الصفحة 6 من 101

الإيمان لغة: الكثير عرّف الإيمان بالتصديق، و لا يراد من التصديق مجرّد إعتقاد صدق المُخبِر إلاّ إذا كان معه إقرار لِما أخبر به، و على هذا قال تعالى:"فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ"فتصديقه الرؤيا لم يكن مجرّد تصديقه الخبر بل لمّا إنقاد له. قال [1] شيخ الإسلام: و معلوم أنّ الإيمان هو الإقرار لا مجرّد التصديق، و الإقرار ضمن قول القلب الّذي هو التصديق، و عمل القلب الّذي هو الإنقياد. إنتهى قال [2] الإمام إبن القيّم: و نحن نقول أنّ الإيمان هو التصديق، و لكن ليس التصديق مجرّد إعتقاد صدق المخبر دون الإنقياد له، و لو كان مجرّد إعتقاد التصديق إيمانا، لكان إبليس و فرعون و قومه وقوم صالح و اليهود الّذين عرفوا أنّ محمدا رسول الله كما يعرفون أبناءهم، مؤمنين مصدّقين، و قد قال تعالى:"فإنّهم لا يكذّبونك"أي يعتقدون أنّك صادق،"و لكنّ الظّالمين بآيات الله يجحدون"و الجحود لا يكون إلاّ بعد معرفة الحق ... فالتصديق إنّما يتمّ بأمرين: - إعتقاد الصدق. - محبّة القلب و إنقياده. إنتهى

الإيمان شرعا: وقبل إيراد تعريف الإيمان بمفهومه الشرعي [3] لابدّ من ضبط بعض المصطلحات التي بها يتوصل إلى إستيعاب معنى الإيمان شرعا. إتفق النظار في وضع الحدود أنّ الشروط فضلا عن غيرها لا تذكر في الحدود، وإنّما الذي يذكر فيها هي الأركان.

ومعنى الشرط: هو ما يقوم به الشيء وهو خارج عن الماهية.

والركن هو ما يقوم به الشيء وهو جزء من الماهية.

ولهذا قال [4] الإمام إبن القيم أنّ الناس لا يختلفون،"أنّ حدّ الشيء ما يمنع دخول غيره فيه، ويمنع خروج بعضه منه".

لو نتأمّل صنيع الأئمة في تعريفاتهم تراهم يعرفون الأشياء بأركانها. مثلا: الوضوء تعريفه: طهارة مائية تتعلق بالوجه واليدين والرأس والرجلين. وتعريف الغسل: هو تعميم البدن بالماء.

والتيمم: هو القصد إلى الصعيد لمسح الوجه واليدين بنيّة إستباحة الصلاة ونحوها. وغير ذلك من الأمثال.

(1) - كتاب الإيمان (ص: 275 - فما بعدها)

(2) - كتاب الصّلاة (ص: 41)

(3) - ما سنقف عليه إن شاء الله هو تعريف الإيمان بوضعه الشرعي لدلالة القرآن و السنّة و الإجماع على هذا التعريف، و ليس هو مجرد تعريف إصطلاحي إصطلح عليه بعض العلماء.

(4) - إعلام الموقعين {1/ 202}

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام