عنوان الفتوى : سبب عدم قيام المسلمين بقتال أهل الحبشة
هل يجوز أن نقول إنه من ضمن الحكمة من فرض الجزية هو تأكيد حسن النية تجاه المسلمين وضمان الولاء للمسلمين أو ضمان أن تتم التخلية بينهم وبين الناس حتى يبلغوا الرسالة، ولذلك لم يفرضها المسلمون على الحبشة حيث أنه تم تحقيق هذا الهدف وتركوا المسلمون يمارسون دينهم دون تعرض لهم فلم يحتاجوا للجزية؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الكلام غير سديد؛ فإن المسلمين لم يقاتلوا أهل الحبشة، ولا هموا بقتالهم، ولم يجر عليهم سلطان المسلمين، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتالهم هم والتُّرك، ما داموا مسالمين لنا، فقال صلى الله عليه وسلم: دعوا الحبشة ما ودعوكم، واتركوا الترك ما تركوكم. رواه أبو دواد والنسائي، وحسنه الألباني. وبوب عليه أبو داود: (باب في النهي عن تهييج الترك والحبشة).
قال المناوي: أي اتركوا جهادهم وقتالهم ما تركوكم. اهـ.
وقال السندي في حاشيته على النسائي: وذلك لأن بلاد الحبشة وعرة، وبين المسلمين وبينهم مفاوز وقفار وبحار، فلم يكلف المسلمين بدخول ديارهم لكثرة التعب. اهـ.
وغاية الأمر أن النجاشي أصحمة ملك الحبشة كان ملكا عادلا لا يظلم عنده أحد، فعاش من هاجر من المسلمين في كنفه آمنين، ثم إنه أسلم ـ رضي الله عنه ـ وصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته صلاة الغائب، وراجع الفتوى رقم: 30687، ثم إنه لا يخفى الفرق بين ترك المسلمين يؤدون شعائر دينهم دون تعرض لهم، وبين الولاء للمسلمين والخضوع لسطانهم والتخلية بينهم وبين الناس ليبلغوا دينهم!
وأما حكم الجزية وحكمتها، فراجع فيه الفتويين التالية أرقامهما: 166793، 162823.
والله أعلم.