آداب الاستئذان


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الأمين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعــد:

فحديثنا في هذه الليلة عن أدبٍ آخر من الآداب، وهو أدب الاستئذان، هذا الأدب العظيم الذي جاءت به هذه الشريعة المباركة، وكلها خيرٌ وبرٌ وإحسان ونفعٌ للمسلمين في كل أحوالهم، العلم والإعلام، وأذان من الله ورسوله، أي: إعلام، وأذن للشخص أي: أباح له ذلك، واستأذن: طلب الإذن، والسين والتاء تفيد الطلب، فالعلم والإعلام والإباحة والأنس والنداء معانٍ للاستئذان تتضمنه.

وأما بالنسبة للاصطلاح فإن الاستئذان: هو التماس الإذن تأدباً خشية الاطلاع على العورة، وهو أيضاً: استباحة المحظور على وجه مشروع، وهو أيضاً: طلب في الدخول لمحلٍ لا يملكه المستأذن، هذا كله استئذان.

ولا شك أن هذه الشريعة التي تريد سعادة المجتمع، وأن يكون مجتمع إيمان وبرٍ وتقوى، ويتبين فيه خصائص هذه الأمة التي قال الله فيها: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110] لا شك أن هذا الأدب يبين رغبة الشريعة في هذه الرفعة والمكانة، والإنسان صاحب غرائز وشهوات وميول ورغبات، والله سبحانه وتعالى يعلم ذلك، وحينما حرم الزنا حرم دواعيه من النظر والخلوة والتبرج وكل ما يؤدي إليه، ومن المعلوم خطورة النظر في المجتمع الإسلامي، وإنه إذا أطلق يؤدي إلى الوقوع في المحرمات، ولذلك كان شأنه خطيراً، فنزلت أحكام الاستئذان لمعالجة قضايا البصر، وهو -أي الاستئذان- أدبٌ رفيع يحمي حرمة البيوت ويحافظ عليها.. وأي حرمة أعظم من أن جعل المصطفى صلى الله عليه وسلم العين التي تنظر بغير استئذانٍ عيناً مهدرةً لا دية لها، فقال صلى الله عليه وسلم: (لو أن امرءاً اطلع عليك بغير إذن؛ فحذفته بحصاة ففقأت عينه، لم يكن عليك جناح) رواه البخاري .

فلما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن رجلاً ينظر بفتحة الباب، وكان في يده مدراة يصلح بها شعره لها حد، فأخبر الرجل أنه لو علم أنه ينظر إليه لأدخلها من الباب ففقأ عينه، ولذلك نص العلماء على أن الذي ينظر من شق الباب على شخصٍ في بيته وملكه بغير إذنٍ فأدخل صاحب البيت شيئاً في الثقب ففقأ عين الناظر أنها عينٌ مهدرة لا دية فيها.

كل ذلك من أجل حرمة البيوت، والشريعة تريد حماية حرمة البيوت، وتريد أن يكون المجتمع نظيفاً والناس يعيشون في عفة، وتمنع الاطلاع على العورات، فهذه العورات محفوظة في الشريعة، وليست فقط عورة البدن، بل كل ما يمكن أن يكون عورة، فللطعام عورة، وللأثاث عورة، وللباس عورة، وللبدن عورة، والإنسان يحب أن يطلع عليه الناس وهو في حالة تجمل متهيئاً لنظرهم، ولذلك فإن الناس لا يريدون أن يطلع شخصٌ على بيوتهم وهي على غير ترتيب، ولذلك إذا استأذن شخصٌ على إنسان في بيته وفي غرفته وهي ليست مرتبة سارع إلى ترتيبها، ففي الاستئذان مراعاة لمشاعر الناس الذين لا يريدون إظهار أشياء ليس من المناسب أن يطلع عليه الآخرون، وربما يكون في البيت بقايا طعام، ربما يكون إنسان فرغ لتوه من طعامه، ولا يريد من الشخص الغريب أن يدخل عليه وفي بيته بقايا طعام مثلاً، فالاستئذان يفيد؛ فيرفع بقايا الطعام قبل أن يدخل الضيف، إذ ليس من المستحسن عنده أن يدخل عليه ضيفٌ فيرى البقايا أو أوساخ أو أشياء غير مرتبة، أو يرى في ثوب نوم أو بقميص داخلي ولو كان ساتراً للعورة، لكن الإنسان لا يحب أن يراه غيره في هذه الحالة، ولذلك الاستئذان فيه مراعاة لمشاعر الناس، بالإضافة إلى قضية ألا يطلع أحد على العورة وألا تثار الشهوة، وألا تقوم الفتنة، وألا يقع الزنا.

