ألم يقل الرسول: (افعلوا ما شئتم) ، ألم يقل في حاطب لعمر والصحابة: (ما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال افعلوا ما شئتم) ؟ طيب قدامة فعل بعد ذلك في أيام عمر فعلًا (شرب الخمر) لماذا لم يسقط عنه عمر رغم أنه شهد بدرًا؟
لأن شهود بدر ليس معناه أن يسقط عنه العقوبة، هذا شهود بدر الخاصية فيه أن هؤلاء الله -سبحانه وتعالى- يعفو عن ذنوبهم، أن الله -سبحانه وتعالى- مطلع عليهم أنهم كثيرو الاستغفار وأنهم حتى إذا أتوا بمعصية فإنهم يرجعون ويستغفرون. أما بالنسبة لسيدنا حاطب بن أبي بلتعة فالرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يعاقبه لأن العقوبة ليس لها نص مقدر في الشرع، وهذه عقوبة تعزيرية تخضع للولي الشرعي؛ لذلك الرسول -صلى الله عليه وسلم- اكتفى مع حاطب بهذا الذي حدث، وهذه هي الخاصية (خاصية أهل بدر) ، أن مثل هذه الأمور ممكن يُعفى عنها مع هؤلاء، فعفا عنه واكتفى بما نزل من آيات في أول سورة الممتحنة.
• الخلاصة هنا في موضوع حاطب -رضي الله عنه-:
• أن حاطبًا -رضي الله عنه- والى الكفار وظاهرهم على المسلمين وفيه نزلت {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} .
• أن موالاة الكفار كفر دون اشتراط أن تقارنها موالاة قلبية، كما يزعم الذين يقولون لا بد من اشتراط الموالاة القلبية، وذلك لقوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} . والله -سبحانه وتعالى- رد على زعمهم {نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ} فكل هذا مهدر وباطل.
• أن حاطبًا -رضي الله عنه- أتى كفرًا وليس معصية كما يظن البعض. ونحن قلنا أن عمر أخطأ في تنزيل الحكم على شخص المعين، لكن فِعل حاطب كان كفرًا. والمانع من التنزيل على حاطب الذي منع من تكفيره هو مانع التأويل الذي تكلمنا فيه.