عنوان الفتوى : من قال لزوجته: "لست على رقبتي""أنت مطلقة" فخرجت إلى بيت أهلها
السؤال
بعد أيام من زواجي اكتشفت أن زوجي يدخّن، فطلبت منه أن يتوقف عن التدخين، فحلف أنه لن يدخّن مرة أخرى، وبعد أيام لاحظت أنه ما زال يدخّن، فاشترطت عليه حينها أن يقول لي: "أنت حرام عليَّ لو دخّنت مرة أخرى"، وبعد إصرار مني قالها، وهو غير راغب.
مؤخرًا عاد إلى عادة التدخين، وأنا متأكدة من ذلك، فما حكم زواجي؟ وهل هو باطل؟ وكيف له أن يرجعني إلى عصمته؟
وقبل أيام تشاجرنا لسبب آخر، وقال لي: "لست على رقبتي"، بمعنى أنه طلقني، واستمرّ شجارنا لليوم الموالي، وقال لي المرة الثانية: "أنت مطلقة"، وكان في حالة غضب شديد، لكنه يعي ما يقوله، وبعدها ندم على ما فعله.
أنا الآن في بيت أهلي، وفي حيرة من أمري، فهل أعد زوجته أم لا؟ وإذا كان الطلاق قد وقع، فهل يحسب طلقة واحدة أو طلقتين؟ وكيف له أن يرجعني إلى عصمته؟ وشكرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالتدخين محرم، وفيه كثير من الأضرار على المرء في دِينه ودنياه، كما سبق بيانه في الفتوى: 1819، فيجب على زوجك التوبة منه.
وقوله: "أنت حرام عليَّ لو دخنت مرة أخرى"، تعليق لتحريمك على التدخين، والراجح في تحريم الزوجة أنه يرجع فيه إلى نية الزوج، وما قصده من الطلاق، أو الظهار، أو مجرد اليمين، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 43663.
ومنها تعلمين أنه إذا قصد الطلاق، وقع الطلاق، وإذا كانت هذه الطلقة الأولى، أو الثانية، جاز له رجعتك من غير عقد جديد.
وقوله لك في المرة الثانية: "لست على رقبتي"، كناية من كنايات الطلاق، فإن قصد بها زوجك الطلاق، وقع، وإلا فلا، وراجعي الفتوى: 51286، والفتوى: 78889، فالمرجع إلى نية زوجك.
وقوله في المرة الثالثة: "أنت مطلقة" صريح في الطلاق، فيقع به الطلاق مطلقًا قصده الزوج أم لم يقصده.
والغضب لا يمنع وقوع الطلاق، إلا إذا كان صاحبه لا يعي ما يقول، وراجعي الفتوى: 62851، والفتوى: 291118.
وكما ترين فإن فيما صدر من زوجك تشعبًا لا يمكن معه إعطاء حكم محدد من طلاق، أو عدمه؛ لكثرة الاحتمالات الواردة على كلامه من كونه قاصدًا للطلاق، أو غير قاصد، أو مخبرًا عن طلاق سابق، أو منشئًا لطلاق جديد، وغير ذلك مما هو وارد على كلامه.
ولذا ننصح بأن يشافه زوجك أحد العلماء الثقات عندكم، أو أن يراجع المحكمة الشرعية.
ولا ندري ما حملك على كونك في بيت أهلك، فإن كان ذلك بإذن زوجك، فلا بأس، وكذلك الحال إن كان بغير إذنه، ولكن لعذر شرعي.
وأما إن كان لغير عذر، فخروجك في هذه الحالة محرم. وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى: 136039.
وإن كان ذهابك بناء على اعتقادك وقوع الطلاق، فإن المرأة المطلقة يجب عليها أن تعتدّ في بيت زوجها، ولو كان الطلاق بائنًا في قول جمهور الفقهاء؛ فالخروج حينئذ أمر منكر، وراجعي الفتوى: 139381، ففيها مزيد بيان.
ونؤكد أهميةَ حرص الزوجين على ما يعين على استقرار الأسرة، وأن يجتنبا أسباب الشقاق، والحذر من جعل الطلاق وسيلة لحل المشاكل.
والغضب أمر خطير، وعواقبه قد تكون وخيمة؛ لذلك حذّر الشرع منه، وبيّن سبل علاجه، وقد ضمنا ذلك في الفتوى: 8038.
والله أعلم.