الصفحة 46 من 101

و ممّا له علاقة وإرتباط كبير بالمسائل السابقة مسألة الكفر، فالّذي إنحرف في الأولى إنحرف في الثانية لزاما.

قال [1] الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ: اعلم أنّ من تصور حقيقة أيّ شيء على ما هو عليه في الخارج وعرف ماهيته بأوصافها الخاصة عرف ضرورة ما يناقضه و ما يضاده وإنّما الخفاء بلبس إحدى الحقيقتين أو بجهل كلا الماهيتين، و مع إنتفاء ذلك وحصول التصور التام لهما لا يخفى ولا يتلبس أحدهما بالآخر، وكم هلك بسبب قصور العلم و عدم معرفة الحدود و الحقائق من أمّة وكم وقع بذلك من غلط وريب وغمّة، مثال ذلك الإسلام و الشرك نقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان و الجهل بالحقيقتين أو أحدهما أوقع كثير من الناس بالشرك وعبادة الصالحين لعدم معرفة الحقائق و تصورها. إنتهى.

ويهمنا بيان حقيقة الكفر كما هو في مذهب السلف"بغض النظر عما ينبني على ذلك من أحكام وآثار تتعلق بأعيان العباد، وعما يشذ عن ذلك من خصوصيات أو حالات عارضة إذ كثير من هذه الأمور هي مجال للإجتهاد و محل للنظر، ونحن غرضنا إثبات الحكم الشرعي لا لتحقيق مناطه [وذلك مثل إثبات أن حكم شارب الخمر هو الجلد ثمانين وتحقيق المناط هو نظر المجتهد في المسألة ليرى هل الشروط متحققة والموانع منتفية فيحكم فيها بذلك أم لا] "

نقول ذلك إحترازا من أمرين:

1 -الحكم على المعين الذي لا بدّ فيه من تحقيق شروط و إنتفاء موانع، ذلك خارج عن موضوعنا هنا، لكن غير مؤثر في معرفة الحكم النظري المجرد.

2 -الحالات العارضة أو الخاصة التي لا تناقض الأصول الكلية و القواعد القطعية في الشرع ولا تعارضها بل غايتها أن تعلق الحكم وتخصصه بوجه من وجوه التخصيص، وذلك خلافا للمرجئة حين قالت عن الأخرس لا يجب عليه الإقرار باللسان فلا يكون القول ركنا في الإيمان ولا جزءا من ماهيته" [2] ."

(1) - منهج التأسيس {12}

(2) - ظاهرة الإرجاء

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام