سلسلة منهاج المسلم - (86)


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، ثم أما بعد:

أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة، ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب: منهاج المسلم، وقد درسنا باب العقيدة والآداب والأخلاق، وها نحن مع العبادات، وها نحن الآن مع سنن الصلاة غير المؤكدة؛ لأننا درسنا فروض الصلاة وعرفناها، والفرض إذا سقط تبطل الصلاة، وعرفنا السنن المؤكدة التي إذا سقطت فلابد من سجود السهو مقابلها.

والآن مع السنن غير المؤكدة التي لا سجود فيها، ولكن فيها الأجر والفضل العظيم، فهيا بنا نصغي مستمعين.

أولاً: دعاء الاستفتاح

[ أولاً: دعاء الاستفتاح ] الدعاء الذي تستفتح به صلاتك: عندما تقول: الله أكبر تقول: [ ( سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك ) ] وجده: عظمته، لا تفهم من الجد أبو الأب، فالله خالق كل شيء وهو مليكه، الجد: العظمة، واقرأ سورة الجن تجد اللفظة من قول الجن: وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَدًا [الجن:3].

إذاً: هيا بنا نحفظ هذه الجملة حتى نقولها من الآن: ( سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك ) أربع كلمات. جده بمعنى: عظمته. ثم بعد ذلك تقرأ الفاتحة. هذه سنة غير مؤكدة بل مستحبة، لو تركها ما يطالب بالسجود لسهوه فيها أو نسيانه.

ثانياً: الاستعاذة في الركعة الأولى والبسملة سراً في كل ركعة

[ ثانياً: الاستعاذة في الركعة الأولى، والبسملة سراً في كل ركعة؛ لقوله تعالى: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ [النحل:98] ] في الركعة الأولى من الظهر، من العصر، من المغرب، من العشاء، عندما تقول: الله أكبر، سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم.. الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2]، في الركعة الأولى تستعيذ، وفي الركعات الأخيرة البسملة فقط؛ لأن الاستعاذة في بداية القرآن فقط، فلما تبدأ بـ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2] تستعيذ، وبعد ذلك لا تستعيذ، لا في الفاتحة ولا في سورة أخرى إن قرأتها.

لا ندري هل فهم السامعون هذا أو لا؟

أقول: الله أكبر، سبحانك الله وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم.. الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2].. إلى آخرها.

ثم تقرأ سورة ثانية فتقول: بسم الله الرحمن الرحيم: يس [يس:1] أو ق [ق:1] أو قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1].

والشاهد عندنا في الاستعاذة وهي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أنها مشروعة ومستحبة في الركعة الأولى، وفي الركعات الأخرى البسملة فقط.

ثالثاً: رفع اليدين حذو المنكبين عند تكبيرة الإحرام

[ ثالثاً: رفع اليدين حذو المنكبين عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع وعند الرفع منه، وعند القيام من اثنتين؛ لقول ابن عمر رضي الله عنهما: (إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى يكونا حذو منكبيه، ثم يكبر، فإذا أراد أن يركع رفعهما مثل ذلك، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك، وقال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد)] (سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد) هذه سنة مؤكدة لو تركها يسجد، لكن الآن نتكلم عن رفع اليدين.

مواطن رفع اليدين أربعة: مع تكبيرة الإحرام: (الله أكبر)، وعندما يقرأ الفاتحة وسورة ويريد أن يركع يرفع يديه ويقول: (الله أكبر) فإذا ركع ورفع يرفع يديه كذلك، فإذا صلى ركعتين وقام للثالثة يرفع يديه أيضاً، والأفضل أن يرفع يديه عندما يقف -تشبيهاً لها بأول الصلاة- لأن الصلاة فرضت ركعتين ركعتين.

وبعض أهل العلم يقول: يرفع يديه وهو جالس، وهذا وهذا ما لم يقل به أهل الفقه؛ لأن هذا فيها سر، كأنها صلاة جديدة ( الصلاة فرضت ركعتين ركعتين، فزيدت في الحضر وبقيت في السفر )، فقيامك إذاً للركعتين كصلاة جديدة ترفع يديك عندما تقوم، هذا المعقول المشروع.

هذه سنة مستحبة، فلو لم يرفع يديه فلا تبطل صلاته ولا ينقص أجره، ولكن تفوته حسنة من الحسنات، إلا أن الذين خرجوا عن السنة والجماعة من الطوائف لا يرفعون أيديهم أساساً.

رابعاً: قول: آمين بعد قراءة الفاتحة

[ رابعاً: قول: (آمين) بعد قراءة الفاتحة ] هذه سنة مستحبة، لو تركها لا تبطل صلاته ولا يسجد لها، فليست سنة مؤكدة، لكن لا نتركها [ لما روي أنه صلى الله عليه وسلم ( إذا تلا: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7]، قال: آمين. يمد بها صوته ). ولقوله: ( إذا قال الإمام: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7]، فقولوا: آمين، فإن من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه ) ] هذه جائزة عظمى: من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه!

ومعنى هذا أن الملائكة يؤمنون، عندما يقرأ القارئ الإمام أو غيره: وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7]، الملائكة جزاهم الله خيراً يقولون: آمين. أي: اللهم استجب دعاءهم. وهذه فضيلة عظيمة، إذ الملائكة يؤمنون لتأميننا.

ويجوز فيها لغة بعدم المد: أمين. لكن المشروع فيها: آمين. لو قال: أمين، جاز ذلك لغة. فيها لغتان، واللغة المشروعة التي عليها أكثر أهل العلم هي: (آمين)، ويجوز: (أمين) ومعنى (آمين): اللهم! استجب. يستجب لمن دعاه، قال: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6]، اللهم! استجب. هذه الكلمة آمين حرمتها الأمم كلها، ما هي إلا عند المسلمين، فالحمد لله.

خامساً: تطويل القراءة في الفجر والتقصير في العصر والمغرب والتوسط في الظهر والعصر

[ خامساً: تطويل القراءة في الصبح ] هذه الفضائل غفل عنها حتى الأئمة، تطويل القراءة في صلاة الصبح [ والتقصير في العصر والمغرب، والتوسط في العشاء والظهر ] هذا مستحب، سنة من سنن الصلاة المستحبة: التطويل في صلاة الفجر، التقصير في العصر والمغرب، التوسط في الظهر والعشاء [ لما روي أن عمر رضي الله عنه كتب إلى أبي موسى ] عامله [أن اقرأ بالصبح بطوال المفصل، واقرأ في الظهر بأواسط المفصل، واقرأ في المغرب بقصار المفصل ] والمفصل عند أهل العلم كما يلي:

بداية المفصل: من سورة الحجرات إلى سورة عَبَسَ وَتَوَلَّى [عبس:1]، وهي طوال المفصل. ووسطه من: عَبَسَ وَتَوَلَّى [عبس:1] إلى الضحى. وقصار المفصل: من: أَلَمْ نَشْرَحْ [الشرح:1] إلى الناس. هذه مستحبة، في الصبح يقرأ بالنازعات.. بالنبأ.. بالمرسلات.. بالحجرات، وقت طويل يستحب التطويل على وجه الاستحباب ليس الوجوب أو السنة المؤكدة.

الظهر والعشاء من: (عبس) إلى أَلَمْ نَشْرَحْ [الشرح:1] الغاشية، الفجر، الأعلى، البروج، المطففين، هذه السور التي يقرأ بها. العصر والمغرب من: أَلَمْ نَشْرَحْ [الشرح:1] إلى (الناس)، هذه سنن مستحبة والعمل بها أفضل، وتركها لا إثم فيه ولا نقص.

سادساً: الدعاء بين السجدتين

[سادساً: الدعاء بين السجدتين ] عندما يسجد يسبح، ذاك التسبيح واجب.. سنة مؤكدة: (سبحان ربي الأعلى.. سبحان ربي الأعلى. سبحان ربي الأعلى وبحمده) ثلاثاً، خمس، سبع، تسع، يدعو لكن عندما يرفع ويجلس: (الله أكبر) هنا يستحب الدعاء، وليس بواجب ولا سنة مؤكدة [ وهو: ( رب اغفر لي وارحمني وعافني واهدني وارزقني ) ] وإن زاد زاده الله، إذ أنت في حاجة إلى هذه الأربع الدعوات: (رب اغفر لي وارحمني وعافني من البلاء والمحن، واهدني إلى الصراط المستقيم، وارزقني ما يكفيني في معاشي. يقول هذا بين السجدتين، فمن حفظها ودعا بها فهنيئاً له، ومن لم يحفظها فقد فاته شيء ينبغي أن لا يفوته.

سابعاً: القنوت في الركعة الأخيرة من الفجر والوتر

[ سابعاً: دعاء القنوت في الركعة الأخيرة من صلاة الصبح، أو في ركعة الوتر، بعد القراءة أو بعد الرفع من الركوع ] الأمر واسع؛ لأن هذا يشمل المذاهب الأربعة، دعاء القنوت، وأصل القنوت معناه: الدعاء. قنت بمعنى: دعا (وأنتم قانتون) أي: تدعون.

دعاء القنوت في الركعة الأخيرة من صلاة الصبح، وإلى الآن المالكية والشافعية يقرءون هذا، إلا أن المالكية يقرءونه سراً، والشافعية يقرءونه جهراً، والأمر في ذلك واسع.

(أو في ركعة الوتر) بعدما ترفع رأسك من الركوع تقرأ دعاء القنوت في الركعة الأخيرة من صلاة الصبح لا في الأولى، أو في ركعة الوتر كما هي، وتشاهدون في رمضان يدعو بكم الإمام في ركعة الوتر، بعد القراءة أو بعد الرفع من الركوع، فإن شئت قرأته عندما تفرغ من قراءة الفاتحة: وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7]، آمين، وسورة أخرى ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ [البينة:8]، عندما تفرغ من القراءة تدعو، وإن شئت ركعت أولاً ورفعت من الركوع ودعوت.

إذاً: [ ومما ورد في ألفاظه ] أي: القنوت [ ( اللهم! اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني واصرف عني شر ما قضيت؛ فإنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت. اللهم! إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك ) ] هذا يكتب ويحفظ، هذا هو القنوت، إن شئت قنت في الوتر، وإن كنت مع المالكية أو الشافعية وقنتوا فاقنت في الصبح، الآن نحن لا نقنت في الصبح، نقنت في الوتر، والكل واحد.

ثامناً: الافتراش في سائر الجلسات والتورك في الجلسة الأخيرة

[ ثامناً: هيئة الجلوس الواردة عنه صلى الله عليه وسلم في صفة صلاته وهي الافتراش في سائر الجلسات، والتورك في الجلسة الأخيرة ] الافتراش: أن يفترش رجليه، يجلس عليهما في كل صلاة، وفي الركعة الأخيرة يتورك، يجلس على وركه. الافتراش: يجلس على رجليه. التورك: يبعدها ويجلس على وركه.

[ الافتراش: هو أن يجلس على باطن رجله اليسرى وينصب اليمنى ] يفترش باطن رجله اليسرى وينصب اليمنى هكذا..

[ التورك: هو أن يجعل باطن اليسرى تحت فخذ اليمنى، ويجعل إليته على الأرض، وينصب قدمه اليمنى ] ينصبها قائمة [ ويجعل اليد اليسرى فوق الركبة اليسرى مبسوطة الأصابع] يضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، ويده اليسرى على فخذه اليسرى [ ويقبض أصابع يده اليمنى كلها ويشير بالسبابة يحركها عند تلاوة التشهد؛ لما روي ( أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس للتشهد وضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، ويده اليسرى على فخذه اليسرى وأشار بالسبابة ولم يجاوز بصره إشارته ) ] عند تلاوة التشهد: (التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي..) يحرك سبابته كالذي يؤكد كلامه، فعادة الإنسان عندما يتكلم مع شخص وهو مهتم يشير بسبابته، لا يلعب أو يلهو، بل يؤكد كلامه، وهذا من الأدب مع الله وبين يدي الله: (التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله..) وهكذا حتى يختم التشهد، وبعد ذلك يسلم.

تاسعاً: وضع اليدين على الصدر

[ تاسعاً: وضع اليدين على الصدر ] بعض الإخوان كأنه صليب يبسط يديه، هذا لا ينبغي أبداً. شكل صليب؟ كيف يصنع؟ يضم يديه ويضع يده اليمنى فوق اليسرى فوق العضد. بل يكون على هيئة الخشوع والخضوع لا هيئة العنترية، فيؤذي من خلفه أيضاً بذراعه. كيف ترون هذه؟

أقول: مسكنة وذلة بين يدي الله أم عنترية؟ الذلة والمسكنة أن يقف متواضعاً بين يدي الله، يضم يديه ويضع اليد اليمنى الكف على عضد اليسرى، أما العنترة فلا.

[ اليمنى فوق اليسرى؛ لقول سهل : ( كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة ). ولقول جابر رضي الله عنه: ( مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل وهو يصلي وقد وضع يده اليسرى على اليمنى، فانتزعها ووضع اليمنى على اليسرى ) ] هذه مهمة جداً.

الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه غير وضعية يديه، مر به يصلي نافلة واضعاً اليسرى فوق اليمنى، فجاء الرسول ففك اليدين، ووضع اليسرى واليمنى فوقها، فلهذا أهل السنة لا يتركون هذه أبداً، والخارجون عن السنة والجماعة والعياذ بالله، فقدوا هذا الخير.

عاشراً: الدعاء في السجود

[ عاشراً: الدعاء في السجود؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( ألا وإني نهيت أن أقرأ في القرآن راكعاً أو ساجداً، فأما الركوع فعظموا فيه الرب.. ) ] سبحان ربي العظيم [ ( .. وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء؛ فقمن -حقيق- أن يستجاب لكم ) ] لا قراءة في الركوع ولا في السجود، في الركوع: سبحان ربي العظيم وبحمده، سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك، عظموا الرب مرتين، ثلاث، عشر.

والسجود: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، ثم ادع الله واسأله حاجاتك؛ حتى الثوم والبصل كما كان يفعل الصحابة.

مداخلة: كيف يضع المصلي يديه بعد الرفع من الركوع؟

الشيخ: هذه المسألة مهمة، تفطنوا لها، عندما يقرأ القارئ ويركع ويرفع يديه فيقول: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، في هذه الحالة هل يضع يديه على صدره؟

الجواب: إذا كان يطيل القيام فيقول: ربنا لك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، ملء السموات وملء الأرض وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. هذا يحسن به أن يضع يديه على صدره.

وإن كان: ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً.. الله أكبر، فلا فائدة في وضعهما على الصدر، والدليل أنه صح عنه صلى الله عليه وسلم كما قال الراوي: ( ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً في صلاته إلا وهو واضع يديه على صدره ). والفقهاء ما قالوا بهذا؛ لأنهم لا يلزمون ما يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم، فيكتفون ببيان الواجب والسنة، فإذا كان بقول: سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد، الله أكبر ويسجد، فلماذا يضع يديه على صدره؟ ما الفائدة؟

لكن إذا وقف فقال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، ملء السموات وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم! لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. هذه كالسورة من القرآن، هذه والله يحسن أن يكون واضعاً يديه على صدره. وهي سنة مؤكدة للجميع، المأموم يقول: ربنا ولك الحمد، مؤكدة.

الحادي عشر: الدعاء بعد التشهد الأخير

[ الحادي عشر: الدعاء في التشهد الأخير بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ] الدعاء بعد الشهد الأخير، بعد التحيات الأخيرة [ بهذه الكلمات: ( اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال ) ] على الأقل هذه الأربع الكلمات، وهناك ألفاظ أخرى طويلة [ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: ( إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير ) ] ليس الأوسط [ ( فليتعوذ بالله من أربع: اللهم! إني أعوذ بك من عذاب جهنم ... إلخ ) ] ( وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال ) أربع كلمات عند الفراغ من التشهد الأخير، أما التشهد الوسط فينتهي عند (محمداً عبده ورسوله) ويقف وحديث( فليتعوذ بالله من أربع ) رواه مسلم .

وفزت في هذه الأيام الأخيرة بدعاء عن عائشة والله خير من الدنيا وما فيها، قضينا أعمارنا وما وصلنا إليها، بعدما يدعو يقول: ( اللهم! إني أسألك من خير ما سألك منه عبدك ونبيك ورسولك ) اللهم! إني أسألك لي ولأهل بيتي وللمؤمنين والمؤمنات من خير ما سألك منه عبدك ونبيك ورسولك محمد وجميع عبادك الصالحين! اللهم إني أعوذ بك من شر ما استعاذ منه عبدك ونبيك ورسولك محمد وجميع عبادك الصالحين! اللهم صل على ملائكتك المقربين، وعلى أنبيائك المرسلين، وعلى أهل طاعتك أجمعين. السلام عليكم.

هذا الدعاء أنا أشرك فيه كل مؤمن ومؤمنة، أصل الدعاء: ( اللهم! إني أسألك من خير ما سألك منه عبدك ونبيك ورسولك محمد وجميع عبادك الصالحين، وأعوذ بك من شر ما استعاذ منه عبدك ونبيك ورسولك وجميع عبادك الصالحين ) أضفت إليه أنا: اللهم! إني أسألك لي ولأهل بيتي وللمؤمنين والمؤمنات من خير ما سألك منه عبدك ونبيك ورسولك محمد وجميع عبادك الصالحين.

فلهذا إذا مت والله! تفقدون هذه، أقسم بالله، وسوف تفقدونها، ولكن قولوها، هذه أجمع دعوة للخير.

التشهد الأول يصلي على النبي ويقوم، وتقدم هذا بصفته في السنن المتأكدة.

الثاني عشر: التيامن في السلام

[ الثاني عشر: التيامن بالسلام ] السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، التيامن بالسلام سنة من سنن الصلاة، السلام عليكم ورحمة الله، حتى يبدو وجهه، ثم التسليمة الثانية: السلام عليكم ورحمة الله، إن كان حوله من يصلي إلى جنبه، وإن لم يكن فكذلك، الأفضل تسليمتين، إلا في صلاة الجنازة تسليمة واحدة: السلام عليكم بدون (ورحمة الله)، أما في النافلة والفريضة: السلام عليكم ورحمة الله، إذا كان الإمام معك، السلام عليكم تشير للإمام ورحمة الله، تجمع بين الثلاثة.

هذا فقه. السلام عليكم ورحمة الله، أنت مع الإمام: السلام عليكم ورحمة الله، تشرك الإمام مع من عن يسارك، هكذا يقول أهل العلم.

الثالث عشر: التسليمة الثانية عن يساره

[الثالث عشر: التسليمة الثانية عن يساره؛ لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه وعن يساره، حتى يراه بياض خده ] فالتسليمتان سنتان مستحبتان، الأولى عن اليمين والثانية عن اليسار، ولو اكتفى بـ: السلام عليكم ورحمة الله يجزئه، ولكن ترك السنن والفضائل، فلم يحرم أجرها؟!

الرابع عشر: الذكر والدعاء بعد السلام

[ الرابع عشر: الذكر والدعاء بعد السلام ] ذكر الله والدعاء بعد السلام.

[ للأحاديث الآتية:

أولاً: عن ثوبان رضي الله عنه قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثاً ) ] أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله [ ( وقال: اللهم! أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام ) ] لا ننسى هذه.

[ ثانياً: عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بيده يوماً، ثم قال: ( يا معاذ ! إني لأحبك، أوصيك يا معاذ : لا تدعن ) ] أي: لا تتركن [ ( في دبر كل صلاة أن تقول: اللهم! أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ) ] هذا هو الدعاء، هذه الكلمة أعز كلمة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أعطاها لـمعاذ وقال: هات يدك ليثبته ( يا معاذ ! إني لأحبك ) الله أكبر! ( أوصيك يا معاذ : لا تدعن في دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ).

[ ثالثاً: عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول دبر كل صلاة مكتوبة: ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم! لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد ) ] دبر كل صلاة.

[ رابعاً: عن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت ) ] آية الكرسي ما تركناها من الصبا أبداً ولا يوم، لا يمنعني من دخول الجنة إلا الموت، إذا ما مت ماذا تقول: مت، دخلت. الحمد لله.

آية الكرسي: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ.. [البقرة:255] من سورة البقرة.

[ خامساً: عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من سبح الله دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، وحمد الله ثلاثاً وثلاثين، وكبر الله ثلاثاً وثلاثين، فتلك تسعة وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر ).

سادساً: عن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ بين كل صلاة بهذه الكلمات: ( اللهم! إني أعوذ بك من البخل وأعوذ بك من الجبن وأعوذ بك من أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر ) وكان سعد رضي الله عنه يعلمهن أولاده ] أي: هذه الكلمات.

نكتفي بهذا القدر والبقية في الدرس الآتي إن شاء الله، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.


استمع المزيد من الشيخ ابو بكر الجزائري - عنوان الحلقة اسٌتمع
سلسلة منهاج المسلم - (51) 4156 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (95) 4082 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (63) 3869 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (139) 3863 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (66) 3834 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (158) 3823 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (84) 3748 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (144) 3646 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (71) 3633 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (101) 3607 استماع