أن يظن أن الدعاء عند قبره مستجاب إذ أنه أفضل من الدعاء في المسجد فيقصد زيارته والصلاة عنده لأجل طلب حوائجه فهذا أيضاً من المنكرات المبتدعة باتفاق المسلمين وهي محرمة وما علمت في ذلك نزاعاً بين أئمة الدين، وأن كان كثير من المتأخرين يفعل ذلك، ولم يكن لأحد من سلف الأمة في عصر الصحابة والتابعين ولا تابعي التابعين يعكف عند القبور يسأل أصحابها ويستغيث بهم ويطلب قضاء حوائجه من أصحابها الموتى.
ويقول شيخ الإسلام أيضاً:
ومن أعظم الشرك أن يستغيث الرجل بميت أو غائب فيقول يا سيدي فلان كأنه يطلب منه إزالة ضرة أو طلب منفعة، وهذا حال النصارى في المسيح وأمة وأحبارهم ورهبانهم، ومعلوم أن خير الخلق وأكرمهم علي الله نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وأعلم الناس بقدره وحقه أصحابه ولم يكونوا يفعلون شيئاً من ذلك لا في مغيبه ولا بعد مماته.
ويقول شيخ الإسلام أيضاً:
وأما الرجل إذا أصابته نائبة أو خاف شيئاً فاستغاث بشيخه يطلب تثبيت قلبه من ذلك الواقع فهذا من ألشرك وهو من جنس دين النصارى فإن الله هو الذي يصيب بالرحمة ويكشف الضر
قال تعالي: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ}
(سورة يونس: 107)
هذا وهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في مثل هذا (أي عند نزول الكرب) أن يكثر العبد من ذكر الله والاستغفار والصلاة والدعاء والتضرع إلي الله تعالي ولم يأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالاتجاه إلي المشايخ والصالحين كما يفعل بعض الجهلاء.
قال تعالي: {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ}
(سورة النمل: 62)
ومن المعلوم أنه لا يجوز أن يستغيث الإنسان بأحد من الأموات؛ لأن الميت لا يملك لنفسه حولاً ولا قوة، فكيف يملك لغيره؟
وكذلك لا يجوز أن يستغيث الإنسان بأحد من الأحياء في أمر لا يقدر عليه إلا الله تعالي