وقال أيضاً:(كان الإمام أحمد-رحمه الله-يكفر الجهمية [1] المنكرين لأسماء الله وصفاته؛ لأن مناقضة أقوالهم لما جاء به الرسول-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-، ظاهرة بينة ... لكن ما كان يكفر أعيانهم، فإن الذي يدعو إلى القول أعظم من الذي يقول به، والذي يعاقب مخالفه أعظم من الذي يدعو فقط ...
ومع هذا فالذين كانوا من ولاة الأمور [2] يقولون بقول الجهمية، ويدعون الناس إلى ذلك ويعاقبونهم، ويكفرون من لم يجبهم.
ومع هذا فالإمام أحمد ترحم عليهم، واستغفر لهم، لعلمه بأنهم لم يبين لهم أنهم مكذبون للرسول-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-ولا جاحدون لما جاء به، ولكن تأولوا فأخطأوا، وقلدوا من قال لهم ذلك.
وكذلك الشافعي لما قال لحفص الفرد حين قال:"القرآن مخلوق": كفرت بالله العظيم، بين له أن هذا القول كفر، ولم يحكم بردة حفص بمجرد ذلك، لأنه لم يتبين له الحجة التي يكفر بها، ولو اعتقد أنه مرتد، لسعى في قتله، وقد صرح في كتبه بقبول شهادة أهل الأهواء والصلاة خلفهم) [3] .
وكان يقول شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله تعالى في: (مجموع الفتاوى) (23/ 326) ، و (الاستغاثة الكبرى) (1/ 383/384) ، و (نواقض الإيمان القولية والعملية) (ص:53) : (ولهذا كنت أقول للجهمية من الحلولية والنفاة الذين
(1) -قال شيخ الإسلام ابن تيمية في: (موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول) (1/ 147) : (ولهذا كان ذم السلف للجهمية من أعظم الذم، حتى قال عبد الله بن المبارك:"إنا لنحكي كلام اليهود والنصارى ولا نستطيع أن نحكي كلام الجهمية"... ) .
(2) -انظر: (مجموع الفتاوى) (23/ 348/349) ، و (نواقض الإيمان القولية والعملية) (ص:52/ 53) .
(3) -انظر: (مجموع الفتاوى) (23/ 348/349) ، و (نواقض الإيمان القولية والعملية) (ص:52/ 53) .