حديث رقم: 385

حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّرْقُفِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَالِبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ الْفِلَسْطِينِيِّ ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ ، وَصِدْقِ الْحَدِيثِ ، وَوَفَاءِ الْعَهْدِ ، وَبَذْلِ السَّلَامِ

حديث رقم: 386

حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ، عَنْ عُقَيْلٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزَا عَلَى بَنِي قُرَيْظَةَ فَحَاصَرَهُمْ حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ ، فَقَضَى أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ ، وَتُقْسَمَ ذَرَارِيُّهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ قَالَ : فَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ كَذَا وَكَذَا إِلَّا عَمْرَو بْنَ سُعْدَى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّهُ كَانَ رَجُلًا يَأْمُرُ بِالْوَفَاءِ ، وَيَنْهَى عَنِ الْغَدْرِ ، فَلِذَلِكَ نَجَا

حديث رقم: 387

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ جَامِعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ ، سَمِعَ مَيْمُونَ بْنَ مِهْرَانَ يَقُولُ : ثَلَاثٌ تُؤَدَّى إِلَى الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ : الرَّحِمُ تَصِلُهَا بَرَّةً كَانَتْ أَوْ فَاجِرَةً ، وَالْعَهْدُ تَفِي بِهِ لِلْبَرِّ وَالْفَاجِرِ ، وَالْأَمَانَةُ تُؤَدِّيهَا إِلَى الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ

حديث رقم: 388

حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ الرَّبَعِيُّ ، وَأَبُو مُوسَى عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى الْمُؤَدِّبُ قَالَا : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ : حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ عَلِيٍّ الْعَنَزِيُّ ، عَنْ مُجَالِدٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كُنْتُ أَطُوفُ بِالْبَيْتِ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَفِّي فِي كَفِّهِ ، فَإِذَا أَعْرَابِيٌّ يَحْمِلُ امْرَأَةً كَأَنَّهَا مَهَاةٌ يَطُوفُ بِهَا يَقُولُ : صِرْتُ لِهَذِي جَمَلًا ذَلُولَا مُوَطَّأً أَتْبَعُ السُّهُولَا فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : مَنْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ ؟ قَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، امْرَأَتِي قَالَ : وَرَبِّ هَذِهِ الْبَنِيَّةِ لَقَدْ جَازَيْتَهَا ، فَقَالَ : أَمَا إِنَّهَا مَعَ ذَلِكَ لَحَمْقَاءُ مُرْعَامَةُ ، أَكُولُ قُمَامَةٍ ، مَشُومَةُ الْهَامَةِ ، مَا تُبْقِي لَهَا حَامَةً قَالَ : فَمَا تَصْنَعُ بِهَا يَا أَعْرَابِيُّ ؟ قَالَ : حَسَنًا فَلَا تُفْرَكْ وَأُمُّ عِيَالٍ فَلَا تُتْرَكْ ، فَقَالَ : شَأْنَكَ بِهَا وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : لَا يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يُعَاقِبَ وَادَّا وَإِنْ أَغْضَبَتْهُ ذُنُوبُهُ وَاضْطَرَّتْهُ إِلَى الْمَوْجِدَةِ أَجْرَامُهُ ، فَإِنَّ خَلِقَ الْوَادِّ خَيْرٌ مِنْ جَدِيدِ غَيْرِهِ

حديث رقم: 389

حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعُتْبِيُّ قَالَ : خَرَجْتُ إِلَى الْمِرْبَدِ ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا أَنَا بِأَعْرَابِيٍّ عَالِمٍ ، فَمِلْتُ إِلَيْهِ لِأَقْتَبِسَ مِنْ عِلْمِهِ ، فَقُلْتُ : يَا أَعْرَابِيُّ ، حَدِّثْنِي بِأَعْجَبِ شَيْءٍ رَأَيْتَهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، ضَلَّتْ إِبِلِي مِنْ أَرْنَبَ خَرَجَ فِي وَجْهِهَا لَيْلًا إِلَى بِلَادِ عُذْرَةَ ، فَإِذَا بَيْتٌ مُنْتَبَذٌ عَنِ الْأَخْبِيَةِ ، لَيْسَ فِيهِ رُؤْيَةُ أَنِيسٍ ، وَإِذَا عَلَى بَابِهِ جُوَيْرِيَةٌ كَاشِفَةٌ وَجْهَهَا ، كَأَنَّ وَجْهَهَا سَيْفٌ صَقِيلٌ ، فَلَمَّا رَأَتْنِي مُتَأَمِّلًا لَهَا أَرْخَتِ الْبُرْقُعَ وَقَالَتْ : يَا عَمُّ ، انْزِلْ عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ ، وَإِنْ أَحْبَبْتَ قُدَّامِي لَبَنًا أَوْ مَاءً قَالَ : فَأَنَخْتُ وَنَزَلْتُ قَالَتْ : مَا تَشَاءُ ؟ قُلْتُ : لَبَنًا ، فَوَلَّتْ كَأَنَّهَا قَضِيبٌ يَنْثَنِي ، فَأَخْرَجَتْ عُلْبَةً مَمْلُوءَةً لَبَنًا فَشَرِبْتُ حَتَّى رَوِيتُ ثُمَّ اسْتَلْقَيْتُ ، وَأَتَتْ فِي اسْتِلْقَائِي ، فَقَالَتْ : يَا عَمُّ ، إِنِّي لَأَرَاكَ تَعِبًا ، فَمَا الَّذِي أَتْعَبَكَ ؟ فَقُلْتُ : يَا حَبِيبَتِي ، ضَلَّتْ إِبِلِي مِنْ ثَلَاثٍ ، فَخَرَجْتُ فِي طَلَبِهَا ، فَقَالَتْ : يَا عَمُّ ، هَلْ لَكَ فِي أَنْ أَدُلَّكَ عَلَى مَنْ يَعْلَمُ عِلْمَهَا ؟ فَقُلْتُ : إِي وَاللَّهِ ، وَتَتَّخِذِي بِذَلِكَ عِنْدِي يَدًا ، فَقَالَتْ : سَلِ الَّذِي أَعْطَاكَ سُؤَالَ يَقِينٍ لَا سُؤَالَ اخْتِبَارٍ ، فَقُلْتُ : يَا حَبِيبَةُ ، هَلْ لَكِ مِنْ بَعْلٍ ؟ قَالَتْ : قَدْ كَانَ فَدُعِيَ إِلَى مَا مِنْهُ خُلِقَ ، فَقُلْتُ : فَهَلْ لَكِ فِي بَعْلٍ لَا تُذَمُّ خَلَائِقُهُ ، وَيَأْمَنُ الْمُعِدُّ بَوَائِقَهُ ؟ فَاسْتَعْبَرَتْ بَاكِيَةً ، ثُمَّ قَالَتْ : كُنَّا كَغُصْنَيْنِ فِي عُودٍ غِذَاؤُهُمَا مَاءُ الْجَدَاوِلِ فِي رَوْضَاتِ جَنَّاتِ فَاجْتَثَّ خَيْرَهُمَا مِنْ جَنْبِ صَاحِبِهِ دَهْرٌ يَكِرُّ بِرَوْعَاتٍ وَبَرْحَاتِ وَكَانَ عَاهَدَنِي إِنْ خَانَنِي زَمَنٌ أَلَّا يُضَاجِعَ أُنْثَى بَعْدَ مَثْوَاتِ وَكُنْتُ عَاهَدْتُهُ أَيْضًا فَعَاجَلَهُ رَيْبُ الْمَنُونِ قَرِيبًا مُذْ سِنِيَّاتِ فَاصْرِفْ عَنَانَكَ عَنْ مَنْ لَيْسَ يَصْرِفُهَا عَنِ الْوَفَاءِ خِلَابٌ فِي التَّحِيَّاتِ قَالَ : ثُمَّ جَهِدْتُ بِهَا أَنْ تُرِيَنِي الطَّرِيقَ أَوْ تُكَلِّمَنِي فَأَبَتْ

حديث رقم: 390

حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ بْنُ عِيسَى الزُّهْرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ : أَنْشُدُ أَبُو السَّائِبِ الْمَخْزُومِيُّ قَوْلَ قَيْسِ بْنِ ذُرَيْحٍ : تَعَلَّقَ رُوحِي رُوحَهَا قَبْلَ خَلْقِنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا كُنَّا نِطَافًا وَفِي الْمَهْدِ فَزَادَ كَمَا زِدْنَا فَأَصْبَحَ نَامِيًا فَلَيْسَ وَإِنْ مِتْنَا بِمُنْفَصِمِ الْعَهْدِ وَلَكِنَّهُ باقٍ عَلَى كُلِّ حَادِثٍ وَزَائِرُنَا فِي ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَاللَّحْدِ يَكَادُ بَصِيصُ الْمَاءِ يَخْدِشُ جِلْدَهَا إِذَا اغْتَسَلَتْ بِالْمَاءِ مِنْ رِقَّةِ الْجِلْدِ فَحَلَفَ أَبُو السَّائِبِ بِاللَّهِ لَا يَزَالُ وَيَقُومُ وَيَقْعُدُ حَتَّى يَحْفَظَ الْأَبْيَاتِ

حديث رقم: 391

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ الْقَنْطَرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الثَّقَفِيِّ : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرَّ لَيْلَةً وَهُوَ يَحْرُسُ فَسَمِعَ امْرَأَةً تَقُولُ : تَطَاوَلَ هَذَا اللَّيْلُ وَاخْضَلَّ جَانِبُهْ وَأَرَّقَنِي إِذْ لَا خَلِيلَ أُلَاعِبُهْ وَأُقْسِمُ لَوْلَا اللَّهُ لَا شَيْءَ غَيْرَهُ لَحُرِّكَ مِنْ هَذَا السَّرِيرِ جَوَانِبُهْ أُرَاقِبُ رَبِّي وَالْحَيَاءُ يَكُفُّنِي وَأُكْرِمُ زَوْجِي أَنْ تُرَامَ مَرَاكِبُهْ ثُمَّ تَنَفَّسَتِ الصُّعَدَاءَ ، ثُمَّ قَالَتْ : لَأَهْوَنُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مَا لَقِيتُ اللَّيْلَةَ . فَسَأَلَ عَنْهَا ، فَإِذَا هِيَ مُغِيبَةٌ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا بِنَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ ثُمَّ أَذِنَ لِزَوْجِهَا فَقَدِمَ عَلَيْهَا

حديث رقم: 392

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمِنْقَرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ ، عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ : كَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا أَمْسَى أَخَذَ دِرَّتَهُ ثُمَّ طَافَ بِالْمَدِينَةِ ، فَإِذَا رَأَى شَيْئًا يُنْكِرُهُ أَنْكَرَهُ ، فَخَرَجَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَإِذَا بِامْرَأَةٍ عَلَى سَطْحٍ وَهِيَ تُغَنِّي . قَالَ جَرِيرٌ : سَمِعْتُ هَذَا مِنْ غَيْرِ يَعْلَى : تَطَاوَلَ هَذَا اللَّيْلُ وَاخْضَلَّ جَانِبُهْ وَأَرَّقَنِي أَلَّا خَلِيلَ أُلَاعِبُهْ فَلَوْلَا إِلَهِي وَالتُّقَى خَشْيَةَ الرَّدَى لَزُعْزِعَ مِنْ هَذَا السَّرِيرِ جَوَانِبُهْ قَالَ : ثُمَّ عَادَ إِلَى حَدِيثِ يَعْلَى : فَضَرَبَ بَابَ الدَّارِ ، فَقَالَتْ : وَمَنْ هَذَا الَّذِي يَأْتِي بَابَ امْرَأَةٍ مَغِيبَةٍ هَذِهِ السَّاعَةَ يَسْتَفْتِحُ عَلَيْهَا ؟ فَقَالَ : افْتَحِي ، فَجَعَلَتْ تَأْبَى ، فَلَمَّا أَكْثَرَ عَلَيْهَا قَالَتْ : أَمَا وَاللَّهِ لَوْ بَلَغَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ خَبَرُكَ لَعَاقَبَكَ ، فَلَمَّا رَأَى عَفَافَهَا قَالَ : افْتَحِي ؛ فَأَنَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ : كَذَبْتَ ، مَا أَنْتَ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ وَجَاهَرَهَا ، فَعَرَفَتْ أَنَّهُ هُوَ ، فَفَتَحَتْ لَهُ ، فَقَالَ : هِيهِ ، كَيْفَ قُلْتِ ؟ فَأَعَادَتْ عَلَيْهِ مَا قَالَتْ قَالَ : أَمَا وَاللَّهِ لَوْلَا أَنَّكِ بَدَأْتِ بِالْإِلَهِ وَثَنَّيْتِ بِهِ وَثَلَّثْتِ بِهِ لَأَوْجَعْتُكِ ضَرْبًا ، أَيْنَ زَوْجُكِ ؟ قَالَتْ : فِي بَعْثِ كَذَا كَذَا ، فَبَعَثَ إِلَى عَامَلِ ذَلِكَ الْجُنْدِ أَنْ سَرِّحْ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ قَالَ : اذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ . قَالَ أَبُو سَلَمَةَ : يَقُولُونَ أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ أُمُّ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ

حديث رقم: 393

حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ الرَّبَعِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَرَجِ الرِّيَاشِيُّ ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ ، عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ قَالَ : حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ قَالَ : خَرَجْتُ فِي طَلَبِ ضَالَّةٍ لِي ، فَبَيْنَمَا أَنَا أَدُورُ فِي أَرْضِ بَنِي عُذْرَةَ أَنْشُدُ ضَالَّتِي إِذْ أَتَيْتُ مُعْتَزَلًا مُعْتَزِلًا عَنِ الْبُيُوتِ ، وَإِذَا فِي كِسْرِ الْبَيْتِ فَتًى شَابٌّ مُغْمًى عَلَيْهِ ، وَعِنْدَ رَأْسِهِ عَجُوزٌ لَهَا بَقِيَّةٌ مِنْ جَمَالٍ شَاهِيَةٌ تَنْظُرُ إِلَيْهِ ، فَسَلَّمْتُ ، فَرَدَّتِ السَّلَامَ ، فَسَأَلْتُهَا عَنْ ضَالَّتِي فَلَمْ يَكُ عِنْدَهَا مِنْهَا عِلْمٌ ، فَقُلْتُ لَهَا : أَيَّتُهَا الْعَجُوزُ ، مَنْ هَذَا الْفَتَى ؟ قَالَتِ : ابْنِي ، ثُمَّ قَالَتْ : هَلْ لَكَ فِي أَجْرٍ لَا مُؤْنَةَ فِيهِ ؟ فَقُلْتُ : وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ الْأَجْرَ وَإِنْ رَزِيتُ ، فَقَالَتْ : إِنَّ ابْنِي هَذَا يَهْوَى ابْنَةَ عَمٍّ لَهُ ، وَكَانَ عَلِقَهَا وَهُمَا صَغِيرَانِ ، فَلَمَّا كَبِرَتْ حُجِبَتْ عَنْهُ فَأَخَذَهُ شَبِيهٌ بِالْجُنُونِ ، ثُمَّ خَطَبَهَا إِلَى أَبِيهَا فَامْتَنَعَ مِنْ تَزْوِيجِهِ ، وَخَطَبَهَا غَيْرُهُ فَزَوَّجَهَا إِيَّاهُ ، فَنَحِلَ جِسْمُ وَلَدِي وَاصْفَرَّ لَوْنُهُ وَذَهِلَ عَقْلُهُ ، فَلَمَّا كَانَ مُذْ خَمْسٍ زُفَّتْ إِلَى زَوْجِهَا ، فَهُوَ كَمَا تَرَى ، لَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ ، مُغْمًى عَلَيْهِ ، فَلَوْ نَزَلْتَ إِلَيْهِ فَوَعَظْتَهُ قَالَ : فَنَزَلْتُ إِلَيْهِ ، فَلَمْ أَدَعْ شَيْئًا مِنَ الْمَوَاعِظِ إِلَّا وَعَظْتُهُ حَتَّى إِنِّي قُلْتُ فِيمَا أَقُولُ : إِنَّهُنَّ الْغَوَانِي صَوَاحِبَاتُ يُوسُفَ ، النَّاقِضَاتُ الْعَهْدِ ، وَقَدْ قَالَ فِيهِنَّ كُثَيِّرُ عَزَّةَ : هَلْ وَصْلُ عَزَّةَ إِلَّا وَصْلُ غَانِيَةٍ فِي وَصْلِ غَانِيَةٍ عَنْ وَصْلِهَا خُلْفُ قَالَ : فَرَفَعَ رَأْسَهُ مُحْمَرَّةً عَيْنَاهُ كَالْمُغْضَبِ ، وَهُوَ يَقُولُ : كُثَيِّرُ عَزَّةَ إِنَّ كُثَيِّرَ رَجُلٌ مَايِقٌ ، وَأَنَا رَجُلٌ مَايِقٌ ، وَلَكِنِّي كَأَخِي تَمِيمٍ حَيْثُ يَقُولُ : أَلَا لَا يَضُرُّ الْحُبَّ مَا كَانَ ظَاهِرًا وَلَكِنَّ مَا احْتَافَ الْفُؤَادُ يَضِيرُ أَلَا قَاتَلَ اللَّهُ الْهَوَى كَيْفَ قَادَنِي كَمَا قِيدِ مَغْلُولُ الْيَدَيْنِ أَسِيرُ فَقُلْتُ لَهُ : إِنَّهُ قَدْ جَاءَ عَنْ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : مَنْ أُصِيبِ مِنْكُمْ بِمُصِيبَةٍ فَلْيَذْكُرْ مُصَابَهُ بِي . فَأَنْشَأَ يَقُولُ : أَلَا مَا لِلْمَلِيحَةِ لَمْ تَعُدْنِي أَبُخْلٌ بِالْمَلِيحَةِ أَمْ صُدُودُ ؟ مَرِضْتُ فَعَادَنِي أَهْلِي جَمِيعًا فَمَالَكِ لَمْ تُرَ فِيمَنْ يَعُودُ ؟ فَقَدْتُكِ بَيْنَهُمْ فَبَلِيتُ شَوْقًا وَفَقْدُ الْإِلْفِ يَا أَمَلِي شَدِيدُ وَمَا اسْتَبْطَأْتُ غَيْرَكِ فَاعْلَمِيهِ وَحَوْلِي مِنْ ذَوِي رَحِمِي عَدِيدُ وَلَوْ كُنْتِ الْمَرِيضَ لَكُنْتُ أَسْعَى إِلَيْكِ وَمَا يُهَدِّدُنِي الْوَعِيدُ قَالَ : ثُمَّ شَهِقَ شَهْقَةً وَخَفَتَ فَمَاتَ ، فَبَكَتِ الْعَجُوزُ ، وَقَالَتْ : فَاضَتْ وَاللَّهِ نَفْسُهُ ، فَدَخَلَنِي أَمْرٌ لَمْ يَدْخُلْنِي مِثْلُهُ ، فَلَمَّا رَأَتِ الْعَجُوزُ مَا حَلَّ بِي قَالَتْ : يَا فَتًى ، لَا تَرْتَاعْ ، مَاتَ وَاللَّهِ وَلَدِي بِأَجَلِهِ وَاسْتَرَاحَ مِنْ تَبَارِيحِهِ وَغُصَصِهِ ، ثُمَّ قَالَتْ : هَلْ لَكَ فِي اسْتِكْمَالِ الضَّيْعَةِ ، قُلْتُ : قُولِي مَا أَحْبَبْتِ قَالَتْ : تَأْتِي الْبُيُوتَ فَتَنْعَاهُ إِلَيْهِمْ لِيُعَاوِنُونِي عَلَى رَمْسِهِ ، فَإِنِّي وَحِيدَةٌ . قَالَ : فَرَكِبْتُ نَحْوَ الْبُيُوتِ فَرَسِي ، فَإِذَا أَنَا بِجَارِيَةٍ أَجْمَلِ مَا رَأَيْتُ مِنَ النِّسَاءِ نَاشِرَةٍ شَعْرَهَا حَدِيثَةِ عَهْدٍ بِعُرْسٍ ، فَقَالَتْ : بِفِيكِ الْحَجَرُ الْمُصْلَتُ ، مَنْ تَنْعِي ؟ قُلْتُ : أَنْعَى فُلَانًا قَالَتْ : أَوَقَدْ مَاتَ ؟ قُلْتُ : إِي وَاللَّهِ قَدْ مَاتَ قَالَتْ : فَهَلْ سَمِعْتَ لَهُ قَوْلًا ؟ فَقُلْتُ : اللَّهُمَّ لَا ، إِلَّا شِعْرًا قَالَتْ : وَمَا هُوَ ؟ فَأَنْشَدْتُهَا قَوْلَهُ : أَلَا مَا لِلْمَلِيحَةِ لَمْ تَعُدْنِي أَبُخْلٌ بِالْمَلِيحَةِ أَمْ صُدُودُ ؟ فَاسْتَعْبَرَتْ بَاكِيَةً ، وَأَنْشَأَتْ تَقُولُ : عَدَانِي أَنْ أَزُورَكَ يَا مُنَايَا مَعَاشِرُ كُلُّهُمْ بَاغٍ حُسُودُ أَشَاعُوا مَا عَلِمْتَ مِنَ الدَّوَاهِي وَعَابُونَا وَمَا فِيهِمْ رَشِيدُ فَلَّمَا أَنْ ثَوِيتَ الْيَوْمَ لَحْدًا وَكُلُّ النَّاسِ دُونَهُمُ لُحُودُ فَلَا طَابَتْ لِيَ الدُّنْيَا فُوَاقًا وَلَا لَهُمُ وَلَا أَثْرَى الْعَدِيدُ ثُمَّ شَهِقَتْ شَهْقَةً خَرَّتْ مَغْشِيًّا عَلَيْهَا ، وَخَرَجَ النِّسَاءُ إِلَيْهَا مِنَ الْبُيُوتِ ، وَاضْطَرَبَتْ سَاعَةً وَمَاتَتْ ، فَوَاللَّهِ مَا بَرِحْتُ الْحَيَّ حَتَّى دَفَنْتُهُمَا جَمِيعًا

