حَدَّثَنَا رَجَاءُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ : حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ غُطَيْفٍ ، عَنْ أَبِيهِ غُطَيْفِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ : أَتَتِ الْأَنْصَارُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ادْعُ اللَّهَ عَلَى ثَقِيفٍ فَقَالَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : اللَّهُمَّ اهْدِ ثَقِيفًا ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ادْعُ عَلَيْهِمْ فَقَالَ : اللَّهُمَّ اهْدِ ثَقِيفًا ، فَعَادُوا فَعَادَ ، فَأَسْلَمُوا فَوُجِدُوا مِنْ صَالِحِي النَّاسِ إِسْلَامًا ، وَوُجِدَ مِنْهُمْ أَئِمَّةٌ وَقَادَةٌ . وَقَدِمَ وَفْدُهُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَضَرَبَ عَلَيْهِمُ الْقُبَّةَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : دَعْهُمْ يَا عُمَرُ ؛ فَإِنَّهُمْ سَيَسْتَحْيُونَ أَلَّا يُصَلُّوا ، فَمَكَثُوا يَوْمَهُمْ لَا يُصَلُّونَ وَالْغَدَ ، حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الْعَصْرِ صَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، صَلَّوْا بِلَا وُضُوءٍ فَقَالَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : دَعْهُمْ ؛ فَإِنَّهُمْ سَيَتَوَضَّئُونَ ، حَتَّى إِذَا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ غَسَلُوا وُجُوهَهُمْ وَرُءُوسَهُمْ وَأَعْنَاقَهُمْ وَأَيْدِيَهُمْ إِلَى الْمَنَاكِبِ ، وَتَرَكُوا الْأَرْجُلَ فَقَالَ عُمَرُ : إِنَّهُمْ فَعَلُوا كَذَا وَكَذَا فَقَالَ : دَعْهُمْ ؛ فَإِنَّهُمْ سَيَتَوَضَّئُونَ ، وَغَدَوَا الْيَوْمَ الْخَامِسَ فَغَسَلُوا الْبُطُونَ وَالظُّهُورَ ، فَأَتَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ : دَعْهُمْ عَنْكَ ، فَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا مِنْ أَمْرِهِمْ بَعْدُ ، حَتَّى قَدِمَتْ عَلَيْهِمْ هَدِيَّةٌ مِنَ الطَّائِفِ : عَسَلٌ وَزَبِيبٌ وَرُمَّانٌ وَشِنَانُ فِرْسِكٍ مُرَبَّبٍ ، فَأَهْدَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : صَدَقَةٌ أَمْ هَدِيَّةٌ ؟ فَقَالُوا : بَلْ هَدِيَّةٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَفَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سِقَاءً مِنَ الْعَسَلِ قَالَ : مَا هَذَا ؟ قَالُوا : ضَرِيبٌ ، فَأَكَلَ مِنْهُ ، ثُمَّ فَتَحَ الثَّانِي فَقَالَ : مَا هَذَا ؟ فَقَالُوا : ضَرِيبٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : مَا أَطْيَبَ رِيحَهُ ، وَأَطْيَبَ طَعْمَهُ ، وَأَكَلَ مِنْهُ ، ثُمَّ قَامُوا عَنْهُ ، وَأَهْدَى لَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ شَاةً مَطْبُوخَةً بِلَبَنٍ ، فَالْتَمَسَ الْعِوَضَ ، فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَقَالَ : هَلْ رَضِيتَ ؟ قَالَ : لَا ، فَدَخَلَ فَأَعْطَاهُ وَقَالَ : هَلْ رَضِيتَ ؟ قَالَ : لَا قَالَ : وَيْحَكَ لَا تُبَخِّلْنِي ؛ فَإِنِّي لَمْ أُخْلَقْ بَخِيلًا ، وَلَا جَبَانًا ، فَالْتَمَسَ فَجَاءَهُ بِقَبْضَةٍ مِنْ شَعِيرٍ وَسُلْتٍ وَتَمْرٍ ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ ثُمَّ قَالَ : هَلْ رَضِيتَ ؟ قَالَ : نَعَمْ فَقَالَ : لَا أَتَّهِبُ إِلَّا مِنْ قُرَيْشِيٍّ أَوْ ثَقَفِيٍّ ؛ فَإِنَّهُمَا حَيَّانِ لَا يَتَعَجَّلَانِ الثَّائِبَةَ
حَدَّثَنَا الْحِزَامِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ : أَقْبَلَ وَفْدُ ثَقِيفٍ بَعْدَ قَتْلِ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ بَضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا هُمْ أَشْرَافُ ثَقِيفٍ ، فِيهِمْ كِنَانَةُ بْنُ عَبْدِ يَالِيلَ ، وَهُوَ رَأْسُهُمْ يَوْمَئِذٍ وَفِيهِمْ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ بْنِ بِشْرٍ وَهُوَ أَصْغَرُ الْوَفْدِ ، حَتَّى قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يُرِيدُونَ الصُّلْحَ وَالْقَضِيَّةَ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ حِينَ رَأَوْا أَنْ قَدْ فُتِحَتْ مَكَّةُ وَأَسْلَمَ عَامَّةُ الْعَرَبِ فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَنْزِلْ عَلَيَّ قَوْمِي فَأُكْرِمَهُمْ ؛ فَإِنِّي حَدِيثُ الْجُرْمِ فِيهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا أَمْنَعُكَ أَنْ تُكْرِمَ قَوْمَكَ ، وَلَكِنْ تُنْزِلُهُمْ حَيْثُ يَسْمَعُونَ الْقُرْآنَ قَالَ : وَكَانَ مِنْ جُرْمِ الْمُغِيرَةِ فِي قَوْمِهِ أَنَّهُ كَانَ أَجِيرًا لِثَقِيفٍ ، فَإِنَّهُمْ أَقْبَلُوا مِنْ مُضَرَ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبُسَاقَ عَدَا عَلَيْهِمْ ، وَهُمْ نِيَامٌ ، فَقَتَلَهُمْ ، ثُمَّ أَقْبَلَ بِأَمْوَالِهِمْ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : أَخْمِسْ مَالِي هَذَا ؟ قَالَ : وَمَا نَبَأُهُ ؟ قَالَ : كُنْتُ أَجِيرًا لِثَقِيفٍ ، فَلَمَّا سَمِعْتُ بِكَ قَتَلْتُهُمْ ، وَهَذِهِ أَمْوَالُهُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّا لَسْنَا بِغُدْرٍ ، وَأَبَى أَنْ يُخَمِّسَ مَا مَعَهُ ، وَأَنْزَلَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَفْدَ ثَقِيفٍ فِي الْمَسْجِدِ ، وَبَنَى لَهُمْ خِيَامًا لِكَيْ يَسْمَعُوا الْقُرْآنَ وَيَرَوَا النَّاسَ إِذَا صَلَّوْا ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِذَا خَطَبَ لَمْ يَذْكُرْ نَفْسَهُ ، فَلَمَّا سَمِعَهُ وَفْدُ ثَقِيفٍ قَالُوا : يَأْمُرُنَا أَنْ نَشْهَدَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ وَلَا يَشْهَدُ هُوَ بِهِ فِي خُطْبَتِهِمْ . فَلَمَّا بَلَغَهُ قَوْلُهُمْ قَالَ : فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ شَهِدَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ، وَكَانُوا يَغْدُونَ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ وَيَخْلُفُونَ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ فِي رِحَالِهِمْ لِأَنَّهُ أَصْغَرُهُمْ ، فَكَانَ عُثْمَانُ كُلَّمَا رَجَعَ إِلَيْهِ الْوَفْدُ وَقَالُوا بِالْهَاجِرَةِ عَمَدَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنِ الدِّينِ وَاسْتَقْرَأَهُ الْقُرْآَنَ فَاخْتَلَفَ إِلَيْهِ عُثْمَانُ مِرَارًا حَتَّى فَقِهَ وَعَلِمَ ، وَكَانَ إِذَا وَجَدَ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَائِمًا عَمَدَ لِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَكَانَ يَكْتُمُ ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِهِ ، فَأُعْجِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِعُثْمَانَ وَأَحَبَّهُ ، فَمَكَثَ الْوَفْدُ يَخْتَلِفُونَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ ، فَأَسْلَمُوا فَقَالَ لَهُ كِنَانَةُ بْنُ عَبْدِ يَالِيلَ : هَلْ أَنْتَ مُقَاضِينَا حَتَّى نَرْجِعَ إِلَيْكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، إِنْ أَنْتُمْ أَقْرَرْتُمْ بِالْإِسْلَامِ قَاضَيْتُكُمْ ، وَإِلَّا فَلَا قَضِيَّةَ وَلَا صُلْحَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ، قَالُوا : أَرَأَيْتَ الزِّنَا ؛ فَإِنَّا قَوْمٌ نَغْتَرِبُ ؟ قَالَ : هُوَ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ ، إِنَّ اللَّهَ قَالَ : {{ لَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا }} ، قَالُوا : أَرَأَيْتَ الرِّبَا ؟ قَالَ : وَالرِّبَا حَرَامٌ ، قَالُوا : فَإِنَّهَا أَمْوَالُنَا كُلُّهَا ؟ قَالَ : لَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ : {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ }} ، قَالُوا : أَفَرَأَيْتَ الْخَمْرَ ؛ فَإِنَّهَا عَصِيرُ أَعْنَابِنَا وَلَا بُدَّ لَنَا مِنْهُ ؟ قَالَ : فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَهَا فَقَالَ : {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }} ، فَارْتَفَعَ الْقَوْمُ وَخَلَا بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ فَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ : وَيْحَكُمْ إِنَّا نَخَافُ إِنْ خَالَفْنَاهُ يَوْمًا كَيَوْمِ مَكَّةَ ، انْطَلِقُوا فِيهِ فَلْنُكَافِئْهُ عَلَى مَا سَأَلَنَا ، فَأَتَوْهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالُوا : نَعَمْ لَكَ مَا سَأَلْتَ ، وَقَالُوا : أَرَأَيْتَ الرَّبَّةَ ، مَاذَا نَصْنَعُ فِيهَا ؟ قَالَ : اهْدُمُوهَا ، قَالُوا : هَيْهَاتَ ، لَوْ تَعْلَمُ الرَّبَّةُ أَنَّكَ تُرِيدُ هَدْمَهَا قَتَلَتْ أَهْلِينَا قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : وَيْحَكَ يَا ابْنَ عَبْدِ يَالِيلَ مَا أَحْمَقَكَ ، إِنَّمَا الرَّبَّةُ حَجَرٌ لَا يَدْرِي مَنْ عَبَدَهُ مِمَّنْ لَا يَعْبُدُهُ قَالَ : إِنَّا لَمْ نَأْتِكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَرْسِلْ أَنْتَ فَاهْدِمْهَا فَإِنَّا لَنْ نَهْدِمَهَا أَبَدًا قَالَ : فَسَأَبْعَثُ إِلَيْكُمْ مَنْ يَكْفِيكُمْ هَدْمَهَا ، فَكَاتَبُوهُ فَقَالَ كِنَانَةُ بْنُ عَبْدِ يَالِيلَ : ائْذَنْ لَنَا قَبْلَ رَسُولِكَ ، ثُمَّ ابْعَثْ فِي آثَارِنَا ، فَإِنِّي أَعْلَمُ بِقَوْمِي . فَأَذِنَ لَهُمْ وَأَكْرَمَهُمْ وَحَمَلَهُمْ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَمِّرْ عَلَيْنَا رَجُلًا مِنَّا ، فَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ ، لِمَا رَأَى مِنْ حِرْصِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ ، وَقَدْ كَانَ عَلِمَ سُوَرًا مِنَ الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ فَقَالَ كِنَانَةُ بْنُ عَبْدِ يَالِيلَ : أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِثَقِيفٍ ، فَاكْتُمُوهُمُ الْقَضِيَّةَ وَخَوِّفُوهُمْ بِالْحَرْبِ وَالْفَنَاءِ وَأَخْبِرُوهُمْ أَنَّ مُحَمَّدًا سَأَلَنَا أُمُورًا أَبَيْنَاهَا عَلَيْهِ ، وَسَأَلَنَا أَنْ نَهْدِمَ اللَّاتَ ، وَنُبْطِلَ أَمْوَالَنَا فِي الرِّبَا ، وَنُحَرِّمَ الْخَمْرَ وَالزِّنَا . فَخَرَجَتْ ثَقِيفٌ حِينَ دَنَا الْوَفْدُ مِنْهُمْ يَتَلَقَّوْنَهُمْ ، فَلَمَّا رَأَوْهُمْ قَدْ سَارُوا الْعَنَقَ ، وَقَطَرُوا الْإِبِلَ ، وَتَغَشَّوْا ثِيَابَهُمْ كَهَيْئَةِ الْقَوْمِ قَدْ حَزِنُوا وَكَرَبُوا وَلَمْ يَرْجِعُوا بِخَيْرٍ ، فَلَمَّا رَأَتْ ثَقِيفٌ مَا فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : مَا جَاءَ وَفْدُكُمْ بِخَيْرٍ ، وَلَا رَجَعُوا بِهِ . فَدَخَلَ الْوَفْدُ فَعَمَدُوا إِلَى اللَّاتِ فَنَزَلُوا عِنْدَهَا ، وَاللَّاتُ بَيْتٌ كَانَ بَيْنَ ظَهْرَيِ الطَّائِفِ بِسِتْرٍ ، وَيُهْدَى لَهَا الْهَدْيُ ، ضَاهَوْا بِهِ بَيْتَ اللَّهِ ، وَكَانُوا يَعْبُدُونَهَا ، فَيَقُولُ نَاسٌ مِنْ ثَقِيفٍ حِينَ نَزَلَ الْوَفْدُ عَلَيْهَا كَأَنَّهُمْ لَا عَهْدَ لَهُمْ بِرُؤْيَتِهَا ، وَرَجَعَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ إِلَى أَهْلِهِ ، وَأَتَى كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ جَانِبَهُ مِنْ ثَقِيفٍ فَسَأَلُوهُ : مَاذَا جِئْتُمْ بِهِ ، وَمَا رَجَعْتُمْ بِهِ ؟ قَالُوا : أَتَيْنَا رَجُلًا غَلِيظًا يَأْخُذُ مِنْ أَمْرِهِ مَا شَاءَ ، قَدْ ظَهَرَ بِالسَّيْفِ وَأَدَاخَ الْعَرَبَ ، وَأَدَانَ لَهُ النَّاسَ ، فَعَرَضَ عَلَيْنَا أُمُورًا شِدَادًا : هَدْمَ اللَّاتِ ، وَتَرْكَ الْأَمْوَالِ فِي الرِّبَاتِ إِلَّا رُءُوسَ أَمْوَالِنَا ، وَتَحْرِيمَ الْخَمْرِ . قَالَتْ ثَقِيفٌ : فَوَاللَّهِ لَا نَقْبَلُ هَذَا أَبَدًا فَقَالَ الْوَفْدُ : فَأَصْلِحُوا السِّلَاحَ ، وَتَيَسَّرُوا لِلْقِتَالِ ، وَرُمُّوا حِصْنَكُمْ . فَمَكَثَ بِذَلِكَ ثَقِيفٌ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً يُرِيدُونَ - زَعَمُوا - الْقِتَالَ ، ثُمَّ أُلْقِيَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبُ ، فَقَالُوا : وَاللَّهِ مَا لَنَا طَاقَةٌ بِهِ ، أَدَاخَ الْعَرَبَ كُلَّهَا ، فَارْجِعُوا إِلَيْهِ وَأَعْطُوهُ مَا سَأَلَ وَصَالِحُوهُ عَلَيْهِ ، فَلَمَّا رَأَى الْوَفْدُ أَنَّهُمْ قَدْ رُعِبُوا وَخَافُوا وَاخْتَارُوا الْأَمْنَ عَلَى الْخَوْفِ وَالْحَرْبِ قَالَ الْوَفْدُ : فَإِنَّا قَدْ قَاضَيْنَاهُ ، وَأَعْطَانَا مَا أَحْبَبْنَا وَشَرَطَ لَنَا مَا أَرَدْنَا ، وَوَجَدْنَاهُ أَتْقَى النَّاسِ وَأَوْفَاهُمْ ، وَأَرْحَمَهُمْ وَأَصْدَقَهُمْ ، وَقَدْ بُورِكَ لَنَا وَلَكُمْ فِي مَسِيرِنَا إِلَيْهِ ، وَفِيمَا قَاضَيْنَاهُ عَلَيْهِ ، فَانْهُوا الْقَضِيَّةَ وَاقْبَلُوا عَاقِبَةَ اللَّهِ قَالَتْ ثَقِيفٌ : فَلِمَ كَتَمْتُمُونَا هَذَا الْحَدِيثَ وَغَمَّمْتُمُونَا بِهِ أَشَدَّ الْغَمِّ ؟ قَالُوا : أَرَدْنَا أَنْ يَنْزِعَ اللَّهُ مِنْ قُلُوبِكُمْ نَخْوَةَ الشَّيْطَانِ . فَأَسْلَمُوا مَكَانَهُمْ وَاسْتَسْلَمُوا وَمَكَثُوا أَيَّامًا ، ثُمَّ قَدِمَتْ عَلَيْهِمْ رُسُلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَمِيرُهُمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ ، وَفِيهِمُ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَمَدُوا إِلَى اللَّاتِ فَهَدَمُوهَا ، وَقَدِ اسْتَكَفَّتْ ثَقِيفٌ الرِّجَالُ مِنْهُمْ وَالنِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ حَتَّى خَرَجَ الْعَوَاتِقُ مِنَ الْحِجَالِ ، لَا تَرَى عَامَّةُ ثَقِيفٍ أَنَّهَا مَهْدُومَةٌ ، وَيَظُنُّونَ أَنَّهَا مُمْتَنِعَةٌ ، فَقَامَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَخَذَ الْكَرْزَنَ وَقَالَ : لَأُضْحِكَنَّكُمْ مِنْ ثَقِيفٍ ، فَضَرَبَ بِالْكَرْزَنِ ثُمَّ سَقَطَ يَرْتَكِضُ ، فَارْتَجَّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بِصَيْحَةٍ وَاحِدَةٍ قَالُوا : أَبْعَدَ اللَّهُ الْمُغِيرَةَ ، قَدْ قَتَلَتْهُ الرَّبَّةُ ، حِينَ رَأَوْهُ سَاقِطًا ، وَقَالُوا : مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فَلْيَتَقَرَّبْ وَلْيَجْتَهِدْ عَلَى هَدْمِهَا ، فَوَاللَّهِ لَا يُسْتَطَاعُ أَبَدًا ، فَوَثَبَ الْمُغِيرَةُ فَقَالَ : قَبَّحَكُمُ اللَّهُ يَا مَعْشَرَ ثَقِيفٍ ، إِنَّمَا هِيَ لَكَاعٌ حِجَارَةٌ وَمَدَرٌ ، اقْبَلُوا عَافِيَةَ اللَّهِ وَاعَبْدُوهُ ، ثُمَّ ضَرَبَ الْبَابَ فَكَسَرَهُ ثُمَّ عَلَا عَلَى سُورِهَا وَعَلَا الرِّجَالُ مَعَهُ ، فَمَا زَالُوا يَهْدِمُونَهَا حَجَرًا حَجَرًا حَتَّى سَوَّوْهَا بِالْأَرْضِ ، وَجَعَلَ صَاحِبُ الْمَفَاتِيحِ يَقُولُ : لَيَغْضَبَنَّ الْأَسَاسُ وَلَيُخْسَفَنَّ بِهِمْ ، فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ الْمُغِيرَةُ قَالَ : يَا خَالِدُ ، دَعْنِي أَحْفِرُ أَسَاسَهَا ، فَحَفَرُوهُ حَتَّى أَخْرَجُوا تُرَابَهَا ، وَانْتَزَعُوا حُلِيَّهَا ، وَأَخَذُوا ثِيَابَهَا ، فَبُهِتَتْ ثَقِيفٌ ، وَقَالَتْ عَجُوزٌ مِنْهُمْ : أَسْلَمَهَا الرَّضَّاعُ ، وَتَرَكُوا الْمِصَاعَ . وَأَقْبَلَ الْوَفْدُ حَتَّى دَخَلُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِحُلِيِّهَا وَكِسْوَتِهَا ، وَقَسَمَهَا مِنْ يَوْمِهِ ، وَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِ وَإِعْزَازِ دِينِهِ ، فَهَذَا حَدِيثُ ثَقِيفٍ
حَدَّثَنَا الْحِزَامِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عُرْوَةَ ، أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ يُخْبِرُهُ أَنَّ وَفْدَ ثَقِيفٍ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ وَحُنَيْنٍ ، وَانْصِرَافِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ ، فَقَاضَوْهُ عَلَى الْقَضِيَّةِ الَّذِي ذَكَرْتُ لَكَ ، وَبَايَعُوهُ ، وَهُوَ الْكِتَابُ الَّذِي عِنْدَهُمْ الَّذِي بَايَعُوهُ عَلَيْهِ
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ : حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ هِشَامٍ الثَّقَفِيِّ قَالَ : أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَازِبٍ ، أَنَّهُ كَانَ فِي كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِثَقِيفٍ حِينَ أَسْلَمُوا أَنَّهُمْ حَيٌّ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَكُونُونَ مَعَهُمْ حَيْثُ شَاءُوا وَحَيْثُ أَحَبُّوا قَالَ : فَجَعَلُوا دَعْوَتُهُمْ مَعَ قُرَيْشٍ وَقَالُوا : وَلَدَتْنَا قُرَيْشٌ وَوَلَدْنَاهُمْ
حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الثَّقَفِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْلَى ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ عَمِّهِ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ قَالَ : اسْتَعْمَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَنَا أَصْغَرُ السِّتَّةِ الْوَفْدِ الَّذِينَ قَدِمُوا عَلَيْهِ مِنْ ثَقِيفٍ ؛ لِأَنِّي كُنْتُ قَرَأْتُ السُّورَةَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ الْقُرْآنَ يَتَفَلَّتُ مِنِّي ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِي وَقَالَ : يَا شَيْطَانُ اخْرُجْ مِنْ صَدْرِ عُثْمَانَ قَالَ : فَمَا نَسِيتُ بَعْدُ شَيْئًا أُرِيدُ حِفْظَهُ
حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ : أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْلَى ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ عَمِّهِ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ ، عَنْ أَبِيهِ أَوْسٍ قَالَ : كُنْتُ فِي الْوَفْدِ حِينَ قَدِمَتْ ثَقِيفٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَأَنْزَلَهُمْ فِي قُبَّةٍ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ : وَكَانَ يَأْتِينَا إِذَا صَلَّى الْعِشَاءَ فَيَقُومُ قَائِمًا يَتَحَدَّثُ ، فَأَكْثَرُ ذَاكَ تَشَكِّيهِ قُرَيْشًا فَقَالَ : كُنَّا الْعَشْرَ الَّتِي كُنَّا بِمَكَّةَ فَكُنَّا مَقْهُورِينَ مَظْلُومِينَ ، فَلَمَّا خَرَجْنَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ كَانَتِ الْحَرْبُ سِجَالًا ، عَلَيْنَا وَلَنَا . قَالَ : فَاحْتَبَسَ عَنَّا لَيْلَةً ، فَقُلْنَا : مَا حَبَسَكَ ؟ فَقَالَ : إِنَّهُ طَرَأَ عَلَيَّ حِزْبٌ مِنَ الْقُرْآنِ ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَخْرُجَ حَتَّى أَقْضِيَهُ
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَقِيلٍ قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْلَى ، يُحَدِّثُ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَوْسِ بْنِ حُذَيْفَةَ ، عَنْ جَدِّهِ أَوْسِ بْنِ حُذَيْفَةَ قَالَ : قَدِمْنَا فِي وَفْدِ ثَقِيفٍ فَأَنْزَلَهُمْ فِي قُبَّتِهِ بَيْنَ مُصَلَّاهُ وَمَسْكَنِ أَهْلِهِ ، فَكَانَ يَمُرُّ بِهِمْ إِذَا صَلَّى الْعِشَاءَ يُحَدِّثُهُمْ ، وَكَانَ أَكْثَرَ مَا يُحَدِّثُنَا تَشَكِّيهِ قُرَيْشًا وَمَا صَنَعُوا بِهِ بِمَكَّةَ فَيَقُولُ : وَكُنَّا بِمَكَّةَ مُسْتَضْعَفِينَ مُسْتَذَلِّينَ ، فَلَمَّا خَرَجْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ انْتَصَفْنَا مِنَ الْقَوْمِ ، فَكَانَتْ سِجَالًا الْحَرْبُ ، عَلَيْنَا وَلَنَا ، فَمَكَثَ عَنَّا لَيْلَةً فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَبْطَأْتَ عَنَّا الْمُكْثَ اللَّيْلَةَ فَقَالَ : إِنَّهُ طَرَأَ عَلَيَّ حِزْبٌ مِنَ الْقُرْآنِ اللَّيْلَةَ ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ لَا أَخْرُجَ حَتَّى أَقْضِيَهُ ، فَلَمَّا قَضَيْتُهُ خَرَجْتُ إِلَيْكُمْ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ بُكْرَةً سَأَلْنَا أَصْحَابَهُ : كَيْفَ تُحَزِّبُونَ الْقُرْآنَ ؟ فَقَالُوا : نُحَزِّبُهُ سَبْعَةَ أَحْزَابٍ : ثَلَاثَ سُوَرٍ ، وَخَمْسَ سُوَرٍ ، وَسَبْعَ سُوَرٍ ، وَتِسْعِ سُوَرٍ ، وَإِحْدَى عَشْرَةَ سُورَةً ، وَثَلَاثَ عَشْرَةَ سُورَةً ، وِتْرًا وِتْرًا . وَحِزْبُ الْمُفَصَّلِ أَوَّلُهُ قَافٌ
حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : لَمَّا خَرَجَ وَفْدُ ثَقِيفٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَزَلَ الْأَحْلَافُ عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ، وَأَنْزَلَ الْمَالِكِينَ ، وَفِيهِمْ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ ، فِي قُبَّةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ قَالَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ : فَكَانَ يَأْتِينَا إِذَا انْصَرَفَ مِنَ الْعِشَاءِ فَيَقُومُ عَلَى بَابِ قُبَّتِنَا فَيُحَدِّثُنَا ، فَمِنَّا النَّائِمُ وَمِنَّا الْمُسْتَيْقِظُ نَحْوَ حَدِيثِ عُبَيْدِ بْنِ عَقِيلٍ
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ : حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ : لَمَّا وَفَدَتْ بَنُو مَالِكٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ضَرَبَ عَلَيْهَا قُبَّةً وَأَنْزَلَهُمْ فِيهَا ، فَكَانَ يَأْتِينَا بَعْدَ الْعِشَاءِ فَيُحَدِّثُنَا وَإِنَّهُ لَقَائِمٌ يُرَاوِحُ بَيْنَ قَدَمَيْهِ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ نَحْوَ حَدِيثِ أَبِي عَاصِمٍ
حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ الدَّوْرَقِيُّ ، عَنِ الْحَسَنِ ، أَنَّ وَفْدَ ثَقِيفٍ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَضَرَبَ لَهُمْ قُبَّةً فِي الْمَسْجِدِ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَوْمٌ مُشْرِكُونَ ؟ فَقَالَ : إِنَّ الْأَرْضَ لَيْسَ عَلَيْهَا مِنْ أَنْجَاسِ النَّاسِ شَيْءٌ ، إِنَّمَا أَنْجَاسُهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ
حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ حُمَيْدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ ، أَنَّ وَفْدَ ثَقِيفٍ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَأَنْزَلَهُمُ الْمَسْجِدَ لِيَكُونَ أَرَقَّ لِقُلُوبِهِمْ ، فَاشْتَرَطُوا عَلَيْهِ أَنْ لَا يُحْشَرُوا وَلَا يُعْشَرُوا وَلَا يُجَبُّوا وَلَا يَسْتَعْمِلَ عَلَيْهِمْ غَيْرَهُمْ فَقَالَ : لَكُمْ أَنْ لَا تُعْشَرُوا ، وَأَنْ لَا تُحْشَرُوا ، وَلَا يُسْتَعْمَلَ عَلَيْكُمْ غَيْرُكُمْ ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا خَيْرَ فِي دِينٍ لَا رُكُوعَ فِيهِ . قَالَ عُثْمَانُ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، عَلِّمْنِي الْقُرْآنَ ، وَاجْعَلْنِي إِمَامَ قَوْمِي
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادٌ ، عَنِ الْكَلْبِيِّ ، أَنَّ وَفْدَ ثَقِيفٍ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالُوا : يَا مُحَمَّدُ إِنَّا أَخْوَالُكَ وَأَصْهَارُكَ وَجِيرَانُكَ ، وَإِنَّا أَشَدُّ أَهْلِ نَجْدٍ عَلَيْكَ حَرْبًا ، وَخَيْرُهُمْ لَكَ سِلْمًا ، إِنْ حَارَبْنَاكَ حَارَبَكَ مَنْ بَعْدَنَا ، وَإِنْ سَالَمْنَاكَ سَالَمَكَ مَنْ بَعْدَنَا ، فَاجْعَلْ لَنَا أَنْ لَا نُعْشَرَ ، وَلَا نُحْشَرَ ، وَلَا نُجَبَّى ، وَلَا تُكْسَرَ أَصْنَامُنَا بِأَيْدِينَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَكُمْ أَلَا تُعْشَرُوا ، وَلَا تُحْشَرُوا ، وَلَا تُكَسِّرُوا أَصْنَامَكُمْ بِأَيْدِيكُمْ ، وَلَا خَيْرَ فِي دِينٍ لَيْسَ فِيهِ رُكُوعٌ ، قَالُوا : تُمَتِّعْنَا بِاللَّاتِ سَنَةً ، فَإِنْ خَشِيتَ لَائِمَةَ الْعَرَبِ فَقُلِ : اللَّهُ رَبِّي أَمَرَنِي بِذَلِكَ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : لَا وَاللَّهِ ، وَلَا نِعْمَةَ عَيْنٍ ، أَحْرَقْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، أَحْرَقَ اللَّهُ أَكْبَادَكُمْ ، لَا وَاللَّهِ حَتَّى تَدْخُلُوا فِيمَا دَخَلَتْ فِيهِ الْعَرَبُ ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ : {{ وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ }}
حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ ثَقِيفٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَخَّرَ صَلَاةَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ ، حَتَّى مَضَى سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ ، فَجَاءَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، نَامَ الْوِلْدَانُ ، وَتَعَشَّى النِّسْوَانُ ، وَذَهَبَ اللَّيْلُ فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، احْمَدُوا اللَّهَ ، فَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا يَنْتَظِرُ هَذِهِ الصَّلَاةَ غَيْرَكُمْ ، وَلَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَخَّرْتُ هَذِهِ الصَّلَاةَ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ
حَدَّثَنَا أَبُو مُطَرِّفِ بْنُ أَبِي الْوَزِيرِ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ هَانِئٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو عَلْقَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْبَشِيرِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلْقَمَةَ الثَّقَفِيِّ ، أَنَّ وَفْدَ ثَقِيفٍ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَأَتَوْهُ بِهَدِيَّةٍ فَقَالَ : صَدَقَةٌ أَمْ هَدِيَّةٌ ؟ إِنَّ الْهَدِيَّةَ يُبْتَغَى بِهَا وَجْهُ الرَّسُولِ وَقَضَاءُ الْحَاجَةِ ، وَإِنَّ الصَّدَقَةَ يُبْتَغَى بِهَا مَا عِنْدَ اللَّهِ ، قَالُوا : بَلْ هَدِيَّةٌ ، فَقَبِلَهَا ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ فِي مَقْعَدِهِ ذَلِكَ يُحَدِّثُونَهُ حَتَّى صَلَّى الظُّهْرَ مَعَ الْعَصْرِ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَاصِمٍ الْوَاسِطِيُّ ابْنُ أَخِي عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ هَانِئٍ ، وَعُرْوَةَ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو حُذَيْفَةَ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلْقَمَةَ ، بِمِثْلِهِ ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : ثُمَّ شَغَلُوهُ ، يَسْأَلُهُمْ وَيَسْأَلُونَهُ حَتَّى لَمْ يُصَلِّ الظُّهْرَ إِلَّا مَعَ الْعَصْرِ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ قَالَ : حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ : أَنْبَأَنَا أَبُو خَالِدٍ ، يَزِيدُ الْأَسَدِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ السُّوَائِيُّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلْقَمَةَ الثَّقَفِيِّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَقِيلٍ قَالَ : انْطَلَقْتُ فِي وَفْدٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَأَتَيْنَاهُ فَأَنَخْنَا بِالْبَابِ ، وَمَا فِي النَّاسِ أَبْغَضُ إِلَيْنَا مِنْ رَجُلٍ نَلِجُ عَلَيْهِ ، فَمَا خَرَجْنَا حَتَّى مَا فِي النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ رَجُلٍ دَخَلْنَا عَلَيْهِ فَقَالَ قَائِلٌ مِنَّا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلَا سَأَلْتَ اللَّهَ مُلْكًا كَمُلْكِ سُلَيْمَانَ ؟ فَضَحِكَ ثُمَّ قَالَ : فَلَعَلَّ لِصَاحِبِكَ أَفْضَلَ مِنْ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ، إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْ نَبِيًّا إِلَّا أَعْطَاهُ دَعْوَةً ، فَمِنْهُمْ مَنِ اتَّخَذَ بِهَا دُنْيَا فَأُعْطِيهَا ، وَمِنْهُمْ مَنْ دَعَا بِهَا عَلَى قَوْمِهِ إِذْ عَصَوْهُ فَهَلَكُوا بِهَا ، وَإِنَّ اللَّهَ أَعْطَانِي دَعْوَةً فَاخْتَبَأْتُهَا عِنْدِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي عَاصِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ تَمِيمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، أَنَّهُ قَدِمَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي وَفْدِ بَنِي قَوْمِهِ ثَقِيفٍ ، فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ كَانَ فِيمَا ذَكَرُوا أَنَّهُمْ سَأَلُوهُ ، فَقَضَى حَوَائِجَهُمْ وَقَالَ لَهُمْ : هَلْ قَدِمَ مَعَكُمْ أَحَدٌ غَيْرُكُمْ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، مَعَنَا فَتًى مِنَّا خَلَّفْنَاهُ فِي رِحَالِنَا قَالَ : فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ ، وَقَالَ : فَلَمَّا دَخَلْتُ عَلَيْهِ ، وَهُمْ عِنْدَهُ ، اسْتَقْبَلَنِي فَقَالَ : إِنَّ الْيَدَ الْمُنْطِيَةَ هِيَ الْعُلْيَا ، وَإِنَّ السَّائِلَةَ هِيَ السُّفْلَى ، فَمَا اسْتَغْنَيْتَ فَلَا تَسْأَلْ ، وَإِنَّ مَالَ اللَّهِ مَسْئُولٌ وَمُنْطَى
