فهرس الكتاب
الصفحة 387 من 757

[المسألة الرابعة] :

وهي في الدِّلالة العقلية، دلالة العقل على علو الله - عز وجل - بذاته على خلقه.

ودلالة العقل متنوعة وكثيرة؛ لكن نكتفي منها بدليل عقلي واحد، وهو أنّ الله - عز وجل - موجود سبحانه وتعالى بالاتّفاق، يعني كل من أثبت الله - عز وجل - أثبت وجوده، حتى جهم الذي ينفي جميع الصفات يثبت وجود الله - عز وجل -.

فنقول لجميع هذه الفئات أنّ الوجود قَدْرٌ مشترك، فالله - عز وجل - موجود، وخلق الله - عز وجل - أيضا موجودون.

وهذان الوجودان إما أن يتمايزا وإما أن يتداخلا.

فإن تداخلا -يعني صار أحدهما داخل الآخر-:

إما أن يكون الخَلْقْ محيطون والله - عز وجل - في داخل خلقه

وإما أن يكون الخَلْقْ في داخل الله - عز وجل -.

خَلْقْ الله - عز وجل - والكائنات منها أشياء مستقبحة (1) ومستقذرة وقبيحة مثل النجاسات ومثل القاذورات ومثل الأشياء التي لا يُصَرَّحُ بها ونحو ذلك استقذاراً واستهجانا وبعض المخلوقات السيئة ونحو ذلك، وهذه لا أحد - من جميع من يبحث هذه المسائل- يقول بجواز أن تكون في داخل الله - عز وجل -.

فإذاً تَحَصَّلَ الأمر إلى أنَّه يتعَيَّنْ أن يكون الله - عز وجل - عالياً على خلقه لأنَّ الإختلاط يقتضي هذا المعنى العقلي الفاسد، وكون الله - عز وجل - في داخل خلقه هذا فيه نَقص لله - عز وجل -.

وهذا برهان عقلي صحيح، وذلك لأنه مبني على مقدمتين وهاتان المقدمتان إثباتهما مُشْتَرَكْ بين جميع الجهات:

-المقدمة الأولى: وجود الله - عز وجل -.

-المقدمة الثانية: تنزه الله - عز وجل - عن أن يكون في داخله شيء مما يُسْتَقْبَحْ أو يُسْتَقْذَرْ.

(1) انتهى الوجه الأول من الشريط الواحد والعشرون.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام