وانتهت الحركة الجهادية إلى نهايتها بأيدي الإنجليز الظالمة بأرض بالاكوت، في 7 جمادى الآخرة سنة 1241 هـ الموافق 17 يناير 1826 م (1) ، وهذه المأساة أدت إلى مأساة أخرى وهي انشقاق هذه الشِرذمة من المجاهدين إلى فرقتين متميزتين منهجا وسلوكا، واشتهرت إحداهما بحركة أهل الحدث، والأخرى بالحركة الولي اللهية ثم بالديوبندية (2) فيما بعد.
فأهل الحديث تمسكوا بالمنهج السني في الاعتقاد والأحكام الفقهية، واستمروا على الجهاد والدعوة على الطريقة السلفية.
وأما الديوبندية فسلكوا مسلك المتكلمين من الأشاعرة والماتريدية في الاعتقاد، وتمسكوا بالمذهب الحنفي في الفروع، وتجمدوا علي ذلك، وانتسبوا إلى الطرق الصوفية المعروفة بالنقشبندية والقادرية والجشتية والسهروردية (3) .
(1) إذا هبت ريح الإيمان لأبي الحسن الندوي ص: 237 - 238.
(2) هم طائفة من الحنفية في شبه القارة الهندية، ينتسبون إلى دار العلوم بمدينة"ديوبند"في ولاية أتر برديش بشمال الهند التي تأسست عام 1283 هـ على منهج الماتريدية والأشعرية، فالديوبندية يسلكون مسلكها وينتمون إليها، . (ينظر للتفاصيل كتاب"الديوبندية"تعريفها -عقائدها- للأستاذ أبي أسامة سيد طلب الرحمن، وكتاب عقائد علماء أهل سنت ديوبند للشيخ خليل أحمد السهارنفوري) .
(3) ينظر حركة الانطلاق الفكري ص: 169، ويقول الشيخ خليل أحمد السهارنبوري الديوبندي:"إنا -بحمد الله- ومشايخنا رضوان الله عليهم أجمعين وجميع طائفتنا وجماعتنا مقلدون لقدوة الأنام وذروة الإسلام الإمام الهمام الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان رضي الله عنه في الفروع، ومتبعون للإمام الهمام أبي الحسن الأشعري والإمام الهمام أبي منصور الماتريدي رضي الله عنهما في الاعتقاد والأصول، ومنتسبون من طريق الصوفية إلى الطريقة العلمية المنسوبة إلى السادة النقشبندية، وإلى الطريقة الزكية المنسوبة إلى السادة الجشتية، وإلى الطرقة البهية المنسوبة إلى السادة القادرية، وإلى الطريقة المرضية المنسوبة إلى السادة السهروردية رضي الله عنهم أجمعين"، ثم أخذ يشرح عقائدهم =