سلسلة منهاج المسلم - (145)


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أيها الأبناء والإخوة المستمعون، ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الحاوي للشريعة الإسلامية عقيدة وآداباً وأخلاقاً وعبادات وأحكاماً، وقد تدارسنا ما شاء الله، وها نحن مع الأحكام فهيا بنا ندرس مسألة أو مسألتين، وها نحن مع [ المادة الثامنة: في الشفعة، وأحكامها: ] فما هي الشفعة؟ وهل هي جائزة أو ممنوعة؟

تعريف الشفعة

[ تعريفها: الشفعة: هي أخذ الشريك حصة شريكه التي باعها بثمنها الذي باعها به ] باع أحد الشريكين حصته بألف فإن الشريك الآخر يشفعها بألف، أو باعها بمائة فللآخر أن يشفعها بمائة، وذلك نحو أن يكون اثنان مشتركان في حديقة أو دار، فباع أحدهما نصف حصته لشخص آخر؛ فإن الشريك يطالب بالشفاعة إلا إذا تركها وهو عالم بها ولم يرغب فيها فلا شيء له، أما إذا كان غائباً أو كان بعيداً ثم أتى فوجد شريكه قد باع حصته فللغائب أو البعيد أن يطالب بالشفعة.

[ تعريفها: الشفعة: هي أخذ الشريك حصة شريكه التي باعها بثمنها الذي باعها به ] باع أحد الشريكين حصته بألف فإن الشريك الآخر يشفعها بألف، أو باعها بمائة فللآخر أن يشفعها بمائة، وذلك نحو أن يكون اثنان مشتركان في حديقة أو دار، فباع أحدهما نصف حصته لشخص آخر؛ فإن الشريك يطالب بالشفاعة إلا إذا تركها وهو عالم بها ولم يرغب فيها فلا شيء له، أما إذا كان غائباً أو كان بعيداً ثم أتى فوجد شريكه قد باع حصته فللغائب أو البعيد أن يطالب بالشفعة.

[ وأحكامها هي ] أي: أحكام الشفعة:

أولاً: ثبوت الشفعة شرعاً

[ أولاً: ثبوتها شرعاً ] شفعة البيع والشراء ثابتة بالكتاب والسنة [ ثبتت الشفعة بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بها ] فالرسول قد حكم بها [ فقد روي في الصحيح عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قوله: {قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما ينقسم} ] أي: حكم بالشفعة في كل ما يقبل الانقسام كبساتين أو أرض أو دور، أما الذي لا ينقسم فليس فيه شفعة كسيارة أو بعير؛ لأنهما لا يقسمان بين اثنين [ {فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق} ] أي: كأن يكون لهذا طريق ولهذا طريق [ {فلا شفعة} ] إذا كنت وأخوك مشتركين في بستان ثم قسمتما ذلك البستان، وأصبح هنالك طريق فاصلة فلا شفعة، فالشفعة تكون ما دام الشيء واحداً قبل انقسامه بالحدود، فمن باع حظه لآخر فإن الشريك يستحق ذلك الحظ، فهو أولى به من الغريب، أما إذا حصل انقسام فلا شفعة.

ثانياً: ثبوت الشفعة فيما هو قابل للقسمة

[ ثانياً: لا تثبت الشفعة إلا فيما هو قابل للقسمة، فإن كان غير قابل للقسمة كالحمامات والأرحية -جمع رحى- والدور الضيقة فلا شفعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم {فيما ينقسم} ]

ثالثاً: لا شفعة في المقسوم الذي ضربت حدوده وصرفت طرقه

[ ثالثاً: لا تثبت الشفعة في المقسوم الذي ضربت حدوده وصرفت طرقه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: {فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة}. ولأنه بعد القسمة يصبح الشريك جاراً، ولا شفعة للجار على الصحيح ] أي: بعدما ينقسم البستان أو تنقسم الأرض أو ينقسم الدار يصبح الشريك جاراً لشريكه، والجار لا حق له في الشفعة على الصحيح، وتكون الشفعة فيما هو قابل للقسمة فقط.

رابعاً: لا شفعة في المنقول

[ رابعاً: لا شفعة في المنقول ] وهو الذي ينقل ويحمل [ كالثياب والحيوان ] كبقرة، وبعير، وكبش، وشاة، فهذه الحيوانات ليس فيها شفعة؛ لأنها تنقل من مكان إلى مكان [ وإنما هي في المشاع -العام- من أرض ] وهي الأرض الشائعة التي تكون لجمع من الناس مثلاً [ وما يتصل بها من بناء ] كمنزل أو مكان [ وغرس ] كالزرع والنخيل [ إذ لا ضرر يتصور مع غير الأرض وما يتصل بها فيرفع بالشفعة ] أي: لا يتصور وجود ضرر في غير الأرض والبستان والدار مع بعضها البعض إذا لم يرفع بالشفعة.

فالشفعة مشروعة لرفع الضرر، فقد أذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقضى بها بين عباد الله لرفع الضرر عن المؤمنين حتى لا يتنازعوا ويتطاحنوا.

خامساً: سقوط حق الشفيع إذا حضر عقد البيع أو علمه ولم يطالب بالشفعة

[ خامساً: يسقط حق الشفيع بحضوره العقد، أو بعلمه بالبيع ولم يطالب بالشفعة حتى مضت مدة ] فمن كان في مدينة مثلاً، وشريكه في مدينة أخرى قد باع حصته، وعلم ذلك الشريك، ولم يطالب بالمبيع فلا حق له بالشفعة [ لحديث: {الشفعة لمن واثبها} ] أي: الشفعة لمن طالبها وبادرها، أما الذي أهملها أو تركها أو سكت عنها فلا شفعة له، فمعنى ذلك أنه قد رضي بذلك البيع، فإن وسوس له الشيطان أو حرضه بعض إخوانه على الشفعة فلا قيمة له؛ لأنه كان حاضراً حينما بيع البستان أو الدار ثم لم يطالب بالشفعة [ وحديث أيضاً: {الشفعة كحل العقال} ] أي: إن انحل العقال فلا شفعة، أما ما دامت معقودة ففيها الشفعة [ إلا أن يكون غائباً ] في الشام أو في العراق أو في بلاد بعيدة [ فإن له الحق في المطالبة بها ولو بعد سنين طويلة ] فإن لم يطالب بها فشأنه، وإن طالب بها فله الحق، وذلك فيما لو أن رجلاً باع نصيبه بدون علم شريكه الغائب، ثم بلغه الخبر بعد سنة أو سنتين -مثلاً-فإنه حينئذ يطالب بالشفعة؛ لأنه ما كان حاضراً وقت البيع.

سادساً:الشفعة فيما إذا أوقف المشتري ما اشتراه

[ سادساً: تسقط الشفعة فيما إذا أوقف المشتري ما اشتراه ] إذا أوقف المشتري ما اشتراه في سبيل الله على مساجد أو فقراء أو رباط [ أو وهبه أو تصدق به ] لأنه أصبح في سبيل الله، فلا يعترض [ إذ ثبوت الشفعة معناه إبطال هذه القرب ] التي تقرب بها إلى الله، وإبطال القرب لا يجوز [ وتصحيح القرب أولى من إثبات الشفعة التي لا يقصد منها إلا رفع ضرر مظنون ] ليس مجزوماً به.

فالله شرع الشفعة على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم لرفع الضرر، والضرر قد يكون وقد لا يكون، والضرر المظنون ليس مجزوماً به أبداً، فإذا اشترى رجلاً أرضاً ثم أوقفها أو تصدق بها فلا حق للشريك بالشفعة أبداً.

سابعاً: غلة المبيع أو النماء المنفصل

[ سابعاً: للمشتري الغلة والنماء المنفصل ] إذا كان البستان فيه ثمر فإن غلته للمشتري [ فإن بنى أو غرس فللشفيع تملكه بقيمته أو قلعه مع غرم النقص؛ إذ لا ضرر ولا ضرار ] فلو أن صاحب بستان باع حصته لشخص، فإن بنى فيه المشتري بناء أو غرس غرساً فللشفيع تملكه بقيمته، أو يقلع الذي غرسه مع غرم النقص، والعلة في ذلك هي: لا ضرر ولا ضرار بين المسلمين.

ثامناً: عهدة الشفيع على المشتري

[ ثامناً: عهدة الشفيع على المشتري، وعهدة المشتري على البائع، فالشفيع يطالب المشتري، والمشتري يرجع على البائع في كل ما يتعلق بما وجبت فيه الشفعة ]

تاسعاً: حق الشفعة لا يباع ولا يوهب

[ تاسعاً: حق الشفعة لا يباع ولا يوهب ] باع رجل نصيبه من البستان أو الدار، فلا حق للشريك أن يهب الشفعة أو يبيعها، لأن صاحب البستان أولى بها [ فليس لمن وجبت له الشفعة أن يبيع حقه فيها، أو يهبه لآخر ] فلا يصح أن يهب حقه لفلان، فالشفعة حق للشريك حتى لا يتضرر [ إذ بيعها أو هبتها مناقضة للغرض الذي شرعت له الشفعة، وهو دفع الضرر -ورفعه- عن الشريك ] فكيف نرضى بذلك؟ فشريعة الإسلام حاكمة في كل شيء في هذه الحياة كالبيع والشراء، فهي ترفع الضرر عن الشريكين في منزل أو بستان، وأي شيء يسبب ضرراً ممنوعاً لا يجوز.

[ أولاً: ثبوتها شرعاً ] شفعة البيع والشراء ثابتة بالكتاب والسنة [ ثبتت الشفعة بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بها ] فالرسول قد حكم بها [ فقد روي في الصحيح عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قوله: {قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما ينقسم} ] أي: حكم بالشفعة في كل ما يقبل الانقسام كبساتين أو أرض أو دور، أما الذي لا ينقسم فليس فيه شفعة كسيارة أو بعير؛ لأنهما لا يقسمان بين اثنين [ {فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق} ] أي: كأن يكون لهذا طريق ولهذا طريق [ {فلا شفعة} ] إذا كنت وأخوك مشتركين في بستان ثم قسمتما ذلك البستان، وأصبح هنالك طريق فاصلة فلا شفعة، فالشفعة تكون ما دام الشيء واحداً قبل انقسامه بالحدود، فمن باع حظه لآخر فإن الشريك يستحق ذلك الحظ، فهو أولى به من الغريب، أما إذا حصل انقسام فلا شفعة.

[ ثانياً: لا تثبت الشفعة إلا فيما هو قابل للقسمة، فإن كان غير قابل للقسمة كالحمامات والأرحية -جمع رحى- والدور الضيقة فلا شفعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم {فيما ينقسم} ]