عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنْ بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ ثَمَرًا فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ , فَلَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا , بِمَ تَأْخُذُ مَالَ أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقٍّ "
فَذَكَرُوا مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ , أَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ , عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : إِنْ بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ ثَمَرًا فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ , فَلَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا , بِمَ تَأْخُذُ مَالَ أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقٍّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِمٍ , عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ , فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ قَالُوا . قَدْ بَيَّنَ هَذَا الْحَدِيثَ , الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَا . وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ , فَقَالُوا : مَا ذَهَبَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ , قَلَّ أَوْ كَثُرَ , بَعْدَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي , ذَهَبَ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي . وَمَا ذَهَبَ فِي يَدِ الْبَائِعِ , قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي , بَطَلَ ثَمَنُهُ عَنِ الْمُشْتَرِي . وَقَالُوا : مَا هَذِهِ الْآثَارُ الْمَرْوِيَّةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الَّتِي ذَكَرْتُمُوهَا , فَمَقْبُولٌ صَحِيحٌ عَلَى مَا جَاءَ . وَلَسْنَا نَدْفَعُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا لِصِحَّةِ مَخْرَجِهِ , وَلَكِنَّا نُخَالِفُ التَّأْوِيلَ الَّذِي تَأَوَّلَهَا عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الْأُولَى . وَنَقُولُ : إِنَّ مَعْنَى الْجَوَائِحِ الْمَذْكُورَةِ فِيهَا , هِيَ الْجَوَائِحُ الَّتِي يُصَابُ النَّاسُ بِهَا , وَيَجْتَاحُهُمْ فِي الْأَرْضِينَ الْخَرَاجِيَّةِ الَّتِي خَرَاجُهَا لِلْمُسْلِمِينَ , فَيُوضَعُ ذَلِكَ الْخَرَاجُ عَنْهُمْ وَاجِبٌ لَازِمٌ , لِأَنَّ فِي ذَلِكَ صَلَاحًا لِلْمُسْلِمِينَ , وَتَقْوِيَةً لَهُمْ فِي عِمَارَةِ أَرَضِيهِمْ فَأَمَّا فِي الْأَشْيَاءِ الْمَبِيعَاتِ , فَلَا . فَهَذَا تَأْوِيلُ حَدِيثِ جَابِرٍ , الَّذِي فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ . وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ الثَّانِي , فَمَعْنَاهُ غَيْرُ هَذَا الْمَعْنَى , وَذَلِكَ أَنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ الْبَيْعَ , وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الْقَبْضَ . فَذَلِكَ عِنْدَنَا عَلَى الْبِيَاعَاتِ الَّتِي تُصَابُ فِي أَيْدِي بَائِعِيهَا , قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي لَهَا , فَلَا يَحِلُّ لِلْبَاعَةِ أَخْذُ أَثْمَانِهَا , لِأَنَّهُمْ يَأْخُذُونَهَا بِغَيْرِ حَقٍّ . فَهَذَا تَأْوِيلُ هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَهُمْ . فَأَمَّا مَا قَبَضَهُ الْمُشْتَرُونَ , وَصَارَ فِي أَيْدِيهِمْ , فَذَلِكَ كَسَائِرِ الْبِيَاعَاتِ , الَّتِي يَقْبِضُهَا الْمُشْتَرُونَ لَهَا , فَيَحْدُثُ بِهَا الْآفَاتُ فِي أَيْدِيهِمْ . فَكَمَا كَانَ غَيْرُ الثِّمَارِ , يَذْهَبُ مِنْ أَمْوَالِ الْمُشْتَرِينَ لَهَا , لَا مِنْ أَمْوَالِ بَاعَتِهَا , فَكَذَلِكَ الثِّمَارُ . فَهَذَا هُوَ النَّظَرُ , وَهُوَ أَوْلَى , مَا حُمِلَ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