حديث رقم: 394

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَمْرُوسٍ ، أَنَّ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ دَخَلَ يَوْمًا بَعْدَ مَوْتِ حَبَابَةَ ، وَكَانَ لَهَا عَاشِقًا إِلَى خَزَائِنِهَا وَمَقَاصِيرِهَا ، وَطَافَ فِيهَا وَمَعَهُ جَارِيَةٌ مِنْ جَوَارِيهَا ، فَتَمَثَّلَتِ الْجَارِيَةُ : كَفَى حَزَنًا بِالْوَالِهِ الصَّبِّ أَنْ يَرَىَ مَنَازِلَ مَنْ يَهْوَى مُعَطَّلَةً صِفْرَا فَصَاحَ صَيْحَةً وَخَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ ، فَلَمْ يَفِقْ إِلَى أَنْ مَضَى مِنَ اللَّيْلِ هَوَسٌ ، فَلَمْ يَزَلْ بَقِيَّةَ لَيْلِهِ بَاكِيًا وَمَنْ عِنْدَهُ ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِي وَقَدِ انْفَرَدَ فِي بَيْتٍ يَبْكِي عَلَيْهَا جَاءُوا إِلَيْهِ فَوَجَدُوهُ مَيِّتًا

حديث رقم: 395

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ دَاوُدَ الرَّقِّيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : مَرَرْتُ بِجَارِيَةٍ تَبْكِي عَلَى قَبْرٍ ، فَحَفِظْتُ مِنْ قَوْلِهَا : وَإِنِّي لَأَسْتَحْيِيكَ وَالتُّرْبُ بَيْنَنَا كَمَا كُنْتُ أَسْتَحْيِي وَأَنْتَ تَرَانِي

حديث رقم: 396

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ الْبَاهِلِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، أَنَّ عُمَرَ ، رَحِمَهُ اللَّهُ : مَرَّ بِامْرَأَةٍ مَجْذُومَةٍ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ ، فَقَالَ لَهَا : يَا أَمَةَ اللَّهِ ، لَا تُؤْذِي النَّاسَ وَاجْلِسِي فِي بَيْتِكِ ، فَجَلَسَتْ ، فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ فَقَالَ : إِنَّ الَّذِي نَهَاكِ قَدْ مَاتَ ، فَطُوفِي بِالْبَيْتِ ، فَقَالَتْ : مَا كُنْتُ لِأُطِيعَهُ حَيًّا وَأَعْصِيَهُ مَيِّتًا

حديث رقم: 397

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ : قَالَ الضَّبِّيُّ : عَشِقَ كَامِلُ بْنُ الْوَضِينِ أَسْمَاءَ بِنْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامٍ ابْنَةَ عَمِّهِ ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ الْعِشْقُ حَتَّى صَارَ كَالشَّيْءِ الْبَالِي ، فَشَكَا أَبُوهُ إِلَى أَبِيهَا مَا نَزَلَ بِهِ لِيُزَوِّجَهَا مِنْهُ ، وَلَمْ يَعْلَمْ كَامِلُ بْنُ الْوَضِينِ ، قَالَ : وَإِذَا سَمَّى لَتَسْمَعُ كَلَامِي ؟ قِيلَ : نَعَمْ ، فَشَهِقَ شَهْقَةً وَقُضِيَ مَكَانَهُ ، فَقِيلَ لَهَا : مَاتَ بِغُصَّةِ شَجَنِهِ قَالَتْ : وَاللَّهِ لَأَمُوتَنَّ بِمِثْلِهَا ، وَلَقَدْ كُنْتُ عَلَى زِيَارَتِهِ قَادِرَةً ، فَمَنَعَنِي مِنْهَا قُبْحُ ذِكْرِ الرِّيبَةِ ، وَمَرِضَتْ ، فَلَمَّا اشْتَدَّ بِهَا الْمَرَضُ قَالَتْ لِأَشْفَقِ نِسَائِهَا عَلَيْهَا : صَوِّرِي لِي مِثَالَهُ ؛ فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَزُورَهُ قَبْلَ مَوْتِي ، فَفَعَلَتْ ، فَلَمَّا وَصَلَّتِ الصُّورَةُ اعْتَنَقَتْهَا وَشَهِقَتْ فَقُضِيَتْ ، فَطَلَبَ أَبُو الْفَتَى إِلَى أَبِيهَا أَنْ يَدْفِنَهَا بِالْقُرْبِ مِنْ قَبْرِ ابْنِهِ فَفَعَلَ ، وَكَتَبَ عَلَى قَبْرَيْهِمَا : بِنَفْسِي هُمَا لَمْ يُمَتَّعَا بِهَوَاهِمَا عَلَى الدَّهْرِ حَتَّى غُيِّبَا فِي الْمَقَابِرِ أَقَامَا عَلَى غَيْرِ التَّزَاوُرِ بُرْهَةً فَلَمَّا أُصِيبَا قَرَّبَا بِالتَّزَاوُرِ فَيَا حُسْنَ قَبْرٍ زَارَ قَبْرًا يُحِبُّهُ وَيَا زَوْرَةً جَاءَتْ بِرَيْبِ الْمَقَادِرِ

