الصفحة 35 من 101

* تقرير أنّ الإيمان حقيقة مركّبة:

قال [1] الشيخ سفر الحوالي: الإيمان حقيقة مركبة سبق إيضاح أنّ حقيقة الإيمان هي القول والعمل وأنّ هذين الركنين أو الشرطين تتكوّن منهما حقيقة واحدة جامعة لأمور متعددة مثلما تتركب حقيقة الإنسان من الجسد والروح بحيث يكون فقدان أحدهما بالكلية، نفيا للحقيقة ذاتها، ومن هنا كان القول والعمل شطرين متمازجين متساويين في ضرورة الوجود وقوّة الإشتراط، فكما أنّه لا يصح وجود عمل لا قول معه قط، لا يصح كذلك وجود قول لا عمل معه قط إنتهى.

ولذا قال [2] شيخ الإسلام: فإنّ حقيقة الدّين هو الطاعة والإنقياد وذلك إنّما يتم بالفعل لا بالقول فقط فمن لم يفعل لله شيئا فما دان لله دينا ومن لا دين له فهو كافر. إنتهى.

وروى الخلال [3] : أنّ الحميدي قال: أخبرت أنّ قوما يقولون: إنّ من أقر بالصلاة و الزكاة والصوم والحج، ولم يفعل من ذلك شيء حتّى يموت أو يصلي مسند ظهره مستدبر القبلة حتّى يموت فهو مؤمن ما لم يكن جاحدا إذا علم أنّ تركه ذلك في إيمانه إذا كان يقر الفروض واستقبال القبلة، فقلت: هذا الكفر بالله الصراح وخلاف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وفعل المسلمين، قال الله عزوجل:"حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيّمة".إنتهى

إلاّ أنّ بعضهم أبى إلاّ أن يقول أنّ تارك الفرائض وهو يقر بها، مؤمن ناقص الإيمان على قاعدته أنّ الأعمال شرط كمال إلاّ إذا كان رده هذا أو إعراضه مبنيّ على الإنكار أو الحجود أو التكذيب [4] .

روى عبد الله بن أحمد في كتابه السنة {745} : عن سويد بن سعد الهروي قال: سألنا سفيان بن عيينة عن الإرجاء فقال: يقولون: الإيمان قول، ونحن نقول: الإيمان قول وعمل، والمرجئة أوجبوا الجنة لمن شهد أن لا إله إلاّ الله مصرا بقلبه على ترك الفرائض وسمّوا ترك الفرائض ذنبا بمنزلة ركوب المحارم وليس بسواء لأنّ ركوب المحارم من غير إستحلال معصية، وترك الفرائض متعمدا من غير جهل ولا عذر هو كفر، وبيان ذلك في أمر آدم صلوات الله عليه، وإبليس، وعلماء اليهود، أمّا آدم فنهاه الله عزوجل عن أكل الشجرة و حرّمها عليه فأكل منها متعمدا ليكون ملكا أو يكون من الخالدين، فسمّي بذلك عاصيا من غير كفر وأمّا إبليس لعنه الله فإنّ الله فرض عليه سجدة واحدة فجحدها متعمدا فسمّي كافر، و أمّا علماء اليهود فعرفوا نعت النبيّ صلى الله عليه وسلم و أنّه نبيّ ورسول كما يعرفون أبناءهم وأقروا به باللسان ولم يتبعوا شريعته فسمّاهم الله تعالى كفارا، فركوب المحارم مثل ذنب آدم عليه السلام وغيره من

(1) - ظاهرة الإرجاء { ... }

(2) - شرح العمدة كتاب الصلاة {ص86}

(3) - كتاب السنة {1027}

(4) - كما في شريط {رقم 11 الوجه ب} من سلسلة شرح كتاب السنة للإمام البربهاري للحلبي

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام