والحقيقة كما أشرنا إليها في بداية المبحث"إن المنهج التاريخي قد استخدم في أوربا لدراسة المسيحية لأنها نشئت في بيئة دينية، ودخلت المؤثرات الخارجية كالبابلية والآشورية والغنوصية على نصها الديني، وهذا المنهج يبيح للباحث الكشف عن العناصر الأساسية التي ساعدت على تكوين المسيحية الأولى، وعندما يطبق المستشرق هذا المنهج على الظواهر الفكرية الإسلامية -التي في حقيقتها مثالية وليست مادية، أي أنها موضوعات فكرية مستقلة وليست موضوعات تاريخية- فتكون النتائج العلمية ليست صحيحة عند تطبيق هذا المنهج على الدراسات الإسلامية"اهـ (1) .
إن جل المستشرقين وقعوا في هذا الخطأ باعتبار أن مناهجهم تقوم على دراسة الظاهرة الفكرية كظاهرة مادية خالصة، وكتاريخ خالص مكون من شخصيات، وأنظمة اجتماعية وحوادث تاريخية محضة، يمكن فهمها بتحليلها إلي عوامل مختلفة سياسية واقتصادية واجتماعية تحدد نشأتها وطبيعتها، وهكذا تفقد الظاهرة طابعها المثالي، وتنقطع عن أصلها في الوحي وتصبح ظاهرة مادية خالصة (2) .
(1) دراسات إسلامية لـ د. حسن حنفي ص: 227 نقلًا عن الظاهرة الاستشراقية درسا س حاج 1/ 201.
(2) الوحي القرآني لـ محمود ماضي ص: 31.