فَقَالَ لَهُ مَعْمَرٌ : لِمَ فَعَلْتَ ؟ انْطَلِقْ فَرُدَّهُ , وَلَا تَأْخُذْ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ , فَإِنِّي كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ " الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ , مِثْلًا بِمِثْلٍ " وَكَانَ طَعَامُنَا يَوْمَئِذٍ , الشَّعِيرَ . قِيلَ لَهُ : فَإِنَّهُ لَيْسَ مِثْلَهُ , قَالَ : إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُضَارِعَهُ ( أَنْ يُشْبِهَهُ )
حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ، أَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ أَنَّ بُسْرَ بْنَ سَعِيدٍ حَدَّثَهُ , عَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنَّهُ أَرْسَلَ غُلَامًا لَهُ بِصَاعٍ مِنْ قَمْحٍ هُوَ الْحِنْطَةُ ، فَقَالَ لَهُ : بِعْهُ ثُمَّ اشْتَرِ بِهِ شَعِيرًا , فَذَهَبَ الْغُلَامُ فَأَخَذَ صَاعًا وَزِيَادَةَ بَعْضِ صَاعٍ , فَلَمَّا جَاءَ مَعْمَرٌ أَخْبَرَهُ , فَقَالَ لَهُ مَعْمَرٌ : لِمَ فَعَلْتَ ؟ انْطَلِقْ فَرُدَّهُ , وَلَا تَأْخُذْ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ , فَإِنِّي كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ , مِثْلًا بِمِثْلٍ وَكَانَ طَعَامُنَا يَوْمَئِذٍ , الشَّعِيرَ . قِيلَ لَهُ : فَإِنَّهُ لَيْسَ مِثْلَهُ , قَالَ : إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُضَارِعَهُ ( أَنْ يُشْبِهَهُ ) قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى هَذَا الْحَدِيثِ فَقَلَّدُوهُ , وَقَالُوا : لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحِنْطَةِ بِالشَّعِيرِ , إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ . وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ , فَقَالُوا : لَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْحِنْطَةِ بِالشَّعِيرِ مُتَفَاضِلًا , مِثْلَيْنِ بِمِثْلٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ . وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لَهُمْ عَلَى أَهْلِ الْمَقَالَةِ الْأُولَى فِي الْحَدِيثِ الَّذِي احْتَجُّوا بِهِ عَلَيْهِمْ , أَنَّ مَعْمَرًا أَخْبَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُهُ يَقُولُ الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ , مِثْلًا بِمِثْلٍ ثُمَّ قَالَ مَعْمَرٌ : وَكَانَ طَعَامُنَا يَوْمَئِذٍ الشَّعِيرَ . فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ الَّذِي حَكَاهُ عَنْهُ مَعْمَرٌ , الطَّعَامَ الَّذِي كَانَ طَعَامَهُمْ يَوْمَئِذٍ , فَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى الشَّعِيرِ بِالشَّعِيرِ , فَلَا يَكُونُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ شَيْءٌ مِنْ ذِكْرِ بَيْعِ الْحِنْطَةِ بِالشَّعِيرِ , مِمَّا ذَكَرَ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَإِنَّمَا هُوَ مَذْكُورٌ عَنْ مَعْمَرٍ , مِنْ رَأْيِهِ , وَمِنْ تَأْوِيلِهِ مَا كَانَ سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . أَلَا تَرَى أَنَّهُ قِيلَ لَهُ : فَإِنَّهُ لَيْسَ مِثْلَهُ , أَيْ : لَيْسَ مِنْ نَوْعِهِ , فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَى مَنْ قَالَهُ , وَكَانَ جَوَابُهُ لَهُ إِنِّي أَخْشَى أَنْ يُضَارِعَهُ كَأَنَّهُ خَافَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الَّذِي سَمِعَهُ يَقُولُهُ , وَهُوَ مَا ذَكَرْنَا فِي حَدِيثِهِ عَلَى الْأَطْعِمَةِ كُلِّهَا فَتَوَقَّى ذَلِكَ وَتَنَزَّهَ عَنْهُ , لِلرَّيْبِ الَّذِي وَقَعَ فِي قَلْبِهِ مِنْهُ . فَلَمَّا انْتَفَى أَنْ يَكُونَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ لِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ , نَظَرْنَا هَلْ فِي غَيْرِهِ مَا يَدُلُّنَا عَلَى حُكْمِ ذَلِكَ كَيْفَ هُوَ ؟ فَاعْتَبَرْنَا ذَلِكَ ,