الصفحة 52 من 101

فعلماء السنّة لمّا يطلقون مثل هذه العبارة فيقصدون بالذنوب ما لم تكن كفرا، قال [1] شيخ الإسلام: ونحنُ إذا قُلنا أهل السُّنَّة متّفقون على أنه لا يكفر بالذنب؛ فإنَّما نُريد به المعاصي كالزنا، والشرب. إنتهى

وقال [2] أبو الحسن الأشعري حاكيًا مذهب أهل الحديث: ولا يُكفِّرون أحدًا من أهل القبلة بذنبٍ، كنحو الزِّنا والسَّرقة، وما أشْبَهَ ذلك من الكبائرِ. إنتهى

والصواب في هذا أن نقول: لا نكفرهم بكلّ ذنب. هذا أدقّ من العبارة المحتملة.

ثمّ الإستحلال أقسام ثلاثة:

-إستحلال قلبي وهو إعتقاد أن الله لم يحرم هذا الشيء، أو حرمه وهو يحلّه

-والإستحلال الثاني هو الناجم عن الإباء و الإستكبار في إمتثال أمر الله مع علمه بأن الله حرّمه.

-والإستحلال الثالث: هو الإصرار على فعل المحرم، فهذا لا يكفر.

وفي القسم الأول و الثاني، قال [3] شيخ الإسلام إبن تيمية: وبيان هذا أنّ من فعل المحارم مستحلا لها فهو كافر بالإتفاق، فإنّه ما آمن بالقرآن من إستحل محارمه، وكذلك لو إستحلّها من غير فعل، والإستحلال إعتقاد أنّ الله لم يحرمها، وتارة بعدم إعتقاد أنّ الله حرمها، وهذا يكون لخلل في الإيمان بالربوبية، ولخلل في الإيمان بالرّسالة و يكون جحدا محضا غير مبني على مقدمة، وتارة يعلم أنّ الله حرمها، ويعلم أنّ الرسول إنّما حرّم ما حرمّه الله، ثّم يمتنع عن إلتزام هذا التحريم، ويعاند المحرم فهذا أشد كفرا ممّن قبله، وقد يكون هذا مع علمه أنّ من لم يلتزم هذا التحريم عاقبه الله وعذبه ... فهذا (أي الإمتناع عن إلتزام التحريم) نوع غير النوع الأول (أي إعتقاد حل المحرم) وتكفير هذا معلوم بالإضطرار من دين الإسلام، والقرآن مملوء من تكفير مثل هذا النوع بل عقوبته أشد. إنتهى

-و أما القسم الثالث من الإستحلال وهو الإصرار على الكبيرة يوضحه رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ليكونن من أمّتي يستحلون الحر و الحرير والمعازف"فجعلهم من أمّته مع أنّه قال يستحلون فيتعيّن حمل لفظ الإستحلال على معنى آخر غير المعنيين الأوليين وهو الإصرار على الذنوب و المعاصي

(1) - المجموع 7/ 302

(2) - مقالات الإسلاميين 1/ 347

(3) - الصارم المسلول، ص: 333

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام