الصفحة 29 من 153

وقال سعيد بن المسيب:"إذا رأيتم العالم يغشى الأمراء فاحذروا منه فإنه لص"."إحياء علوم الدين"1/ 68، وجاء فيه أيضا 1/ 69:

"قال الحسن كان فيمن كان قبلكم رجل له قدم في الإسلام وصحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم."

قال عبد الله بن المبارك عنى به سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، قال: وكان لا يغشى السلاطين وينفر عنهم، فقال له بنوه: يأتي هؤلاء من ليس هو مثلك في الصحبة والقدم في الإسلام فلو أتيتهم؟ فقال: يا بني آتي جيفة قد أحاط بها قوم والله لئن استطعت لا أشاركهم فيها، قالوا: يا أبانا إذن نهلك هزالاً، قال: يا بني لأن أموت مؤمناً مهزولاً أحب إلي من أن أموت منافقاً سمينا.

قال الحسن: خصمهم والله إذ علم أن التراب يأكل اللحم والسمن دون الإيمان.

وفي هذا إشارة إلى أن الداخل على السلطان لا يسلم من النفاق البتة وهو مضاد للإيمان.

وقال أبو ذر لسلمة يا سلمة لا تغش أبواب السلاطين فإنك لا تصيب شيئا من دنياهم إلا أصابوا من دينك أفضل منه.

وهذه فتنة عظيمة للعلماء وذريعة صعبة للشيطان عليهم لا سيما من له لهجة مقبولة وكلام حلو إذ لا يزال الشيطان يلقي إليه أن في وعظك لهم ودخولك عليهم ما يزجرهم عن الظلم، ويقيم شعائر الشرع إلى أن يخيل إليه أن الدخول عليهم من الدين، ثم إذا دخل لم يلبث أن يتلطف في الكلام ويداهن ويخوض في الثناء والإطراء وفيه هلاك الدين، وكان يقال العلماء إذا علموا عملوا، فإذا عملوا شغلوا، فإذا شغلوا فقدوا، فإذا فقدوا طلبوا، فإذا طلبوا هربوا، وكتب عمر بن عبد العزيز رحمه الله إلى الحسن أما بعد فأشر علي بأقوام أستعين بهم على أمر الله تعالى فكتب إليه أما أهل الدين فلا يريدونك وأما أهل الدنيا فلن تريدهم ولكن عليك بالأشراف فإنهم يصونون شرفهم أن يدنسوه بالخيانة.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام