ودلالته من أقوال الصحابة: قول أبي ذر رضي الله عنه حيث قال:"لقد تركنا محمد عليه الصلاة والسلام وما يحرك طائر جناحيه في السماء إلّا أذكرنا (1) منه علما"اهـ (2) .
قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله:"إنه ما من مسألة إلا وقد تكلم فيها الصحابة أو في نظيرها، فإنه لما فتحت البلاد وانتشر الإسلام حدثت جميع أجناس الأعمال، فتكلموا فيها بالكتاب والسنة، وإنما تكلم بعضهم بالرأي في مسائل قليلة"اهـ (3) .
فالكتاب والسنة هما العمدة في معرفة الدين أصوله وفروعه ودلائله ومسائله، وقال ابن تيمية رحمه الله:"جعل القرآن (والسنة) إماما يؤتم به في أصول الدين وفروعه، هو دين المسلمين، وهي طريق الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وأئمة المسلمين فلم يكن هؤلاء يقبلون من أحد -قط- أو يعارض القرآن (والسنة) بمعقول أو رأي يقدمه على القرآن (والسنة") اهـ (4) . وعليه فإن كل من كان أعظم اعتصاما لهذا الأصل كان أولى بالحق علما وعملا.
وهذه القاعدة تقتضي أمورا منها:
قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} (5) .
(1) أي ذكر لنا عنه علما.
(2) مسند أحمد بن حنبل دار الدعوة استنبول 1401 هـ -1981 م 5/ 153.
(3) مجموع فتاوى ابن تيمية 19/ 200.
(4) مجموعة تفسير لابن تيمية، مطبعة"ق"الهند 1374 هـ -1954 م، ص: 387.
(5) سورة الأحزاب: 36.