وعقوبات شديدة والسبب في ذلك هو شبهة حديث حاطب. قلنا لكم إن حاطبًا -رضي الله عنه- ارتكب فعلًا مكفرًا ولكنه لم يكفر بعينه، بسبب خطئه في التأويل، والتأويل هذا مانع من موانع التكفير.
لكن لاحظ حتى استدلال القيم عندما يقول:"وفيها -أي قصة حاطب- جواز قتل الجاسوس وإن كان مسلمًا لأن عمر -رضي الله عنه- سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قتل حاطب بن أبي بلتعة لما بعث يخبر أهل مكة بالخبر، ولم يقل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يحل قتله إن مسلم، بل قال: (وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم) ".
إذًا الرسول -صلى الله عليه وسلم- يعلم أن المانع هنا هو أنه تأول فأخطأ، ولذلك هو يبين لعمر أن كلامه كان صحيحًا في مسألة الفعل المكفر، ولكن الخطأ في موضوع سيدنا عمر أنه أنزله على عينه، لأنه كان يقول كفر، وفي رواية: أنه خان الله ورسوله، إذًا هو يكفره بشخصه، ولا يكفر الفعل فقط. فهو يكفر بشخصه هنا لأنه ارتكب هذا الفعل، فالرسول لم يعترض على أن الفعل كفري ولكن بين له أنه (ما يدريك) . إذًا الذي منع من تطبيق هذه العقوبة عليه أنه أخطأ في التأويل فهو لم يكفر. إذًا حاطب لم يكفر أصلًا هنا.
الشاهد في هذا الموضوع: هو جواز قتل الجاسوس، لماذا؟ لأن الرسول لم يقل له لا نقتله، إذًا معناها يجوز قتل الجاسوس. الطريف في الأمر أن الذين يقولون لا يجوز قتل الجاسوس يستدلون بنفس الرواية! يقول: ودليل ذلك فعل حاطب أن الرسول لم يقتله! نحن قلنا لكم لماذا؟ لأنه أولًا: سيدنا حاطب لم يكفر، ثانيًا: أنه إذا كانت هناك عقوبة فهي للإمام، وهذه العقوبة ليس لها نص، ولأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لسابق وقرائن الحال عنده؛ لأنه شهد بدرًا ولأنه ضحى ولأنه هاجر وكان صادقًا وأنه فعل أفعال كثيرة جدًا، فقال: (ما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم) فهنا هذه خاصية لأهل بدر في هذه الحالة، بالقرائن وبشهوده بدر، وهذه حادثة أخطأ فيها في التأويل. لكن لو أخطأ وكفر ولا يوجد له مانع من موانع التكفير لكفر وأنزلت عليه العقوبة.