ومن أصرح الأدلة في هذا أن الكفار إذا أحلوا شيئا يعلمون أن الله حرمه، وحرموا شيئا يعلمون أن الله أحله، فإنهم يزدادون كفرا جديدا بذلك مع كفرهم الأول، وذلك في قوله تعالى: {إنما النسيء زيادة في الكفر} إلى قوله: {والله لا يهدي القوم الكافرين} .
وعلى كل حال فلا شك أن كل من أطاع غير الله في تشريع مخالف لما شرعه الله فقد أشرك به مع الله، كما يدل لذلك قوله: {وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم} ، فسماهم شركاء لما أطاعوهم في قتل الأولاد.
وقوله تعالى: {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله} فقد سمى تعالى الذين يشرعون من الدين ما لم يأذن به الله: شركاء، ومما يزيد ذلك إيضاحا أن ما ذكره الله عن الشيطان يوم القيامة من أنه يقول للذين كانوا يشركون به في دار الدنيا: {إني كفرت بما أشركتمون من قبل} ، أن ذلك الإشراك المذكور ليس فيه شيء زائد على أنه دعاهم إلى طاعته فاستجابوا له، كما صرح بذلك في قوله تعالى عنه: {وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي} الآية، وهو واضح كما ترى"."