الصفحة 157 من 200

وابن القيم كما قلنا لكم يقول:"المداهنة لأهل النفاق"، وابن حجر يقول:"وضابط المداراة ألا يكون فيها قدح في الدين، والمداهنة المذمومة أن يكون فيها تزيين القبيح وتصويب الباطل". هذه هي المداهنة التي لا تجوز شرعًا.

ولذلك البعض يعرف المداهنة بأنها:"ترك ما يجب لله من الغيرة والنصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لغرض دنيوي وهو نفساني، والاستئناس بأهل المعاصي ومعاشرتهم ومؤاكلتهم ومشاربتهم ومجالستهم، وعدم الإنكار عليهم مع القدرة على الإنكار، استجلابًا لموادتهم ومحبتهم وإرضاءً لهم ومسالمة لهم وعدم التمييز بين طبقاتهم؛ لأنهم رأوا أن السلوك مع الناس وحسن الخلق ونيل المعيشة لا يحصل إلا بذلك". هذه مهادنة وليست حسن خلق ولا شيء، هو يداهنهم على منكرهم ولا ينكر رغم أنه يستطيع الإنكار، فهذه هي المداهنة المحظورة شرعًا ومخالفة للرسل وأتباعهم وخروج عن سبيل المؤمنين ومنهاجهم، إذ هي إيثار لحظوظ النفس والدعة ومسالمة الناس وترك المعاداة في الله وتحمل الأذى في ذاته وهذا في حقيقة هو الهلاك بعينه؛ لأنه ما ذاق طعم الإيمان من لم يوالي في الله ويعادي في الله، بل الإيمان يحصل بمراغمة أعداء الله وإيثار مرضاته والغضب إذا انتهكت محارمه.

إذًا أي قلب هذا -كما يقول ابن القيم- الذي يبقى في قلبه وقد فقد الحياة والغيرة والتعظيم والغضب لله، وسوّى بين الخبيث والطيب في معاملته وموالاته ومعاداته.

واحد يسوي بين الحق والباطل، بين الولي وبين العدو، بين الشيطان وبين الرحمن، كيف هذا؟! هذه تُعتبر مخالفة لمنهج الرسل وحرام ولا تجوز شرعًا وصاحبها على شفا هلكة.

إذًا هذه هي المداهنة، والمداهنة كما قلنا لكم أنها تختلف عن المداراة، فالمداراة جائزة أما المداهنة فغير جائزة.

نأتي إلى نقطة البحث الأساسية وهي مسألة: حكم التجنس بجنسية دولة من دول الكفر.

هل يجوز التجنس بجنسية دولة من دول الكفر؟

قبل أن نلج إلى هذا الموضوع لا بد الإخوة أن ينتبهوا، هناك أمر بسيط سأمهد له.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام