وهذا الذي يشرّع قوانين من عند نفسه أو يأخذها عن غيره من أهل الضلال كالذي يجعل عقوبة السارق أو الزاني: السجن ونحوه مما لم يشرعه الله تعالى، فهذا مشرك، وإن صرّح، وقال: إنّ حكم الله أفضل فهو مشرك كافر بالله، لأنه يستحيل أن يعتقد أن حكم الله أفضل ثم يعدل إلى غيره، ففعله يدل على أنه كاذب، فلا يتصور أن شخصا يعتقد الأفضلية في شيء ثم يذهب إلى غيره، وهؤلاء المشرّعون جعلوا من أنفسهم أندادا لله عز وجل، وإن النبي صلى الله عليه وسلم حين قال له رجلٌ: ما شاء الله وشئت، أنكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم هذا العطف بقوله:"أجعلتني لله ندا؟!"، فكيف بهؤلاء الذين هم دون رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكمون بما يشاؤون غير ملتفتين إلى حكم الله تعالى، والله يقول: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21] ، والدين يشمل الحكم، قال تعالى: {مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ} [يوسف: 76] ، فقوله تعالى: (فِي دِين الْمَلِك) أي: حُكْم مَلِك مِصْر لِأَنَّ جَزَاءَه عنده الضَّرْب وتغرِيم مِثْلَيْ الْمَسْرُوق لا الاسْتِرْقَاق، ولهذا جعل الحكم إليهم، ليتم له ما يريد من أخذ أخاه، فقالوا: {جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ} أي: الموجود في رحله {جَزَاؤُهُ} بأن يتملكه صاحب السرقة، وكان هذا في دينهم أن السارق إذا ثبتت عليه السرقة كان ملكا لصاحب المال المسروق.