حديث رقم: 398

أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبَّاسٍ الصَّائِغُ قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرٍ الْبَاهِلِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ عُذْرَةَ قَالَ : كَانَ فِينَا فَتًى ظَرِيفٌ غَزِلٌ ، وَكَانَ كَثِيرًا يَتَحَدَّثُ إِلَى النِّسَاءِ ، فَهَوَى جَارِيَةً مِنَ الْحَيِّ فَرَاسَلَهَا فَأَظْهَرَتْ لَهُ جَفْوَةً ، فَوَقَعَ مُضْنًى مُدْنِفًا ، وَظَهَرَ أَمْرُهُ وَبِينَتْ دَنَفُهُ ، فَلَمْ تَزَلِ النِّسَاءُ مِنْ أَهْلِهِ وَأَهْلِهَا يُكَلِّمُونَهَا حَتَّى إِجَابَتْهُ فَصَارَتْ إِلَيْهِ عَائِدَةً وَمُسَلِّمَةً ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا تَحَدَّرَتْ عَيْنَاهُ بِالدُّمُوعِ ، وَأَنْشَأَ يَقُولُ : أُرِيتُكِ إِنْ مَرَّتْ عَلَيْكِ جَنَازَتِي تَلُوحُ بِهَا أَيْدٍ طُوَالٍ وَشُرَّعِ أَمَا تَبْتَغِينَ النَّعْشَ حَتَّى تُسَلِّمِي عَلَى رَمْسِ مَيْتٍ فِي الْحُفَيْرَةِ مُودَعِ قَالَ : فَبَكَتْ رَحْمَةً لَهُ وَقَالَتْ : مَا ظَنَنْتُ أَنَّ الْأَمْرَ قَدْ بَلَغَ بِكَ كُلَّ هَذَا ، فَوَاللَّهِ لَأُسَاعِدَنَّكَ ، لَأُدَاوِمَنَّ عَلَى وَصْلِكَ ، فَهَمِلَتْ عَيْنَاهُ بِالدُّمُوعِ وَأَنْشَأَ يَقُولُ : دَنَتْ وَظِلَالُ الْمَوْتِ بَيْنِي وَبَيْنَهَا وَمَنَّتْ بِوَصْلٍ حِينَ لَا يَنْفَعُ الْوَصْلُ ثُمَّ شَهِقَ شَهْقَةً خَرَجَتْ نَفْسُهُ ، فَوَقَعَتْ عَلَيْهِ تِلْثِمُهُ وَتَبْكِي ، فَرُفِعَتْ عَنْهُ مَغْشِيًّا عَلَيْهَا ، فَمَا مَكَثَتْ بَعْدَهُ إِلَّا أَيَّامًا حَتَّى مَاتَتْ

حديث رقم: 399

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ بْنِ عُبَيْدَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ صَخْرٍ الثَّقَفِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ قَالَ : كَانَ بِالْبَصْرَةِ أَخَوَانِ ، فَغَدَا أَحَدُهُمَا وَخَلَّفَ امْرَأَتَهُ عَلَى أَخِيهِ ، فَأَرَادَتْهُ عَلَى نَفْسِهِ فَامْتَنَعَ عَلَيْهَا ، فَقَالَتْ : إِنْ لَمْ تَفْعَلْ لَأُخْبِرَنَّ أَخَاكَ إِذَا قَدِمَ أَنَّكَ دَعَوْتَنِي إِلَى ذَلِكَ ، فَدَامَ عَلَى امْتِنَاعِهِ ، فَلَمَّا قَدِمَ أَخُوهُ أَخْبَرَتْهُ بِذَلِكَ ، فَهَجَرَ أَخَاهُ زَمَانًا حَتَّى مَاتَ الْأَخُ ، وَنَدِمَتِ الْمَرْأَةُ فَأَخْبَرَتْ زَوْجَهَا بِالْخَبَرِ عَلَى حَقِيقَتِهِ ، فَكَانَ يَأْتِي قَبْرَ أَخِيهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ فَيَبْكِي عِنْدَهُ وَيَقُولُ : هَجَرْتُكَ فِي طُولِ الْحَيَاةِ وَأَبْتَغِي وِصَالَكَ لَمَّا صِرْتَ رَمْسًا وَأَعْظُمَا أَجِدْكَ تَطْوِي الدَّوْمَ لَيْلًا وَلَا تَرَى عَلَيْكَ لِأَهْلِ الدَّوْمِ أَنْ تَتَكَلَّمَا وَبِالدَّوْمِ ثَاوٍ لَوْ حَلَلْتَ مَكَانَهُ فَمُرَّ بِوَادِي الدَّوْمِ حَيًّا وَسَلِّمَا

حديث رقم: 400

حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ الْأَرْمِينِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمَّادٍ الدُّولَابِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي عَمِّي ، مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ قَالَ : كَانَ أَخَوَانِ مِنْ ثَقِيفٍ مِنْ بَنِي كُنَّةَ بَيْنَهُمَا مِنَ التَّحَابُبِ وَالْإِيثَارِ شَيْءٌ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَخُوهُ عِنْدَهُ عَدْلُ نَفْسِهِ ، وَإِنَّ الْأَكْبَرَ خَرَجَ إِلَى سَفَرٍ لَهُ ، وَلَهُ امْرَأَةٌ فَأَوْصَى أَخَاهُ بِحَاجَةِ أَهْلِهِ ، بَيْنَمَا الْمُقِيمُ فِي دَارِ الظَّاعِنِ ، إِذْ مَرَّتِ امْرَأَةُ أَخِيهِ ، وَكَانَتْ مِنْ أَجْمَلِ الْبَشَرِ فِي دِرْعٍ تَجُوزُ مِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْتٍ قَالَ : فَرَآهَا ، فَرَأَى شَيْئًا حَيَّرَهُ ، فَلَمَّا رَأَتْهُ وَلْوَلَتْ ، وَوضَعَتْ يَدَهَا عَلَى رَأْسِهَا وَدَخَلَتْ بَيْتًا ، وَوَقَعَ حُبُّهَا فِي قَلْبِهِ ، فَجَعَلَ يَذُوبُ فَنَحِلَ جِسْمُهُ وَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ ، وَقَدِمَ أَخُوهُ فَقَالَ : يِا أَخِي ، مَالِي أَرَاكَ مُتَغَيِّرًا ؟ مَا وَجَعُكَ ؟ قَالَ : مِا بِي وَجَعٌ ، فَدَعَا لَهُ الْأَطِبَّاءَ فَلَمْ يَقَعْ أَحَدٌ عَلَى دَائِهِ غَيْرُ الْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ ، وَكَانَ طَبِيبًا ، فَقَالَ : أَرَى عَيْنَيْنِ صَحِيحَتَيْنِ ، وَمَا أَدْرِي مَا هَذَا الْوَجَعُ ، وَمَا أَظُنُّهُ إِلَّا عَاشِقًا قَالَ أَخُوهُ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، أَسْأَلُكَ عَنْ وَجَعِ أَخِي وَأَنْتَ تَسْتَهْزِئُ قَالَ : فَمَا فَعَلْتُ ، وَسَأَسْقِيهِ شَرَابًا عِنْدِي ، فَإِنْ يَكُنْ عَاشِقًا فَسَيَتَبَيَّنُ لَكُمْ ، فَأَتَاهُ يَشْرَبُ ، فَجَعَلَ يَسْقِيهُ قَلِيلًا قَلِيلًا ، فَلَمَّا أَخَذَ الشَّرَابَ مِنْهُ تَهَيَّجَ وَتَكَلَّمَ ، وَقَالَ : تَهَيَّجَ وَتَهَيَّجَ وَ حَزِينًا مَا أَكُونَنَّهْ أَلَمَّا بِي عَلَى الْأَبْيَا تِ مَنْ خِيفَ نَذْرُهُنَّهْ غَزَالٌ مَا رَأَيْتُ الْيَوْ مَ فِي دُورِ بَنِي كُنُّهْ أَسِيلُ الْخَدِّ مَرْبُوبٌ وَفِي مَنْطِقِهِ غُنَّهْ فَقَالَ : أَنْتَ أَطَبُّ الْعَرَبِ ، ثُمَّ قَالَ : سَأُعِيدُ لَهُ الشَّرَابَ فَلَعَلَّهُ يُسَمِّي ، فأَعَادَ لَهُ الشَّرَابَ ، فَقَالَ : أَيُّهَا الْحَيُّ سَلِّمُوا وَأْرِبُعوا كَيْ تَكَلَّمُوا خَرَجَتْ مُزْنَةٌ مِنَ الْـ بَحْرِ رِيًّا تُحَمْحِمُ وَتُفْضُوا لَبَانَهُ وَتَحْيَوْا وَتَغْنَمُوا هِيَ مَا كُنَّتِي وَتَزْ عُمُ أَنِّي لَهَا حَمُ قَالَ : فَطَلَّقَ أَخُوهُ امْرَأَتَهُ ، فَقَالَ الْمَرِيضُ : عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا إِنْ تَزَوَّجْتُهَا ، فَمَاتَ وَلَمْ يَتَزَوَّجْهَا

