قال [1] الشيخ إبن باز معلّقا: هذا الحصر فيه نظر فإنّ الكافر يدخل في الإسلام بالشهادتين، إذا كان لا ينطق بهما، فإن كان ينطق بهما دخل الإسلام بالتوبة ممّا أوجب كفره، وقد يخرج من الإسلام بغير الجحود لأسباب كثيرة بيّنها أهل العلم في باب حكم المرتد ومن ذلك طعنه في الإسلام، أو في النبيّ صلى الله عليه وسلم أو إستهزاؤه بالله ورسوله أو بكتابه أو بشيء من شرعه سبحانه لقوله سبحانه:"قل أبالله و ءاياته ورسوله كنتم تستهزؤن لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم"، ومن ذلك عبادته للأصنام أو للأوثان أو دعوته الأموات و الإسثغاثة بهم وطلبه منهم المدد والعون ونحو ذلك لأنّ هذا يناقض قول لا إله إلاّ الله لأنّها تدل أنّ العبادة حق لله تعالى وحده، ومنها الدعاء والإستغاثة و الركوع والسجود و والذبح والنذر ونحو ذلك فمن صرف منها شيئا لغير الله من الأصنام والأوثان والملائكة و الجن وأصحاب القبور وغيرهم من المخلوقين فقد أشرك بالله ولم يحقق قول لا إله إلّا الله وهذه المسائل كلّها تخرج من الإسلام بإجماع أهل العلم وهي ليست من مسائل الجحود وأدلتها معلومة من الكتاب والسنة، وهناك مسائل كثيرة يكفر بها المسلم وهي لا تسمى جحودا وقد ذكرها العلماء في باب حكم المرتد فراجعها إن شئت وبالله التوفيق. إنتهى.
وخطأ أبو جعفر الطحاوي في هذا الأمر ناتج عن خطئه في مسألة الإيمان حيث قال: والإيمان هو الإقرار باللسان والتصديق بالجنان. [2]
أمّا قوله في موضع آخر: ولا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله.
فالذنوب نوعان: منها ما هو ناقض بذاته فهذا لا ينظر فيه لإستحلال قلبه.
قال [3] شيخ الإسلام: من قال أو فعل ما هو كفر، كفر بذلك وإن لم يقصد أن يكون كافرا، إذ لا يقصد أحد الكفر إلّا ما شاء الله. إنتهى.
وكلام الإمام إبن باز الماضي ينصب في هذا.
قال الخلاّل: أنبأنا محمد بن هارون أنَّ إسحاق بن إبراهيم حدثهم قال: حضرتُ رجلاً سأل أبا عبد الله فقال: يا أبا عبد الله اجتماع المسلمين على الإيمان بالقدر خيره وشرّه؟ قال أبو عبد الله: نعم، قال: ولا نُكفّر أحداً بذنب؟ فقال أبو عبد الله: اسكت من ترك الصلاة فقد كفر ومن قال القرآن مخلوق فهو كافر.
ومن الذنوب ماهي كبائر كشرب الخمر والزنا فهذا لا يكفر مرتكبها إلّا بإستحلالها لا كما يقول الخوارج والمعتزلة.
(1) - مجموع الفتاوى والمقالات {2/ 83}
(2) - و كذا خطأ الشيخ الألباني ناتج من قوله أنّ الأعمال هي شرط كمال في الإيمان.
(3) - الصارم المسلول {178}