عنوان الفتوى : حكم جهاد المريض نفسيا للتخلص من حياته ومرضه
أنا - فضيلة الشيخ - مريض نفسيًا منذُ ثلاثة عشر عامًا, وأشعر باكتئاب عظيم, وحياتي على الهامش, فما حكم الجهاد من أجل التخلص من حياتي والحصول على حياة أفضل؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك، وأن يلهمك رشدك ويقيك شر نفسك.
واعلم ـ أخي الكريم ـ أن الصبر على قضاء الله تعالى خير كله، ولا يجد العبد خير العيش إلا به، هذا مع ما يُدَّخر لصاحب البلاء في الآخرة من الأجر العظيم، قال تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ {الزمر:10} وقال صلى الله عليه وسلم: إن الرجل ليكون له عند الله المنزلة فما يبلغها بعمل، فما يزال الله يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياها. رواه أبو يعلى وابن حبان والحاكم، وحسنه الألباني. وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم: يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقاريض. رواه الترمذي، وحسنه الألباني. وقد سبق لنا بيان ثواب الصبر على المرض، وأن الأجر على قدر البلاء والنَصَب، وأن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 5344، 13849، 30794.
وأما السؤال عن الجهاد من أجل التخلص من الحياة والحصول على حياة أفضل, فجوابه: أن الحرص على الحياة الأفضل والنعيم التام في الآخرة لا حرج فيه، بل هذا هو ديدن المسلم الصادق، وهذا التوجه يدل على صحة اعتقاد صاحبه، فهو يعتقد أن الموت في الجهاد سبب لحصول النعيم في الآخرة، وأنه لا يجوز التخلص من الحياة بالانتحار وشبهه مما حرم الله تعالى, فإذا كان المحرك الأكبر إلى الجهاد هو الرغبة في نعيم الآخرة، لا الرغبة عن التخلص من البلاء، فلا بأس, ومع هذا فينبغي على المجاهد أن لا يخلو قصده بجهاده من أن تكون كلمة الله هي العليا، وأن ينصر دين الله سبحانه والمستضعفين من المسلمين، فبذلك يكون جهاده في سبيل الله، ويتحقق له من الثمرات العاجلة في الدنيا: النجاة من الهم والغم، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: جاهدوا في سبيل الله؛ فإن الجهاد في سبيل الله باب من أبواب الجنة، ينجي الله تبارك وتعالى به من الهم والغم. قال المنذري: رواه أحمد واللفظ له، ورواته ثقات، والطبراني في الكبير والأوسط والحاكم, وصحح إسناده اهـ. وصححه الألباني.
والله أعلم.