أرشيف المقالات

دور المسجد في حياة المسلمين

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
 كانت وما زالتِ المساجد مصدر إشعاع في العالم الإسلامي قديمه وحديثه؛ ففي عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان المسجد مدرسة تخرَّج فيها علماء وقادة، وفيه كان يَعقد ألوية جيوشه التي نشرت الإسلام في ربوع الجزيرة العربية، وكذلك كان الخلفاء الراشدون يفعلون.
 
وأصبح المسجد بعدئذٍ مدرسةً تُعقد فيها حلقات العلوم في شتى الفنون، وما مساجد بغداد والقاهرة والقيروان وقرطبة ودمشق والموصل وجميع حواضر الإسلام بالخافي شأنها في تثبيت النهضة العلمية كما يحدثنا التاريخ، وما جاء في كتاب "مدرسة البصرة النحوية" للدكتور عبد الرحمن السيد؛
 
حيث يقول: "لم تكن هناك بطبيعة الحال مدارس منظمة أو معاهد مهيأة يلتقي فيها المُعَلِّمُون والمُتعَلِّمون على النحو الذي نراه في عصرنا الحاضر، وإنما كانت الدراسة ملائمة لهذه الحِقْبَة من تاريخ البشرية، مُتمشِّية مع حاجات الناس في ذلك العصر المُتقَدِّم فكان من جملة ما يسعى إليه الدارسون لأخذ العلم والأدب واللغة هو المساجد؛ فكانت حلقات الدراسة تُعقد فيها".
 
فهي للدراسة المقصودة، وللتعليم المنظَّم؛ حيث يقصد التلاميذ حلقات الدرس يسمعون ما يُلقي أستاذهم من مسائل، أو ما يسألونه ويجيبهم، ويستخبرونه ويفتيهم.
 
حكى الأخفش فقال: "لما ناظر سيبويه الكسائي ورجع وجه إلي؛ فعرفني خبره معه ومضى إلى الأهواز فوردت بغداد؛ فرأيت مسجد الكسائي؛ فصليت خلفه الغداة؛ فلمَّا انفتل من صلاته وقَعَدَ بين يديه الفَرَّاء والأحمرُ وابنُ سعدان وسألتُه عن مائة مسألة؛ فأجاب بجوابات خطَّأته في جميعها؛ فأراد أصحابه الوثوب عليّ؛ فمنعهم.
 ويبدو أنَّ الدراسة في المسجد كانت تتناول كل الثقافات في ذلك الوقت .
 
ويبدو أن اتخاذ المسجد مدرسة يؤمها الطلاب، ومعهدًا تعقد فيه مناقشات، ويصاحبه ارتفاع الصوت وحدة في المناقشة ممَّا أثار بعض العلماء ودفعهم إلى التفكير فيه لما خامرهم من تنافيه مع حرمة المسجد وخروجه عما تستوجبه حرمة المكان من توقر وهدوء؛ فقد نُقِل عن مالك أنَّه سُئِل عن ارتفاع الصوت في المسجد بالعلم وغيره فقال:
"لا خير في ذلك في العلم ولا في غيره، ولقد أدركت الناس قديمًا يعيبون على من يكون في مجلسه ومن كان يكون ذلك في الجلسة، كأن يعتذر منه وأنا أكره ذلك ولا أرى فيه خيرًا".
وأجاز ذلك أبو حنيفة؛ فقد قال: "إن أصحابه لا يفقهون إلا بهذا".
الكاتب: قصي أحمد محمد

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