إِنِّي لَعِنْدَ الْمُتَوَكِّلِ يَوْمًا وَالْفَتْحُ جَالِسٌ إِذْ قِيلَ لَهُ : فُلَانٌ النَّخَّاسُ بِالْبَابِ ، فَأَذِنَ لَهُ ، فَدَخَلَ وَمَعَهُ وَصِيفَةٌ ، فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ : " مَا صِنَاعَةُ هَذِهِ ؟ قَالَ : تَقْرَأُ بِأَلْحَانٍ . فَقَالَ الْفَتْحُ : اقْرَأِي لَنَا خَمْسَ آيَاتٍ . فَانْدَفَعَتْ تَقُولُ : {
} قَدْ جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ {
}وَشَقَّ عَنَّا الظُّلْمَةَ الصُّبْحُ {
}{
} خَدِينُ مُلْكٍ وَرَحَى دَوْلَةٍ {
}وَهَمُّهُ الْإِشْفَاقُ وَالنُّصْحُ {
}{
} اللَّيْثُ إِلَّا أَنَّهُ مَاجِدٌ {
}وَالْغَيْثُ إِلَّا أَنَّهُ سَمْحُ {
}{
} وَكُلُّ بَابٍ لِلنَّدَى مُغْلَقٌ {
}فَإِنَّمَا مِفْتَاحُهُ الْفَتْحُ {
}قَالَ : فَوَاللَّهِ لَقَدْ دَخَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ السُّرُورِ مَا قَامَ إِلَى الْفَتْحِ فَوَقَعَ عَلَيْهِ يُقَبِّلُهُ ، وَوَثَبَ الْفَتْحُ فَقَبَّلَ رِجْلَهُ ، فَأَمَرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِشِرَائِهَا ، وَأَمَرَ بِهَا بِجَائِزَةٍ وَكِسْوَةٍ ، وَبَعَثَ بِهَا إِلَى الْفَتْحِ ، فَكَانَتْ أَحَظَّ جَوَارِيهِ عِنْدَهُ ، فَلَمَّا قُتِلَ الْفَتْحُ رَثَتْهُ بِهَذِهِ الْأَبْيَاتِ : {
} قَدْ قُلْتُ لِلْمَوْتِ حِينَ نَازَلَهُ {
}وَالْمَوْتُ مِقْدَامُهُ عَلَى الْبَهْمِ {
}{
} لَوْ قَدْ تَبَيَّنْتَ مَا فَعَلْتَ إِذًا {
}فَزِعْتَ شَيْنًا عَلَيْهِ مِنْ نَدَمِ {
}{
} فَاذْهَبْ بِمَنْ شَنِيتَ إِذْ ذَهَبْتَ بِهِ {
}مَا بَعْدَ فَتْحٍ لِلْمَوْتِ مِنْ أَلَمِ {
}وَلَمْ تَزَلْ تَبْكِي وَتَنُوحُ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَتْ "
حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الرَّبَعِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَهْمِ قَالَ : إِنِّي لَعِنْدَ الْمُتَوَكِّلِ يَوْمًا وَالْفَتْحُ جَالِسٌ إِذْ قِيلَ لَهُ : فُلَانٌ النَّخَّاسُ بِالْبَابِ ، فَأَذِنَ لَهُ ، فَدَخَلَ وَمَعَهُ وَصِيفَةٌ ، فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ : مَا صِنَاعَةُ هَذِهِ ؟ قَالَ : تَقْرَأُ بِأَلْحَانٍ . فَقَالَ الْفَتْحُ : اقْرَأِي لَنَا خَمْسَ آيَاتٍ . فَانْدَفَعَتْ تَقُولُ : قَدْ جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَشَقَّ عَنَّا الظُّلْمَةَ الصُّبْحُ خَدِينُ مُلْكٍ وَرَحَى دَوْلَةٍ وَهَمُّهُ الْإِشْفَاقُ وَالنُّصْحُ اللَّيْثُ إِلَّا أَنَّهُ مَاجِدٌ وَالْغَيْثُ إِلَّا أَنَّهُ سَمْحُ وَكُلُّ بَابٍ لِلنَّدَى مُغْلَقٌ فَإِنَّمَا مِفْتَاحُهُ الْفَتْحُ قَالَ : فَوَاللَّهِ لَقَدْ دَخَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ السُّرُورِ مَا قَامَ إِلَى الْفَتْحِ فَوَقَعَ عَلَيْهِ يُقَبِّلُهُ ، وَوَثَبَ الْفَتْحُ فَقَبَّلَ رِجْلَهُ ، فَأَمَرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِشِرَائِهَا ، وَأَمَرَ بِهَا بِجَائِزَةٍ وَكِسْوَةٍ ، وَبَعَثَ بِهَا إِلَى الْفَتْحِ ، فَكَانَتْ أَحَظَّ جَوَارِيهِ عِنْدَهُ ، فَلَمَّا قُتِلَ الْفَتْحُ رَثَتْهُ بِهَذِهِ الْأَبْيَاتِ : قَدْ قُلْتُ لِلْمَوْتِ حِينَ نَازَلَهُ وَالْمَوْتُ مِقْدَامُهُ عَلَى الْبَهْمِ لَوْ قَدْ تَبَيَّنْتَ مَا فَعَلْتَ إِذًا فَزِعْتَ شَيْنًا عَلَيْهِ مِنْ نَدَمِ فَاذْهَبْ بِمَنْ شَنِيتَ إِذْ ذَهَبْتَ بِهِ مَا بَعْدَ فَتْحٍ لِلْمَوْتِ مِنْ أَلَمِ وَلَمْ تَزَلْ تَبْكِي وَتَنُوحُ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَتْ وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : لَمْ يَرِبِ الْمَوَدَّةُ وَيَزْرَعُ الْمَحَبَّةُ بِمِثْلِ سُكُونِ النَّفْسِ إِلَى النِّعْمَةِ وَالْوَفَاءِ لِأَهْلِ الثِّقَةِ ، وَالْمَزِيدِ بِتَعَاهُدِ النِّعْمَةِ وَالشُّكْرِ عَلَيْهَا