الوضعية يكون ردهم: نحن لم نَدَّع أصلاً أننا نريد تحكيم الشريعة من خلال هذا الطريق، إنما نريد تقليل المفاسد وإتاحة مساحة من الحريات لدعوتنا.
هذه الازدواجية غير مقبولة. عليهم أن يحددوا الهدف من البداية بدلاً من دغدغة مشاعر الناس بشعارات وطموحات يقرون هم أنفسهم من حين لآخر أنها لا تُنال من خلال الديمقراطية.
ثم لا يُقبل من صاحب المشروع الإسلامي أن يكون كمن يخرج من بيته ويسير هائمًا على وجهه لا يدري إلى أين يتجه، {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الملك: 22] . فلا بد ابتداءً من تحديد الهدف، لأسباب، منها:
أولا: أن الارتباك في تحديده يمنع الإسلاميين من مراجعة حساباتهم ومعرفة مدى نجاحهم المرحلي في تحقيق هدفهم، إذ أن هذا الهدف الذي يريدون تحقيقه غير محدد.
ثانيا: أن كثيرًا من الذين قعَّدوا وأصلوا للمشاركة البرلمانية اشترطوا لجوازها أن يكون الهدف منها تحقيق مصلحة عامة كبرى شمولية ووضعوا ضوابط للتنازلات التي يمكن أن تقدم في المقابل، وإذا بنا نرى الإسلاميين الذين يحتجون بفتاوى هؤلاء العلماء يتحللون من الضوابط ويقدمون التنازلات دون حد ولا قيد، وفي مقابل ماذا؟ في مقابل مصالح -أي أهدافٍ- جزئية ثانوية مظنونة، لا عامة، ولا كبرى، ولا شمولية.
إذًا مطلوب من الإسلاميين البرلمانيين الإجابة بوضوح عن هذا السؤال: ما هو هدفكم تحديدًا من الدخول في العمل البرلماني الرئاسي الدستوري؟
وهذا السؤال ينبني عليه ما بعده ألا وهو السؤال الثاني: ما هي التنازلات التي قدمتموها في البداية، أو بلغة البعض المفاسد التي قبلتم بها؟