حديث رقم: 401

حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ ، عَنْ رُكَيْنٍ ، يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : عَرَضَ الْحَجَّاجُ سِجْنَهُ يَوْمًا : فَأُتِيَ بِرَجُلٍ فَقَالَ لَهُ : مَا كَانَ جُرْمُكَ ؟ فَقَالَ : أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ ، أَخَذَنِي عَسَسُ الْأَمِيرِ ، وَأَنَا مُخْبِرٌ بِخَبَرِي ، فَإِنْ يَكُنِ الْكَذِبُ يُنَجِّي فِالصِّدْقُ أَوْلَى بِالنَّجَاةِ ، فَقَالَ : وَمَا قِصَّتُكَ ؟ قَالَ : كُنْتُ أَخًا لِفُلَانٍ فَضَرَبَ الْأَمِيرُ عَلَيْهِ الْبَعْثَ إِلَى خُرَاسَانَ ، وَكَانَتِ امْرَأَتُهُ تَهْوَانِي وَأَنَا لَا أَشْعُرُ ، فَبَعَثَتْ إِلَيَّ ذَاتَ يَوْمٍ رَسُولًا أَنْ قَدْ جَاءَنَا كِتَابُ صَاحِبِكَ فَهَلُمَّ لِتَقْرَأَهُ ، فَمَضَيْتُ إِلَيْهَا فَجَعَلَتْ تَشْغَلُنِي بِالْحَدِيثِ حَتَّى صَلَّيْنَا الْمَغْرِبَ ، ثُمَّ أَظْهَرَتْ لِي مَا فِي نَفْسِهَا مِنِّي ، وَدَعَتْنِي إِلَى الشَّرِّ فَأَبَيْتُ ذَلِكَ ، فَقَالَتْ : وَاللَّهِ لَئِنْ لَمْ تَفْعَلْ لَأَصِيحَنَّ وَلَأَقُولَنَّ : إِنَّكَ لِصٌّ ، فَخِفْتُهَا وَاللَّهِ أَيُّهَا الْأَمِيرُ عَلَى نَفْسِي ، فَقُلْتُ : أَمْهِلِي حَتَّى اللَّيْلِ ، فَلَمَّا صَلَّيْتُ الْعَتَمَةَ وَثِقْتُ بِشِدَّةِ حَرَسِ الْأَمِيرِ ، فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهَا هَارِبًا ، وَكَانَ الْقَتْلُ أَيْسَرَ عَلَيَّ مِنْ خِيَانَةِ أَخِي ، فَلَقِيَنِي عَسَسُ الْأَمِيرِ فَأَخَذُونِي ، وَقَدْ قُلْتُ فِي ذَلِكَ شِعْرًا . قَالَ : وَمَا هُوَ ؟ قَالَ : رُبَّ بَيْضَاءَ بَضَّةٍ ذَاتِ دَلٍّ قَدْ دَعَتْنِي لِوَصْلِهَا فَأَبَيْتُ لَمْ يَكُنْ شَأْنِيَ الْعَفَافَ , وَلَكِنْ كُنْتُ نَدْمَانَ زَوْجِهَا فَاسْتَحَيْتُ

حديث رقم: 402

وَسَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ الْمُبَرِّدَ ، يُنْشِدُ : وَإِنَّ خَلِيلًا لَمْ يَخُنْكَ وَلَمْ يَزَلْ عَلَى صَالِحٍ مِنْ وُدِّهِ لَكَرِيمُ وَإِنَّ خَلِيلًا أَحْدَثَ النَّاسُ سَلْوَةً لَهُ عَنْ خَلِيلٍ وَامِقٍ لَلَئِيمُ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ بُهْلُولٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ : حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُتْبَةَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنِ ابْنِ أَبِي حَدْرَدٍ الْأَسْلَمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حَدْرَدٍ قَالَ : كُنْتُ يَوْمًا فِي خَيْلِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

حديث رقم: 403

حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ نَعْلَسٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَمِيمٍ ، رَجُلٌ مِنْ عُكْلٍ قَالَ : مَرَرْتُ بِامْرَأَةٍ تَبْكِي عَلَى قَبْرٍ فَسَمِعْتُهَا تَقُولُ : يَا قَرِيبَ الْفَنَى بَعِيدَ الْمَآبِ بِأَبِي أَنْتَ يَا سَلِيبَ الشَّبَابِ لَمْ تَدَعْ وَجْهَكَ الْمَنِيَّةُ حَتَّى وَهَبَتْ حُسْنَهُ لِقُبْحِ التُّرَابِ قَالَ : فَسَأَلْتُهَا عَنْ صَاحِبِ الْقَبْرِ ، فَقَالَتْ : فَتًى سُمِّيتُ لَهُ ، فَاخْتَلَسَتْهُ الْأَيَّامُ قَبْلَ أَنْ يَعْقِدَ أَمْرَنَا ، وَوَاللَّهِ لَأَعْقِدَنَّ مَوْتِي بِمَوْتِهِ

حديث رقم: 404

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَيُّوبَ الزِّيَادِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمُزَنِيُّ قَالَ : سَمِعْتُ امْرَأَةً ، عِنْدَ قَبْرٍ وَهِيَ تَقُولُ : كَفَى حَزَنًا أَنِّي أَرْوَحُ بِحَدِّهِ وَأَغْدُو عَلَى قَبْرٍ وَمَنْ فِيهِ لَا يَدْرِي فَيَا نَفْسُ شُقِّي جَيْبَ عُمْرِكَ عِنْدَهُ وَلَا تَبْخَلِي بِاللَّهِ يَا نَفْسُ بِالْعُمْرِ فَمَا كَانَ يَأْبَى أَنْ يَجُودَ بِنَفْسِهِ لِيُنْقِذَنِي لَوْ كُنْتُ صَاحِبَةَ الْقَبْرِ فَمَا زَالَتْ تَزُورُ قَبْرَهُ وَتَبْكِيهِ بِهَذَا الشِّعْرِ حَتَّى مَاتَتْ

حديث رقم: 405

حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُخَرِّمِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ، عَنْ عَامِرِ بْنِ حُذَافَةَ قَالَ : رَأَيْتُ بِصَحَارٍ جَارِيَةً قَدْ أَلْصَقَتْ خَدَّهَا بِقَبْرٍ وَهِيَ تَبْكِي وَتَقُولُ : خَدِّي يَقِيكَ خُشُونَةَ اللَّحْدِ وَقَلِيلَةٌ لَكَ سَيِّدِي خَدِّي يَا سَاكِنَ التُّرْبِ الَّذِي بِوَفَاتِهِ عَمِيَتْ عَلَيَّ مَسَالِكُ الرَّشَدِ اسْمَعْ فَدَيْتُكَ غَلَّتِي فَلَعَلَّنِي أَشْفِي بِذَلِكَ غَلَّةَ الْوَجْدِ قَالَ : فَسَأَلْتُهَا عَنْ صَاحِبِ الْقَبْرِ فَقَالَتْ : فَتًى رَافَقْتُهُ فِي الصِّبَا ، وَأَنْشَأَتْ تَقُولُ : كُنَّا كَرُوحِ حَمَامَةٍ فِي أَيْكَةٍ مُتَنَعِّمِينَ بِصِحَّةٍ وَشَبَابِ فَعَدَا الزَّمَانُ مُشَتِّتًا بِفِرَاقِهِ تَعِسَ الزَّمَانُ بِفُرْقَةِ الْأَحْبَابِ قَالَ : فَبَكَيْتُ لِرِقَّةِ شِعْرِهَا ، فَأَنْشَأَتْ تَقُولُ : تَبْكِي عَلَيْهِ وَلَسْتَ تَعْرِفُ أَمْرَهُ فَلَأُعْلِمَنَّكَ مَالَهُ بِبَيَانِ مَا كَانَ لِلْعَافِينَ غَيْرَ نَوَالِهِ فَإِذَا اسْتُجِيرَ فَفَارِسُ الْفُرْسَانِ لَا يُتْبِعُ الْجِيرَانَ رِيبَةَ طَرْفِهِ وَيُتَابِعُ الْإِحْسَانَ لِلْجِيرَانِ عَفُّ السَّرِيرَةِ وَالْجَهِيرَةِ مِثْلُهَا فَإِذَا اسْتُضِيمَ أَرَاكَ سَبْقَ طِعَانِ فَقُلْتُ : أَعْلِمِينِي مَنْ هُوَ ؟ قَالَتْ : سِنَانُ بْنُ وَبَرَةَ الَّذِي يَقُولُ فِيهِ الشَّاعِرُ : يَا رَايِدًا غَيْثًا لِنَجْعَةِ قَوْمِهِ يَكْفِيكَ مِنْ غَيْثٍ نَوَالُ سِنَانِ ثُمَّ قَالَتْ : يَا هَذَا ، وَاللَّهِ لَوْلَا أَنَّكَ غَرِيبٌ مَا مَتَّعْتُكَ مِنْ حَدِيثِي ، مَا كَانَ يُجِلُّ عَنِ السَّامِعِينَ ، قُلْتُ : فَكَيْفَ كَانَ حُبُّهُ لَكِ ؟ قَالَتْ : آلَى أَلَّا يُوَسِّدَنِي إِلَّا يَدَهُ عُمْرَهُ وَعُمُرِي ، فَبَقِيتُ مَعَهُ أَرْبَعِينَ أَحْوَالًا ، مَا عَلِمَ اللَّهُ أَنِّي تَوَسَّدْتُ غَيْرَهَا إِلَّا فِي حَالٍ يَمْنَعُهُ مِنِّي مَانِعٌ ، وَكَانَ قَلِيلَ الْإِفَاقَةِ مِنْ ذَلِكَ

حديث رقم: 406

حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ الرَّبَعِيُّ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعُتْبِيُّ ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ قَالَ : رَأَيْتُ بِالْأُقْحُوَانَةَ امْرَأَةً مُنْحَطَّةً عَلَى قَبْرٍ وَهِيَ تَقُولُ : فَيَا قَبْرُ لَوْ شَفَّعْتَنِي فِيهِ مَرَّةً وَأَخْرَجْتَهُ مِنْ ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَاللَّحْدِ فَكُنْتُ أَرَى هَلْ غَيَّرَ التُّرْبُ وَجْهَهُ وَهَلْ غَاثَ دُودُ اللَّحْدِ فِي ذَلِكَ الْخَدِّ فَقُلْتُ لَهَا : مَنْ صَاحِبُ الْقَبْرِ مِنْكِ ؟ قَالَتْ : ابْنُ عَمٍّ لِي ، تَزَوَّجَنِي وَنَحْنُ غِدَادٌ بِمَاءِ الْحَدَاثَةِ جَذْلَانَ ، فَطَفِقَ لَا يَرْوِي مِنِّي وَلَا أَنْهَلُ مِنْهُ ، حَتَّى كَانَ الْعَامُ الْمَاضِي ، وَغَزَتْنَا سُلَيْمٌ وَلَيْسَ فِي الْحَيِّ غَيْرِي وَغَيْرُهُ ، فَخَرَجَ يَحْمِي وَهُوَ يَقُولُ : نَعَتْنِي زُبَيْدٌ أَنْ شَكَوْتُ خَلِيلَتِي طِعَانِي وَكَرِّي مَا إِذَا الْخَيْلُ خَلَّتِي فَإِنْ مِتُّ فَأَغْرِي كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بِذِكْرِي وَلَا تَنْسَيْ أُمَيْمَةُ خَلَّتِي فَوَاللَّهِ مَا بَرِحَ يُقَاتِلُ حَتَّى قُتِلَ ، قُلْتُ : فَكَمْ سَنَةٌ كَانَتْ لَهُ ؟ قَالَتْ : أَنَا أَكْبَرُ مِنْهُ بِسَنَةٍ ، وَلِي بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً ، وَاللَّهِ لَا شَمِمْتُ رُوحَ الدُّنْيَا أَكْثَرَ مِنْ يَوْمِي هَذَا ، فَظَنَنْتُهَا هَاذِيَةً ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ رَأَيْتُ جَنَازَةً فَسَأَلْتُ عَنْهَا فَقِيلَ لِي : هَذِهِ الْجَارِيَةُ الَّتِي كَانَتْ تُحَدِّثُكَ بِالْأَمْسِ عِنْدَ الْقَبْرِ عَنْ بَعْلِهَا ، وَاللَّهِ لَقَدْ وَفَتْ لِبَعْلِهَا ، صَدَقَتْ فِي نَفْسِهَا

حديث رقم: 407

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجُنَيْدِ قَالَ : حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي كَرِيمُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ جَدَّتِهِ ، سَلْمَى ابْنَةِ جَابِرٍ : أَنَّ زَوْجَهَا ، اسْتُشْهِدَ فَأَتَتْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَتْ : اسْتُشْهِدَ زَوْجِي ، فَخَطَبَنِي الرِّجَالُ فَأَبَيْتُ أَنْ أَتَزَوَّجَ حَتَّى أَلْقَاهُ ، أَفَتَرْجُو أَنْ يَجْمَعَ اللَّهُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فِي الْجَنَّةِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَلَمَّا وَلَّتْ قِيلَ لَهُ : مَا رَأَيْنَاكَ صَنَعْتَ هَذَا بِامْرَأَةٍ غَيْرِ هَذِهِ ، فَقَالَ : إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ أَوَّلَ أُمَّتِي لُحُوقًا بِيَ امْرَأَةٌ مِنْ أَحْمَسَ

حديث رقم: 408

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ : حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ بِسْطَامٍ الْأَصْفَرُ قَالَ : حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ : حَدَّثَتْنِي أُمُّ الْأَسْوَدِ ابْنَةُ زَيْدٍ الْعَدَوِيَّةُ ، وَكَانَتْ ، قَدْ أَرْضَعَتْهَا مُعَاذَةُ قَالَتْ : قَالَتْ لِي مُعَاذَةُ : لَمَّا قُتِلَ أَبُو الصَّهْبَاءِ وَقُتِلَ مَعَهُ وَلَدُهَا قَالَتْ : وَاللَّهِ يَا بُنَيَّةُ مَا مَحَبَّتِي لِلْبَقَاءِ لِلَذَّةِ الْعَيْشِ فِي الدُّنْيَا ، وَلَا لِرَوحِ نَسِيمٍ ، وَلَكِنْ وَاللَّهِ أُحِبُّ الْبَقَاءَ فِي الدُّنْيَا بَعْدَ أَبِي الصَّهْبَاءِ لِأَتَقَرَّبَ إِلَى اللَّهِ بِالْوَسَائِلِ لِعَلِي يُجْمَعُ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي الصَّهْبَاءِ وَوَلَدِهِ

حديث رقم: 409

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْفَضْلِ الْعُمَرِيُّ ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ : رَأَيْتُ جَارِيَةً عِنْدَ قَبْرٍ وَهِيَ تَقُولُ : بِنَفْسِي فَتًى أَوْ بِالْبَرِيَّةِ كُلِّهَا وَأَقْوَاهُمْ فِي الْمَوْتِ صَبْرًا عَلَى الْحُبِّ فَقُلْتُ : بِمِرْصَادٍ أَقْوَاهُمْ وَأَوْفَاهُمْ قَالَتْ : هُوَيْنَى ، فَكَانَ أَهْلِي إِذَا جَاهَرَ بِحُبِّي لَامُوهُ ، وَإِذَا كَتَمَهُ عَنَّفُوهُ ، فَلَمَّا أَخَذَهُ الْأَمِيرُ قَالَ بَيْتَيْنِ مِنَ الشِّعْرِ وَلَمْ يَزَلْ يُرَدِّدُهُمَا إِلَى أَنْ مَاتَ . قُلْتُ : مَا هُمَا ؟ قَالَتْ : قَوْلُهُ : يَقُولُونَ إِنْ جَاهَرْتُ : قَدْ عَضَّكَ الْهَوَى وَإِنْ لَمْ أَبُحْ بِالْحُبِّ قَالُوا : تَصَبَّرَا فَمَا لِلَّذِي يَهْوَى وَيَكْتُمُ حُبَّهُ مِنَ الْأَمْرِ إِلَّا أَنْ يَمُوتَ فَيُعْذَرَا وَاللَّهِ يَا هَذَا ، لَا أَبْرَحُ أَوْ يَتَّصِلَ قَبْرَانَا ، ثُمَّ شَهِقَتْ شَهْقَةً فَصَاحَ النِّسَاءُ وَقُلْنَ : قَضَتْ وَالَّذِي اخْتَارَ لَهَا الْوَفَاةَ ، فَمَا رَأَيْتُ أَسْرَعَ وَلَا أَوْحَى مِنْ أَمْرِهَا

حديث رقم: 410

حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ الرَّبَعِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : رَأَى الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ الرَّبَابَ ابْنَةَ امْرِئِ الْقَيْسِ فَأَحَبَّهَا حُبًّا شَدِيدًا فَتَزَوَّجَهَا ، فَلَمَّا دَخَلَ بِهَا كَانَ لَهَا أَشَدَّ حُبًّا قَالَتْ سَكِينَةُ : فَكُنْتُ أَرَى أَبِي يَنْظُرُ فِي وَجْهِهَا مَلِيًّا ثُمَّ يَبْتَسِمُ وَيُقَبِّلُهَا ، فَقَالَ فِيهَا ذَاتَ يَوْمٍ : لَعَمْرِي إِنَّنِي لَأُحِبُّ دَارًا تَحِلُّ بِهَا سَكِينَةُ وَالرَّبَابُ أُحِبُّهُمَا وَأَبْذُلُ فَوْقَ جُهْدِي وَلَيْسَ لِعَاذِلٍ عِنْدِي عِتَابُ وَكَانَتْ مَعَهُ يَوْمَ الطَّفِّ فَرَجَعَتْ إِلَى الْمَدِينَةِ مُصَابَةً مَعَ مَنْ رَجَعَ ، فَخَطَبَهَا الْأَشْرَافُ مِنْ قُرَيْشٍ ، فَقَالَتْ : وَاللَّهِ لَا يَكُونُ لِي حَمْوٌ آخَرَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَعَاشَتْ بَعْدَهُ سَنَةً لَمْ يُظِلُّهَا سَقْفُ بَيْتٍ حَتَّى بَلِيَتَ وَمَاتَتْ كَمَدًا

