إنَّ شريعة الإسلام أكمل الشرائع، لأن الله تعالى قد شرع فيها من الأحكام ما لم يكن موجودا في الشرائع السابقة، وجعلها ملائمة مع حاجات الناس ومصلحة البشرية إلى قيام الساعة، بينما الشرائع الأخرى وإن كانت ملائمة لعصرها، إلاّ أنها غير ملائمة للبشرية جمعاء بخلاف شريعة الإِسلام فإنها الشريعة الخالدة الكاملة التي اشتملت على جميع الأحكام، ولهذا أوجب الله تعالى على الأنبياء وأتباعهم جميعا اتّباع نبينا صلى الله عليه وسلم ونصرته، فأخذ عليهم الميثاق بذلك عند ظهوره، قال الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ. فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ. أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} [آل عمران: 81 - 83] ، وإن عيسى ابن مريم عليه السلام ينزل عند قرب قيام الساعة، فلا يأت بشريعة جديدة ولا يحكم بالتوراة والإنجيل، إنما يكون حاكما من حكام هذه الأمة فيحكم ويتبع شريعة نبينا صلى الله عليه وسلم، ويُحيي من شأنها ما تركه الناس، فهي الشريعة الخالدة الكاملة الوافية بكل ما يصلح البشرية في كل زمان ومكان، روى الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"والذي نفسي بيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما مقسطا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد".