سلسلة منهاج المسلم - (152)


الحلقة مفرغة

الحمد لله؛ نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة؛ ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الجامع للشريعة الإسلامية عقائد وآداباً وأخلاقاً وعبادات وأحكاماً، وها نحن مع الأحكام، وانتهى بنا الدرس إلى [الضمان] فما هو الضمان؟ وما هي أحكامه؟

تعريف الضمان

[أولاً: تعريفه: الضمان تحمل الحق عمن هو عليه] كأن يكون على فلان حق فتتحمل أنت هذا الحق وتقوم بسداده، فالضمان هو أن تتحمل حقاً على من هو عليه وترضى به، فإذا كان على فلان ألف دينار -مثلاً- فإنك تقول: أنا ضامن، أتحملها عنه. هذا هو الضمان [وذلك كأن يكون على شخص حق فطولب به] أي طولب: بهذا الحق [فيقول آخر جائز التصرف] أي: عاقل، وقادر، ويقوى على تسديد هذا الحق [هو علي وأنا ضامنه، فيصير بذلك ضامناً، ولصاحب الحق مطالبته بحقه] ما دام ضمن فإنه يطالب بالحق [وإن لم يف] أي: ما وفى [طالب صاحب الحق المضمون] فإذا لم يوف الضامن يرجع صاحب الحق إلى المضمون حتى يأخذ حقه، فما دام الضامن لم يسدد فإنه يُرجع إلى المضمون؛ لئلا يضيع حقه.

حكم الضمان

[ثانياً: حكمه: الضمان جائز] أيما مؤمن ضمن على آخر فلا بأس، على شرط أن يكون الضامن عاقلاً بالغاً قادراً على أن يسدد ذكراً كان أو أنثى، والدليل على جوازه [لقوله تعالى: وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ [يوسف:72]، يعني: ضامناً أو كفيلاً] فيوسف عليه السلام لما جعل ما جعل في رحل أخيه قال لهم: من جاء به فأنا أضمن له حمل بعير، أي: ما يحمله البعير من الدقيق أو التمر أو غيره، (وأنا به زعيم) أي: ضامن وكافل، فهذه الآية دليل على جواز الضمان.

[ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (الزعيم غارم)] و(الزعيم) هو: الضامن أو الكفيل، و(غارم): أي يغرم ويسدد ما ضمنه، فما دام أنه تحمل فلا بد وأن يسدد [وقوله صلى الله عليه وسلم: (إلا إن قام أحدكم فضمنه) في الرجل الذي مات وعليه دين ولا وفاء له] أي: ما خلف مالاً يسدد به الدين [فامتنع من الصلاة عليه] وهذه حادثة معينة وهي: أنه جيء بميت إلى المسجد النبوي ليصلي عليه النبي صلى الله عليه وسلم فسأل: أعليه دين؟ فقالوا: نعم. فقال: لا أصلي عليه ما دام عليه دين، إلا أن يضمنه أحدكم بسداده، فقام أحدهم فقال: أنا ضامن، فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم.

وهنا لطيفة: وهي أن صاحب الدين ما ينجو من عذاب الله، فمن مات وعليه دين يكون موقوفاً ومحبوساً في دينه، فلا يدخل الجنة؛ فلهذا يجب ألا نستدين وإن استدنا يجب أن نسدد ديوننا، فلا نأكل ونشرب ونعبث ونترك الديون، ومن أوصى ولده أو أخاه أو عمه ككفيل فلا بأس، أما أن يموت وعليه ديون ولا كافل لها فإنه يكون محبوساً عن الجنة، وهذا الرسول صلى الله عليه وسلم أبى أن يتدخل في هذا، وقال: ما دام وعليه دين فلا أصلي عليه، إلا إذا ضمن أحدكم هذا الدين.

ومعنى هذا: يا أبناء الإسلام! أن لا تستدينوا من الناس، ومن استدان للضرورة فعليه أن يسدد دينه ويحاول ألا يموت إلا وقد سدد دينه، وإن مات وعليه دين فروحه محبوسة -أي: موقوفة- حتى يسدد هذا الدين.

[أولاً: تعريفه: الضمان تحمل الحق عمن هو عليه] كأن يكون على فلان حق فتتحمل أنت هذا الحق وتقوم بسداده، فالضمان هو أن تتحمل حقاً على من هو عليه وترضى به، فإذا كان على فلان ألف دينار -مثلاً- فإنك تقول: أنا ضامن، أتحملها عنه. هذا هو الضمان [وذلك كأن يكون على شخص حق فطولب به] أي طولب: بهذا الحق [فيقول آخر جائز التصرف] أي: عاقل، وقادر، ويقوى على تسديد هذا الحق [هو علي وأنا ضامنه، فيصير بذلك ضامناً، ولصاحب الحق مطالبته بحقه] ما دام ضمن فإنه يطالب بالحق [وإن لم يف] أي: ما وفى [طالب صاحب الحق المضمون] فإذا لم يوف الضامن يرجع صاحب الحق إلى المضمون حتى يأخذ حقه، فما دام الضامن لم يسدد فإنه يُرجع إلى المضمون؛ لئلا يضيع حقه.

[ثانياً: حكمه: الضمان جائز] أيما مؤمن ضمن على آخر فلا بأس، على شرط أن يكون الضامن عاقلاً بالغاً قادراً على أن يسدد ذكراً كان أو أنثى، والدليل على جوازه [لقوله تعالى: وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ [يوسف:72]، يعني: ضامناً أو كفيلاً] فيوسف عليه السلام لما جعل ما جعل في رحل أخيه قال لهم: من جاء به فأنا أضمن له حمل بعير، أي: ما يحمله البعير من الدقيق أو التمر أو غيره، (وأنا به زعيم) أي: ضامن وكافل، فهذه الآية دليل على جواز الضمان.

[ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (الزعيم غارم)] و(الزعيم) هو: الضامن أو الكفيل، و(غارم): أي يغرم ويسدد ما ضمنه، فما دام أنه تحمل فلا بد وأن يسدد [وقوله صلى الله عليه وسلم: (إلا إن قام أحدكم فضمنه) في الرجل الذي مات وعليه دين ولا وفاء له] أي: ما خلف مالاً يسدد به الدين [فامتنع من الصلاة عليه] وهذه حادثة معينة وهي: أنه جيء بميت إلى المسجد النبوي ليصلي عليه النبي صلى الله عليه وسلم فسأل: أعليه دين؟ فقالوا: نعم. فقال: لا أصلي عليه ما دام عليه دين، إلا أن يضمنه أحدكم بسداده، فقام أحدهم فقال: أنا ضامن، فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم.

وهنا لطيفة: وهي أن صاحب الدين ما ينجو من عذاب الله، فمن مات وعليه دين يكون موقوفاً ومحبوساً في دينه، فلا يدخل الجنة؛ فلهذا يجب ألا نستدين وإن استدنا يجب أن نسدد ديوننا، فلا نأكل ونشرب ونعبث ونترك الديون، ومن أوصى ولده أو أخاه أو عمه ككفيل فلا بأس، أما أن يموت وعليه ديون ولا كافل لها فإنه يكون محبوساً عن الجنة، وهذا الرسول صلى الله عليه وسلم أبى أن يتدخل في هذا، وقال: ما دام وعليه دين فلا أصلي عليه، إلا إذا ضمن أحدكم هذا الدين.

ومعنى هذا: يا أبناء الإسلام! أن لا تستدينوا من الناس، ومن استدان للضرورة فعليه أن يسدد دينه ويحاول ألا يموت إلا وقد سدد دينه، وإن مات وعليه دين فروحه محبوسة -أي: موقوفة- حتى يسدد هذا الدين.

[ثالثاً: أحكامه ، أحكام الضمان، هي] خمسة أحكام.

أولاً: يعتبر في الضمان رضا الضامن

[أولاً: يعتبر في الضمان رضا الضامن] لا تقل: فلان يضمنني وهو ليس براض، لا ينفع، فلا بد من رضا الضامن، فإذا أحلتني على فلان ليسدد الدين الذي عليك وقبل فلا بأس، أما إن قال: أنا لا أضمن، فلا ضمان، فلا بد من رضا الضامن وموافقته [أما المضمون فلا عبرة برضاه] يرضى أو يسخط هذا كله لا يؤبه له، فإذا قال شخص: أنا ضامن لهذا، فقال المضمون: أنا لا أقبل. فليس شأنه هو لأن الضامن هو المسئول.

إذاً: يعتبر في الضمان رضا الضامن، فلا بد وأن يكون راضياً موافقاً على ضمان هذا الدين أو هذا الحق، أما المضمون فلا عبرة برضاه ولا بسخطه، فما دام لم يسدد دينه وقام شخص وقال: أنا أضمنه، فالعبرة بالضامن، أما المضمون فلا قيمة لرضاه أو سخطه، والمضمون قد لا يرضى؛ لأنه لا يريد أن يسدد هذا الدين، فلما قام من قال: أنا أضمنك في هذا الدين، قال: لا، خشية أن يطالب به.

ثانياً: لا تبرأ ذمة المضمون إلا بعد أن تبرأ ذمة ضامنه

[ثانياً: لا تبرأ ذمة المضمون إلا بعد أن تبرأ ذمة ضامنه] لا تبرأ ذمة المضمون -الذي في ذمته الدين- إلا بعد أن تبرأ ذمة ضامنه، فإذا سدد الضامن الدين انتهت المشكلة، وإذا لم يسدد فالمضمون مطالب، ولا تبرأ ذمته [وإن برئت ذمة المضمون برئت ذمة الضامن] قطعاً بلا بخلاف، فإذا سدد المضمون برئت ذمة الضامن.

ثالثاً: لا يعتبر في الضمان معرفة المضمون

[ثالثاً: لا يعتبر في الضمان معرفة المضمون] سواء كان الضامن يعرف المضمون أو لا يعرفه فإنه يجوز، فالذي قام للرسول صلى الله عليه وسلم وقال: أنا ضامن لهذا الميت، قد يكون لا يعرفه أبداً، ولكنه فقط تكفل بهذا الحق، [إذ يجوز أن يضمن الرجل من لا يعرفه ألبتة] أي: بالمرة، فجائز أن يضمن الرجل من لا يعرفه مطلقاً [لأن الضمان تبرع وإحسان] هو كرم وجود أو صدقة، فلا يُبالى بمعرفة من كان عليه هذا الدين، المهم أنه تكفل هو وضمن.

رابعاً: لا ضمان إلا في حق ثابت في الذمة

[رابعاً: لا ضمان إلا في حق ثابت في الذمة] لا يصح ضمان إلا ما كان من حق ثابت في ذمة المضمون، فإذا لم يكن ثابتاً فلا ضمان فيه، فلا بد وأن يكون المضمون عليه هذا الدين مطالباً بهذا الحق فعلاً؛ لتقوم أنت وتضمنه، أما إذا كان المضمون ليس مديناً، أي: ليس عليه شيء، فماذا تضمن؟ فلا ضمان إلا في حق ثابت شرعاً بالشهود، أو باعتراف صاحبه أنه في ذمته.

[أو فيما هو آيل للثبوت كالجعالة مثلاً] كأن تقول: يا فلان! ابن هذا الجدار بعشرة آلاف ريال، فيضمن آخر ويقول: وأنا أضمن لك العشرة آلاف ريال. هذا ما هو آيل وراجع للثبات كالجعالة.

فإذا قلت: من يفعل لي كذا أعطيه كذا، أو من رد ناقتي الهاربة فله كذا. أصبح هذا حق له، فإذا قال آخر: وأنا أضمنه؛ صح ذلك؛ لأنه حق يئول إلى الثبات.

خامساً: لا بأس في تعدد الضمناء

[خامساً: لا بأس في تعدد الضمناء] قد يضمن واحد، أو اثنين، أو ثلاثة، أو أربعة، أو خمسة، يقولون: كلنا ضامن يا فلان! [كما لا بأس أن يضمن الضامن غيره أيضاً] فالضامن يضمنه شخص آخر ولا بأس، فإذا ضمنت فلاناً ولم تسدد، فلا بأس بأن يضمنك آخر فيقول: وأنا ضامنك! إن لم تستطع أن تسدد فأنا ضامن لك.

فإذا قلت: يا فلان اضمني! فقال: أنا ضامن، فشك الآخرون في ضمانه، فقال ثالث: أنا ضامن لهذا الضامن فلا حرج.

[أولاً: يعتبر في الضمان رضا الضامن] لا تقل: فلان يضمنني وهو ليس براض، لا ينفع، فلا بد من رضا الضامن، فإذا أحلتني على فلان ليسدد الدين الذي عليك وقبل فلا بأس، أما إن قال: أنا لا أضمن، فلا ضمان، فلا بد من رضا الضامن وموافقته [أما المضمون فلا عبرة برضاه] يرضى أو يسخط هذا كله لا يؤبه له، فإذا قال شخص: أنا ضامن لهذا، فقال المضمون: أنا لا أقبل. فليس شأنه هو لأن الضامن هو المسئول.

إذاً: يعتبر في الضمان رضا الضامن، فلا بد وأن يكون راضياً موافقاً على ضمان هذا الدين أو هذا الحق، أما المضمون فلا عبرة برضاه ولا بسخطه، فما دام لم يسدد دينه وقام شخص وقال: أنا أضمنه، فالعبرة بالضامن، أما المضمون فلا قيمة لرضاه أو سخطه، والمضمون قد لا يرضى؛ لأنه لا يريد أن يسدد هذا الدين، فلما قام من قال: أنا أضمنك في هذا الدين، قال: لا، خشية أن يطالب به.




استمع المزيد من الشيخ ابو بكر الجزائري - عنوان الحلقة اسٌتمع
سلسلة منهاج المسلم - (51) 4157 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (95) 4088 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (63) 3870 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (139) 3866 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (66) 3838 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (158) 3825 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (84) 3752 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (144) 3647 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (71) 3634 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (101) 3609 استماع