نبدأ الآن بآية من هذه الآيات، لأننا سنستعرض عينة من الآيات من القرآن، أنا استكملت معكم بعض الآيات، تقريبًا أربع آيات في المحاضرة السابقة، والآن نحاول أن نمر على بعض الآيات التي هي دليل من الأدلة على مفهوم الموالاة والمعاداة في الشريعة الإسلامية وفي القرآن الكريم، حتى الآن الأدلة فقط من القرآن الكريم. طبعًا سنستعرض من السنة بعض الأشياء، ومواقف من السيرة، وقضايا يغفلها بعض من يتناولون هذه القضية رغم وضوحها حتى من سيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
أنا قلت لكم أني لا آخذ آية معينة بمعنى لا تفهم أن هذه الآية رقم واحد والأخرى الثانية، أنا آخذ عينة هكذا، أبدأ بما أشاء، يعني ليست المسألة مرتبة، نحن نبدأ بأي آية تأتي معنا.
الآن نبدأ بهذه الآية في [سورة المجادلة] يقول الله تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} ، هذه عظيمة من آيات القرآن الكريم في الأدلة الشرعية على مفهوم الموالاة والمعاداة في القرآن الكريم.
يقول الحافظ ابن كثير:"قال تعالى {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} ؛ أي لا يوادّون المعادين المحادّين ولو كانوا من الأقربين، كما قال تعالى في آية أخرى: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} "، -طبعًا قضية الفرق بين التَّقية والإكراه والموالاة والمداهنة والمداراة كل هذا سنتكلم عنه فيما بعد، لكن هذا فقط الإشارة في الآية-.
وقال تعالى أيضًا: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا} كل هذا في ناحية، هذه هي أصول المشاغل التي تشغل الإنسان عن دينه، وعن