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ قُسْطٍ قَالَ : حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ قَالَ : حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ عَطِيَّةَ السَّعْدِيِّ قَالَ : وَفَدْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي نَفَرٍ مِنْ بَنِي سَعْدٍ ، وَكُنْتُ أَصْغَرَهُمْ ، فَخَلَّفُونِي فِي رِحَالِهِمْ ، وَأَتَوَا النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَضَوْا حَوَائِجَهُمْ فَقَالَ : هَلْ بَقِيَ مِنْ أَحَدٍ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، غُلَامٌ خَلَّفْنَاهُ فِي رِحَالِنَا ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَدْعُونِي ، فَقَالُوا : أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَأَتَيْتُهُ فَقَالَ : مَا أَنْطَاكَ اللَّهُ ، فَلَا تَسْأَلِ النَّاسَ شَيْئًا ؛ فَإِنَّ الْيَدَ الْعُلْيَا هِيَ الْيَدُ الْمُنْطِيَةُ ، وَإِنَّ الْيَدَ السُّفْلَى الْمُنْطَاةُ ، وَإِنَّ مَالَ اللَّهِ لَمَسْئُولٌ وَمُنْطَى قَالَ : فَكَلَّمَنِي بِلُغَتِنَا
حَدَّثَنَا ضِرَارُ بْنُ صُرَدَ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الزُّبَيْرِيُّ ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ رَجَاءٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَطِيَّةَ بْنِ عُرْوَةَ السَّعْدِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا تَسْأَلِ النَّاسَ شَيْئًا ، وَمَالُ اللَّهِ مَسْئُولٌ وَمُنْطَى قَالَ : فَكَلَّمَنِي بِلُغَةِ قَوْمِي ، وَهُمْ بَنُو سَعْدٍ
حُدِّثْنَا عَنِ أَبِي مُصْعَبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ حَبِيبٍ ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ ، أَنَّ وَفْدَ ثَقِيفٍ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَقَدْ وَفَّرُوا أَشْعَارَهُمْ وَشَوَارِبَهُمْ وَأَظْفَارَهُمْ ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُقِيمُوا وَأَنْ يَتَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ ، فَأَقَامُوا قَرِيبًا مِنْ سَنَةٍ ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ اسْتَعْرَضَهُمْ ، فَفَضَلَهُمْ أَحَدُهُمْ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ وَسُورَةٍ مَعَهَا ، فَأَمَّرَهُ عَلَيْهِمْ وَقَالَ : إِنَّكَ لَأَحْدَثُهُمْ ، وَلَكِنِّي أَمَّرْتُكَ عَلَيْهِمْ لِمَا فَضَلْتَهُمْ مِنَ الْقُرْآنِ ، فَإِذَا صَلَّيْتَ فَصَلِّ بِصَلَاةِ أَصْغَرِهِمْ ، فَإِنَّ فِيهِمُ الضَّعِيفَ وَالْمَمْلُوكَ وَذَا الْحَاجَةِ ، وَإِذَا خَرَجْتَ سَاعِيًا فَلَا تَأْخُذَنَّ مِنَ الْغَنَمِ الشَّافِعَ ، وَلَا الرُّبَّى ، وَلَا حَرَزَةَ الرَّجُلِ ؛ فَإِنَّهُ أَحَقُّ بِهَا ، وَخَيْرٌ مِنْهُمُ الْجَزَعَةُ وَالثَّنِيَّةُ ، فَإِنَّهَا وَسَطٌ مِنَ الْغَنَمِ
حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ : أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ كَثِيرٍ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ ، يُخْبِرُ عَاصِمٌ ، عَنْ أبيه ، وَافِدِ بَنِي الْمُنْتَفِقِ قَالَ : أَتَيْتُ نَبِيَّ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي ، فَلَمْ نَجِدْهُ ، فَأَتَتْنَا عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِعَصِيدَةٍ فَأَكَلْنَا ، فَبَيْنَا ذَاكَ إِذْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَتَكَفَّى فَقَالَ : هَلْ طَعِمْتُمْ شَيْئًا ؟ فَقُلْنَا : نَعَمْ ، أَتَتْنَا عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِعَصِيدَةٍ قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، الصَّلَاةُ ؟ فَقَالَ : إِذَا تَوَضَّأْتَ فَأَسْبِغْ وُضُوءَ الْأَصَابِعِ ، فَإِذَا اسْتَنْشَقْتَ فَأَبْلِغْ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا فَقَالَ صَاحِبِي : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ لِيَ امْرَأَةً ، فَذَكَرَ مِنْ بَذَائِهَا وَطُولِ لِسَانِهَا فَقَالَ : طَلِّقْهَا فَقَالَ : إِنَّهَا ذَاتُ صُحْبَةٍ وَوَلَدٍ قَالَ : مُرْهَا ، أَوْ قُلْ لَهَا ، فَإِنْ يَكُ فِيهَا خَيْرٌ فَسَتَقْبَلُ ، وَلَا تَضْرِبَنَّ ظَعِينَتَكَ ضَرْبَكَ أَمَتَكَ قَالَ : فَبَيْنَا ذَاكَ إِذْ دَفَعَ الرَّاعِي الْغَنَمَ فِي الْمُرَاحِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : هَلْ وَلَدَتْ شَيْئًا ؟ قَالَ : نَعَمْ قَالَ : مَاذَا ؟ قَالَ : سَخْلَةً قَالَ : فَاذْبَحْ لَنَا شَاةً ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ : لَا تَحْسَبَنَّ ، وَلَمْ يَقُلْ لَا تَحْسَبُنَّ ، أَنَّا إِنَّمَا ذَبَحْنَاهَا مِنْ أَجَلِكَ ، لَنَا غَنَمٌ مِائَةٌ لَا نُرِيدُ أَنْ تَزِيدَ ، فَإِذَا وُلِدَ لِلرَّاعِي سَخْلَةٌ أَمَرْنَاهُ أَنْ يَذْبَحَ شَاةً حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، بِنَحْوِهِ ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : أَتَتْنَا عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِعَصِيدَةٍ وَتَمْرٍ
حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّقِّيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ الْأَشْدَقِ بْنِ جَرَادِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ فَرَجِ بْنِ خَفَاجَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَقِيلٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَرَادِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي الْفَرَجِ بْنِ خَفَاجَةَ الْوَافِدُ الْمَيْمُونُ الَّذِي دَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، هُوَ عَامِرٌ ، وَعَمَّا فَعَلَ إِلَيْهِ الرَّسُولُ ، دَعَاهُ الرَّسُولُ لِيُسْلِمَ فَغَلَبَهُ ، فَلَمَّا غَلَبَهُ قَالَ : فَأَنَا أُعْطِيكَ وَادِيَ الْقُرَى خَرَاجَهُ ، فَأَبَى قَالَ : مَا نُعْطِيكَ إِلَّا الْأَعِنَّةَ فَتَكُونُ بِيَدِكَ قَالَ : لَا قَالَ : فَمَا تُرِيدُ ؟ قَالَ : أَرُونِي إِسْلَامَكُمْ حَتَّى أَنْظُرَ مَا هُوَ ؟ فَقَامُوا فَصَلَّوْا فَقَالَ : هَذَا الَّذِي تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ؟ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى لَا نَظَرْتُ إِلَى عَامِرِيَّةٍ مُحَبَّبَةٍ أَبَدًا أَبَدًا ، وَرَكِبَ رَاحِلَتَهُ وَخَرَجَ وَقَالَ : وَاللَّهِ لَأَمْلَأَنَّهَا عَلَيْكَ خَيْلًا شُقْرًا ، وَرِجَالًا حُمُرًا فَقَالَ : كَذَبْتَ ، ثُمَّ قَالَ : تَطَهَّرُوا ، فَإِذَا دَعَوْتُ فَأَمِّنُوا ، فَزَعَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَرَادٍ أَنَّ الرَّسُولَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ : اللَّهُمَّ اشْغَلْ عَامِرَ بْنَ الطُّفَيْلِ وَأَرِيَنَّهُ الْحُتُوفَ ، فَأَمَّنَ الْقَوْمُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّهُ سَيَأْتِيكُمُ الرَّاكِبُ الْمَيْمُونُ الَّذِي تُحِبُّونَ ، وَأَشَارَ مِنْ قِبَلِ أَرْضِ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَبِرَةَ بْنِ أُنَيْسِ بْنِ لَقِيطِ بْنِ عَامِرِ بْنِ الْمُنْتَفِقِ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَقِيلٍ ، فَأَتَاهُ ، فَأَعْجَبَهُ وَقَالَ : مَا فَعَلَ قَوْمُكَ ؟ قَالَ : قَوْمِي عَلَى مَا يُحِبُّ رَسُولُ اللَّهِ ، وَقَدْ أَتَيْتُكَ بِطَوَاعِيَتِهِمْ إِيَّاكَ وَحِرْصِهِمْ عَلَيْكَ فَقَالَ : أَعْجَلُ قَوْمِكَ ، وَمَسَحَ نَاصِيَتَهُ وَصَافَحَهُ وَقَالَ : هَذَا الْوَافِدُ الْمَيْمُونُ ، فَلَمَّا جَاءُوهُ قَالَ : أَبَى اللَّهُ لِبَنِي عَامِرٍ إِلَّا خَيْرًا ، فَدَفَعَ يَزِيدُ بْنُ مَالِكِ بْنِ خَفَاجَةَ إِلَى الضَّحَّاكِ بْنِ سُفْيَانَ الْبَكْرِيِّ الَّذِي جَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَائِدًا عَلَى سُلَيْمٍ وَعَامِرٍ ، وَدَفَعَ إِلَيْهِ ذَاتَ الْأَذَنَةِ وَدِرْعَهُ وَحِصَانَهُ وَسَيْفَهُ ، وَهُوَ سَلَبُ حَارِثَةَ الْكِنْدِيِّ . وَقَالَ مُزَاحِمُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عِقَالٍ الْخُوَيْلِدِيُّ : أَحَارِثَةُ الْكِنْدِيُّ ذَا التَّاجُ إِنَّنَا مَتَى مَا نُوَاقِعُ حَارَّةَ الْقَوْمِ نَقْتُلِ وَنُنْعِمْ وَلَا يُنْعَمْ عَلَيْنَا وَإِنْ نَعِشْ بَدَأْنَا وَأَبَدًا مَنْ يُظَالِمُ يَفْصِلِ وَنَغْصِبْ وَلَا نُغْصَبْ وَتَأْسِرْ رِمَاحُنَا كِرَامَ الْأُسَارَى بَيْنَ نَعَمٍ وَمِحْوَلِ وَقَالَ حَارِثَةُ : يُرِيكَ شَرَاهَا يَا طُفَيْلُ بْنَ مَالِكٍ دِلَاصُ الْحَدِيدِ عَنْ أَشَمِّ طَوِيلِ وَهُمْ سَلَبُوا ذَاتَ الْأَذَنَةِ عَنْوَةً وَهُمْ تَرَكُوا بِالشِّعْبِ أَلْفَ قَتِيلِ
حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يُونُسُ ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ : جَاءَ عَامِرٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَسَأَلَهُ الْخِلَافَةَ مِنْ بَعْدِهِ ، وَسَأَلَهُ الْمِرْبَاعَ وَسَأَلَهُ أَشْيَاءَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : زَحْزِحْ قَدَمَيْكَ لَا تَنْزِعُكَ الرَّمَّاحُ نَزْعًا عَنِيفًا ، وَاللَّهِ لَوْ سَأَلْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سَبِيبَةً مِنْ سَبِيبَاتِ الْمَدِينَةِ مَا أَعْطَاكَ ، فَوَلَّى عَامِرٌ غَضْبَانَ وَقَالَ : لَأَمْلَأَنَّهَا عَلَيْكَ خَيْلًا وَرِجَالًا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : اللَّهُمَّ ، إِنَّ لَمْ تَهْدِ عَامِرًا فَاكْفِنِيهِ ، فَأَخَذَتْهُ غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبِكْرِ ، فَجَعَلَ يُنَادِي يَا آلَ عَامِرٍ : غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبِكْرِ حَتَّى قَتَلَتْ عَدُوَّ اللَّهِ
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ : سَمِعْتُ لَيْثَ بْنَ سَعْدٍ ، يُحَدِّثُ ، أَنَّ أَرْبَدَ بْنَ رَبِيعَةَ ، وَعَامِرَ بْنَ الطُّفَيْلِ ، أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ : أَنَا أَشْغَلُهُ بِالْكَلَامِ حَتَّى تَقْتُلَهُ ، فَوَقَفَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يُحَدِّثُهُ ، فَلَمَّا طَالَ عَلَيْهِ انْصَرَفَ قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ : لَقَدْ رَأَيْتُ عِنْدَهُ شَيْئًا ، إِنَّ رِجْلَيْهِ لَفِي الْأَرْضِ ، وَإِنَّ رَأْسَهُ لَفِي السَّمَاءِ ، لَوْ دَنَوْتُ مِنْهُ لَأَهْلَكَنِي . فَأَمَّا أَرْبَدُ فَأَصَابَتْهُ صَاعِقَةٌ ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ : {{ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ }} ، وَأَمَّا عَامِرٌ فَإِنَّهُ قَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِ ، فَأَخَذَتْهُ غُدَّةٌ فَقَتَلَتْهُ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ نَمِرٍ ، عَنِ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : اللَّهُمَّ اهْدِ بَنِي عَامِرٍ ، وَأَرِحِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : جَعَلَ عَامِرٌ يَقُولُ : غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبَعِيرِ فِي بَيْتِ سَلُولِيَّةٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي رَجُلٌ ، مِنْ بَنِي تَمِيمٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : لَقَدْ بَلَغَ عَامِرٌ مَا لَا يَضُرُّهُ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ آلِ عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ أَوْ زُرَارَةَ ، وَلَوْ عَلِمَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَيْتَيْنِ فِي الْعَرَبِ أَشْرَفَ مِنْهُمَا لَذَكَرَهُ
حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ : حَدَّثَنِي مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ ، عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي رَهْطٍ مِنْ بَنِي عَامِرٍ قَالَ : فَأَتَيْنَاهُ فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ ثُمَّ قُلْنَا : أَنْتَ وَلَدُنَا ، وَأَنْتَ سَيِّدُنَا ، وَأَنْتَ أَطْوَلُنَا طَوْلًا ، وَأَنْتَ الْجَفْنَةُ الْغَرَّاءُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، قُولُوا بِقَوْلِكُمْ ، وَلَا تَسْتَسْخِرْكُمُ الشَّيَاطِينُ قَالَ : وَرُبَّمَا قَالَ غَيْلَانُ : لَا تَسْتَهْزِئْكُمُ الشَّيَاطِينُ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ : حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ نُوَيْفِعٍ ، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : بَعَثَتْ بَنُو سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ ضِمَامَ بْنَ ثَعْلَبَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَأَنَاخَ بَعِيرَهُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ عَقَلَهُ ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ جَالِسٌ فِي أَصْحَابِهِ ، وَكَانَ ضِمَامٌ رَجُلًا جَلْدًا أَشْعَرَ ذَا غَدِيرَتَيْنِ ، حَتَّى وَقَفَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : أَيُّكُمُ ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ : مُحَمَّدٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ قَالَ : يَا ابْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، إِنِّي سَائِلُكَ وَمُغَلِّظٌ فِي الْمَسْأَلَةِ ؛ فَلَا تَجِدَنَّ فِي نَفْسِكَ قَالَ : لَا أَجِدُ فِي نَفْسِي ، فَسَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ قَالَ : فَإِنِّي أَنْشُدُكَ اللَّهَ إِلَهَكَ وَإِلَهَ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ وَإِلَهَ مَنْ هُوَ كَائِنٌ بَعْدَكَ : اللَّهُ بَعَثَكَ إِلَيْنَا رَسُولًا ؟ قَالَ : اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ : فَأَنْشُدُكَ اللَّهَ إِلَهَكَ وَإِلَهَ مَنْ قَبْلُ وَإِلَهَ مَنْ بَعْدِكَ : اللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ نَعْبُدَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ؟ وَأَنْ نَخْلَعَ هَذِهِ الْأَنْدَادَ الَّتِي كَانَتْ تَعْبُدُ آبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ ؟ قَالَ : اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ : فَأَنْشُدُكَ بِإِلَهِكَ وَإِلَهِ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ وَإِلَهِ مَنْ هُوَ كَائِنٌ بَعْدَكَ : اللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ نُصَلِّيَ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ ؟ قَالَ : اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ : ثُمَّ جَعَلَ يَذْكُرُ فَرَائِضَ الْإِسْلَامِ فَرِيضَةً فَرِيضَةً : الزَّكَاةَ وَالْحَجَّ وَالصِّيَامَ وَشَرَائِعَ الْإِسْلَامِ كُلَّهَا ، يُ نَاشِدُهُ عِنْدَ كُلِّ فَرِيضَةٍ كَمَا نَاشَدَهُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ قَالَ : فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَسَأُؤَدِّي هَذِهِ الْفَرَائِضَ ، وَأَجْتَنِبُ مَا نَهَيْتَنِي عَنْهُ ، ثُمَّ لَا أَزِيدُ وَلَا أَنْقُصُ ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى بَعِيرِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنْ يَصْدُقْ ذُو الْعَقِيصَتَيْنِ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ : فَأَتَى إِلَى بَعِيرِهِ فَأَطْلَقَ عِقَالَهُ حَتَّى قَدِمَ عَلَى قَوْمِهِ ، فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ ، فَكَانَ أَوَّلَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ : بِئْسَتِ اللَّاتُ وَالْعُزَّى ، قَالُوا : يَا ضِمَامُ ، اتَّقِ الْبَرَصَ وَالْجُنُونَ وَاتَّقِ الْجُذَامَ قَالَ : وَيْلَكُمْ ، إِنَّهُمَا وَاللَّهِ مَا يَضُرَّانِ وَلَا يَنْفَعَانِ ، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ رَسُولًا وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَابًا ، فَاسْتَنْقَذَكُمْ مِمَّا كُنْتُمْ فِيهِ ، وَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَقَدْ جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِهِ بِمَا أَمَرَكُمْ بِهِ وَنَهَاكُمْ عَنْهُ ، فَوَاللَّهِ مَا أَمْسَى مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَفِي حَاضِرِهِ رَجُلٌ وَلَا امْرَأَةٌ إِلَّا مُسْلِمًا . قَالَ : يَقُولُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ : فَمَا سَمِعْنَا بِوَافِدِ قَوْمٍ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ ضِمَامِ بْنِ ثَعْلَبَةَ
حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ : حَدَّثَنَا نَافِعٌ ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ : أَخْبَرَنِي ابْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ : قَدِمَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، اسْتَعْمِلْهُ عَلَى قَوْمِهِ ، وَقَالَ عُمَرُ : لَا تَسْتَعْمِلْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَتَكَلَّمَا حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : مَا أَرَدْتَ إِلَّا خِلَافِي ؟ قَالَ : مَا أَرَدْتُ خِلَافَكَ ، فَنَزَلَتْ {{ لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ }} الْآيَةَ قَالَ : فَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا كَلَّمَ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَلَّمَهُ فِي مَسْمَعِهِ حَتَّى يَسْتَفْهِمَهُ مِمَّا يَخْفِضُ صَوْتَهُ قَالَ : مَا ذُكِرَ حِينَهُ حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ ، أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي وَفْدٍ مِنْ بَنِي سَعْدٍ ، فَاسْتَمْلَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَأَعْطَاهُ يَوْمَئِذٍ أَشْيَاءَ ، فَلَمَّا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ قَالَ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ . قَالَ فَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِسِدْرٍ وَمَاءٍ فَاغْتَسَلَ . وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَفَرَّجَ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَامَ بَيْنَهُمَا ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قَالَ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ : فَلَمْ يَسْأَلْهُ أَحَدٌ عَنْهُنَّ وَلَمْ يُخْبِرْهُنَّ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبَّادٍ الْمُهَلَّبِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ : قَدِمَ عَمْرُو بْنُ الْأَهْتَمِ ، وَالزِّبْرِقَانُ بْنُ بَدْرٍ ، وَقَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَسَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ابْنَ الْأَهْتَمِ عَنِ الزِّبْرِقَانِ : كَيْفَ هُوَ فِيكُمْ ؟ وَلَمْ يَسْأَلْ عَنْهُ قَيْسًا لِشَيْءٍ قَدْ عَلِمَهُ بَيْنَهُمَا فَقَالَ لَهُ ابْنُ الْأَهْتَمِ : مُطَاعٌ فِي أُذُنَيْهِ ، شَدِيدُ الْعَارِضَةِ مَانِعٌ لِمَا وَرَاءَ ظَهْرِهِ . قَالَ الزِّبْرِقَانُ : وَاللَّهِ لَقَدْ قَالَ مَا قَالَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنِّي أَفْضَلُ مِمَّا قَالَ قَالَ عَمْرٌو : فَإِنَّكَ لَزَمِرُ الْمُرُوءَةِ ، ضَيِّقُ الْعَطَنِ ، أَحْمَقُ الْأَبِ ، لَئِيمُ الْخَالِ ، ثُمَّ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لَقَدْ صَدَقْتُ فِيهِمَا جَمِيعًا ، أَرْضَانِي فَقُلْتُ بِأَحْسَنَ مَا أَعْلَمُ فِيِهِ ، وَأَسْخَطَنِي فَقُلْتُ بِأَسْوَأِ مَا أَلَمَّ فِيهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْرًا ، وَكَانَ يُقَالُ لِلزِّبْرِقَانِ : قَمَرُ نَجْدٍ ؛ لِجَمَالِهِ ، وَكَانَ مِمَّنْ يَدْخُلُ مَكَّةَ مُتَعَمِّمًا لِحُسْنِهِ ، وَوَلَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ صَدَقَاتِ قَوْمِهِ بَنِي عَوْفٍ فَأَدَّاهَا فِي الرِّدَّةِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ ، فَأَقَرَّهُ أَبُو بَكْرٍ عَلَى الصَّدَقَةِ لِمَا رَأَى مِنْ ثَبَاتِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ ، وَحَمْلِهِ الصَّدَقَةَ إِلَيْهِ حِينَ ارْتَدَّ النَّاسُ ، وَكَذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ . قَالَ رَجُلٌ فِي الزِّبْرِقَانِ مِنَ النَّمِرِ بْنِ قَاسِطٍ يَمْدَحُهُ ، وَقِيلَ قَالَهَا الْحُطَيْئَةُ : تَقُولُ خَلِيلَتِي لَمَّا الْتَقَيْنَا سَتُدْرِكُنَا بَنُو الْقَوْمِ الْهِجَانِ سَيُدْرِكُنَا بَنُو الْقَمَرِ بْنِ بَدْرٍ سِرَاجُ اللَّيْلِ لِلشَّمْسِ الْحَصَانِ فَقُلْتُ ادْعِي وَأَدْعُو إِنَّ أَنْدَى لِصَوْتٍ أَنْ يُنَادِيَ دَاعِيَانِ فَمَنْ يَكُ سَائِلًا عَنِّي فَإِنِّي أَنَا النَّمِرِيُّ جَارُ الزِّبْرِقَانِ وَكَانَ الزِّبْرِقَانُ قَدْ سَارَ إِلَى عُمَرَ بِصَدَقَاتِ قَوْمِهِ ، فَلَقِيَهُ الْحُطَيْئَةُ وَمَعَهُ أَهْلُهُ وَأَوْلَادُهُ يُرِيدُ الْعِرَاقَ فِرَارًا مِنَ السَّنَةِ وَطَلَبًا لِلْعَيْشِ ، فَأَمَرَهُ الزِّبْرِقَانُ أَنْ يَقْصِدَ أَهْلَهُ وَأَعْطَاهُ إِمَارَةً يَكُونُ بِهَا ضَيْفًا لَهُ حَتَّى يَلْحَقَ بِهِ ، فَفَعَلَ الْحُطَيْئَةُ ، ثُمَّ هَجَاهُ الْحُطَيْئَةُ بِقَوْلِهِ : دَعِ الْمَكَارِمَ لَا تَرْحَلْ لِبُغْيَتِهَا وَاقْعُدْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الطَّاعِمُ الْكَاسِي فَشَكَاهُ الزِّبْرِقَانُ إِلَى عُمَرَ ، فَسَأَلَ عُمَرُ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ عَنْ قَوْلِهِ : إِنَّهُ هَجْوٌ ، فَحَكَمَ أَنَّهُ هَجْوٌ لَهُ وَضِعَةٌ ، فَحَبَسَهُ عُمَرُ فِي مَطْمُورَةٍ حَتَّى شَفَعَ فِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرُ ، فَأَطْلَقَهُ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ عَلَيْهِ الْعَهْدَ أَنْ لَا يَهْجُوَ أَحَدًا أَبَدًا ، وَتَهَدَّدَهُ إِنْ فَعَلَ . وَالْقَصَّةُ مَشْهُورَةٌ ، وَهِيَ أَطْوَلُ مِنْ هَذِهِ ، وَلِلزِّبْرِقَانِ شِعْرٌ ، فَمِنْهُ قَوْلُهُ : نَحْنُ الْمُلُوكُ فَلَا حَيٌّ يُقَارِبُنَا فِينَا الْعَلَاءُ وَفِينَا تُنْصَبُ الْبِيَعُ وَنَحْنُ نُطْعِمُهُمْ فِي الْقَحْطِ مَا أَكَلُوا مِنَ الْعَبِيطِ إِذَا لَمْ يُؤْنَسِ الْفَزَعُ وَنَنْحَرُ الْكُومَ عَبْطًا فِي أَرُومَتِنَا لِلنَّازِلِينَ إِذَا مَا أُنْزِلُوا شَبِعُوا تِلْكَ الْمَكَارِمُ حُزْنَاهَا مُقَارَعَةً إِذَا الْكِرَامُ عَلَى أَمْثَالِهَا اقْتَرَعُوا وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ : وَلَمَّا قَدِمَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وُفُودُ الْعَرَبِ قَدِمَ عَلَيْهِ عُطَارِدُ بْنُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ بْنِ عُدُسٍ التَّمِيمِيُّ فِي أَشْرَافِ بَنِي تَمِيمٍ ، مِنْهُمُ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ ، وَالزِّبْرِقَانُ بْنُ بَدْرٍ التَّمِيمِيُّ ، أَحَدُ بَنِي سَعْدٍ ، وَعَمْرُو بْنُ الْأَهْتَمِ ، وَالْحَتْحَاتُ بْنُ يَزِيدَ ، وَنُعَيْمُ بْنُ يَزِيدَ ، وَقَيْسُ بْنُ الْحَارِثِ ، وَقَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ أَخُو بَنِي سَعْدٍ ، فِي وَفْدٍ عَظِيمٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ . قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ : وَمَعَهُمْ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيُّ ، وَقَدْ كَانَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ وَعُيَيْنَةُ شَهِدَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَتْحَ مَكَّةَ وَحُنَيْنٍ وَالطَّائِفِ ، فَلَمَّا قَدِمَ وَفْدُ بَنِي تَمِيمٍ كَانَا مَعَهُمْ ، وَلَمَّا دَخَلُوا الْمَسْجِدَ نَادَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ وَرَاءِ حُجُرَاتِهِ : أَنِ اخْرُجْ إِلَيْنَا يَا مُحَمَّدُ ، فَآذَى ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ صِيَاحِهِمْ ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ ، فَقَالُوا : يَا مُحَمَّدُ ، جِئْنَاكَ نُفَاخِرُكَ ، فَأْذَنْ لِشَاعِرِنَا وَخَطِيبِنَا قَالَ : قَدْ أَذِنْتُ لِخَطِيبِكُمْ فَلْيَقُلْ ، فَقَامَ عُطَارِدُ بْنُ حَاجِبٍ فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ عَلَيْنَا الْفَضْلُ وَالْمَنُّ وَهُوَ أَهْلُهُ ، الَّذِي جَعَلَنَا مُلُوكًا ، وَوَهَبَ لَنَا أَمْوَالًا عِظَامًا نَفْعَلُ فِيهَا الْمَعْرُوفَ ، وَجَعَلَنَا أَعِزَّةَ أَهْلِ الْمَشْرِقِ وَأَكْثَرَهُ عَدَدًا وَأَيْسَرَهُ عُدَّةً ، فَمَنْ مِثْلُنَا فِي النَّاسِ ، أَلَسْنَا بِرُءُوسِ النَّاسِ وَأُولِي فَضْلِهِمْ ، فَمَنْ فَاخَرَنَا فَلْيَعْدُدْ مِثْلَ مَا عَدَدْنَا ، وَإِنَّا لَوْ نَشَاءُ لَأَكْثَرْنَا الْكَلَامَ وَلَكِنْ نَخْشَى مِنَ الْإِكْثَارِ فِيمَا أَعْطَانَا ، وَإِنَّا نُعْرَفُ بِذَلِكَ ، وَأَقُولُ هَذَا لِأَنْ تَأْتُوا بِمِثْلِ قَوْلِنَا ، وَأَمْرٍ أَفْضَلَ مِنْ أَمْرِنَا ، ثُمَّ جَلَسَ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ أَخِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ : قُمْ ؛ فَأَجِبِ الرَّجُلَ فِي خُطْبَتِهِ ، فَقَامَ ثَابِتٌ فَقَالَ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ . وَفِي رِوَايَةٍ فَقَالَ ثَابِتٌ : وَأَيْضًا وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ - وَأَشَارَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - لَتَسْمَعَنَّ أَنْتَ وَصَاحِبُكَ فِي هَذَا الْمَجْلِسِ مَا لَمْ يَنْفُذْ بِمَسَامِعِكُمَا مِثْلُهُ قَطُّ ، ثُمَّ تَكَلَّمَ ثَابِتٌ وَذَكَرَ مِنْ عَظَمَةِ اللَّهِ وَسُلْطَانِهِ وَقُدْرَتِهِ مَا اللَّهُ أَهْلُهُ ، ثُمَّ ذَكَّرَ بِهِ وَأَلْحَقَ ، فَسَاقَ الْأَمْرَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَبْعَثِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، ثُمَّ قَالَ : وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ ، لَئِنْ لَمْ تَدْخُلْ أَنْتَ وَصَاحِبُكَ وَقَوْمُكُمَا فِي دِينِ اللَّهِ الَّذِي أَكْرَمَ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ وَهَدَانَا لَهُ ؛ لَيَطَأَنَّ بِلَادَكُمْ بِالْخَيْلِ وَالرِّجَالِ نَصْرًا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِدِينِهِ ، ثُمَّ لَيُقْتَلَنَّ الرِّجَالُ وَلَيُسْبَيَنَّ النِّسَاءُ وَالذُّرِّيَّةُ ، وَلَيُؤْخَذَنَّ الْمَالُ حَتَّى يَكُونَ فَيْئًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ فَقَالَ الْأَقْرَعُ : أَنْتَ تَقُولُ ذَاكَ يَا ثَابِتُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ ، ثُمَّ سَكَتَ ، ثُمَّ قَالُوا : يَا مُحَمَّدُ ، ايْذَنْ لِشَاعِرِنَا ، فَأَذِنَ لَهُ ، فَقَامَ الزِّبْرِقَانُ بْنُ بَدْرٍ فَأَنْشَدَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِحَسَّانَ : أَنْشِدْهُمْ ، فَأَنْشَدَهُمْ حَسَّانُ ثُمَّ سَكَتَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِلْأَقْرَعِ وَعُيَيْنَةَ : قَدْ سَمِعْنَا مَا قُلْتُمَا ، وَسَمِعْتُمَا مَا قُلْنَا فَخَرَجَا ، فَلَمَّا خَلَوْا أَخَذَ أَحَدُهُمَا بِيَدِ صَاحِبِهِ قَالَ الْأَقْرَعُ لِعُيَيْنَةَ : أَسَمِعْتَ مَا سَمِعْتُ ، مَا سَكَتَ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ سَقْفَ الْبُيُوتِ سَوْفَ يَقَعُ عَلَيْنَا فَقَالَ عُيَيْنَةُ : أَوَجَدْتَ ذَلِكَ ؟ وَاللَّهِ لَقَدْ تَكَلَّمَ شَاعِرُهُمْ فَمَا سَكَتَ حَتَّى أَظْلَمَ عَلَيَّ الْبَيْتُ ، وَحِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَ النَّظَرِ إِلَيْكَ ، وَقَالَ الْأَقْرَعُ : إِنَّ لِهَذَا الرَّجُلِ لَشَأْنًا ، ثُمَّ دَخَلَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْإِسْلَامِ ، وَكَانَا مِنَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ . فَأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْأَقْرَعَ مِائَةَ نَاقَةٍ ، وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ مِائَةَ نَاقَةٍ فَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيمَا أَعْطَاهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : فَأَصْبَحَ نَهْبِي وَنَهْبُ الْعُبَيْدِ بَيْنَ عُيَيْنَةَ وَالْأَقْرَعِ وَقَدْ كُنْتُ فِي الْقَوْمِ ذَا تُدْرَأِ فَلَمْ أُعْطَ شَيْئًا وَلَمْ أُمْنَعِ وَمَا كَانَ بَدْرٌ وَلَا حَابِسٌ يَفُوقَانِ مِرْدَاسَ فِي الْمَجْمَعِ وَمَا كُنْتُ دُونَ امْرِئٍ مِنْهُمَا وَمَنْ تَضَعِ الْيَوْمَ لَا يُرْفَعِ قَالَ : الْعُبَيْدُ فَرَسُ عَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ ، عَنْ زِيَادٍ الْجَصَّاصِ ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ : حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ الْمِنْقَرِيُّ قَالَ : قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَلَمَّا رَآنِي سَمِعْتُهُ يَقُولُ : هَذَا سَيِّدُ أَهْلِ الْوَبَرِ قَالَ : فَلَمَّا نَزَلْتُ جَعَلْتُ أُحَدِّثُهُ قَالَ : قُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، الْمَالُ الَّذِي لَا يَكُونُ عَلَيَّ فِيهِ تَبِعَةٌ مِنْ ضَيْفٍ ضَافَنِي أَوْ عِيَالٍ إِنْ كَثُرُوا قَالَ : نِعْمَ الْمَالُ الْأَرْبَعُونَ ، وَإِنْ كَثُرَ فَسِتُّونَ ، وَيْلٌ لِأَصْحَابِ الْمِئِينَ ، إِلَّا مَنْ أَعْطَى فِي رِسْلِهَا وَنَجْدَتِهَا وَأَفْقَرَ ظَهْرَهَا وَنَحَرَ سَمِينَتَهَا ، فَأَطْعِمِ الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ قَالَ : قُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، مَا أَكْرَمَ هَذِهِ الْأَخْلَاقَ وَأَحْسَنَهَا ، يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، إِنَّهُ لَا يَحِلُّ الْوَادِي الَّذِي أَنَا بِهِ لِكَثْرَةِ إِبِلِي قَالَ : فَمَا تَصْنَعُ فِي الْمِنْحَةِ ؟ قَالَ : أَمْنَحُ كُلَّ سَنَةٍ مِائَةَ نَاقَةٍ قَالَ : فَمَا تَصْنَعُ فِي الْمَطْرُوقَةِ ؟ قَالَ : تَغْدُو الْإِبِلُ وَتَغْدُو النَّاسُ ، فَمَنْ شَاءَ أَخَذَ بِرَأْسِ بَعِيرٍ فَذَهَبَ بِهِ قَالَ : فَمَا تَصْنَعُ فِي إِفْقَارِ الظَّهْرِ ؟ قَالَ : إِنِّي لَا أُفْقِرُ الصَّدْعَ الصَّغِيرَ ، وَلَا النَّابَ الْمُدْبِرَةَ فَقَالَ : أَفَمَالُكَ أَحَبُّ أَمْ مَالُ مَوَالِيكَ ؟ قَالَ : قُلْتُ : بَلْ مَالِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مَالِ مَوَالِيَّ قَالَ : فَإِنَّ لَكَ مِنْ مَالِكَ مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ ، أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ ، أَوْ أَعْطَيْتَ فَأَمْضَيْتَ ، وَإِلَّا فَلِمَوَالِيكَ ، وَإِلَّا فَلِمَوَالِي اللَّهِ قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لَئِنْ بَقِيتُ لَأَدَعَنَّ عَدَدَهَا قَلِيلًا قَالَ الْحَسَنُ : فَفَعَلَ رَحِمَهُ اللَّهُ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا شَيْبَانُ ، عَنْ قَتَادَةَ ، أَنَّ قَيْسَ بْنَ عَاصِمٍ قَالَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، إِنِّي وَأَدْتُ ثَمَانِيَ بَنَاتٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَعْتِقْ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ رَقَبَةً قَالَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، إِنِّي ذُو إِبِلٍ قَالَ : فَأَهْدِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ إِنْ شِئْتَ هَدْيًا
حَدَّثَنَا حَكِيمُ بْنُ سَيْفٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ زِيَادٍ الْبَصْرِيِّ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ : أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَلَمَّا دَنَوْتُ سَمِعْتُهُ يَقُولُ : هَذَا سَيِّدُ أَهْلِ الْوَبَرِ ، فَلَمَّا سَلَّمْتُ وَجَلَسْتُ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، الْمَالُ الَّذِي لَا يَكُونُ عَلَيَّ فِيهِ تَبِعَةٌ مِنْ ضَيْفٍ ضَافَنِي أَوْ عِيَالٍ وَإِنْ كَثُرُوا قَالَ : الْمَالُ الْأَرْبَعُونَ ، وَالْكَثِيرُ سِتُّونَ ، وَوَيْلٌ لِأَصْحَابِ الْمِئِينَ - يَقُولُهَا ثَلَاثًا - إِلَّا مَنْ أَعْطَى فِي رِسْلِهَا وَنَجْدَتِهَا ، وَأَفْقَرَ ظَهْرَهَا ، وَأَطْرَقَ فَحْلَهَا ، وَمَنَعَ غَزِيرَتَهَا ، وَنَحَرَ سَمِينَتَهَا ، وَأَطْعَمَ الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ، قُلْتُ : مَا أَكْرَمَ هَذِهِ الْأَخْلَاقَ وَأَحْسَنَهَا ، وَمَا يَحِلُّ بِالْوَادِي الَّذِي أَنَا فِيهِ ؟ قَالَ : فَكَيْفَ تَصْنَعُ بِالْإِفْقَارِ ؟ فَقُلْتُ : إِنَّا لَا نُعِيرُ الْبَكْرَ الضَّرْعَ وَالنَّابَ الْمُدْبِرَةَ قَالَ : فَكَيْفَ تَصْنَعُ بِالْمَنِيحَةِ ؟ قَالَ : أُنْتِجُ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِائَةً قَالَ : فَكَيْفَ تَصْنَعُ فِي الطُّرُوقِ ؟ قَالَ : تَغْدُو الْإِبِلُ وَتَأْتِي النَّاسُ ، فَمَنْ شَاءَ أَخَذَ بِرَأْسِ بَعِيرٍ فَذَهَبَ بِهِ قَالَ : فَمَالُكَ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَوْ مَالُ مَوَالِيكَ ؟ قَالَ : قُلْتُ : بَلْ مَالِي قَالَ : إِنَّمَا لَكَ مِنْ مَالِكَ مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ ، أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ ، أَوْ أَعْطَيْتَ فَأَمْضَيْتَ ، وَمَا بَقِيَ فَلِمَوْلَاكَ ، قُلْتُ : أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ بَقِيتُ لَأَدَعَنَّهَا قَلِيلًا . قَالَ الْحَسَنُ : فَفَعَلَ وَاللَّهِ . فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ : يَا بَنِيَّ خُذُوا عَنِّي ، فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ أَنْصَحَ لَكُمْ مِنِّي ، إِذَا أَنَا مُتُّ فَسَوِّدُوا كِبَارَكُمْ ، لَا تُسَوِّدُوا صِغَارَكُمْ فَتَسْتَسْفِهُ النَّاسُ كِبَارَكُمْ وَتَهُونُوا عَلَيْهِمْ ، وَعَلَيْكُمْ بِإِصْلَاحِ الْمَالِ ؛ فَإِنَّهُ مَنْبَهَةُ الْكَرِيمِ ، وَيُسْتَغْنَى بِهِ عَنِ اللَّئِيمِ ، وَإِيَّاكُمْ وَالْمَسْأَلَةَ ؛ فَإِنَّهَا آخِرُ كَسْبِ الْمَرْءِ ، ادْفِنُونِي فِي ثِيَابِي الَّتِي كُنْتُ أُصَلِّي فِيهَا ، وَإِيَّاكُمْ وَالنِّيَاحَةَ ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَنْهَى عَنْهَا ، وَادْفِنُونِي فِي مَكَانٍ لَا يَعْلَمُ بِي أَحَدٌ ؛ فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ كَوْنٌ مِنِّي وَمِنْ هَذَا الْحَيِّ ابْنِ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ ، كَمَا نَشَأْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ ، وَأَحْمَدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَا : مُحَمَّدُ بْنُ هُشَيْمٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : دَخَلَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهُوَ يُقَبِّلُ الْحَسَنَ أَوِ الْحُسَيْنَ فَقَالَ : أَتُقَبِّلُهُ وَقَدْ وُلِدَ لِي عَشَرَةٌ مَا قَبَّلْتُ أَحَدًا مِنْهُمْ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّهُ لَا يُرْحَمُ مَنْ لَا يَرْحَمُ
حَدَّثَنَا سَلْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَرَشِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ الْحَرَشِيِّ ، عَنْ أَبِي كَبْشَةَ السَّلُولِيِّ ، أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى ابْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَقَالَ : مَا أَقْدَمَكَ ؟ أَرَدْتَ مَسْأَلَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ؟ فَقَالَ : أَنَا أَسْأَلُهُ شَيْئًا بَعْدَمَا حَدَّثَنِي سَهْلُ بْنُ الْحَنْظَلِيَّةِ الْأَنْصَارِيُّ : أَنَّ عُيَيْنَةَ بْنَ بَدْرٍ وَالْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ سَأَلَا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَأَمَرَ مُعَاوِيَةَ فَكَتَبَ لَهُمَا كِتَابًا فَرَمَى بِهِ إِلَيْهِمَا ، فَرَبَطَ عُيَيْنَةُ كِتَابَهُ فِي عِمَامَتِهِ ، وَكَانَ أَحْلَمَ الرَّجُلَيْنِ فَقَالَ الْأَقْرَعُ : مَا فِيهَا ؟ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : فِيهَا مَا أُمِرْتُ بِهِ فَقَالَ الْأَقْرَعُ : أَنَا أَحْمِلُ صَحِيفَةً لَا أَدْرِي مَا فِيهَا كَصَحِيفَةِ الْمُتَلَمِّسِ ، فَأَخْبَرَ مُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَغَضِبَ وَذَكَرَهُ ، وَقَالَ كَالْمُتَشَخِّطِ آنِفًا : إِنَّهُ مَنْ سَأَلَ وَعِنْدَهُ مَا يُغْنِيهِ فَإِنَّمَا يَسْتَكْثِرُ مِنْ جَمْرِ جَهَنَّمَ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا يُغْنِيهِ ؟ قَالَ : مَا يُغَدِّيهِ أَوْ يُعَشِّيهِ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عِقَالٍ الْحَرَّانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مِسْكِينُ بْنُ بُكَيْرٍ الْحَرَّانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُهَاجِرِ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ قَالَ : أَقْبَلَ أَبُو كَبْشَةَ السَّلُولِيُّ إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَهُوَ نَازِلٌ بِدَيْرِ مَرْوَانَ ، فَدَخَلَ إِلَيْهِ فَسَلَّمَ ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَإِذَا خَلْفَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ ، فَجَلَسَا فِيهِ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ : يَا أَبَا كَبْشَةَ ، هَلْ دَخَلْتَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ؟ قَالَ : نَعَمْ قَالَ : فَهَلْ سَأَلْتَهُ مِنْ حَاجَةٍ ؟ فَقَالَ : مَا كُنْتُ لِأَسْأَلَهُ بَعْدَ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ قَالَ : وَمَا حَدِيثُ سَهْلٍ ؟ قَالَ : حَدَّثَنَا سَهْلٌ ، أَنَّ عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنِ بْنِ بَدْرٍ وَالْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ دَخَلَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَسَأَلَاهُ ، فَأَمَرَ لَهُمَا بِمَا سَأَلَاهُ ، وَأَمَرَ مُعَاوِيَةَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمَا بِذَلِكَ ، فَكَتَبَ وَدَفَعَ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَحِيفَةً ، فَأَمَّا الْأَقْرَعُ فَكَانَ رَجُلًا رَحِيمًا فَأَخَذَ صَحِيفَتَهُ فَلَفَّهَا فِي عِمَامَتِهِ ، وَأَمَّا عُيَيْنَةُ فَإِنَّهُ أَرْسَلَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَتُرَانِي ذَاهِبٌ إِلَى قَوْمِي بِصَحِيفَةٍ كَصَحِيفَةِ الْمُتَلَمِّسِ لَا يَدْرِي مَا فِيهَا ؟ فَأَخَذَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ صَحِيفَتَهُ فَنَظَرَ فَقَالَ : قَدْ كَتَبْتُ إِلَيْكَ بِمَا أَمَرَ لَكَ فِيهَا - قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُهَاجِرِ : عَنْ يُونُسَ ، عَنْ مَيْسَرَةَ : فَيُرَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَتَبَ بَعْدَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ - ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَمَرَّ بِبَعِيرٍ قَدْ لَحِقَ ظَهْرُهُ بِبَطْنِهِ فَقَالَ : اتَّقُوا اللَّهَ فِي هَذِهِ الدَّوَابِّ الْعُجْمَةِ ، كُلُوهَا صَالِحَةً وَارْكَبُوهَا صَالِحَةً ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَنْ دَخَلَ مَنْزِلَهُ كَهَيْئَةِ الْمُتُشَخَّطِ : آنِفًا يَقُولُ : أَذْهَبُ إِلَى قَوْمِي بِصَحِيفَةٍ كَصَحِيفَةِ الْمُتَلَمِّسِ ، لَا يَدْرِي مَا فِيهَا ، أَلَا وَمَنْ سَأَلَ مَسْأَلَةً وَعِنْدَهُ مَا يُغْنِيهِ فَإِنَّهُ يَسْتَكْثِرُ مِنَ النَّارِ فَقَالَ قَائِلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا هَذَا الْغِنَى الَّذِي لَا تُبْتَغَى الْمَسْأَلَةُ مَعَهُ ؟ فَقَالَ : قُوتُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ قَالَ أَبُو زَيْدِ بْنُ شَبَّةَ : يُقَالُ إِنَّ عُيَيْنَةَ كَانَ أَهْوَجَ مَجْدُودًا ، وَإِنَّ عَامِرَ بْنَ الطُّفَيْلِ كَانَ عَاقِلًا مَحْدُودًا ، فَكَانَ يُقَالُ : رَأْيُ عَامِرٍ ، وَحَظُّ عُيَيْنَةَ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَنَابٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ قَيْسٍ ، عَنْ جَرِيرٍ ، أَنَّ عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ ، كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَرَجُلٌ آخَرُ ، وَعِنْدَهُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، فَأَتَى النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِشَرَابٍ فَسَقَى الرَّجُلَ فَسَبَرُوهُ فَقَالَ عُيَيْنَةُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا هَذَا ؟ قَالَ : هَذِهِ خَلَّةٌ أَتَاهَا اللَّهُ قَوْمًا وَمَنَعَكُمُوهَا ، هَذَا الْحَيَاءُ قَالَ : فَمَنْ هَذِهِ إِلَى جَنْبِكَ ؟ قَالَ : هَذِهِ عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ : أَفَلَا أَنْزِلُ لَكَ عَنْ خَيْرٍ مِنْهَا ؟ قَالَ : مَنْ ؟ قَالَ : حُمْرَةُ قَالَ : لَا ، قُمْ فَاخْرُجْ فَاسْتَأْذِنْ قَالَ : إِنَّ عَلَيَّ يَمِينًا أَنْ لَا أَسْتَأْذِنَ فِي بَيْتِ رَجُلٍ مِنْ مُضَرَ فَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : هَذَا أَحْمَقُ مُتَّبَعٌ