حديث رقم: 411

حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ : قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْجَهْمِ : لَمَّا أَفْضَتِ الْخِلَافَةُ إِلَى الْمُتَوَكِّلِ عَلَى اللَّهِ أَهْدَى إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاهِرٍ مِنْ خُرَاسَانَ جَوَارٍ ، وَكَانَتْ فِيهِنَّ جَارِيَةٌ يُقَالُ لَهَا : مَحْبُوبَةُ ، وَكَانَتْ قَدْ نَشَأَتْ بِالطَّائِفِ ، وَكَانَ لَهَا مَوْلًى مُغْرًى بِالْأَدَبِ ، فَكَانَتْ قَدْ أَخَذَتْ عَنْهُ وَرَوَتِ الْأَشْعَارَ ، وَكَانَ الْمُتَوَكِّلُ مُعْجَبًا فَغَضِبَ عَلَيْهَا ، وَمَنَعَ جَوَارِي الْقَصْرِ مِنْ كَلَامِهَا ، فَكَانَتْ فِي حُجْرَتِهَا لَا يُكَلِّمُهَا أَحَدٌ أَيَّامًا فَرَأَتْهُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّهُ قَدْ صَالَحَهَا ، فَلَمَّا أَصْبَحَ دَخَلَتْ عَلَيْهِ ، فَقَالَ : يَا عَلِيُّ ، فَقُلْتُ : لَبَّيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَشَعَرْتَ أَنِّي رَأَيْتُ مَحْبُوبَةَ فِي مَنَامِي قَدْ صَالَحْتُهَا وَصَالَحَتْنِي . فَقُلْتُ : خَيْرًا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِذًا يُقِرُّ اللَّهُ عَيْنَكَ وَيَسُرُّكَ ، فَوَاللَّهِ ، إِنَّا لَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ حَدِيثِهَا إِذْ جَاءَتْ وَصِيفَةٌ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَتْ : يَا سَيِّدِي ، سَمِعْتُ صَوْتَ عُودٍ مِنْ حُجْرَةِ مَحْبُوبَةَ ، فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ : قُمْ بِنَا يَا عَلِيُّ نَنْظُرْ مَا هَذَا الْأَمْرُ ، فَنَهَضْنَا حَتَّى أَتَيْنَا حُجْرَتَهَا فَإِذَا هِيَ تَضْرِبُ بِالْعُودِ وَتَقُولُ : أَدُورُ فِي الْقَصْرِ لَا أَرَى أَحَدًا أَشْكُو إِلَيْهِ وَلَا يُكَلِّمُنِي حَتَّى كَأَنِّي أَتَيْتُ مَعْصِيَةً لَيْسَتْ لَهَا تَوْبَةٌ تُخَلِّصُنِي فَهَلْ شَفِيعٌ لَنَا إِلَى مَلِكٍ قَدْ زَارَنِي فِي الْكَرَى فَصَالَحَنِي حَتَّى إِذَا مَا الصَّبَاحُ لَاحَ لَنَا عَادَ إِلَى هَجْرِهِ فَصَارَمَنِي قَالَ : فَصَاحَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَصِحْتُ مَعَهُ ، فَسَمِعَتْ فَتَلَقَّتْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ثُمَّ أَكَبَّتْ عَلَى رِجْلِهِ تُقَبِّلُهَا ، فَقَالَتْ : يَا سَيِّدِي ، رَأَيْتُكَ فِي لَيْلَتِي هَذِهِ كَأَنَّكَ قَدْ صَالَحْتَنِي قَالَ : وَأَنَا وَاللَّهِ قَدْ رَأَيْتُكِ ، فَرَدَّهَا إِلَى مَرْتَبَتِهَا كَأَحْسَنِ مَا كَانَتْ ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْمُتَوَكِّلِ مَا كَانَ تَفَرَّقْنَ وَصِرْنَ إِلَى الْعَوَّادِ وَنَسِينَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَصَارَتْ مَحْبُوبَةُ إِلَى وَصِيفٍ الْكَبِيرِ ، فَوَاللَّهِ مَا كَانَ لِبَاسُهَا إِلَّا الْبَيَاضَ ، وَكَانَتْ تَنْتَحِبُ وَتَشْهَقُ إِلَى أَنْ جَلَسَ وَصِيفٌ يَوْمًا لِلشُّرْبِ وَجَلَسَ الْجَوَارِي اللَّاتِي كُنَّ لِلْمُتَوَكِّلِ يُغَنِّينَهُ ، فَمَا تَغَنَّتْ مِنْهُنَّ وَاحِدَةٌ إِلَّا تَغَنَّتْ غَيْرُهَا ، وَأَوْمَأَ إِلَيْهَا فَقَالَتْ : إِنْ رَأَى الْأَمِيرُ أَنْ يَعْفِيَنِي ، فَأَبَى ، فَقَالَ لَهَا الْجَوَارِي : لَوْ كَانَ فِي الْحُزْنِ فَرَجٌ لَحَزِنَّا مَعَكِ ، وَجِيءَ بِالْعُودِ فَوُضِعَ فِي حِجْرِهَا فَأَنْشَأَتْ تَقُولُ : أَيُّ عَيْشٍ يَطِيبُ لِي لَا أَرَى فِيهِ جَعْفَرَا مَلِكٌ قَدْ رَأَتْهُ عَيْنِي جَرِيحًا مُعَفَّرَا كُلُّ مَنْ كَانَ ذَا هُيَامٍ وَسَقَمٍ فَقَدْ بَرَا غَيْرَ مَحْبُوبَةَ الَّتِي لَوْ تَرَى الْمَوْتَ يُشْتَرَى لَاشْتَرَتْهُ بِمَا حَوَتْـ ـهُ جَمِيعًا لِتُقْبَرَا فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى وَصِيفٍ فَأَمَرَ بِإِخْرَاجِهَا ، فَصَارَتْ إِلَى حَالَةٍ قَبِيحَةٍ وَلَبِسَتِ الصُّوفَ ، وَأَخَذَتْ تَرْثِيهِ وَتَبْكِيهِ حَتَّى مَاتَتْ

حديث رقم: 412

حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الرَّبَعِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَهْمِ قَالَ : إِنِّي لَعِنْدَ الْمُتَوَكِّلِ يَوْمًا وَالْفَتْحُ جَالِسٌ إِذْ قِيلَ لَهُ : فُلَانٌ النَّخَّاسُ بِالْبَابِ ، فَأَذِنَ لَهُ ، فَدَخَلَ وَمَعَهُ وَصِيفَةٌ ، فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ : مَا صِنَاعَةُ هَذِهِ ؟ قَالَ : تَقْرَأُ بِأَلْحَانٍ . فَقَالَ الْفَتْحُ : اقْرَأِي لَنَا خَمْسَ آيَاتٍ . فَانْدَفَعَتْ تَقُولُ : قَدْ جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَشَقَّ عَنَّا الظُّلْمَةَ الصُّبْحُ خَدِينُ مُلْكٍ وَرَحَى دَوْلَةٍ وَهَمُّهُ الْإِشْفَاقُ وَالنُّصْحُ اللَّيْثُ إِلَّا أَنَّهُ مَاجِدٌ وَالْغَيْثُ إِلَّا أَنَّهُ سَمْحُ وَكُلُّ بَابٍ لِلنَّدَى مُغْلَقٌ فَإِنَّمَا مِفْتَاحُهُ الْفَتْحُ قَالَ : فَوَاللَّهِ لَقَدْ دَخَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ السُّرُورِ مَا قَامَ إِلَى الْفَتْحِ فَوَقَعَ عَلَيْهِ يُقَبِّلُهُ ، وَوَثَبَ الْفَتْحُ فَقَبَّلَ رِجْلَهُ ، فَأَمَرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِشِرَائِهَا ، وَأَمَرَ بِهَا بِجَائِزَةٍ وَكِسْوَةٍ ، وَبَعَثَ بِهَا إِلَى الْفَتْحِ ، فَكَانَتْ أَحَظَّ جَوَارِيهِ عِنْدَهُ ، فَلَمَّا قُتِلَ الْفَتْحُ رَثَتْهُ بِهَذِهِ الْأَبْيَاتِ : قَدْ قُلْتُ لِلْمَوْتِ حِينَ نَازَلَهُ وَالْمَوْتُ مِقْدَامُهُ عَلَى الْبَهْمِ لَوْ قَدْ تَبَيَّنْتَ مَا فَعَلْتَ إِذًا فَزِعْتَ شَيْنًا عَلَيْهِ مِنْ نَدَمِ فَاذْهَبْ بِمَنْ شَنِيتَ إِذْ ذَهَبْتَ بِهِ مَا بَعْدَ فَتْحٍ لِلْمَوْتِ مِنْ أَلَمِ وَلَمْ تَزَلْ تَبْكِي وَتَنُوحُ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَتْ وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : لَمْ يَرِبِ الْمَوَدَّةُ وَيَزْرَعُ الْمَحَبَّةُ بِمِثْلِ سُكُونِ النَّفْسِ إِلَى النِّعْمَةِ وَالْوَفَاءِ لِأَهْلِ الثِّقَةِ ، وَالْمَزِيدِ بِتَعَاهُدِ النِّعْمَةِ وَالشُّكْرِ عَلَيْهَا

حديث رقم: 413

أَنْشَدَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَارَسْتَانِيُّ : لَا وَالَّذِي إِنْ بَكَيْتُ الْيَوْمَ عَاقَبَنِي وَإِنْ صَدَقْتُ تَلَقَّانِي بِغُفْرَانِي مَا قَرَّتِ الْعَيْنُ بِالْأَبْدَالِ بَعْدَكُمُ وَلَا وَجَدْتُ لَذِيذَ النَّوْمِ يَغْشَانِي إِنِّي وَجَدْتُ بِكُمْ مَا لَمْ يَجِدْ أَحَدٌ جِنٌّ بِجِنٍّ وَلَا إِنْسٌ بِإِنْسَانِ

حديث رقم: 414

حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ الْحَرَّانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَرْزُوقٍ الرَّقِّيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَصْرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ الرَّقِّيُّ ، عَنْ بَعْضِ وَلَدِ حُمَيْدٍ الطُّوسِيِّ قَالَ : كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ يَهْوَى جَارِيَةً يُقَالُ لَهَا : ظَلُومٌ ، وَكَانَ شَدِيدَ الشَّغَفِ بِهَا ، وَكَانَتْ تَجِدُ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ ، فَبَيْنَمَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي مَجْلِسِهِ وَقَدْ فُرِشَ بِالدِّيبَاجِ ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ الْجَوَارِي وَالْمُغَنُّونَ ، وَلَيْسَ ظَلُومٌ حَاضِرَةً إِذْ وَجَّهَ بَعْضُ جَوَارِيهِ بِأُتْرُجَّةٍ مَحْشُوَّةٍ بِالْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ ، فَلَمَّا وُضِعَتْ فِي يَدِهِ شَمَّهَا وَشَرِبَ رِطْلًا وَذَكَرَ ظَلُومًا ، فَدَعَا بِوَصِيفٍ كَانَ عَلَى رَأْسِهِ فَدَفَعَ إِلَيْهِ الْأُتْرُجَّةَ ، وَقَالَ لَهُ : اذْهَبْ بِهَذِهِ إِلَى ظَلُومٍ ، فَلَمَّا دَفَعَ إِلَيْهَا الْأُتْرُجَّةَ وَأَدَّى الرِّسَالَةَ بَكَتْ بُكَاءً شَدِيدًا حَتَّى رَحِمَهَا جَمِيعُ مَنْ حَضَرَهَا ، وَقَالُوا : إِنَّنَا مَا رَأَيْنَا أَعْجَبَ مِنْكِ ، يُوَجِّهُ إِلَيْكِ بِتَحِيَّةٍ فَتَبْكِينَ فَقَالَتْ : أَنَا أَتَغَنَّى بِصَوْتٍ تَعْلَمُونَ مِمَّ بُكَايَ ، فَانْدَفَعَتْ تُغَنِّي : أَهْدَى لَهُ أَحْبَابُهُ أُتْرُجَّةً فَبَكَى وَأَشْفَقَ مِنْ عَيَافَةِ زَاجِرِ خَافَ التَّلَوُّنَ وَالْفِرَاقِ لِأَنَّهَا لَوْنَانِ بَاطِنُهَا خِلَافُ الظَّاهِرِ فَلَمَّا جَاءَ الْغُلَامُ قَالَ : مَا بَطَّأَ بِكَ ؟ فَأَعْلَمَهُ أَنَّهَا كَانَتْ خَارِجَةً عَنْ مَنْزِلِهَا ، وَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ يَسْأَلُ عَنْهَا حَتَّى وَقَفَ عَلَى مَوْضِعِهَا ، فَغَاظَهُ ذَلِكَ ، فَكَتَبَ إِلَيْهَا : ضَيِّعْتِ عَهْدَ فَتًى لِغَيْبِكِ حَافَظٌ فِي حِفْظِهِ عَجَبٌ وَفِي تَضْيِيعِكِ فَصِدْتِ عَنْهُ فَمَا لَهُ مِنْ حِيلَةٍ إِلَّا الْوُقُوفُ إِلَى أَوَانِ رُجُوعِكِ إِنْ تَقْتُلِيهِ وَتَذْهَبِي بِحَيَاتِهِ فَبِحُسْنِ وَجْهِكِ لَا بِحُسْنِ صَنِيعِكِ وَوَجَّهَ إِلَيْهَا بِالرُّقْعَةِ مَعَ الْغُلَامِ وَأَمَرَهُ أَلَّا يَأْخُذَ لَهَا جَوَابًا ، فَلَمَّا دَفَعَ إِلَيْهَا الرُّقْعَةَ قَرَأَتْهَا ثُمَّ بَكَتْ حَتَّى رَحِمَهَا جَمِيعُ مَنْ كَانَ فِي الْمَجْلِسِ ، ثُمَّ قَالَتْ لِلْغُلَامِ : اسْمَعْ مِنِّي صَوْتًا وَاحْفَظْهُ ، وَانْدَفَعَتْ تُغَنِّي : هَلْ لِعَيْنَيَّ إِلَى الرُّقَادِ شَفِيعُ إِنَّ قَلْبِي مِنَ السِّقَامِ مَرُوعُ لَا تَرَانِي بَخَلْتَ عَنْكَ بِدَمْعٍ لَا وَرَوحِ الْحَبِيبِ مَا لِي دُمُوعُ إِنَّ قَلْبِي إِلَيْكَ صَبٌّ حَزِينٌ فَاسْتَرَاحَتْ إِلَى الْأَنِينِ الضُّلُوعُ لَيْسَ فِي الْعَطْفِ يَا مُحَمَّدُ بِدَعٌ إِنَّمَا كُلُّ مَا أُقَاسِي بَدِيعُ وَلَمْ تَزَلْ تُرَدِّدُهَا عَلَيْهِ حَتَّى حَفِظَهَا الْغُلَامُ ، فَانْصَرَفَ ، فَقَالَ لَهُ مَوْلَاهُ : أَخْبِرْنِي بِجَمِيعِ مَا رَأَيْتَ مِنْهَا ، فَأَخْبَرَهُ خَبَرَهَا ، وَغَنَّاهُ الْأَبْيَاتَ فَبَكَا ، وَقَالَ : صَدَقَتْ وَاللَّهِ ، لَيْسَ فِي الْعَطْفِ عَلَى مِثْلِهَا بِدَعٌ ، وَدَعَا بِدَوَاةٍ وَقِرْطَاسٍ وَكَتَبَ إِلَيْهَا أَنْ تَصِيرَ إِلَيْهِ ، وَكَتَبَ فِي أَسْفَلِ الرُّقْعَةِ : أَنْزَلْتِ بِالْقَلْبِ هَمًّا قَدْ أَضَرَّ بِهِ صَبْرًا عَلَى الْهَمِّ حَتَّى يَنْزِلَ الْفَرَجُ إِنْ كُنْتِ فِي الشَّكِّ مِمَّا بِي وَقَدْ خَفِيَتْ بَيْنَ الْجَوَانِحِ بَادِ الْحُبِّ مُذْحِجَجُ ظَلُومُ فَاسْتَخْبِرِي عَنْ حُبِّكُمْ جَسَدِي يُخْبِرْكِ أَنِّي نَحِيلٌ هَائِمٌ كَهِجُ قَالَ : فَلَمَّا قَرَأْتِ الرُّقْعَةَ وَثَبَتْ مِنْ مَجْلِسِهَا حَتَّى وَافَتْ مَنْزِلَهُ وَقَالَتْ : أَنَا مَمْلُوكَةٌ ، وَلَا أَمْلِكُ نَفْسِي ، فَإِنْ كَانَتْ لَكَ فِيَّ حَاجَةٌ فَمُرْ بِشِرَائِي لِأَكُونَ طَوْعَ يَدِكَ ، فَاشْتُرِيَتْ لَهُ ، فَمَكَثَتْ عِنْدَهُ فَكَانَتْ أَعَزَّ جَوَارِيهِ عَلَيْهِ وَأَعْلَاهُنَّ مَرْتَبَةً لَدَيْهِ ، حَتَّى كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ فِي وَقْعَةِ بَابِكٍ فَقُتِلَ ، فَلَمَّا بَلَغَهَا قَتْلُهُ جَزَعَتْ عَلَيْهِ جَزَعًا شَدِيدًا وَجَعَلَتْ تَرْثِيهِ ، فَكَانَ مِمَّا قَالَتْ : مُحَمَّدُ بْنَ حُمَيْدٍ أُخْلِقَتْ دِمَمُهْ أُرِيقَ مَاءُ الْمَعَالِي مُذْ أُرِيقَ دَمُهْ رَأَيْتُهُ بِنِجَادِ السَّيْفِ مُخْتَبِيًا فِي النَّوْمِ بَدْرًا جَلَّتْ عَنْ وَجْهِهِ ظُلَمُهْ فِي رَوْضَةٍ قَدْ عَلَا حَافَاتِهَا زَهْرٌ عَلِمْتُ بَعْدَ انْتِبَاهِي أَنَّهَا نِعَمُهْ فَقُلْتُ وَالدَّمْعُ مِنْ حُزْنٍ وَمِنْ كَمَدٍ يَجْرِي انْسِكَابًا عَلَى الْخَدَّيْنِ مُنْسَجَمُهْ أَلَمْ تَمُتْ يَا شَقِيقَ النَّفْسِ مُذْ زَمَنٍ فَقَالَ لِي : لَمْ يَمُتْ مَنْ لَمْ يَمُتْ كَرَمُهْ فَلَمْ تَزَلْ تَرْثِيهِ وَتَبْكِي عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَتْ قَالَ الْخَرَائِطِيُّ : الشِّعْرُ لِأَبِي تَمَامٍ