ولذلك نلاحظ أن آية الاستئذان جاءت بعد الزجر عن الزنا والقذف، فلما ذكر الزجر عن الزنا والقذف في سورة النور ذكر الاستئذان والزجر عن دخول البيت بغير استئذان؛ لأنه ربما أدى إلى وقوع أحد المحظورين، ولذلك فإن أدب الاستئذان يؤدي إلى قطع ألسنة السوء من مظنة الريبة، وربما يصادف الإنسان حال خروجه رب الدار، وليس فيها إلا امرأته فتذهب به الظنون كل مذهب، وربما أدى ذلك إلى خراب البيت وإلحاق الأطفال بحال اليتم والضياع.

وقد أباح الله للمماليك والصغار الطواف في البيوت بغير استئذان لحاجة أهليهم وأسيادهم إلا في الأوقات الثلاثة التي جاء النص عليها وهي: ما قبل الفجر.. ووقت الظهر، وبعد العشاء، فلا يجوز لأي إنسان الدخول في هذه الأوقات إلا بإذن حتى لو كانوا داخل البيوت من الخدم أو الإماء والعبيد أو الأطفال الصغار، وذلك لأن هذه الأوقات الثلاثة يأوي فيها الرجال إلى نسائهم وأزواجهم وتنزع فيها الثياب، ولذلك جعل الدخول محظوراً لكي لا تقع الأنظار على عورات الأهل من الأبوين، وهذا أدب يغفل عنه الناس، ويتساهلون في دخول الخدم عليهم ودخول الأطفال الصغار، وربما أدى ذلك إلى أن يرى الطفل أشياء تبقى في مخيلته أو في ذهنه وهو في صغره، وربما أدى ذلك إلى أضرار في كبره.

أما بالنسبة للاستئذان العام فقد قال الله سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَداً فَلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ * لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ [النور:27-29].

فهذه أول آية من آيات الاستئذان، وهي آية الاستئذان العام التي أدب الله بها عباده المؤمنين، كان الرجل في الجاهلية إذا لقي أخاه لا يسلم عليه، بل يقول له: حييت صباحاً، وحييت مساءً ونحو ذلك، فأبدلهم الله خيراً من ذلك تحية أهل الإسلام، أنفع الخير والثناء وهي دعاء صالح وطيب، وهذا النهي في الآية وهو قوله: (لا تدخلوا) للتحريم، فمعنى ذلك: أن الدخول لا يجوز إلا بإذن؛ لما في ذلك من الاطلاع على العورات والتصرف في ملك الغير بغير إذن، وهذا نوعٌ من الغصب.

قوله تعالى: ( لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا )

وقوله سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا [النور:27] معنى ذلك: أن الإنسان يدخل بيته متى ما شاء، وقد يسكن ملكه ويسكن في غير ملكه، فليست الإضافة هنا اختصاص الملك، فلو أنك استأجرت بيتاً، فهل يدخل في قوله تعالى: بيوتكم؟

نعم. فهو بيت لك سواء استأجرته أو كان ملكاً لك، فتدخل فيها في أي وقتٍ ما دام بيتك، وقوله سبحانه: تَسْتَأْنِسُوا الاستئناس: من آنس شيئاً إذا أبصره ظاهراً أو مكشوفاً أو إذا علمه، وهذا الاستكشاف: هو العلم يكون بالاستئذان، وقد يكون الاستئناس ضد الاستيحاش، لأن الذي يقرع باب غيره لا يدري أيؤذن له أم لا؟ فهو كالمستوحش من خفاء الحال عليه، فإذا أذن له زالت الوحشة، وكذلك فإن الاستئناس يفيد الاستئذان وزيادة: (تستأنسوا) ليس فقط معناها: تستأذنوا، فهي أعلى من الاستئذان، حتى تستشعروا أنس أهل البيت بكم، ففيها إشارة لطيفة إلى أن الزائر لا ينبغي أن يدخل إذا تبين له من حال صاحب البيت أنه لا يرغب في دخوله ولو صرح لك بالإذن، فإن بعض الناس يأذنون لكن على كره ومضض، فلما قال الله: حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا [النور:27] عرفنا أن المسألة لابد أن يكون فيها أنس وليس مجرد الإذن؛ لأنه قد يحرج، فبعض الناس إذا استأذنت عليه يتردد يقول: تفضل ولكن لم تخرج من نفسٍ طيبة، فإذا كان كذلك لا تدخل لأن الله قال: ( حتى تستأنسوا ) فيحصل الأنس، فإذا أحسست أنه لم يحصل أنسٌ فلا تدخل.