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الصَّبَّاحِ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : دَخَلَ عُيَيْنَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَمَعَهُ أُمُّ سَلَمَةَ فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ مَنْ هَذِهِ ؟ قَالَ : هَذِهِ أُمُّ سَلَمَةَ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ : أَلَا أَنْزِلُ لَكَ عَنْ سَيِّدَةِ نِسَاءِ مُضَرَ : حُمْرَةَ ؟ قَالَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَنْتَ أَحَقُّ بِالْحُمْرَةِ
وَرَوَى الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ ، عَنِ ابْنِ عَيَّاشٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، أَنَّ وَفْدَ غَطَفَانَ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَعْمِلَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا مِنْهُمْ فَتَنَافَسُوا فِي الْإِمْرَةِ ، فَوَلَّى عُيَيْنَةَ عَلَى بَنِي فَزَارَةَ ، وَالْحَارِثَ بْنَ عَوْفٍ عَلَى بَنِي مُرَّةَ ، وَنُعَيْمَ بْنَ مَسْعُودٍ عَلَى أَشْجَعَ ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ سُبَيْعٍ الثَّعْلَبِيَّ عَلَى بَنِي ثَعْلَبَةَ وَنُمَيْرٍ وَبَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَطَفَانَ قَالَ أَبُو زَيْدِ بْنُ شَبَّةَ : وَيُقَالُ إِنَّ عُيَيْنَةَ رَبَّعَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَخَمَّسَ فِي الْإِسْلَامِ ، وَإِنَّ هَذَا لَمْ يَجْتَمِعْ لِعَرَبِيٍّ غَيْرَهُ . حَدَّثَنَا الْمَدَائِنِيُّ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَجَدَ عُيَيْنَةَ رَبَّعَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَخَمَّسَ فِي الْإِسْلَامِ ، وَأَنَّ هَذَا لَمْ يَجْتَمِعْ لِعَرَبِيٍّ غَيْرَهُ حَدَّثَنَا الْمَدَائِنِيُّ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَجَّهَ عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ إِلَى ذَاتِ الشُّقُوقِ سَرِيَّةً ، فَأَغَارَ عَلَى حَيٍّ مِنْ بَنِي الْعَنْبَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ ، فَقَدِمَ بِهِمُ الْمَدِينَةَ وَعَلَى عَائِشَةَ عِتْقٌ مُحَرَّرٌ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ ، فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَأَعْتَقَتْ رَجُلًا مِنْ سَبْيِ بَنِي الْمُغِيرَةِ ، ثُمَّ أَخَذَ بَنِي الْمُنْذِرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ جَهْمَةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ جُنْدُبٍ فَقَالَ سَلَمَةُ بْنُ عَتَّابٍ : لَعَمْرِي لَقَدْ لَاقَتْ عَدِيُّ بْنُ جُنْدُبٍ مِنَ الشَّرِّ مَهْوَاةً شَدِيدًا كَؤُودُهَا تَكَنَّفَهَا الْأَعْدَاءُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَغُيِّبَ عَنْهَا جِدُّهَا وَعَدِيدُهَا وَيُقَالُ إِنَّهُ كَانَتْ لَهُ إِتَاوَةٌ عَلَى أَهْلِ يَثْرِبَ يَأْخُذُهَا فِي كُلِّ عَامٍ ، وَإِنَّهُ كَانَ فِي ذِبْيَانَ حَيْثُ أَوْقَعَ بَيْنَهُمْ ذَرْوٌ ، فَلَقِيَهُ ذِبَّانُ بْنُ سَارٍّ مُنْطَلِقًا لِيَأْخُذَ إِتَاوَتَهُ فَقَالَ لَهُ : أَتَدَعُ قَوْمَكَ عَلَى هَذِهِ الدَّائِرَةِ وَلَا تُصْلِحْ بَيْنَهُمْ لِإِتَاوَةٍ تَأْخُذُهَا مِنْ أَهْلِ يَثْرِبَ ؟ فَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهِ وَمَضَى لِوَجْهِهِ فَقَالَ ذِبَّانُ : تَرَكْتَ بَنِي ذُبْيَانَ لَمْ تَأْسَ بَيْنَهُمْ فَأَصْعَدْتَ فِي رَكْبٍ إِلَى أَهْلِ يَثْرِبَا وَمَا جِئْتَهُمْ إِلَّا لِتَأْكُلَ تَمْرَهُمْ وَتَسْرِقَ فِي أَهْلِ الْحِجَازِ وَتَكْذِبَا يَسُوقُونَ لِحَاظًا إِذَا مَا رَأَيْتَهُ بِسَلْعٍ رَأَيْتَ الْهِجْرَسَ الْمُتَزَيِّبَا
حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّقِّيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَبِي الْحُسَيْنِ ، عَنْ عُيَيْنَةَ ، شَيْخٌ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : دَخَلَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَعِنْدَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، وَهُمْ جُلُوسٌ عَلَى الْأَرْضِ جَمِيعًا ، فَأَمَرَ لِعُيَيْنَةَ بِنُمْرُقَةٍ فَأَجْلَسَهُ عَلَيْهَا وَقَالَ : إِذَا أَتَاكُمْ كَرِيمُ قَوْمٍ فَأَكْرِمُوهُ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ ، : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ احْتَجَمَ بِمَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ الْقَارَةَ ، فَشَرَطَ بِكَسْرَةٍ شَفْرَةٌ . فَمَرَّ بِهِ عُيَيْنَةُ بْنُ بَدْرٍ فَقَالَ لَهُ : يَا مُحَمَّدُ ، عَلَامَ تُعْطِي هَذَا الْأَعْرَابِيَّ يُبَطِّطُ جِلْدَكَ ؟ فَقَالَ : إِنَّ هَذَا الْحَجْمَ هُوَ خَيْرُ مَا يُدَاوَى بِهِ
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نُعَيْمٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : بَعَثَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنَ الْيَمَنِ بِذَهَبِيَّةٍ فِي أَدِيمٍ مَقْرُوطٍ لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةٍ : الْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ الْحَنْظَلِيِّ ، ثُمَّ أَحَدِ بَنِي مُجَاشِعٍ ، وَعُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ الْفَزَارِيِّ ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ عُلَاثَةَ الْجَعْفَرِيِّ ، وَزَيْدِ الْخَيْرِ الطَّائِيِّ ، ثُمَّ أَحَدِ بَنِي نَبْهَانَ . فَقَالَتْ قُرَيْشٌ وَالْأَنْصَارُ : أَتَقْسِمُ بَيْنَ صَنَادِيدِ أَهْلِ نَجْدٍ وَتَتْرُكُنَا ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّمَا أَتَأَلَّفُهُمْ ، إِذَ أَقْبَلَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ ، مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ ، نَاتِئُ الْجَبِينِ ، كَثُّ اللِّحْيَةِ ، مَحْلُوقُ الرَّأْسِ ، مُشَمَّرُ الْإِزَارِ فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، اتَّقِ اللَّهَ فَقَالَ : مَنْ يُطِيعُ اللَّهَ إِذَا عَصَيْتُهُ ، أَيَأْمَنُنِي عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ وَلَا تَأْمَنُونِي ؟ قَالَ : فَسَأَلَهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ قَتْلَهُ - حَسِبْتُهُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ - وَوَلَّى الرَّجُلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِي هَذَا قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ هَارُونَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ، أَنَّ بَكْرَ بْنَ سَوَادَةَ الْجُذَامِيَّ ، حَدَّثَهُ ، أَنَّ زِيَادَ بْنَ نُعَيْمٍ الْحَضْرَمِيَّ حَدَّثَهُ ، أَنَّ وَفْدَ كِنْدَةَ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَفِيهِمْ جَمْدٌ . فَبَيْنَمَا هُمْ عِنْدَهُ أَقْبَلَ رَجُلٌ فَقَالَ : كُلِمْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : أَفْلَحَ الْمَكْلُومُونَ ، فَخَرَجُوا فَقَالُوا وَقَالُوا ، فَأَخَذَتْ جَمْدًا اللَّقْوَةُ ، فَأَتَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالُوا : سَيِّدَ النَّاسِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ادْعُ اللَّهَ لَهُ قَالَ : لَمْ أَكُنْ لِأَفْعَلَ ، وَلَكِنْ حِدُّوا فَسْلَةً فَاقْلِبُوا مَا فِي عَيْنَيْهِ ، أَوْ بِشَفْرَةٍ فَاكْوُوهُ بِهَا ، فَهِيَ شِفَاؤُهُ وَإِلَيْهَا مَصِيرُهُ ، اللَّهُ أَعْلَمُ مَا قُلْتُمْ حِينَ أَدْبَرْتُمْ ، فَصَنَعُوهُ بِهِ فَبَرِئَ ، قَالُوا : أَرَأَيْتَ أَكْلَتَنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ؟ قَالَ : وَهِيَ لَكُمْ حَتَّى يَنْزِعَهَا اللَّهُ مِنْكُمْ ، قَالُوا : فَدِيَتُنَا ؟ قَالَ : لَيَأْتِيَنَّ عَلَيْكُمْ زَمَانٌ تَرْضَوْنَ بِالْكَفَافِ ، قَالُوا : فَنَجِيَّتُنَا ؟ قَالَ : قَدْ جَاءَ اللَّهُ بِخَيْرٍ مِنْهَا الْإِسْلَامِ . وَارْتَدَّ جَمْدٌ بَعْدَ ذَلِكَ ، فَقُتِلَ كَافِرًا بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . قَالَ عَمْرٌو : فَحَدَّثَنِي كَعْبُ بْنُ عَلْقَمَةَ أَنَّهُمْ قَالُوا : أَتَيْنَا هَذَا الْغُلَامَ الْمُضَرِيَّ فَمَا سَأَلْنَاهُ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَانَا ، حَتَّى لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَأْخُذَ بِأُذُنِهِ لَفَعَلْنَا ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ : لَعَنَ اللَّهُ جَمْدًا وَأَبْضَعَةَ وَأُخْتَهُ الْعَمَرَّدَةَ
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ : حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ ، عَنْ رَجُلٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَنْبَسَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : مَا أُبَالِي أَنْ يَهْلِكَ الْحَيَّانِ جَمِيعًا فَلَا قَيْلَ وَلَا مَلِكَ ، أَلَا فَلَعَنَ اللَّهُ الْمُلُوكَ الْأَرْبَعَةَ : جَمْدًا وَمِشْرَخًا وَمِخْوَسًا وَأَبْضَعَةَ ، وَأُخْتَهُمُ الْعَمَرَّدَةَ قَالَ أَبُو زَيْدِ بْنُ شَبَّةَ : وَكَانَ مِخْوَسٌ وَمِشْرَخٌ وَجَمْدٌ وَأَبْضَعَةُ بَنُو مَعْدِي كَرِبَ بْنِ وَلِيعَةَ بْنِ شُرَحْبِيلَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُجْرٍ الْقَرَدِ ، وَفَدُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَعَ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ فَأَسْلَمُوا ، ثُمَّ ارْتَدُّوا فَقُتِلُوا يَوْمَ النُّجَيْرِ ، وَكَانَ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ وَادٍ يَمْلِكُهُ ، فَسُمُّوا بِذَلِكَ الْمُلُوكَ الْأَرْبَعَةَ ، وَقِيلَ فِيهِمْ : يَا عَيْنُ بَكِّي لِلْمُلُوكِ الْأَرْبَعَةِ جَمْدٍ وَمِخْوَسٍ وَمِشْرَخٍ وَأَبْضَعَةَ قَالَ أَبُو زَيْدِ بْنُ شَبَّةَ : قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ : لَمْ يَكُنْ مِنْ كِنْدَةَ مَلِكٌ قَطُّ ، إِلَّا أَنَّ نِزَارًا لَمَّا كَثُرَتْ وَخَافَ بَعْضُهَا بَعْضًا أَجْمَعَتْ قَبَائِلُ مِنْ رَبِيعَةَ أَنْ يَأْتُوا تَبَعًا فَيَسْأَلُونَهُ أَنْ يَبْعَثَ رَجُلًا يَكُفُّ قَوِيَّهُمْ عَنْ ضَعِيفِهِمْ ، عَلَى أَنْ يُعْطُوهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ خَرْجًا ، فَوَجَّهَ مَعَهُمُ الْحَارِثَ بْنَ عَمْرِو بْنِ حُجْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْكِنْدِيَّ ، وَهُوَ جَدُّ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ حُجْرِ بْنِ الْحَارِثِ الْكِنْدِيِّ الشَّاعِرِ ، فَصَارَ إِلَى بَطْنِ عَامِرٍ فَنَزَلَهَا وَفَرَّقَ بَنِيهِ ، فَجَعَلَ ابْنَهُ يَزِيدَ عَلَى كِنَانَةَ ، وَابْنَهُ حُجْرًا عَلَى بَنِي أَسَدٍ ، وَابْنَهُ شُرَحْبِيلَ عَلَى بَنِي تَمِيمٍ وَعَبْدِ مَنَاةَ ، وَابْنَهُ سَلَمَةَ عَلَى بَنِي ثَعْلَبٍ ، وَغَزَا مُلُوكَ غَسَّانَ بِالشَّامِ ، وَمُلُوكَ لَخْمٍ بِالْحِيرَةِ ، حَتَّى أَحَجَّهُ الْمُنْذِرُ بْنُ مَاءِ السَّمَاءِ إِلَى تَكْرِيتَ ، فَأَشَارَ سُفْيَانُ بْنُ مُجَاشِعٍ عَلَى الْمُنْذِرِ أَنْ يَخْطُبَ إِلَيْهِ ابْنَتَهُ ، فَفَعَلَ ، فَزَوَّجَهُ ابْنَتَهُ هِنْدًا ، فَقِيلَ فِيهَا : يَا لَيْتَ هِنْدًا وَلَدَتْ ثَلَاثَةً ، فَوَلَدَتْ عَمْرًا وَقَابُوسًا وَالْمُنْذِرَ أَبَا النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ ، وَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ مَاتَ الْحَارِثُ فَقَتَلَتْ بَنُو أَسَدٍ ابْنَهُ حُجْرًا ، وَاخْتَلَفَ ابْنَاهُ سَلَمَةُ وَشُرَحْبِيلُ وَتَحَارَبَا ، فَقَتَلَتْ بَنُو ثَعْلَبٍ شُرَحْبِيلَ بْنَ الْحَارِثِ ، وَبَعَثَ الْمُنْذِرُ بْنُ مَاءِ السَّمَاءِ إِلَى مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ فَقَتَلَهُمْ بِجَفْرِ الْأَمْلَاكِ بِالْحِيرَةِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ وَهِيَ تَحْمِلُ عَلَى امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ حُجْرٍ : أَلَا يَا عَيْنُ بَكِّي لِي شَنِينَا وَبَكِّي لِلْمُلُوكِ الذَّاهِبِينَا مُلُوكًا مِنْ بَنِي حُجْرِ بْنِ عَمْرٍو يُسَاقُونَ الْعَشِيَّةَ يُقْتَلُونَا فَلَوْ فِي يَوْمِ مَعْرَكَةٍ أُصِيبُوا وَلَكِنْ فِي دِيَارِ بَنِي مَرِينَا وَلَمْ تُغْسَلْ جَمَاجِمُهُمْ بِغَسْلٍ وَلَكِنْ بِالدِّمَاءِ مُرَمَّلِينَا تَظَلُّ الطَّيْرُ عَاكِفَةً عَلَيْهِمْ وَتَنْتَزِعُ الْحَوَاجِبَ وَالْعُيُونَا قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ : ثُمَّ انْقَطَعَ الْأَمْرُ مِنْهُمْ ، فَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَلِكٌ قَطُّ ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا ذَوِي أَمْوَالٍ ، فَكَانُوا يُدْعَوْنَ رَيْحَانَةَ الْيَمَنِ ، وَإِنَّمَا مُلُوكُ الْيَمَنِ التَّتَابِعَةُ مِنْ حِمْيَرَ وَرَوَى الْكَلْبِيُّ ، أَنَّ وَفْدَ كِنْدَةَ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَفِيهِمُ الْجَفْشِيشُ أَوِ الْخَفْشِيشُ وَعَمْرُو بْنُ أَبِي الْكَيْشَمِ ، وَابْنُ أَبِي سَهْرِ بْنِ جَبَلَةَ ، وَأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ ، وَامْرُؤُ الْقَيْسِ بْنُ عَابِسٍ . فَقَالَ الْجَفْشِيشُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّا نَزْعُمُ أَنَّكُمْ مِنَ الْعُمُورِ عُمُورِ كِنْدَةَ ، فَيُقَالُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : ذَاكَ شَيْءٌ كَانَ يَقُولُهُ الْعَبَّاسُ وَأَبُو سُفْيَانَ إِذَا قَدِمَا عَلَيْكُمْ ، نَحْنُ بَنُو النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ ، لَا نَقْفُوا أُمَّنَا ، وَلَا نَدَعُ أَبَانَا
