الصفحة 82 من 200

-أيضًا نص الرسالة ذكرها البخاري مجملًا أنه راسل ناسًا هناك يخبرهم بمجيء الرسول. لكن نص الرسالة ذكرها أيضًا يحيى بن سلّام بالنص، وقال:"أما بعد يا معشر قريش فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جاءكم بجيش كالليل يسير كالسيل، فوالله لو جاءكم وحده لنصره الله وأنجز له وعده، فانظروا لأنفسكم والسلام". هذا الكلام نقله ابن حجر أيضًا في (فتح الباري) عندما علق على هذا الحديث.

أيضًا سنتكلم في قوله -صلى الله عليه وسلم-: «اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم» وفي رواية مسلم: «فقد وجبت لكم الجنة» . هذا الذي سندندن حوله -إن شاء الله- ولكن نبدأ الآن.

قلنا كلمة المظاهرة تعني الإعانة، المناصرة، التأييد، وذلك حتى يتحقق للطرف المظاهر الظهور والعلو والغلبة على الطرف الآخر. فعندما تظاهر المشركين فتعينهم وتساعدهم على علو الكفر وأحكام الكفر وغلبة الكفار على المؤمنين، فإذًا هذا المقصود بكلمة المظاهرة. ولذلك في الآية: {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} فتظاهرا عليه أي تعاونا عليه، مساعدة عليه.

إذًا الفعل الذي فعله حاطب -رضي الله عنه- من خلال الرسالة هذه والرسول أمر في فتح مكة -لأن هذه الرسالة كانت في فتح مكة-، هو كان يغزو عازمًا على غزو مكة وأنه عم الأخبار، ولكن حاطب فعل هذا الفعل وأرسل هذه الرسالة مع هذه المرأة التي قُبضت متلبسة وكانت تخفي الرسالة في عقاصها -أي ضفيرة شعرها-. فكشفت هذه الرسالة أنها رسالة إلى قريش ليُعلمهم بغزو الرسول وأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كما قلنا لكم كالسيل.

الذي نفهمه هنا أن هذه الموالاة الظاهرة، قال البعض هنا: هل هذه الموالاة كانت كفرًا؟ لأن الآية في سورة الممتحنة نزلت بشأن حاطب وهي الآية الأولى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} إذًا هذا الذي فعله حاطب هو موالاة ظاهرة، ولكن اختلفوا هل موالاة حاطب هذه كفر؟ أم هي كما قال البعض محرمة فقط؟ بدليل أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يكفره وقال: (صدقكم) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام