خطب ومحاضرات
سلسلة منهاج المسلم - (87)
الحلقة مفرغة
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة..
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب: (منهاج المسلم) وقد انتهى بنا الدرس إلى مكروهات الصلاة:
اعلموا والعلم ينفع: أن إقام الصلاة الذي أمر الله تعالى به في غير ما آية: هو أن تؤدى مستوفاة الشروط والأركان، والفرائض، والسنن، والآداب، بعيدة عن المكروهات والمبطلات؛ وذلك من أجل أن تزكي النفس البشرية، إذ علة الأكل والشرب لبقاء الحياة، واستخدام الماء والصابون للثياب والأجسام لنظافتها، والروح بم تزكى؟ بالأكل والشرب؟ بالماء والصابون؟ لا. تزكى بالعبادة. ما هي العبادة؟ ما تعبدنا الله به من الواجبات والفرائض والمستحبات، ومن أعظمها: الصلاة، وحسبنا أن نسمع قول ربنا: وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت:45].
وبالمشاهدة وبالتجربة والواقع شاهد: أننا إذا دخلنا سجناً من السجون، وسألنا عن المسجونين: ما جرائمهم؟ ما ذنوبهم؟ قلت غير ما مرة: لن نجد من هؤلاء المسجونين أكثر من (5%) يؤدون الصلاة، والباقون (95%) إما تارك للصلاة وإما مصلون لا يقيمون الصلاة. كيف لا، والله يقول: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت:45]؟
فالمقيم للصلاة والله ما يأتي فاحشة ولا يرتكب منكراً؛ وذلك لنور قلبه وإشراقة صدره، فالخبث لا يقترب منه؛ للنور الذي في قلبه، وأما تارك الصلاة فنفسه مظلمة منتنة، والمتهاون فيها الذي لا يؤديها على الوجه المطلوب لا تزكي نفسه، ولا تؤثر فيها كثير تأثير.
ومن هنا عرفنا أولاً: شروط الصلاة. ثانياً: فرائضها. ثالثاً: سننها المؤكدة. رابعاً: سننها المستحبة.
وها نحن الآن مع المكروهات التي لا تبطل الصلاة، ولكن تقلل من تأثيرها في تزكية النفس وتطهيرها.
قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم: [ مكروهاتها: ] أي: مكروهات الصلاة.
أولاً: الالتفات بالرأس أو البصر
والشيطان عدونا، بوده أن لا تتم صلاتنا على الوجه المطلوب؛ حتى تبقى النفس مظلمة منتنة يفعل بها ما يشاء، ويسخرها كيف يشاء.
أولاً: الالتفات بالرأس، أما الالتفات بالبدن فيبطل الصلاة، فلو استدار عن القبلة ببدنه فصلاته باطلة، لكن الالتفات بالرأس قد يلتفت الإنسان، وهذا الالتفات اختلاس يختلسه الشيطان وسرقة يسرقها من صلاتك؛ حتى لا تؤدي الواجب الذي تؤديه.
إذاً: فاكرهوه، ومن كرهه لا يفعله، لكن يفعله من لا يعرفه، والنظر بالبصر ينظر المصلي هكذا وهكذا ويطالع الأشياء حتى صورة السجادة أو غيرها وهذا لا ينبغي أبداً.
ثانياً: رفع البصر إلى السماء
ثالثاً: التخصر
والتخصر: أن يضع يديه أو إحدى يديه عليها، ولهذا لا نتخصر حتى في غير الصلاة، ما دام يكره في الصلاة نكرهه أيضاً في غيرها، وهذا من صنع الكفار وعاداتهم [ وهو وضع اليد على الخاصرة؛ لقول أبي هريرة رضي الله عنه: ( نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل مختصراً ) ] والمرأة كالرجل من باب أولى. هذا أبو هريرة رضي الله عنه يقول: ( نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل مختصراً ) والمرأة كالرجل في ذلك.
رابعاً: أن يكف المصلي ما استرسل من شعره أو كمه أو ثوبه
مظهر من مظاهر الخشوع بين يدي الله عز وجل، فإذا سجد وشعره في الأرض لا بأس به، ثوبه وكمه على الأرض لا بأس، عمامته لا بأس، يبقيه على الأرض، ويكره أن يدفعه ويرفعه وهو في الصلاة [لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أسجد على سبعة أعظم ولا أكف ثوباً ولا شعراً)] ما هي السبعة أعظم؟ الجبهة مع الأنف، الكفان، القدمان، الركبتان، والوجه، وكلها عظام.
(أمرت) من أمره؟ الله جل جلاله، بواسطة الملك جبريل: (أن أسجد على سبعة أعظم ولا أكف ثوباً ولا شعراً)، والرسول صلى الله عليه وسلم كان له شعر طويل.
خامساً: تشبيك الأصابع أو فرقعتها
سادساً: مسح الحصى أكثر من مرة من موضع السجود
أولاً: نهى عن مسح الحصى، قال: (إن الرحمة تواجهك) فلا تزلها عن وجهك، ثم قال: (إن كنت فاعلاً) لابد فمسحة واحدة.. مرة واحدة ولا تعدها؛ لأن الصلاة ما فيها سجدة واحدة فيها سجدات، يمسح في السجدة الأولى وبعد ذلك لا يمسح.
سابعاً: العبث وكل ما يشغل عن الصلاة ويذهب خشوعها
ثامناً: القراءة في الركوع أو السجود
تريد أن تحفظ القرآن صلّ واقرأ القرآن تحفظه، أو اقرأ القرآن وأنت قائم، بعدما تقرأ الفاتحة اقرأ البقرة إن شئت، هذا إذا كنت وحدك تصلي، أو اقرأ السورة التي تكررها حتى لا تنسها، لكن في الركوع والسجود لا قراءة ( أما الركوع فعظموا فيه الرب ) أي: قولوا: سبحان ربي العظيم وبحمده، سبحان ربي العظيم وبحمده.. ثلاثاً، خمساً، تسعاً.. وهكذا، ( وأما السجود فادعوا فيه بما شئتم، فقمن أن يستجاب لكم ) السجود: ادع الله واسأله ما شئت من أمور الدين والدنيا، حتى إن بعض الصحابة كان يسأل الله الثوم والبصل. قالت له زوجته: ما عندنا بصل اليوم، وهو ما عنده مال فيدعو الله في صلاته، ولا حرج في ذلك؛ أخذاً بهذا الحديث الصحيح: ( أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فادعوا فيه بما شئتم )، لكن ليس معنى هذا أننا ندعو بالشر، بل ندعو بالخير.
تاسعاً: مدافعة الأخبثين
الأخبثان: البول والغائط، ومدافعتهما: يكاد أن يخرج وأنت تدفعه ويدفعك، وبذلك تفقد خشوعك في الصلاة، إلا أن الشيطان عنده فرصة نبه إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أنه يأتي ينفخ في دبر الإنسان نفخة منه، فإذا لم تسمع صوتاً ولم تشم رائحة فلا تلتفت إليه، الشيطان ينفخ في مقعد أحدكم، فإذا لم يسمع صوت الضراط أو يشم رائحة فلا يخرج من صلاته، تلك نفخة إبليس؛ لأنه يسره أن تخرج من الصلاة، تقول: انتقض وضوئي وتخرج فيفرح بذلك فلا تستجب له.
عاشراً: الصلاة بحضرة الطعام
إذا وضع إفطارك أو غداءك أو عشاءك وأنت تريد أن تصلي، فتغدى أو تعشى أولاً وبعد ذلك صلّ.
إذا كنت في البيت ووضعت السفرة، لا تقل: أنا لن أصلي العشاء حتى أتعشى؟ ليس هكذا، وإنما فقط إذا وضع الطعام بين يديك فلا تقم إلى الصلاة، استطعم وبعد ذلك صلِّ.
الحادي عشر والثاني عشر: الجلوس على العقبين وافتراش الذراعين
وهنا لطيفة فقهية، وهي: أن الرجل لما يسجد يباعد بين عضديه، والمرأة ينبغي أن تضم يديها؛ لأن الفحل إذا ضم يديه يتلذذ بذلك فلهذا ينبغي أن يباعد، والمرأة لو تباعد يديها تجد تلك اللذة الباطنية. إذاً: فالمرأة لا تباعد وتجافي بين يديها وجنبيها، وتضم بعضها إلى بعض، والرجل يباعد بين يديه، الفحل يسجد ويباعد بين يديه، لكن في الزحام لا يستطيع، فإذا لم يوجد زحام يباعد، والمرأة لا تفرج بين يديها؛ لأنها قد تحدث لها لذة في هذا الفعل فتضم يديها. هذه هي مكروهات الصلاة.
إذاً: ما معنى مكروهات الصلاة؟
معناه: الأمور التي يكره فعلها في الصلاة، وهي تنقص من ثمرة الصلاة، لا تبطلها ولكن تنقص من ثمارها وأجرها.
ما ثمرة الصلاة؟ إنها طهارة الروح، زكاة النفس، وهذه المكروهات تفقد ذلك، لا تأتي الثمار كاملة، بخلاف المبطلات فإنها تفسدها نهائياً.
[ أولاً: الالتفات بالرأس أو البصر ] الذي يلتفت برأسه هكذا أو هكذا وهو يصلي، فعل مكروهاً، والذي يلتفت بنظره ينظر هنا وهناك فعل مكروهاً، فينبغي أن يقف بين يدي الله خاشعاً لا يتحرك أبداً، لا يلتفت يميناً ولا شمالاً، ولا ينظر ببصره بعيداً عنه؛ حتى تؤثر الصلاة في زكاة النفس [ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد ) ] سئل صلى الله عليه وسلم عن الالتفات؟ فقال: (هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد ) حتى تضعف ولا تؤثر في نفسه بالتزكية والتطهير.
والشيطان عدونا، بوده أن لا تتم صلاتنا على الوجه المطلوب؛ حتى تبقى النفس مظلمة منتنة يفعل بها ما يشاء، ويسخرها كيف يشاء.
أولاً: الالتفات بالرأس، أما الالتفات بالبدن فيبطل الصلاة، فلو استدار عن القبلة ببدنه فصلاته باطلة، لكن الالتفات بالرأس قد يلتفت الإنسان، وهذا الالتفات اختلاس يختلسه الشيطان وسرقة يسرقها من صلاتك؛ حتى لا تؤدي الواجب الذي تؤديه.
إذاً: فاكرهوه، ومن كرهه لا يفعله، لكن يفعله من لا يعرفه، والنظر بالبصر ينظر المصلي هكذا وهكذا ويطالع الأشياء حتى صورة السجادة أو غيرها وهذا لا ينبغي أبداً.
استمع المزيد من الشيخ ابو بكر الجزائري - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
سلسلة منهاج المسلم - (51) | 4156 استماع |
سلسلة منهاج المسلم - (95) | 4082 استماع |
سلسلة منهاج المسلم - (63) | 3869 استماع |
سلسلة منهاج المسلم - (139) | 3863 استماع |
سلسلة منهاج المسلم - (66) | 3834 استماع |
سلسلة منهاج المسلم - (158) | 3823 استماع |
سلسلة منهاج المسلم - (84) | 3748 استماع |
سلسلة منهاج المسلم - (144) | 3646 استماع |
سلسلة منهاج المسلم - (71) | 3633 استماع |
سلسلة منهاج المسلم - (101) | 3607 استماع |