وقال تعالى: {إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا} ، فقوله: و {إن يدعون إلا شيطانا} يعني: ما يعبدون إلا شيطانا مريدا.
وقوله تعالى: {ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون. قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون} .
فقوله تعالى: {بل كانوا يعبدون الجن} أي: يتبعون الشياطين ويطيعونهم فيما يشرعون، ويزينون لهم من الكفر والمعاصي، على أصح التفسيرين، والشيطان عالم بأن طاعتهم له المذكورة إشراك به كما صرح بذلك وتبرأ منهم في الآخرة، كما نص الله عليه في سورة إبراهيم في قوله تعالى: {وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم} إلى قوله: {إني كفرت بما أشركتمون من قبل} .
فقد اعترف بأنهم كانوا مشركين به من قبل، أي: في دار الدنيا، ولم يكفر بشركهم ذلك إلا يوم القيامة.
وقد أوضح النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى الذي بينا في الحديث لما سأله عدي بن حاتم رضي الله عنه عن قوله: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا} كيف اتخذوهم أربابا؟ وأجابه صلى الله عليه وسلم أنهم أحلوا لهم ما حرم الله، وحرموا عليهم ما أحل الله فاتبعوهم، وبذلك الاتباع اتخذوهم أربابا.