يجب أن تستحضر الزمن أو سياق التاريخ الذي قيلت فيه الفتوى الأولى، التي قالها الشيخ محمد رشيد رضا، وأفتى بها العلماء في ذلك الوقت، والذين أشرنا إليهم في البداية. هؤلاء العلماء كانوا آنذاك وقت احتلال بلاد العالم الإسلامي ولذلك فإنهم حرموها تحريمًا قاطعًا حتى لا يكاد يكون لهم استثناء في ذلك الوقت. لكن هناك صور ومتغيرات حدثت في العالم الإسلامي، بل إن هناك من المسلمين من وُلد في البلاد غير الإسلامية، فهذا موجود من ناحية الواقع، لأن الفتوى مع الواقع الآن، مولودون من أبوين إنجليزيين بعضهم أسلم، انظر ماذا فعلوا: الذي ذهب ليجاهد في العراق، والذي ذهب لأفغانستان، والذي عمل عمليات هنا وهناك، والذي ولاؤه للإسلام وبغضه لمن علموه وربوه وهكذا، وهؤلاء الشباب الفلسطينيون الصغار الذين وُلدوا هنا ولم يعرفوا فلسطين في يوم من الأيام، الآن تجدهم يحبون فلسطين ويدافعون عنها.
هناك أشياء تلمسها في الواقع ليست بالضرورة التلازم بين من صارت له الجنسية أن يكون كافرًا أو أن الرجل يحب هذا البلد، والدليل على ذلك الذي وجدناه في الواقع أن كثيرًا من شباب المسلمين الذين ولدوا هنا سواء من أبوين كافرين وأسلموا أو من الآباء المسلمين الذين جاءوا هنا منذ قرن أو نصف قرن، فهؤلاء الجيل الثاني والثالث سبحان الله هناك من انسلخ والعياذ بالله نهائيًا، ومنهم من ما شاء الله الآن ينشرون الإسلام والدعوة بقوة في الغرب، لكن هذا لا يُتوسع فيه. أنا أتكلم عن أن الصورة ليست كهذه الصورة القديمة، الموضوع مختلف الآن.
يعني هناك صور لا تؤخذ هكذا وتعمم بهذه الطريقة، وليس بالضرورة التلازم بين من حصل على التجنس أو هو متجنس أو عنده الجنسية ليس بلازم أنه يحب هؤلاء، وليس بلازم أنه يواليهم وليس بلازم أنه كافر يعني وهكذا. لا، الموضوع يحتاج إلى دراسة وإلى ضوابط صارمة، وإلى إعمال قواعد التكفير وموانع وشروط التكفير التي تكلمنا عنها في مثل هذه الحالات، ولا تُعمم هكذا.
وأنا شخصيًا عندما أُسأل في ذلك أقول: ماذا عندك ولماذا تعمل هنا؟ يقول أنا لست مضطهدًا في بلدي ولا غير هذا فأقول له: اذهب إلى بلدك، خذ بلادك إلى أي بلد مسلمة إن استطعت. رغم أنني أعلم أن هذه البلاد عقبة كأداء أمام هؤلاء الناس. الذين يريدون أن يعملوا أو غيره اذهب إلى بلاد الخليج عقبات لا تتخيلها،