فصل: بين التكفير المطلق و التكفير المعيّن
وممّا يتفرع من هذا البيان:
التفريق بين التكفير المطلق و التكفير المعين
فالسلف يفرقون بين التكفير المطلق وتكفير المعين
فالتكفير المطلق: هو الحكم بالكفر على القول أو الفعل أو الإعتقاد الذي ينافي أصل الإسلام ويناقضه على سبيل الإطلاق بدون تعيين فيقال مثلا: من قال كذا، أو فعل كذا فهو كافر، وهذا التكفير العام المطلق يجب القول بعمومه وإطلاقه.
وتكفير المعين: فهو الحكم على المعين بالكفر لإتيانه بأمر يناقض الإسلام وهذا يختلف بإختلاف المسألة التي وقع فيها كأن تكون ظاهرة أو خفية، فلا تلازم بين من وقع في الكفر ووقوع الكفر عليه دائما.
"فمن عدل الله و لطفه بعباده أنّه لم يجعل كلّ من خالف في الإعتقاد كافر بمجرد مخالفته، كما أنّ من عدله أمره عباده بتحري ذلك بل ويتحرى العدل في جميع الأمور قال تعالى:"ولا يجرمنكم شنئان قوم أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى"و العدل مطلوب في الأحكام و ما يترتب عليها من أقوال وأفعال."
و من العدل المطلوب في إطلاق الأحكام التثبت عند إطلاق حكم الكفر على المعين، فليس كل من جاء بمكفر كان كافر، كما أنّه ليس كلّ من قال كلمة الكفر أصبح كافرا، وكذا فإنّه ليس كلّ من خالف عقيدة السلف صار كافرا بمجرد مخالفته" [1] "
إذا ظهر لك هذا الفرق ندرك خطأ فريقين من الناس، فريق غلا في تكفير المعين دون النظر إلى الشروط و الموانع، وفريق آخر إمتنع من تكفير المعين بإطلاق فأغلق باب الردّة.
وقال [2] الشيخ عبد الله أبو بطين: وبالجملة فيجب على من نصح نفسه أن لا يتكلم في هذه المسألة إلاّ بعلم وبرهان من الله، وليحذر من إخراج رجل من الإسلام بمجرد فهمه، وإستحسان عقله، فإنّ إخراج رجل من الإسلام أو إدخاله فيه من أعظم أمور الدّين، وقد كفينا بيان هذه المسألة كغيرها، بل حكمها في الجملة أظهر أحكام الدّين، فالواجب علينا الإتباع وترك الإبتداع كما قال ابن مسعود
(1) - منهج ابن تيمية في مسألة التكفير
(2) - بواسطة كتاب منهج أهل الحق والإتباع للعلاّمة سليمان بن سحمان رحمه الله تعالى، ص: {77} ، و على نحوه جاء عن الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب في الدرر السنية {8/ 217}