الأنبياء، وأمّا ترك الفرائض جحودا فهو كفر مثل كفر إبليس لعنه الله، وتركهم على معرفة من غير حجود فهو كفر مثل كفر علماء اليهود والله أعلم إنتهى.
وقال إسحاق بن راهوية: غلت المرجئة حتى صار من قولهم: إنّ قوما يقولون من ترك الصلوات المكتوبات و صوم رمضان، والزكاة، و الحج وعامّة الفرائض من غير جحود لها فلا نكفره يرجا أمره إلى الله بعد إذ هو مقر، فهؤلاء الذين لا شك فيهم يعني في أنّهم مرجئة إنتهى.
وقال الإمام محمد بن عبد الوهاب: واعلم رحمك الله أنّ دين الله يكون على القلب بالإعتقاد والحب والبغض ويكون على اللسان بالنطق وترك النطق بالكفر، ويكون على الجوارح بفعل أركان الإسلام وترك الأفعال التي تُكفّر، فإذا إختل واحد من هذه الثلاث كفر وإرتد إنتهى.
وقال: فنقول لا خلاف بين الأمّة أنّ التوحيد لا بدّ أن يكون بالقلب الذي هو العلم، واللسان الذي هو القول، والعمل الذي هو تنفيذ الأوامر والنواهي، فإن أخلّ بشيء من هذا لم يكن الرجل مسلما، فإن أقر بالتوحيد ولم يعمل به فهو كافر، معاند، كإبليس و فرعون، وإن عمل بالتوحيد ظاهرا وهو لا يعتقده باطنا فهو منافق خالصا أشر من الكافر إنتهى. الدرر السنية.
وقال [1] العلامة سليمان بن سحمان: فلا بدّ في شهادة أن لا إله إلاّ الله من إعتقاد بالجنان، ونطق باللسان وعمل بالأركان، فإن إختلّ نوع من هذه الأنواع لم يكن الرجل مسلما، فإذا كان الرجل مسلما و عاملا بالأركان ثمّ حدث منه قول أو فعل أو إعتقاد يناقض ذلك لم ينفعه قول لا إله إلاّ الله، و أدلّة ذلك في الكتاب و السنّة و كلام أئمّة الإسلام أكثر من أن تحصر. إنتهى
وقال [2] الشيخ أبوبطين: وإذا عرف المسلم عظم شأن هذه الكلمة وما قيدت به من القيود ولا بدّ من ذلك أن يكون إعتقادا بالجنان ونطقا باللسان وعملا بالأركان، فإن إختل نوع من هذه الأنواع لم يكن الرجل مسلما كما ذكر الله ذلك وبيّنه في كتابه، فإذا كان الرجل مسلما وعاملا بالأركان ثم حدث منه قول أو فعل أو إعتقاد ناقض ذلك لم ينفعه ذلك، كما قال الله تعالى للذين تكلموا بالكلام في غزوة تبوك
"لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم"التوبة {66} ، وقال تعالى في حق الآخرين:"يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر بعد إسلامهم"التوبة {74} إنتهى.
فالمراد من أحاديث أن لا إله إلاّ الله سبب لدخول الجنة والنجاة من النار و مقتض لذلك، أنّ المقتضى لا يعمل عمله إلاّ بإستجماع شروطه وإنتفاء موانعه، فقد يتخلف عنه مقتضاه لفوات شرط
(1) - الدرر السنية {2/ 350}
(2) - رسالة أسباب نجاة السؤول من السيف المسلول ضمن مجموعة التوحيد