وبعدما قررنا القاعدة التي عليها أهل السنة والجماعة في مسألة إثبات الصفات في مدلول الأسماء أنها دائرة بين الإثبات والنفي، وأن الصفات من آيات وأحاديث تثبت على ظواهرها، بمعنى أن اللفظ يقرأ كما هو مع إثبات المعنى الذي دل عليه في لسان العرب هذا هو عقيدة أهل السنة والجماعة مع عدم التشبيه والتمثيل والتكييف والتعطيل، يعني: مع اجتناب المحاذير التي يذكرها أهل السنة والجماعة والتي دل عليها قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى: 11] . وعلى طريقة أهل السنة والجماعة الأمر سهل جدًّا ولا يحتاج إلى عناء كما هو عليه المخالفون من البدعة وغيرهم، حينئذ تقرأ قوله عز وجل: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] . تعرف معنى الاستواء في لسان العرب أنه العلو وهو علو خاص وتثبته كما هو ثم تنفي المشابهة والمماثلة لقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} . فكل نص من نصوص الوحيين كتابًا أو سنة دل على إثبات صفة تجعل بجواره {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} ، فينتج حينئذٍ أن هذه الصفة نثبتها على ظاهرها بما دلت عليه من لغة العرب وننفي المماثلة بمعنى أنه لا يماثله شيء من خلقه، وكذلك ننفي الكيفية، بمعنى كيفية الصفة، هي لها كيفية، كل صفة لا بد وأن لها كيفية تخصها، ولكن العلم بهذه الكيفية نقول: هذا ليس من شأن البشر {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً} [طه: 110] ، فالإحاطة بالرب جل وعلا، صفاته، ذاته .. ونحو ذلك نقول: هذا لا يمكن، لأن العقل قاصر حينئذٍ يمتنع أن يكيف العقل البشري صفة من صفات الرب جل وعلا، وهذه كما ترى أنها عقيدة سهلة واضحة بينة يدركها العوام فضلاً عن طلاب العلم والكبار، وبعدما تقرر ما سبق ذكر المصنف وإن كنا لا نوافقه فيما سبق كما ذكرناه لأنه يرى التفويض وأهل السنة والجماعة وطريقة السلف إنما يفوضون الكيف دون المعنى، وأما المفوضة فهم يفوضون المعنى والكيف وإيمانهم بآيات الصفات وأحاديث الصفات إنما هو مجرد إمرار للفظ فقط يقول: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] . ننطق بأن الله تعالى استوى، لكن ما معنى استوى؟ يقول: لا أدري. حينئذٍ نفى المعنى وفوض المعنى، وهذا لا شك أنه باطل كما ذكرناه سابقًا، حينئذٍ نقول: لا بد من إثبات اللفظ، فأكثر بل كل آيات القرآن إنما تختم بصفة من صفات الرب جل وعلا باسم من أسمائه {وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الأنبياء: 4] ، {وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [التحريم: 4] ، {إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً} [النساء: 23] ، كيف هذه نقول: نثبتها مجرد ألفاظ نقرأها وننطق بها ثم المعاني نقول كيف الوصول إليها؟ هذا يحال، حينئذٍ يحال إلى الرب جل وعلا، فيقال: الله أعلم. نقول: هذا باطل، النبي - صلى الله عليه وسلم - قد تكلم بحديث الصفات قال: ... «ينزل ربنا» . يعني: النبي - صلى الله عليه وسلم - يتكلم يقول للصحابة: «ينزل ربنا» .