حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعُتْبِيُّ قَالَ : " خَرَجْتُ إِلَى الْمِرْبَدِ ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا أَنَا بِأَعْرَابِيٍّ عَالِمٍ ، فَمِلْتُ إِلَيْهِ لِأَقْتَبِسَ مِنْ عِلْمِهِ ، فَقُلْتُ : يَا أَعْرَابِيُّ ، حَدِّثْنِي بِأَعْجَبِ شَيْءٍ رَأَيْتَهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، ضَلَّتْ إِبِلِي مِنْ أَرْنَبَ خَرَجَ فِي وَجْهِهَا لَيْلًا إِلَى بِلَادِ عُذْرَةَ ، فَإِذَا بَيْتٌ مُنْتَبَذٌ عَنِ الْأَخْبِيَةِ ، لَيْسَ فِيهِ رُؤْيَةُ أَنِيسٍ ، وَإِذَا عَلَى بَابِهِ جُوَيْرِيَةٌ كَاشِفَةٌ وَجْهَهَا ، كَأَنَّ وَجْهَهَا سَيْفٌ صَقِيلٌ ، فَلَمَّا رَأَتْنِي مُتَأَمِّلًا لَهَا أَرْخَتِ الْبُرْقُعَ وَقَالَتْ : يَا عَمُّ ، انْزِلْ عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ ، وَإِنْ أَحْبَبْتَ قُدَّامِي لَبَنًا أَوْ مَاءً قَالَ : فَأَنَخْتُ وَنَزَلْتُ قَالَتْ : مَا تَشَاءُ ؟ قُلْتُ : لَبَنًا ، فَوَلَّتْ كَأَنَّهَا قَضِيبٌ يَنْثَنِي ، فَأَخْرَجَتْ عُلْبَةً مَمْلُوءَةً لَبَنًا فَشَرِبْتُ حَتَّى رَوِيتُ ثُمَّ اسْتَلْقَيْتُ ، وَأَتَتْ فِي اسْتِلْقَائِي ، فَقَالَتْ : يَا عَمُّ ، إِنِّي لَأَرَاكَ تَعِبًا ، فَمَا الَّذِي أَتْعَبَكَ ؟ فَقُلْتُ : يَا حَبِيبَتِي ، ضَلَّتْ إِبِلِي مِنْ ثَلَاثٍ ، فَخَرَجْتُ فِي طَلَبِهَا ، فَقَالَتْ : يَا عَمُّ ، هَلْ لَكَ فِي أَنْ أَدُلَّكَ عَلَى مَنْ يَعْلَمُ عِلْمَهَا ؟ فَقُلْتُ : إِي وَاللَّهِ ، وَتَتَّخِذِي بِذَلِكَ عِنْدِي يَدًا ، فَقَالَتْ : سَلِ الَّذِي أَعْطَاكَ سُؤَالَ يَقِينٍ لَا سُؤَالَ اخْتِبَارٍ ، فَقُلْتُ : يَا حَبِيبَةُ ، هَلْ لَكِ مِنْ بَعْلٍ ؟ قَالَتْ : قَدْ كَانَ فَدُعِيَ إِلَى مَا مِنْهُ خُلِقَ ، فَقُلْتُ : فَهَلْ لَكِ فِي بَعْلٍ لَا تُذَمُّ خَلَائِقُهُ ، وَيَأْمَنُ الْمُعِدُّ بَوَائِقَهُ ؟ فَاسْتَعْبَرَتْ بَاكِيَةً ، ثُمَّ قَالَتْ : {
} كُنَّا كَغُصْنَيْنِ فِي عُودٍ غِذَاؤُهُمَا {
}مَاءُ الْجَدَاوِلِ فِي رَوْضَاتِ جَنَّاتِ {
}{
} فَاجْتَثَّ خَيْرَهُمَا مِنْ جَنْبِ صَاحِبِهِ {
}دَهْرٌ يَكِرُّ بِرَوْعَاتٍ وَبَرْحَاتِ {
}{
} وَكَانَ عَاهَدَنِي إِنْ خَانَنِي زَمَنٌ {
}أَلَّا يُضَاجِعَ أُنْثَى بَعْدَ مَثْوَاتِ {
}{
} وَكُنْتُ عَاهَدْتُهُ أَيْضًا فَعَاجَلَهُ {
}رَيْبُ الْمَنُونِ قَرِيبًا مُذْ سِنِيَّاتِ {
}{
} فَاصْرِفْ عَنَانَكَ عَنْ مَنْ لَيْسَ يَصْرِفُهَا {
}عَنِ الْوَفَاءِ خِلَابٌ فِي التَّحِيَّاتِ {
}قَالَ : ثُمَّ جَهِدْتُ بِهَا أَنْ تُرِيَنِي الطَّرِيقَ أَوْ تُكَلِّمَنِي فَأَبَتْ "
حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعُتْبِيُّ قَالَ : خَرَجْتُ إِلَى الْمِرْبَدِ ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا أَنَا بِأَعْرَابِيٍّ عَالِمٍ ، فَمِلْتُ إِلَيْهِ لِأَقْتَبِسَ مِنْ عِلْمِهِ ، فَقُلْتُ : يَا أَعْرَابِيُّ ، حَدِّثْنِي بِأَعْجَبِ شَيْءٍ رَأَيْتَهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، ضَلَّتْ إِبِلِي مِنْ أَرْنَبَ خَرَجَ فِي وَجْهِهَا لَيْلًا إِلَى بِلَادِ عُذْرَةَ ، فَإِذَا بَيْتٌ مُنْتَبَذٌ عَنِ الْأَخْبِيَةِ ، لَيْسَ فِيهِ رُؤْيَةُ أَنِيسٍ ، وَإِذَا عَلَى بَابِهِ جُوَيْرِيَةٌ كَاشِفَةٌ وَجْهَهَا ، كَأَنَّ وَجْهَهَا سَيْفٌ صَقِيلٌ ، فَلَمَّا رَأَتْنِي مُتَأَمِّلًا لَهَا أَرْخَتِ الْبُرْقُعَ وَقَالَتْ : يَا عَمُّ ، انْزِلْ عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ ، وَإِنْ أَحْبَبْتَ قُدَّامِي لَبَنًا أَوْ مَاءً قَالَ : فَأَنَخْتُ وَنَزَلْتُ قَالَتْ : مَا تَشَاءُ ؟ قُلْتُ : لَبَنًا ، فَوَلَّتْ كَأَنَّهَا قَضِيبٌ يَنْثَنِي ، فَأَخْرَجَتْ عُلْبَةً مَمْلُوءَةً لَبَنًا فَشَرِبْتُ حَتَّى رَوِيتُ ثُمَّ اسْتَلْقَيْتُ ، وَأَتَتْ فِي اسْتِلْقَائِي ، فَقَالَتْ : يَا عَمُّ ، إِنِّي لَأَرَاكَ تَعِبًا ، فَمَا الَّذِي أَتْعَبَكَ ؟ فَقُلْتُ : يَا حَبِيبَتِي ، ضَلَّتْ إِبِلِي مِنْ ثَلَاثٍ ، فَخَرَجْتُ فِي طَلَبِهَا ، فَقَالَتْ : يَا عَمُّ ، هَلْ لَكَ فِي أَنْ أَدُلَّكَ عَلَى مَنْ يَعْلَمُ عِلْمَهَا ؟ فَقُلْتُ : إِي وَاللَّهِ ، وَتَتَّخِذِي بِذَلِكَ عِنْدِي يَدًا ، فَقَالَتْ : سَلِ الَّذِي أَعْطَاكَ سُؤَالَ يَقِينٍ لَا سُؤَالَ اخْتِبَارٍ ، فَقُلْتُ : يَا حَبِيبَةُ ، هَلْ لَكِ مِنْ بَعْلٍ ؟ قَالَتْ : قَدْ كَانَ فَدُعِيَ إِلَى مَا مِنْهُ خُلِقَ ، فَقُلْتُ : فَهَلْ لَكِ فِي بَعْلٍ لَا تُذَمُّ خَلَائِقُهُ ، وَيَأْمَنُ الْمُعِدُّ بَوَائِقَهُ ؟ فَاسْتَعْبَرَتْ بَاكِيَةً ، ثُمَّ قَالَتْ : كُنَّا كَغُصْنَيْنِ فِي عُودٍ غِذَاؤُهُمَا مَاءُ الْجَدَاوِلِ فِي رَوْضَاتِ جَنَّاتِ فَاجْتَثَّ خَيْرَهُمَا مِنْ جَنْبِ صَاحِبِهِ دَهْرٌ يَكِرُّ بِرَوْعَاتٍ وَبَرْحَاتِ وَكَانَ عَاهَدَنِي إِنْ خَانَنِي زَمَنٌ أَلَّا يُضَاجِعَ أُنْثَى بَعْدَ مَثْوَاتِ وَكُنْتُ عَاهَدْتُهُ أَيْضًا فَعَاجَلَهُ رَيْبُ الْمَنُونِ قَرِيبًا مُذْ سِنِيَّاتِ فَاصْرِفْ عَنَانَكَ عَنْ مَنْ لَيْسَ يَصْرِفُهَا عَنِ الْوَفَاءِ خِلَابٌ فِي التَّحِيَّاتِ قَالَ : ثُمَّ جَهِدْتُ بِهَا أَنْ تُرِيَنِي الطَّرِيقَ أَوْ تُكَلِّمَنِي فَأَبَتْ