الفلاسفة، وانشغل الناس بهذه التراجم، وظهر لنا ما يُسمى"فلاسفة الإسلام"، حدث الخراب العقديّ هنا، والانشغال ومذاهب التشكيك حتى في العقيدة، حتى في مسائل في صميم الاعتقاد تأثر العلماء بأفكار المعتزلة، والأشاعرة الذين قاموا يردُّون على المعتزلة تأثروا هم أنفسهم بالمعتزلة، بطريقة صياغة كتب العقائد التي لا تجد فيها نورًا، وطريقةٌ مظلمة، عكس ما تجد كتاب الله واضحًا، وتجد السنة النبوية واضحة، عندما تقرأ كتاب (الشريعة) للإمام الآجري تجده واضحًا وهو في القرن الرابع الهجري، تجد هذه الكتب كانت جميلة وواضحة، وكتب الإمام البخاري وغيره، ومشايخ الإمام البخاري، -وأنا أشرت إلى كل هذه الكتب في دورة مسائل الإيمان-.
ولكن الشاهد هنا أن الانحراف بدأ مع عصر المأمون ومن سار بعده، إلى أن جاء الخليفة المتوكل وأعاد الاعتبار إلى أهل السنة، ولكن كان الخرق قد اتسع على الراقع كما يُقال، وانتشرت هذه البدع.
ولذلك نجد من بعض المستشرقين الذي ألف كتابًا عن الحضارة الإسلامية آدم متز، لما اختار قمة الحضارة عند المسلمين وأعظم العصور عند المسلمين اعتبر قمة النضج هو القرن الرابع الهجري، رغم أنه بداية الانحطاط والتشرذم والتمزق كان في القرن الرابع الهجري؛ ظهور البدع، ظهور القرامطة، ظهور دولة العبيدين قبل ذلك طبعًا، وتفتيت الأمة، ظهور كل من يُسمَّون بالملاحدة، والكتب التي أُلفت في ذلك الوقت، وقويت دولة أهل البدع في هذا العصر، والعالم الإسلامي تم احتلاله في هذا القرن أيضًا، فكان القرن الرابع قرنًا لعلو أهل البدع ولانقسام الأمة وتشرذمها، وهو يقول إنه بداية عصر النهضة العلمية والنضج والفلسفة! لأن كتب الفلاسفة ظهرت في ذلك الوقت.
فهذا بداية تمييع وخراب عقدي، والناس صارت تتكلم، وما عاد الناس يعتمدون على النقاء الصافي من كتب العقيدة، من القرآن الكريم ومن السنة، حتى من كتب أهل السنة الصحيحة في ذلك الوقت، ولكن الناس اعتمدوا على كتب الفلاسفة والحكماء وجدالهم، فالخراب جاء من هنا.