وحتى في مسألة أخذ المال، ما أخذ على وجه الحياء فهو حرام .. وإن كان أعطاك وسلمك بيده، لَكنْ فيه إحراج، وقع عليه الأمر وقعاً شديداً لا يملك إلا أن يأذن مرغماً، فهذا لا يدل على أنه خرج بطيب نفسٍ منه: ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ [النور:27] -أي: الاستئناس- أو التسليم خير من أن تدخلوا بغتةً.

قوله تعالى: (فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَداً فَلا تَدْخُلُوهَا )

قوله تعالى: فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَداً فَلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ [النور:28] أي: إذا لم تجدوا أحداً من الآذنين يأذن لكم فاصبروا ولا تدخلوا.. إن لم تجدوا أحداً من أهلها ولكم فيها حاجة فلا تدخلوا إلا بإذن أهلها؛ لأن الاستئذان من أجل البيت وساكنه: وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا [النور:28] أي: لم يجيبوكم في الدخول، بل ردوكم أو قال: ارجع الآن أو ليس الوقت مناسباً، لو طرق باب واحد وقال لك: يا أخي ليس الوقت مناسباً، أنا غير متهيئ لاستقبالك، أي عبارة من العبارات التي تعني (ارجعوا): وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ [النور:28] وبعض الناس الآن لو قيل لهم: ارجعوا لثارت ثائرتهم، ووقعت الخصومة بينه وبين صاحب البيت، وهاجوا وماجوا وقالوا: لا نأتيك ولا نكلمك، كيف تقول ارجع؟

بعض الناس يكبر عليه أن يقال له: ارجع، يكبر عليه جداً، والله يقول: وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا [النور:28] فلماذا تستكبر عن شيءٍ ذكره الله وأرشد إليه؟

والذي يقال له: ارجع فيغضب ويزبد ويرغي ويقاطع صاحب البيت فلا يرجع، هذا إنسان متكبر يرى أن مقامه فوق الآية: وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ [النور:28] وأطهر من إلحاحكم وأحسن من الوقوف في الباب، وخيرٌ من الإصرار على الدخول، إن قيل لك ارجع فارجع ولا تلح ولا تصر، فتضمنت الآية الرجوع في حالتين: في حالة عدم الإذن الصريح كأن يقال: لا تدخل لا أسمح لك بالدخول، ارجع.

وكذلك في حالة عدم الإذن الظني كأن لا يكون في البيت أحد أو سكتوا، افرض أنك طرقت الباب فسكتوا، أنت سمعت أصواتاً وصياحاً داخل البيت، طرقت الباب سكتوا، واصلت الطرق لم يتكلم أحد، هذه معناها: ارجع؛ لأنه لم يأذن.

قال الله تعالى: وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ [النور:28] فيدخل في علمه سبحانه وتعالى، أنه يعلم من يدخل بإذن ومن يدخل بغير إذن، فيجازي كلاً بعمله.

كان بعض السلف يفرح إذا قيل له: ارجع.. من دينه وتقواه؛ لأنه تحقق شيء في الآية فينصرف مستبشراً بالخيرية التي ذكرها الله، يريد أن يقال: ارجع؛ لأن الله يقول: خيرٌ لكم فصار من أهل الخير والخيرية في هذه الآية، وهذا الحكم في البيوت المسكونة سواء فيها متاع للإنسان أو لا، وفي البيوت غير المسكونة التي لا متاع فيها للإنسان.

قوله تعالى: ( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ )

وأما البيوت التي ليس فيها أهل وفيها متاع للإنسان المحتاج للدخول فقد قال الله تعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ [النور:29] فليس عليكم إثم ولا حرج أن تدخلوا بغير استئذان في هذه النوعية من البيوت، وهذه البيوت الغير مسكونة التي فيها متاع لكم للعلماء فيها أقوال.

فلعل ما يتضح به المقصود إن شاء الله أن نضرب مثالاً: بيوت على الطريق يأوي إليها الناس لابن السبيل، فنادق وفيها غرف ودكاكين وحوانيت في الشارع،كل هذه تدخل في قوله: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ [النور:29] فمثلاً: استأجرت غرفة في فندق أو تريد أن تدخل محلاً في الشارع، كدكان، أو بيت في الطريق مبني لابن السبيل يدخل يستظل فيه وينام، وهو مفتوح لأي واحد يدخل، فهذه لا تحتاج إلى استئذان فقد يكون المتاع: الاستظلال، وقد يكون المتاع: أن تشتري حاجة، وقد يكون المتاع أغراضاً وضعتها في غرفة الفندق، فلا يحتاج أن تستأذن عند الدخول في غرفتك في الفندق، ولا يحتاج أن تستأذن عند دخول دكان في الشارع يبيع، ولا يحتاج أن تستأذن في مبنى في الطريق مهيأ لاستقبال المسافرين أو جعل لابن السبيل يأوي إليه، فإن بعض الناس يقيمون على طرق السفر أو أماكن مظللة مثلاً لاستراحة المسافرين بدون أجرة باباً مفتوحاً بالمجان، فليس هناك من حرج في دخولها، وليس من الضرورة أن يكون فيها متاع يعني: فيها جهاز أو فيها عفش وما شابه ذلك، بل يدخل فيها ما سوى ذلك من الحاجات، بل لو أن إنساناً يريد أن يدخل خربة ليقضي حاجته من بولٍ أو غائط فلا يحتاج أن يستأذن في دخول هذه الخربة، فإن ذلك من المتاع الذي يقصده بالدخول.

