الصفحة 30 من 153

هذا في عمر بن عبد العزيز رحمه الله وكان أزهد أهل زمانه فإذا كان شرط أهل الدين الهرب منه فكيف يستنسب طلب غيرهم ومخالطته ولم يزل السلف العلماء مثل الحسن والثوري وابن المبارك والفضيل وإبراهيم بن أدهم ويوسف بن أسباط يتكلمون في علماء الدنيا من أهل مكة والشام وغيرهم إما لميلهم إلى الدنيا وإما لمخالطتهم السلاطين"."

وقال أيضا 1/ 68:

"ومنها أن يكون مستقصيا عن السلاطين فلا يدخل عليهم البتة ما دام يجد إلى الفرار عنهم سبيلاً، بل ينبغي أن يحترز عن مخالطتهم وإن جاءوا إليه فإن الدنيا حلوة خضرة وزمامها بأيدي السلاطين، والمخالط لا يخلو عن تكلف في طيب مرضاتهم واستمالة قلوبهم مع أنهم ظلمة، ويجب على كل متدين الإنكار عليهم وتضييق صدرهم بإظهار ظلمهم وتقبيح فعلهم، فالداخل عليهم إما أن يلتفت إلى تجملهم فيزدري نعمة الله عليه، أو يسكت عن الإنكار عليهم فيكون مداهنا لهم، أو يتكلف في كلامه كلاما لمرضاتهم وتحسين حالهم وذلك هو البهت الصريح، أو أن يطمع في أن ينال من دنياهم وذلك هو السحت ... وعلى الجملة فمخالطتهم مفتاح للشرور وعلماء الآخرة طريقهم الاحتياط".

وقال ابن الجوزي في"تلبيس إبليس" (ص 109) :

"ومن تلبيس إبليس على الفقهاء مخالطتهم الأمراء والسلاطين ومداهنتهم وترك الإنكار عليهم مع القدرة على ذلك، وربما رخصوا لهم فيما لا رخصة لهم فيه لينالوا من دنياهم عرضا، فيقع بذلك الفساد لثلاثة أوجه:"

الأَوَّل: الأمير يقول لولا أني على صواب لأنكر عليّ الفقيه، وكيف لا أكون مصيبا وهو يأكل من مالي.

والثاني: العامي أنه يقول لا بأس بهذا الأمير ولا بماله ولا بأفعاله فإن فلانا الفقيه لا يبرح عنده.

والثالث: الفقيه فإنه يفسد دينه بذلك.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام