الصفحة 55 من 200

يقول ابن كثير:"قد تكفل الله -سبحانه وتعالى- بنصر دينه، وعباده المؤمنين، ولو تخلل ذلك بعض الامتحان لعباده المؤمنين"، ابتلاء {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} ؟ طبعًا سُنبتلى، تُحتل أراضينا، نُطارد، يسجوننا، المشانق، المحاكم العسكرية، محاكم أمن الدولة، هذا ابتلاء، (أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل، فالأمثل، يُبتلى الرجل على قدر دينه) ؛ بقدر دينه يُزاد فيه، لأنه فيه صلابة. هذه هي الفتنة، ليميز الله الخبيث من الطيب. الإسلام لا يعرف يا جماعة"شلة المنتفعين"! يعني نصر دائمًا! ما شاء الله كلنا حلوين هكذا والإسلام الجميل الحلو الذي لا يوجد فيه معكرات ولا عقبات ولا عوائق، لا. هذا إسلام في الوهم عندهم، هذا بدون عوائق في الجنة إن شاء الله، أما في الأرض لا يوجد مثل هذا.

يقول ابن كثير:"وفي هذه الآية الترهيب العظيم من موالاة الكافرين، وترك موالاة المؤمنين، وأن ذلك من صفات المنافقين، وأن الإيمان يقتضي محبة المؤمنين وموالاتهم، وبغض الكافرين ومعاداتهم"؛ هذا هو الولاء والبراء، وهذه هي الموالاة والمعاداة التي تآكلت، وكادت أن تنقرض، ومُيّعت في أيامنا، وهذه هي المفاهيم التي غابت عن العامّة، بل غابت عن طلبة العلم للأسف الشديد.

ولذلك يقول الله تعالى في الآية الأخرى التي سنستعرضها، انظر لحال هؤلاء: {تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ} ؛ ترى كثيرًا منهم يتوّلون الذين كفروا بالمحبة، والموالاة، والمتابعة، والنصرة، {لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ} . هذه الآية في [سورة المائدة آية رقم 80] .

وكما يقول العلامة السعدي:"هذه البضاعة الكاسدة، والصفقة الخاسرة، وهي سخط الله تعالى {سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} ، والخلود الدائم لهم في العذاب العظيم، فلقد ظلمتهم أنفسهم حيث قدمت لهم هذا النُّزل غير الكريم، وقد ظلموا أنفسهم إذ فوتوها النعيم المقيم"، الذين تولوا هؤلاء الكافرين واتبعوهم.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام