إلى أن بدأ الانحراف في العقيدة، في أولئك القوم الذين بعث الله فيهم نوحاً عليه الصلاة والسلام، بعد أن زين لهم الشيطان عبادة الأصنام، الأوثان بسبب الغلو في الصالحين.
فقد روى البخاري رحمه الله في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قله تعالى: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} (1) قال:"هذِهِ أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ فَلَمَّا هَلَكُوا أَوْحَى الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْمِهِمْ أَنْ انْصِبُوا إِلَى مَجَالِسِهِمْ الَّتِي كَانُوا يَجْلِسُونَ أَنْصَابًا وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ فَفَعَلُوا فَلَمْ تُعْبَدْ حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ وَتَنَسَّخَ الْعِلْمُ عُبِدَتْ" (2)
فانظر كيف بدأ الانحراف عن الصراط السوي نتيجة للغلو، بطريق التدريج، وذلك أنهم كانوا يتبركون بدعائهم، وكلما مات منهم أحد مثلوا صورته وتمسحوا بها زمناً طويلاً إلى أن عبدوها باستدراج الشيطان لهم.
ثم صارت سنة في الناس يهرم عليها الكبير، ويشب عليها الصغير إلى أن بعث الله فيهم نوحاً عليه الصلاة
1 -نوح: 23
2 -صحيح البخاري مع الفتح كتاب التفسير (8/ 667) .