سبق أن قلنا: إن أول من توجه إلى الهند البرتغاليون سنة 1498 م، ثم البريطانيون سنة 1600 م، وتبعهم الهولنديون سنة 1602 م، وتصارعت الجاليات الثلاث لتثبيت أقدامها بالهند إلا أن الإنكلترا بدهائها خرجت منتصرة في هذا الصراع سنة 1651 م، ولم تتخلص الإنكلترا من خصميها القديمين حتى فوجئت بمنافسها الجديد، وهي الفرنسا التي أرسلت قوائمها السياسية باسم الشركة التجارية إلى الهند سنة 1664 م، وكانت نتيجة ذلك الصراع بين الدولتين الاستعماريتين سلسلة من الحروب الاستعمارية بينهما في الهند بين سنة 1744 م وسنة 1748 م، ثم بين سنة 1754 م وسنة 1763 م، وخرجت بموجبها بريطانيا منتصرة على فرنسا وأحكمت بذلك سيطرتها على الهند (1) .
وبعد أن استولت شركة الهند الشرقية على معظم مناطق الهند رأت السياسة البريطانية أن السيطرة الكاملة على تلك البقرة الحلوب (العصفور الذهبي) لا يمكن تحقيقها إلا بزعزعة عقائد الشعب الهندى، وتغريبهم وتنصيرهم بكل الوسائل المتاحة من وسائل الترغيب والترهيب، وتكميلًا لهذا الهدف قد سبق أن أُسس في"لندن"مراكز علمية لتخريج المستشرقين المنصرفين العارفين بلغات الإسلام والمسلمين من أردية وفارسية وعربية، ويذكر في هذا الصدد ما أسسه"توماس آدمر" (T.Adamr) كرسي الدراسات العربية في جامعة كامبريج عام 1632 م، وتلا ذلك تأسيس كرسي آخر للعربية بجامعة آكسفورد عام 1636 م، وتوالى الاهتمام بالدراسات الشرقية وخاصة الهندية على يد"وليم جونز"، كما أشرنا إلى ذلك آنفًا، فكان هذا نتيجة للروابط التجارية بينها وبين بريطانيا، ثم ازدهرت الدراسات الشرقية بعد حملة
(1) هندوستان مين مغلية حكومت لشوكت فهمى: 400 - 402.