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ عَقِيلِ بْنِ طَلْحَةَ السُّلَمِيِّ ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ هَيْصَمٍ ، عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي نَفَرِ كِنْدَةَ لَا يَرَوْنِي أَفْضَلَهُمْ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّا نَزْعُمُ أَنَّكُمْ مِنَّا فَقَالَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : نَحْنُ بَنُو النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ ، لَا نَقْفُو أُمَّنَا ، وَلَا نَنْتَفِي مِنْ أَبِينَا قَالَ الْكَلْبِيُّ : فَصَالَحَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى أَنَّ لَهُمْ رِيعَ مَا أَخْرَجَتْ حَضْرَمَوْتَ ، وَقَالَ : ارْجِعُوا إِلَى بِلَادِكُمْ مُصَاحَبِينَ ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ وَعَلَى الصَّدَقَاتِ الْمُهَاجِرَ بْنَ أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ارْتَدُّوا إِلَّا طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ مُعَاوِيَةَ مَعَهُمُ امْرُؤُ الْقَيْسِ بْنُ عَابِسٍ ، فَلَمَّا قُتِلَ مِنْ كِنْدَةَ مَنْ قُتِلَ وَأُسِرَ مَنْ أُسِرَ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ بْنُ عَابِسٍ : أَلَا أَبْلِغْ أَبَا بَكْرٍ رَسُولًا وَفِتْيَانَ الْمَدِينَةِ أَجْمَعِينَا فَلَسْتُ مُبَدِّلًا بِاللَّهِ رَبًّا وَلَا مُتَبَدِّلًا بِالسِّلْمِ دِينَا شَأَمْتُمْ قَوْمَكُمْ وَشَأَمْتُمُونَا وَغَابِرُكُمْ كَأَشْأَمِ غَابِرِينَا فَلَمَّا قُتِلَ ابْنُ الْأَشْعَثِ قَدِمَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ وَفْدُ الْأَزْدِ فِيهِمُ ابْنُ امْرِئِ الْقَيْسِ قَالَ : أَنْتَ ابْنُ الرَّجُلِ الصَّالِحِ الَّذِي يَقُولُ : شَأَمْتُمْ قَوْمَكُمْ وَشَأَمْتُمُونَا وَغَابِرُكُمْ كَأَشْأَمِ غَابِرِينَا صَدَقَ وَاللَّهِ ، لَقَدْ شَأَمَ أَوَّلُكُمْ وَآخِرُكُمْ أَمْرَكُمْ ، وَقَالَ الْخَفْشِيشُ لَمَّا ارْتَدَّ : أَطَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَانَ بَيْنَنَا فَيَا لِعِبَادِ اللَّهِ مَا لِأَبِي بَكْرِ أَيَمْلِكُنَا بَكْرٌ إِذَا كَانَ بَعْدَهُ فَذَاكَ وَبَيْتِ اللَّهِ قَاصِمَةُ الظَّهْرِ فَإِنَّ الَّتِي أَعْطَيْتُمْ أَوْ مَنَعْتُمْ لَكَالتَّمْرِ أَوْ أَحْلَى مَذَاقًا مِنَ التَّمْرِ أَقُومُ وَلَا أُعْطِي الْقِيَامَ مُعَادَّةً أَبَيْتُ وَإِنْ كَانَ الْقِيَامُ عَلَى الْجَمْرِ فَأُخِذَ أَسِيرًا وَقُتِلَ صَبْرًا
حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ الْعَبْسِيُّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْسَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا قَايِلَ وَلَا كَاهِنَ وَلَا مَلِكَ إِلَّا اللَّهُ ، وَلَعَنَ اللَّهُ الْمُلُوكَ الْأَرْبَعَةَ : جَمْدًا وَمِخْوَسًا وَمِسْرَحًا وَأَبْضَعَةَ ، وَأُخْتَهُمُ الْعَمَرَّدَةَ قَالَ : وَكَانَتْ تَأْتِي الْمُؤْمِنِينَ إِذَا سَجَدُوا فَتَرْكِلُهُمْ بِرِجْلِهَا
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الْحَارِثِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ السُّلْمَانِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِفَرْوَةَ بْنِ مِسِّيكٍ الْمُرَادِيِّ : اذْهَبْ فَقَاتِلْ بِقَوْمِكَ مَنْ أَدْبَرَ بِمَنْ أَقْبَلَ ، فَلَمَّا أَدْبَرَ قَالَ : رُدُّوهُ عَلَيَّ ، فَلَمَّا أَتَاهُ قَالَ : إِنَّهُ قَدْ نَزَلَ الْقُرْآنُ بَعْدَكَ قَالَ : مَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : {{ لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ }} فَقَالَ نَاسٌ مِنْ حَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا سَبَأٌ ، أَرْضٌ أَوِ امْرَأَةٌ ؟ قَالَ : لَا أَرْضٌ وَلَا امْرَأَةٌ ، وَلَكِنْ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ ، وَلَهُ عَشَرَةُ أَبْطُنٍ ، فَتَيَامَنَتْ سِتَّةٌ وَتَشَاءَمَتْ أَرْبَعَةٌ ، قَالُوا : مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : أَمَّا الَّذِينَ تَيَامَنُوا فَكِنْدَةُ وَمَذْحِجٌ وَالْأَشْعَرِيُّونَ وَحِمْيَرُ وَأنْمَارٌ وَالْأَزْدُ ، وَأَمَّا الَّذِينَ تَشَاءَمُوا فَجُذَامٌ وَلَخْمٌ وَعَامِلَةُ وَغَسَّانُ فَقَالَ قَائِلٌ مِنَ الْقَوْمِ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَمَا خَثْعَمُ وَبَجِيلَةُ ؟ قَالَ : بَطْنَانِ مِنْ أَنْمَارٍ
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحَكَمِ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو سَبْرَةَ النَّخَعِيُّ ، عَنْ فَرْوَةَ بْنِ مُسَيْكَةَ الْغُطَيْفِيِّ ثُمَّ الْمُرَادِيِّ قَالَ : أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقُلْتُ : أَلَا أُقَاتِلُ مَنْ أَدْبَرَ مِنْ قَوْمِي بِمَنْ أَقْبَلَ مِنْهُمْ ؟ قَالَ : بَلَى ، ثُمَّ بَدَا لِي فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بَلْ أَهْلُ سَبَأٍ هُمْ أَعَزُّ وَأَشَدُّ قُوَّةً قَالَ : فَأَمَرَنِي وَأَذِنَ لِي قِتَالَ سَبَأٍ ، فَلَمَّا خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ أَنْزَلَ اللَّهُ فِي سَبَأٍ مَا أَنْزَلَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَا فَعَلَ الْغُطَيْفِيُّ ؟ فَأَرْسَلَ إِلَى مَنْزِلِي فَوَجَدَنِي قَدْ سِرْتُ ، فَرَدَّنِي ، فَلَمَّا أَتَيْتُ وَجَدْتُهُ قَاعِدًا وَأَصْحَابَهُ ، وَقَالَ : ادْعُ الْقَوْمَ ، فَمَنْ أَجَابَكَ مِنْهُمْ فَاقْبَلْ مِنْهُ ، وَمَنْ أَبَى فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ حَتَّى أُحْدِثَ إِلَيْكَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا سَبَأٌ ، أَرْضٌ أَوِ امْرَأَةٌ ؟ قَالَ : لَيْسَتْ بِأَرْضٍ وَلَا امْرَأَةٍ ، وَلَكِنْ رَجُلٌ وَلَدَ عَشَرَةً مِنَ الْعَرَبِ ، فَأَمَّا سِتَّةٌ فَتَيَامَنُوا ، وَأَمَّا أَرْبَعَةٌ فَتَشَاءَمُوا ، فَأَمَّا الَّذِينَ تَشَاءَمُوا فَلَخْمٌ وَجُذَامٌ وَعَامِلَةُ وَغَسَّانُ ، وَأَمَّا الَّذِينَ تَيَامَنُوا فَالْأَزْدُ وَكِنْدَةُ وَحِمْيَرُ وَالْأَشْعَرِيُّونَ وَأنْمَارٌ وَمَذْحِجٌ فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا أَنْمَارٌ ؟ قَالَ : هُمُ الَّذِينَ مِنْهُمْ خَثْعَمٌ وَبَجِيلَةُ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى ، وَهَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ قَالَا : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَصِينِ بْنِ نُمَيْرٍ ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَرَأَيْتَ سَبَأً ، رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ ؟ قَالَ : بَلْ رَجُلٌ قَالَ : فَمَا وَلَدَ مِنَ الْعَرَبِ ؟ قَالَ : عَشَرَةٌ : سِتَّةٌ يَمَانُونَ ، وَأَرْبَعُونَ شَآمُونَ ، فَأَمَّا الْيَمَانُونَ فَكِنْدَةُ وَمَذْحِجٌ وَالْأَزْدُ وَالْأَشْعَرِيُّونَ وَأَنْمَارٌ ، وَأَمْسَكَ فِي يَدِهِ وَاحِدًا لَمْ يُسَمِّهِ ، وَأَمَّا الشَّآمُونَ فَلَخْمٌ وَجُذَامٌ وَغَسَّانُ وَعَامِلَةُ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَحِمْيَرُ ؟ قَالَ : هُمْ وَمَا كَلُّهُمْ وَيُرْوَى عَنِ الشَّعْبِيِّ ، أَنَّ مُرَادًا ، لَمَّا قَدِمَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ لِعُرْوَةَ بْنِ مَسِيرَةَ : أَيَسُرُّكَ مَا لَقِيَ قَوْمُكَ مِنَ الرُّومِ يَوْمَ الرَّوْضَةِ ؟ قَالَ : لَا ، أَمَا إِنَّ ذَلِكَ بِرَفْضِهِمْ لِلْإِسْلَامِ قَالَ : وَقَالَتْ مُلَيْكَةُ بِنْتُ أَبِي حَيَّةَ : وَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَنَتَرَابَا الْغُطَيْفِيَّ بَيْنَنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَمَا تُرَابُونَ أَنْتُمْ بَنِي أُمَيَّةَ الْيَوْمَ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرٍ قَالَ : حَدَّثَنِي أَخِي الْعَبَّاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، عَنْ مَعْدِ بْنِ النَّحَّاسِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ : قَدِمَ ظَبْيَانُ بْنُ كَدَادَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهُوَ فِي مَسْجِدِهِ بِالْمَدِينَةِ ، ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ قَالَ : إِنَّ الْمُلْكَ لِلَّهِ وَالْجَهَّادِينَ إِلَى الْخَيْرِ ، آمَنَّا بِهِ وَشَهِدْنَا أَنْ لَا إِلَهَ غَيْرُهُ ، وَنَحْنُ قَوْمٌ مِنْ سَرَارَةِ مَذْحِجِ بْنِ يُحَابِرَ بْنِ مَالِكٍ ، لَنَا مَآثِرُ وَمَآكِلُ وَمَشَارِبُ ، أَبْرَقَتْ لَنَا مَخَائِلُ السَّمَاءِ ، وَجَادَتْ عَلَيْنَا شَآبِيبُ الْأَنْوَاءِ ، فَتَوَقَّلَتْ بِنَا الْقِلَاصُ مِنْ أَعْلَى الْجَوْفِ وَرُءُوسِ الْهِضَابِ ، وَرَفَعَتْهَا عِرَارُ الثَّرَى ، وَأَلْحَقَتْهَا دَآدِئُ الرَّحَى ، وَخَفَضَتْهَا بُطْنَانُ الرِّقَاقِ ، وَقَطَرَتِ الْأَعْنَاقُ ، حَتَّى حَلَّتْ بِأَرْضِكَ وَسَمَائِكَ ، نُوَالِي مَنْ وَالِاكَ ، وَنُعَادِي مَنْ عَادَاكَ ، وَاللَّهُ مَوْلَانَا وَمَوْلَاكَ ، إِنَّ وَجًّا وَسَرَوَاتِ الطَّائِفِ كَانَتْ لِبَنِي مَهْلَائِيلَ بْنِ قَيْنَانَ ، غَرَسُوا وِدَانَهُ ، وَذَنَبُوا خِشَانَهُ ، وَرَعَوْا قَرْبَانَهُ ، فَلَمَّا عَصَوَا الرَّحْمَنَ هَبَّ عَلَيْهِمُ الطُّوفَانُ ، فَلَمْ يبْقِ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ مِنْهُمْ أَحَدًا ، إِلَّا مَنْ كَانَ فِي سَفِينَةِ نُوحٍ ، فَلَمَّا أَقْلَعَتِ السَّمَاءُ وَغَاضَ الْمَاءُ أَهْبَطَ اللَّهُ نُوحًا وَمَنْ مَعَهُ فِي حَزَنِ الْأَرْضِ وَسَهْلِهَا ، وَوَعْرِهَا وَجَبَلِهَا ، فَكَانَ أَكْثَرُ بَنِيهِ ثَبَاتًا مِنْ بَعْدِهِ عَادًا وَثَمُودًا ، وَكَانَا مِنَ الْبَغْيِ كَفَرَسَيْ رِهَانٍ ، فَأَمَّا عَادٌ فَأَهْلَكَهُمُ اللَّهُ بِالرِّيحِ الْعَقِيمِ وَالْعَذَابِ الْأَلِيمِ ، وَأَمَّا ثَمُودُ فَرَمَاهَا اللَّهُ بِالدُّمَالِقِ ، وَأَهْلَكَهَا بِالصَّوَاعِقِ ، وَكَانَتْ بَنُو هَانِئِ بْنِ هُدْلُولِ بْنِ هَرْوَلَةَ بْنِ ثَمُودَ تَسْكُنُهَا ، وَهُمُ الَّذِينَ خَطُّوا مَشَايِرَهَا ، وَأَتَّوْا جَدَاوِلَهَا ، وَأَحْيَوْا غِرَاسَهَا ، وَرَفَعُوا عَرِيشَهَا ، ثُمَّ إِنَّ مُلُوكَ حِمْيَرَ مَلَّكُوا مَعَاقِلَ الْأَرْضِ وَقَرَارَهَا ، وَرُءُوسَ الْمُلُوكِ وَغِرَارَهَا ، وَكُهُولَ النَّاسِ وَأَغْمَارَهَا ، حَتَّى بَلَغَ أَدْنَاهَا أَقْصَاهَا ، وَمَلَكَ أُولَاهَا أُخْرَاهَا ، فَكَانَ لَهُمُ الْبَيْضَاءُ وَالسَّوْدَاءُ وَفَارِسُ الْحَمْرَاءُ وَالْجِزْيَةُ الصَّفْرَاءُ ، فَبَطَرُوا النِّعَمَ ، وَاسْتَحَقُّوا النِّقَمَ ، فَضَرَبَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ ، وَأَهْلَكَهُمْ فِي الدُّنْيَا بِالْغَدْرِ ، فَكَانُوا كَمَا قَالَ شَاعِرُنَا : الْغَدْرُ أَهْلَكَ عَادًا فِي مَنَازِلَهَا وَالْبَغْيُ أَفْنَى قُرُونًا سَاكِنِي الْبَلَدِ مِنْ حِمْيَرٍ حِينَ كَانَ الْبَغْيُ مَجْهَرَةً مِنْهُمْ عَلَى حَادِثِ الْأَيَّامِ وَالنَّضَدِ ثُمَّ إِنَّ قَبَائِلَ مِنَ الْأَزْدِ نَزَلُوهَا عَلَى عَهْدِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ ، نَتَّجُوا فِيهَا النَّزَائِعَ ، وَبَنَوْا فِيهَا الْمَصَانِعَ ، وَاتَّخَذُوا فِيهَا الدَّسَائِعَ ، فَكَانَ لَهُمْ سَاكِنُهَا وَعَامِرُهَا ، وَقَارِبُهَا وَسَائِرُهَا ، حَتَّى نَقَلَتْهَا مَذْحِجٌ بِسِلَاحِهَا ، وَنَحَّتْهُمْ عَنْ بَوَادِيهَا ، فَأَجْلَوْا عَنْهَا مُهَانًا ، وَتَرَكُوهَا عَيَانًا ، وَحَاوَلُوهَا أَزْمَانًا ، ثُمَّ تَرَامَتْ مَذْحِجٌ بِأَسِنَّتِهَا ، وَتَشَزَّنَتْ بِأَعِنَّتِهَا ، فَغَلَبَ الْعَزِيزَ أَذَلُّهَا ، وَأَكَلَ الْكَثِيرَ أَقَلُّهَا ، وَكُنَّا مَعْشَرَ يُحَابِرَ أَوْتَادَ مُرْسَاهَا ، وَنُظَاهِرُ أُولَاهَا ، وَصَفاءَ مَجْرَاهَا ، فَأَصَابَنَا بِهَا الْقُحُوطُ ، وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا الْقُنُوطُ ، بَعْدَمَا غَرَسْنَا بِهَا الْأَشْجَارَ ، وَأَكَلْنَا بِهَا الثِّمَارَ ، وَكَانَ بَنُو عَمْرِو بْنِ خَالِدِ بْنِ جَذِيمَةَ يَخْبِطُونَ غَضِيدَهَا ، وَيَأْكُلُونَ حَصِيدَهَا ، وَيُرَشِّحُونَ خَضِيدَهَا ، حَتَّى ظَعَنَّا مِنْهَا ، ثُمَّ إِنَّ قَيْسَ بْنَ مُعَاوِيَةَ وَإِيَادَ بْنَ نِزَارٍ نَزَلُوهَا ، فَلَمْ يَصِلُوا بِهَا حَبْلًا ، وَلَمْ يَجْعَلُوا لَهَا أَكْلًا ، وَلَمْ يَرْضَوْا بِهَا آخِرًا وَلَا أَوَّلًا ، فَلَمَّا أَثْرَى وَلَدُهُمْ ، وَكَثُرَ عَدَدُهُمْ ، وَتَنَاسَوْا بَيْنَهُمْ حُسْنَ الْبَلَاءِ ، وَقَطَعُوا مِنْهُمْ عَقْدَ الْوَلَاءِ ، فَصَارَتِ الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ حَتَّى أَفْنَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا قَالَ : رُدَّ عَلَيْنَا بَلَدَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : فَوَافَقَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْأَخْنَسَ بْنَ شَرِيقٍ وَالْأَسْوَدَ بْنَ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيَّيْنِ فَقَالَ الْأَسْوَدُ مُجِيبًا لَهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ بَنِي هِلَالِ بْنِ هَدْلُولِ بْنِ هَوْذَاءَ بْنِ ثَمُودَ كَانُوا سَاكِنِينَ بَطْنَ وَجٍّ ، بَعْدَهَا آلُ مَهْلَائِيلَ بْنِ قَيْنَانَ ، فَعَطَّلَتْ مَنَازِلَهَا ، وَتَرَكَتْ مَسَاكِنَهَا خَرَابًا ، وَبِنَاءَهَا يَبَابًا ، فَتَحَامَتْهَا الْعَرَبُ تَحَامِيًا ، وَتَجَافَتْ عَنْهَا تَجَافِيًا ، مَخَافَةَ أَنْ يُصِيبَهَا مَا أَصَابَ عَادًا وَثَمُودًا مِنْ مَعَارِيضِ الْبَلَاءِ ، وَدَوَاعِي الشَّقَاءِ ، فَلَمَّا كَثُرَتْ قَحْطَانُ وَضَاقَ فِجَاجُهَا سَاقَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، وَانْتَجَعُوا أَرْضًا أَرْضًا ، وَأَقَامَتْ بَنُو عَمْرِو بْنِ خَالِدِ بْنِ جَذِيمَةَ ، ثُمَّ إِنَّ قَيْسَ بْنَ مُعَاوِيَةَ وَإِيَادَ بْنَ نِزَارٍ سَارُوا إِلَيْهِمْ فَسَاقُوهُمُ السِّمَامَ ، وَأَوْرَدُوهُمُ الْحِمَامَ ، فَأَجْلَوْهُمْ عَنَاءً ، فَتَوَجَّهُوا مِنْهَا إِلَى ضَوَاحِي الْيَمَنِ . وَالْتَمَسَتْ إِيَادٌ النَّاصِفَ لَمَّا أَصَابُوا مِنَ الْمَغْنَمِ ، فَأَبَتْ قَيْسٌ عَلَيْهِمْ ، وَكَانَتْ قَيْسٌ أَكْثَرَ مِنْ إِيَادٍ عَدَدًا ، وَأَوْسَعَ مِنْهُمْ بَلَدًا ، فَرَحَلَتْ إِيَادٌ إِلَى الْعِرَاقِ ، وَأَقَامَتْ قَيْسٌ بِبَطْنِ وَجٍّ ، لَيْسَتْ لَهُمْ شَائِبَةٌ ، يَأْكُلُونَ مُلَّاحَهَا ، وَيَرْعَوْنَ سِرَاحَهَا ، وَيَحْتَطِبُونَ طِلَاحَهَا ، وَيَأْبِرُونَ نَخْلَهَا ، وَيَأْرُونَ نَجْلَهَا ، سَهْلَهَا وَجَبَلَهَا ، حَتَّى أَوْقَدَتِ الْحَرْبَ فِي هَبَوَاتِهَا ، وَخَاضُوا الْأَصَابِيَّ فِي غَمَرَاتِهَا ، وَأَخْرَجُوهُمْ مِنْ سَرَوَاتِهَا ، وَأَنَاخُوا عَلَى إِيَادٍ بِالْكَلْكَلِ ، وَسَقَوْهُمْ بِصَبِيرِ النَّيْطَلِ ، حَتَّى خَلَا لَهُمْ خِيَارُهُمْ وَحُزُونُهَا ، وَظُهُورُهَا وَبُطُونُهَا ، وَقُطُورُهَا وَعُيُونُهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّ نَعِيمَ الدُّنْيَا أَقَلُّ وَأَصْغَرُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ خُرْءِ بُعَيْضَةَ ، وَلَوْ عَدَلَتْ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ ذُبَابٍ لَمْ يَكُنْ لِمُسْلِمٍ بِهَا لِحَاقٌ ، وَلَا لِكَافِرٍ خَلَاقٌ ، وَلَوْ عَلِمَ الْمَخْلُوقُ مِقْدَارَ يَوْمِهِ لَضَاقَتْ عَلَيْهِ بِرَحَبِهَا ، وَلَمْ يَنْفَعْهُ فِيهَا قَوْمٌ وَلَا خَفْضٌ ، وَلَكِنَّهُ عُمِّيَ عَلَيْهِ الْأَجَلُ ، وَمُدَّ لَهُ فِي الْأَمَلِ ، وَإِنَّمَا سُمِّيَتِ الْجَاهِلِيَّةُ لِضَعْفِ أَعْمَالِهَا ، وَجَهَالَةِ أَهْلِهَا لِمَنْ أَدْرَكَهُ الْإِسْلَامُ وَفِي يَدِهِ خَرَابٌ أَوْ عِمْرَانٌ ، فَهُوَ لَهُ عَلَى وَطْفِ رَكَاهَا لِكُلِّ مُؤْمِنٍ خُلْصٍ أَوْ مُعَاهَدٍ ذَمِّيٍّ ، إِنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ عَبَدُوا غَيْرَ اللَّهِ ، وَلَهُمْ أَجَلٌ يَنْتَهُونَ إِلَى مُدَّتِهِ ، وَيَصِيرُونَ إِلَى نِهَايَتِهِ ، مُؤَخَّرٌ عَنْهُمُ الْعِقَابُ إِلَى يَوْمِ الْحِسَابِ ، أَمْهَلَهُمُ اللَّهُ بِقُدْرَتِهِ وَجَلَالِهِ وَعِزَّتِهِ ، فَغَلَبَ الْأَعَزُّ الْأَذَلَّ ، وَأَكَلَ الْكَبِيرُ فِيهَا الْأَقَلَّ ، وَاللَّهُ الْأَعْلَى الْأَجَلُّ ، فَمَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ مَوْضُوعٌ مِنْ سَفْكِ دَمٍ أَوِ انْتِهَاكِ مُحَرَّمٍ ، {{ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ }} ، فَلَمْ يَرْدُدْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى مُرَادٍ ، وَقَضَى بِهَا لِثَقِيفٍ . وَقَالَ ظَبْيَانُ بْنُ كِدَادٍ فِي ذَلِكَ شِعْرًا هَذَا مِنْهُ : فَأَشْهَدُ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ وَبِالصَّفَا شَهَادَةَ مَنْ إِحْسَانُهُ مُتَقَبَّلُ بِأَنَّكَ مَحْمُودٌ لَدَيْنَا مُبَارَكٌ وَفِيٌّ أَمِينٌ صَادِقُ الْقَوْلِ مُرْسَلُ أَتَيْتَ بِنُورٍ يُسْتَضَاءُ بِمِثْلِهِ وَلَقِيتَ فِي الْقَوْلِ الَّذِي يُتَبَجَّلُ مَتَى تَأْتِهِ يَوْمًا عَلَى كُلِّ حَادِثٍ تَجِدْ وَجْهَهُ تَحْتَ الدُّجَى يَتَهَلَّلُ عَلَيْهِ قَبُولٌ مِنْ إِلَهِي وَخَالِقِي وَسِيمَاءُ حَقٍّ سَعْيُهَا مُتَقَبَّلُ حَلَفْتُ يَمِينًا بِالْحَجِيجِ وَبَيْتِهِ يَمِينَ امْرِئٍ فِي الْقَوْلِ لَا يَتَنَحَّلُ فَإِنَّكَ قِسْطَاسُ الْبَرِيَّةِ كُلِّهَا وَمِيزَانُ عَدْلٍ مَا أَقَامَ الْمُسَلَّلُ وَقَالَ فِي ذَلِكَ الْأَسْوَدُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ : أَمْسَيْتُ أَعْبُدُ رَبِّي لَا شَرِيكَ لَهُ رَبَّ الْعِبَادِ إِذَا مَا حُصِّلَ الْبَشَرُ أَهْلُ الْمَحَامِدِ فِي الدُّنْيَا وَخَالَتُهَا وَالْمُبْتَدَا حِينَ لَا مَاءٌ وَلَا شَجَرُ لَا أَبْتَغِي بَدَلًا بِاللَّهِ أَعْبُدُهُ مَا دَامَ بِالْجَزَعِ مِنْ أَرْكَانِهِ حَجَرُ إِنَّ الرَّسُولَ الَّذِي تُرْجَى نَوَافِلُهُ عِنْدَ الْقُحُوطِ إِذَا مَا أَخْطَأَ الْمَطَرُ هُوَ الْمُؤَمَّلُ فِي الْأَحْيَاءِ قَدْ عَلِمَتْ عَلْيَا مَعَدٍّ إِذَا مَا اسْتَجْمَعَتْ مُضَرُ مُبَارَكُ الْأَمْرِ مَحْمُودٌ شَمَائِلُهُ لَا يَشْتَكِي مِنْهُ عِنْدَ الْهَيْعَةِ الْخَوَرُ أَعَزُّ مُتَّصِلٌ لِلْمَجْدِ مُتَّزِرٌ كَأَنَّمَا وَجْهُهُ فِي الظُّلْمَةِ الْقَمَرُ لَا أَعْبُدُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى أَدِينُهُمَا أَوْ دِينَهُمَا مَا كَانَ لِيَ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ لَكِنَّنِي أَعْبُدُ الرَّحْمَنَ خَالِقَنَا مَا أَشْرَقَ النُّورُ وَالْعِيدَانُ تَعْتَصِرُ *
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ الْبَغْدَادِيُّ يَوْمًا بِسُرَّ مَنْ رَأَى عَلَى بَابِ عُمَرَ بْنِ شَبَّةَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ خَالِدِ بْنِ حُبَيْشٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ وَاقِدٍ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ رُوَيْمٍ قَالَ : قَدِمَتْ وُفُودُ الْعَرَبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقَامَ طِهْفَةُ بْنُ زُهَيْرٍ النَّهْدِيُّ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، جِئْنَاكَ مِنْ غَوْرَيْ تِهَامَةَ عَلَى أَكْوَارِ الْمَيْسِ ، تَرْمِي بِنَا الْعِيسُ ، نَسْتَعْضِدُ الْبَرِيرَ ، وَنَسْتَحْلِبُ الصَّبِيرَ ، وَنَسْتَخْلِبُ الْخَبِيرَ ، وَنَسْتَخْبِلُ الرِّهَامَ ، وَنَسْتَحِيلُ الْجَهَامَ ، مِنْ أَرْضٍ غَائِلَةِ النِّطَاءِ ، غَلِيظَةِ الْوِطَاءِ ، قَدْ يَبِسَ الْمُدَّهَنُ ، وَجَفَّ الْجِعْثَنُ ، وَسَقَطَ الْأُمْلُوجُ ، وَمَاتَ الْعُسْلُوجُ ، وَهَلَكَ الْهَدِيُّ ، وَمَاتَ الْوَدِيُّ ، بَرِئْنَا إِلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنَ الْوَثَنَ وَالْعَنَنِ وَمَا يُحْدِثُ الزَّمَنُ ، لَنَا دَعْوَةُ السَّلَامِ وَشَرِيعَةُ الْإِسْلَامِ مَا طَمَا الْبَحْرُ ، وَقَامَ تِعَارٌ ، لَنَا نَعَمٌ هَمَلٌ أَغْفَالٌ ، مَا تَبِضُّ بِبِلَالٍ ، وَوَقِيرٌ كَثِيرُ الرَّسَلِ قَلِيلُ الرِّسْلِ ، أَصَابَتْهَا سَنَةٌ حَمْرَاءُ مُؤْزِلَةٌ ، لَيْسَ لَهَا نَهَلٌ وَلَا عَلَلٌ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُ فِي مَحْضِهَا وَمَخْصِهَا وَمَذْقِهَا ، وَاحْبِسْ مَرَاعِيَهَا فِي الدِّمَنِ ، وَابْعَثْ رَاعِيَهَا فِي الدَّثَرِ ، وَيَانِعِ الثَّمَرِ ، وَافْجُرْ لَهُ الثَّمَدَ ، وَبَارِكْ لَهُ فِي الْمَالِ وَالْوَلَدِ ، مَنْ أَقَامَ الصَّلَاةَ كَانَ مُؤْمِنًا ، وَمَنْ أَدَّى الزَّكَاةَ ، لَمْ يُكَلِّفْكَ عَامِلًا ، كَانَ مُحْسِنًا ، وَمَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَانَ مُسْلِمًا ، لَكُمْ يَا بَنِي نَهْدٍ وَدَائِعُ الشِّرْكِ وَوَضَائِعُ الْمِلْكِ ، مَا لَمْ يَكُنْ لَكُمْ عَهْدُ وَلَاءٍ مُؤَكَّدٍ ، لَا تَتَثَاقَلْ عَنِ الصَّلَاةِ ، وَلَا تُلْطِطْ فِي الزَّكَاةِ ، وَلَا تُلْحِدْ فِي الْحَيَاةِ ، مَنْ أَقَرَّ بِالْإِسْلَامِ فَلَهُ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ ، وَمَنْ أَقَرَّ بِالْجِزْيَةِ فَعَلَيْهِ الرِّبْوَةُ ، وَلَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ الْوَفَاءُ بِالْعَهْدِ وَالذِّمَّةِ ، وَكَتَبَ مَعَ طِهْفَةَ بْنِ زُهَيْرٍ النَّهْدِيِّ : مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى بَنِي نَهْدِ بْنِ زَيْدٍ : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ ، فِي الْوَظِيفَةِ الْفَرِيضَةُ ، وَلَكُمُ الْعَارِضُ وَالْفَرِيسُ وَذُو الْعِنَانِ الرَّكُوبُ وَالْفَلُوُّ الضَّبِيسُ ، وَلَا يُؤْكَلُ كَلَأُكُمْ ، وَلَا يُعْضَدُ طَلْحُكُمْ ، وَلَا يُقْطَعُ سَرْحُكُمْ ، وَلَا يُحْبَسُ دَرُّكُمْ مَا لَمْ تُضْمِرُوا الْإِمَاقَ ، وَتَأْكُلُوا الرِّبَاقَ الْكُورُ : رِحَالُ الْبَعِيرِ . الْعِيسُ : الْإِبِلُ . يُسْتَعْضَدُ : يُقْطَعُ ، وَالْبَرِيرُ : ثَمَرُ الْأَرَاكِ عَامَّةً ، وَالْمَرَدُ غَضُّهُ ، الْكَبَاتُ نَضِيجُهُ . الْجِعْثَنُ : ضَرْبٌ مِنَ النَّبْتِ . الْعُسْلُوجُ : الْغُصْنُ . الْعَنَنُ : الِاعْتِرَاضُ . الْوَقِيرُ : الشَّاءُ الْكَثِيرُ . الرَّسَلُ : اللَّبَنُ . الْمُؤْزِلَةُ : الْأَزَلُّ : الشِّدَّةُ وَالضِّيقُ . وَالنَّهَلُ : أَوَّلُ شَرْبَةٍ . وَالْعَلَلُ : الشَّرْبَةُ الثَّانِيَةُ . الْمَحْضُ : اللَّبَنُ الْخَالِصُ . وَالْمَخْضُ : اللَّبَنُ الْمَخِيضُ . وَالْمَذْقُ : اللَّبَنُ الرَّقِيقُ الَّذِي قَدْ شِيبَ بِالْمَاءِ . الدِّمَنُ : آثَارُ النَّاسِ ، وَمَا سَوَّدُوا بِالرَّمَادِ ، الثَّمَدُ : الْبَقِيَّةُ مِنَ الْمَاءِ . الْقَلِيلِ . اللَّطُّ : الْجَاحِدُ . الْإِلْحَادُ : الزَّوَالُ مِنَ الطَّرِيقِ . الضَّبِيسُ : الْمَهْزُولُ . وَالْفَلُوُّ : وَلَدُ الْفَرَسِ . الْفَرِيسُ : الَّذِي قَدْ فُرِسَتْ عُنُقُهُ . الطَّلْحُ : الشَّجَرُ ، شَجَرُ الْوَادِي ، وَلَا يُقْطَعُ سَرْحُكُمْ ؛ السَّرْحُ : الشَّاءُ . الْإِمَاقُ : الْخُلُوُّ مِنَ الْعَقْلِ . الرِّبَاقُ : الْعَهْدُ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ فِي أَعْنَاقِكُمْ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ : حَدَّثَنَا الرَّقَاشِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ نُصَيْرٍ الْبَيْرُوذِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الزَّيَّانُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ شِبْلٍ الْمَذْحِجِيُّ ، عَرَبِيٌّ مِنْ أَهْلِ صَنْعَاءَ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُوسَى ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ لَمْ يَبْرَحْ مُصَلَّاهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَالَ لَنَا يَوْمًا : يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ مِنْ هَذَا الْفَجِّ مِنْ خَيْرِ ذِي يَمَنٍ عَلَيْهِ مِسْحَةُ مَلِكٍ قَالَ : فَطَلَعَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ فِي أَحَدَ عَشَرَ رَاكِبًا مِنْ قَوْمِهِ ، فَعَقَلُوا رِكَابَهُمْ ثُمَّ دَخَلُوا الْمَسْجِدَ فَقَالَ جَرِيرٌ : أَيْنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَا مَعَاشِرَ قُرَيْشٍ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : هَذَا رَسُولُ اللَّهِ يَا جَرِيرُ ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ يَا جَرِيرُ ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ - قَالَهَا ثَلَاثًا - يَا جَرِيرُ ، إِنَّكَ لَمْ تَسْتَحِقَّ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ ، وَلَنْ تَبْلُغَ شَرِيعَةَ الْإِسْلَامِ حَتَّى تَدَعَ الْأَوْثَانَ ، يَا جَرِيرُ ، إِنَّ غِلْظَ الْقُلُوبِ وَالْجَفَاءَ وَالْحَوْبَ فِي أَهْلِ الْوَبَرِ وَالصُّوفِ ، يَا جَرِيرُ ، إِنِّي أُحَذِّرُكَ الدُّنْيَا وَحَلَاوَةَ رَضَاعِهَا وَمَرَارَةَ فَطَامِهَا فَقَالَ جَرِيرٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا الَّذِي جِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنْهُ ؟ قَالَ : جِئْتَ تَسْأَلُ عَنْ حَقِّ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ ، وَعَنْ حَقِّ الْوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ ، وَمِنْ حَقِّ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ أَنْ يَخْضَعَ لَهُ فِي الْغَضَبِ وَالتَّعَبِ ، وَمِنْ حَقِّ الْوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ أَنْ يُحْسِنَ أَدَبَهُ وَأَنْ لَا يَجْحَدَ نَسَبَهُ ، إِنَّ الْمُكَافِئَ لَيْسَ بِالْوَاصِلِ ، إِنَّمَا الْوَاصِلُ مَنْ إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا . قَالَ : فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : يَا جَرِيرُ ، أَيْنَ تَنْزِلُونَ ؟ قَالَ : نَنْزِلُ فِي أَكْنَافِ بِيشَةَ بَيْنَ سَلَمٍ وَأَرَاكٍ ، وَسَهْلٍ وَدَكْدَاكٍ ، وَحَمْضٍ وَعَلَاكٍ ، بَيْنَ نَخْلَةٍ وَنَخْلَةٍ ، شِتَاؤُنَا رَبِيعٌ ، وَرَبِيعُنَا مَرِيعٌ ، وَمَاؤُنَا يَمِيعُ ، لَا يُضَامُ مَاتِحُهَا ، وَلَا يَعْزُبُ سَارِحُهَا ، وَلَا يَحْسِرُ صَاحِبُهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَمَا إِنَّ خَيْرَ الْمَاءِ الشَّبِمُ ، وَخَيْرَ الْمَالِ الْغَنَمُ ، وَخَيْرَ الْمَرْعَى الْأَرَاكُ وَالسَّلَمُ ، إِذَا أَخْلَفَ كَانَ لَجِينًا ، وَإِذَا سَقَطَ كَانَ دَرِينًا ، وَإِذَا أُكِلَ كَانَ لَبِينَا فَقَالَ جَرِيرٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَخْبِرْنِي عَنِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَعَنِ الْأَرْضِ السُّفْلَى قَالَ : خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاءَ الدُّنْيَا مِنْ أَلْوَاحِ الْكُفُوفِ ، وَحَفَّهَا بِالنُّجُومِ ، وَجَعَلَهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ ، وَحَفِظَهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ ، وَخَلَقَ الْأَرْضَ السُّفْلَى مِنَ الزَّبَدِ الْجُفَاءِ وَالْمَاءِ الْكُبَاءِ وَجَعَلَهَا عَلَى صَخْرَةٍ عَنْ ظَهْرِ حُوتٍ يَخْرُجُ مِنْهَا الْمَاءُ ، فَلَوِ انْخَرَقَ مِنْهَا خَرْقٌ لَأَذْرَتِ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا ، سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ . قَالَ : فَقَالَ جَرِيرٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ابْسُطْ يَدَكَ حَتَّى أُبَايِعَكَ قَالَ : فَبَسَطَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَدَهُ فَقَالَ جَرِيرٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْتَقِدْ قَالَ : أَعْتَقِدُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ قَالَ : نَعَمْ قَالَ : وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ قَالَ : نَعَمْ قَالَ : وَتَصُومَ رَمَضَانَ قَالَ : نَعَمْ قَالَ : وَتَغْتَسِلَ مِنَ الْجَنَابَةِ ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ قَالَ : نَعَمْ قَالَ : وَتَسْمَعَ وَتُطِيعَ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا قَالَ : نَعَمْ