فإليكم-الآن-أقوال بعض الأئمة في هذه المسألة العويصة، نقلاً من كتابيَّ: (بيان بأهم مراجع الحكم بما أنزل الرحمن) ، و (وقفة مع القوانين الإلحادية) :
أ-قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله تعالى-في: (مجموع الفتاوى) (7/ 205/209) : (فمن اشترط الجحد، أو: الاستحلال للتكفير بهذه الذنوب المكفرة فقد استدرك على الله وكذب بآيات الله، لأن الله سمى فاعلها كافراً بمجرد تركه، أو: فعله ولم يقيده بجحد، أو: استحلال، ومن كذب بآيات الله فقد كفر، ولهذا أكفر السلف غلاة المرجئة الذين يعتبرون الجحد، أو: الاستحلال شرطاً مستقلاً للتكفير بالذنوب المكفرة) .
وقال أيضاً في: (مجموع الفتاوى) (3/ 267) : (والإنسان متى حلل الحرام-المجمع عليه-أو: حرم الحلال المجمع عليه-أو: بدل الشرع-المجمع عليه-كان كافراً باتفاق الفقهاء) .
فما رأي العنبري فيمن أباح الربا، والعري، والزنا، والخمر، والمخدرات بجميع أنواعها وأشكالها، والرشوة، والخيانة، والخديعة، والردة لمن أراد أن يرتد، بقوانين شرعوها تحت شعار: حرية العقيدة، أو: الاعتقاد، أو: التدين، وحرية التملك، وحرية الشخصية، وحرية الكلمة والتعبير-حاشا كلمة الإسلام-وهكذا فاللائحة طويلة والحبل إليها جرار وأنواع أخرى كثيرة.
ثم بين شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله تعالى-أن من خرج عن شريعة الإسلام فهو كافر، وإن تكلم بالشهادتين، وأن كل من امتنع من أهل الشوكة عن الدخول في طاعة الله ورسوله فقد حارب الله ورسوله، ومن عمل في الأرض بغير كتاب الله وسنة رسوله فقد سعى في الأرض فساداً.
وقال أيضاً في: (مجموع الفتاوى) (28/ 524) : (ومعلوم بالاضطرار من دين المسلمين وباتفاق جميع المسلمين أن من سوغ اتباع غير دين الإسلام، أو اتباع غير شريعة محمد-صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-فهو كافر، وهو ككفر من آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض الكتاب) .
وقال: (فمن استحل أن يحكم بين الناس بما يراه هو عدلاً من غير اتباع لما أنزل الله فهو كافر، فإن ما من أمة إلا وهي تأمر بالحكم بالعدل، وقد يكون العدل في دينها ما رآه أكابرهم، بل: كثير من المنتسبين إلى الإسلام يحكمون بعاداتهم