهذه الآية كما تقرر التوحيد تقرر النبوة المحمدية؛ إذ لولا أنه رسول الله لما أمكنه أن يأتي بهذا الكلام؛ لأنه لن يجد من يحدثه ويخبره به.

وقد علمنا أن السور المكيات يعالجن العقيدة والتوحيد، والنبوة، والبعث الآخر.

وقوله تعالى: فِعْلَ الْخَيْرَاتِ [الأنبياء:73] الخيرات: هي النوافل والصالحات. وَإِقَامَ الصَّلاةِ [الأنبياء:73] كما تعلمون، وهي: أن تؤدى بشروطها وبأركانها، وبفرائضها وبواجباتها على النحو الذي كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي؛ إذ قال: ( صلوا كما رأيتموني أصلي ). فتصلى في بيوت الله مع جماعة المؤمنين. وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ [الأنبياء:73]: إخراجها وإعطاؤها لمن بين تعالى أنها تصرف لهم. وَكَانُوا لَنَا [الأنبياء:73] نحن رب العزة والكمال عَابِدِينَ [الأنبياء:73] لنا، أي: خاضعين خاشعين منقادين، يعملون بأمرنا، وينتهون بنهينا. فالعبودية لا تكون إلا لله، أي: الطاعة التي فيها الذل والمسكنة لا تكون إلا لله.

وقوله: وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ [الأنبياء:73] أي هؤلاء الثلاثة، إبراهيم وإسحاق ولده، ويعقوب ولد إسحاق.

قال تعالى: وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ [الأنبياء:73].

وهناك كلمة عند أهل اليمن سمعناها من الطلاب والعوام، وهي: أنهم يقولون: بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين، وهذا موافق لقوله تعالى وقوله الحق في سورة السجدة: وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ [السجدة:24]. فكلمة بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين كلمة عامية، وهي من القرآن. فالصبر واليقين بهما تنال الإمامة في الدين. فإذا أردت أن تكون إماماً للناس إذاً فعليك بالصبر واليقين.

واليقين هو: إيمانك بكل ما أمر الله بالإيمان به يقيناً لا يخالطه شك ولا ارتياب أبداً.

وهنا يقول تعالى: وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ [الأنبياء:73] الأمر بـ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ [الأنبياء:73]. والذي أخبر بهذا الخبر في مكة محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يستطع أحد أن يقوله غيره. فهذا وحي الله الذي أنزل على محمد، فهو رسول الله إذاً.

وهذه الآية كما تقرر التوحيد تقرر النبوة المحمدية؛ إذ لولا أنه رسول الله لما أمكنه أن يأتي بهذا الكلام؛ لأنه لن يجد من يحدثه ويخبره به.

وقد علمنا أن السور المكيات يعالجن العقيدة والتوحيد، والنبوة، والبعث الآخر.

وقوله تعالى: فِعْلَ الْخَيْرَاتِ [الأنبياء:73] الخيرات: هي النوافل والصالحات. وَإِقَامَ الصَّلاةِ [الأنبياء:73] كما تعلمون، وهي: أن تؤدى بشروطها وبأركانها، وبفرائضها وبواجباتها على النحو الذي كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي؛ إذ قال: ( صلوا كما رأيتموني أصلي ). فتصلى في بيوت الله مع جماعة المؤمنين. وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ [الأنبياء:73]: إخراجها وإعطاؤها لمن بين تعالى أنها تصرف لهم. وَكَانُوا لَنَا [الأنبياء:73] نحن رب العزة والكمال عَابِدِينَ [الأنبياء:73] لنا، أي: خاضعين خاشعين منقادين، يعملون بأمرنا، وينتهون بنهينا. فالعبودية لا تكون إلا لله، أي: الطاعة التي فيها الذل والمسكنة لا تكون إلا لله.

وقوله: وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ [الأنبياء:73] أي هؤلاء الثلاثة، إبراهيم وإسحاق ولده، ويعقوب ولد إسحاق.

قال تعالى: وَلُوطًا [الأنبياء:74] أيضاً، أي: وآيتنا لوطاً. ولوط هذا نبي الله ورسوله، أرسله إلى قرى، والقرى يومئذ هي المدن، ومن بين هذه القرى سدوم وعمورة. فلما ذهب إبراهيم إلى مصر ترك ابن أخيه لوطاً، وقد نبأه الله وأرسله في هذه الديار، يدعو إلى الله عز وجل، وهي سدوم وعمورة وخمس قرى معها، وقد تحولت كلها إلى بحر منتن. وتعرف الآن بالبحيرة المنتنة، وهو البحر الميت.

والقرية التي تسمى زغر نزح إليها لوط بأسرته ما عدى امرأته، ثم لما جاء الانقلاب وقلبت البلاد رأساً على عقب كان لوط قد نجا مع أسرته، إلا ما كان من امرأته.

وقوله تعالى: وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا [الأنبياء:74]، أي: آتيناه نحن رب العزة الحكم والقضاء، والحكمة والمعرفة، ثانياً: والعلم، أي: المعرفة بالله وبمحابه وبمكارهه، وبوعوده وبوعيده، إلى غير ذلك، ومن ذلك معرفة ما يحل الله وما يحرم، وما يجيز وما يمنع.

الخبائث التي كان يعملها قوم لوط

قال تعالى: وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ [الأنبياء:74]. القرية هي سدوم بفتح السين، وعمورة، فقد كان أهلهما يعملون الخبائث، والخبائث جمع خبيثة.

ومن هذه الخبائث: أنهم كانوا يجتمعون في نادٍ، ويطأ الذكر الذكر، وهم يتفرجون.

ثانياً: كانوا يتضارطون، ويتنافسون من هو أكثر ضراطاً من أخيه في النادي أمامهم. فكان أحدهم يرفع رجله ويضرط، ويتباهون بهذا.

وثالثاً: الخذف، فقد كانوا يأخذون الأحجار، ويرمون بها الناس؛ استهزاء بهم وسخرية. هذه الخبائث التي كانوا يعملونها. والسبب: إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ [الأنبياء:74]. فهذا علة كونهم يرتكبون هذه الذنوب والآثام.

ويروى أن الذي علمهم اللواط هو إبليس عليه لعائن الله، فهو الذي علمهم هذه الحالة الخبيثة التي لا يقرها إنس ولا جن، بل ولا حيوان، فالحيوان لا يفعلها.

ومن هنا كان حكم اللواط: الموت، ففي الحديث: ( اقتلوا الفاعل والمفعول ). لأنه خروج عن الفطرة الإنسانية، وبعيد عن الإيمان والطاعة الإلهية. فكانوا يرتكبون هذه المهابط الخسيسة، فقد كانت من صفاتهم، أي: من صفات القرية التي كانت تعمل الخبائث، يعني: كان أهلها يعملون فيها الخبائث، جمع خبيثة، وهي: اللواط، والضراط، والرمي بالحصى.

سبب ارتكاب قوم لوط للخبائث

قال تعالى: إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ [الأنبياء:74]. هذا تعليل من الله عز وجل، فهم قوم سوء، وليس هناك سوء أعظم من فعلهم هذا، وكانوا أيضاً قوماً فاسقين، أي: خارجين عن طاعة الله، فقد رفضوا دعوة الله، وحاولوا قتل لوط، وفعلوا ما فعلوا، فقد كانوا فساقاً.

والفسق: الخروج عن الطاعة، فمن ترك واجباً أوجبه الله أو فعل محرماً حرمه الله يقال فيه: فاسق، ففسق خرج عن الطاعة كما تخرج الفويسقة من جحرها، ولا يقال في الشخص: فاسق إلا إذا أصبح الفسق وصفاً له؛ لكثرة ما يأتيه.

وعندنا فاسق وعندنا الفاسق، ففاسق هو: من ارتكب محرماً أو ترك واجباً، والفاسق هو: المتصل بالفسق الذي لم يترك محرماً إلا فعله ولا واجباً إلا تركه. هذا هو الفرق بين فاسق والفاسق، فالفاسق هو: المتوغل في الفسق، أي: في معصية الله ورسوله، وفاسق: خرج عن الطاعة.

قال تعالى: وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ [الأنبياء:74]. القرية هي سدوم بفتح السين، وعمورة، فقد كان أهلهما يعملون الخبائث، والخبائث جمع خبيثة.

ومن هذه الخبائث: أنهم كانوا يجتمعون في نادٍ، ويطأ الذكر الذكر، وهم يتفرجون.

ثانياً: كانوا يتضارطون، ويتنافسون من هو أكثر ضراطاً من أخيه في النادي أمامهم. فكان أحدهم يرفع رجله ويضرط، ويتباهون بهذا.

وثالثاً: الخذف، فقد كانوا يأخذون الأحجار، ويرمون بها الناس؛ استهزاء بهم وسخرية. هذه الخبائث التي كانوا يعملونها. والسبب: إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ [الأنبياء:74]. فهذا علة كونهم يرتكبون هذه الذنوب والآثام.

ويروى أن الذي علمهم اللواط هو إبليس عليه لعائن الله، فهو الذي علمهم هذه الحالة الخبيثة التي لا يقرها إنس ولا جن، بل ولا حيوان، فالحيوان لا يفعلها.

ومن هنا كان حكم اللواط: الموت، ففي الحديث: ( اقتلوا الفاعل والمفعول ). لأنه خروج عن الفطرة الإنسانية، وبعيد عن الإيمان والطاعة الإلهية. فكانوا يرتكبون هذه المهابط الخسيسة، فقد كانت من صفاتهم، أي: من صفات القرية التي كانت تعمل الخبائث، يعني: كان أهلها يعملون فيها الخبائث، جمع خبيثة، وهي: اللواط، والضراط، والرمي بالحصى.

قال تعالى: إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ [الأنبياء:74]. هذا تعليل من الله عز وجل، فهم قوم سوء، وليس هناك سوء أعظم من فعلهم هذا، وكانوا أيضاً قوماً فاسقين، أي: خارجين عن طاعة الله، فقد رفضوا دعوة الله، وحاولوا قتل لوط، وفعلوا ما فعلوا، فقد كانوا فساقاً.

والفسق: الخروج عن الطاعة، فمن ترك واجباً أوجبه الله أو فعل محرماً حرمه الله يقال فيه: فاسق، ففسق خرج عن الطاعة كما تخرج الفويسقة من جحرها، ولا يقال في الشخص: فاسق إلا إذا أصبح الفسق وصفاً له؛ لكثرة ما يأتيه.

وعندنا فاسق وعندنا الفاسق، ففاسق هو: من ارتكب محرماً أو ترك واجباً، والفاسق هو: المتصل بالفسق الذي لم يترك محرماً إلا فعله ولا واجباً إلا تركه. هذا هو الفرق بين فاسق والفاسق، فالفاسق هو: المتوغل في الفسق، أي: في معصية الله ورسوله، وفاسق: خرج عن الطاعة.

قال تعالى: وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا [الأنبياء:75]، أي: أدخلنا لوطاً في رحمتنا. إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ [الأنبياء:75]. فهنا يخبر تعالى أنه أدخل لوطاً عليه السلام في رحمته، وهي: النبوة .. الرسالة .. العبادات، وقل ما شئت، ومن ثم قيل فيه: إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ [الأنبياء:75]. وبالأمس عرفنا الصالحين من هم، فلا نقل: إنهم بنو فلان أو بنو فلان، وإنما الصالحون هم: الذين لا يعصون الله ورسوله، ولا يؤذون عباد الله، ويؤدون حقوق الله كاملة ولا ينقصونها، ويؤدون حقوق العباد التي تجب عليهم كاملة. فمن وجب عليه الحق لأخيه فيجب أن يؤديه له، وبذلك يكون موصوفاً بالصلاح.

ودرجة الصالحين تضم كل أهل الجنة، واقرءوا لذلك: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ [النساء:69] سواء كان أبيض أو أسود، والرسول أي: محمداً صلى الله عليه وسلم. فَأُوْلَئِكَ [النساء:69]، أي: المطيعون مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ [النساء:69]. فكل نبي صالح، وكل رسول صالح.

والصلاح وصف يقابله الفساد، والفاسد هو: الذي لا يعبد الله، لا ويلتزم بقوانينه وشرائعه، فهذا فاسق فاسد. والذي يلتزم بطاعة الله ورسوله في الأمر والنهي، ولا يؤذي مؤمناً ولا مؤمنة، بل يعطي حقوق الناس كاملة، ولا يبخسها ولا ينقصها يدخل في عباده الصالحين، ويكون إن شاء الله من الصالحين، كما قال تعالى: وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا [الأنبياء:75]، أي: أدخل لوطاً عليه السلام فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ [الأنبياء:75]، أي: لكونه من الصالحين أدخلناه في رحمتنا، ومن أعلى مظاهر الرحمة دخول الجنة دار الأبرار.