فإذاً: مثل هذه الأشياء لا حرج من الدخول فيها. وهذا الاستئذان العام.

وقوله سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا [النور:27] معنى ذلك: أن الإنسان يدخل بيته متى ما شاء، وقد يسكن ملكه ويسكن في غير ملكه، فليست الإضافة هنا اختصاص الملك، فلو أنك استأجرت بيتاً، فهل يدخل في قوله تعالى: بيوتكم؟

نعم. فهو بيت لك سواء استأجرته أو كان ملكاً لك، فتدخل فيها في أي وقتٍ ما دام بيتك، وقوله سبحانه: تَسْتَأْنِسُوا الاستئناس: من آنس شيئاً إذا أبصره ظاهراً أو مكشوفاً أو إذا علمه، وهذا الاستكشاف: هو العلم يكون بالاستئذان، وقد يكون الاستئناس ضد الاستيحاش، لأن الذي يقرع باب غيره لا يدري أيؤذن له أم لا؟ فهو كالمستوحش من خفاء الحال عليه، فإذا أذن له زالت الوحشة، وكذلك فإن الاستئناس يفيد الاستئذان وزيادة: (تستأنسوا) ليس فقط معناها: تستأذنوا، فهي أعلى من الاستئذان، حتى تستشعروا أنس أهل البيت بكم، ففيها إشارة لطيفة إلى أن الزائر لا ينبغي أن يدخل إذا تبين له من حال صاحب البيت أنه لا يرغب في دخوله ولو صرح لك بالإذن، فإن بعض الناس يأذنون لكن على كره ومضض، فلما قال الله: حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا [النور:27] عرفنا أن المسألة لابد أن يكون فيها أنس وليس مجرد الإذن؛ لأنه قد يحرج، فبعض الناس إذا استأذنت عليه يتردد يقول: تفضل ولكن لم تخرج من نفسٍ طيبة، فإذا كان كذلك لا تدخل لأن الله قال: ( حتى تستأنسوا ) فيحصل الأنس، فإذا أحسست أنه لم يحصل أنسٌ فلا تدخل.

وحتى في مسألة أخذ المال، ما أخذ على وجه الحياء فهو حرام .. وإن كان أعطاك وسلمك بيده، لَكنْ فيه إحراج، وقع عليه الأمر وقعاً شديداً لا يملك إلا أن يأذن مرغماً، فهذا لا يدل على أنه خرج بطيب نفسٍ منه: ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ [النور:27] -أي: الاستئناس- أو التسليم خير من أن تدخلوا بغتةً.

قوله تعالى: فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَداً فَلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ [النور:28] أي: إذا لم تجدوا أحداً من الآذنين يأذن لكم فاصبروا ولا تدخلوا.. إن لم تجدوا أحداً من أهلها ولكم فيها حاجة فلا تدخلوا إلا بإذن أهلها؛ لأن الاستئذان من أجل البيت وساكنه: وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا [النور:28] أي: لم يجيبوكم في الدخول، بل ردوكم أو قال: ارجع الآن أو ليس الوقت مناسباً، لو طرق باب واحد وقال لك: يا أخي ليس الوقت مناسباً، أنا غير متهيئ لاستقبالك، أي عبارة من العبارات التي تعني (ارجعوا): وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ [النور:28] وبعض الناس الآن لو قيل لهم: ارجعوا لثارت ثائرتهم، ووقعت الخصومة بينه وبين صاحب البيت، وهاجوا وماجوا وقالوا: لا نأتيك ولا نكلمك، كيف تقول ارجع؟

بعض الناس يكبر عليه أن يقال له: ارجع، يكبر عليه جداً، والله يقول: وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا [النور:28] فلماذا تستكبر عن شيءٍ ذكره الله وأرشد إليه؟

والذي يقال له: ارجع فيغضب ويزبد ويرغي ويقاطع صاحب البيت فلا يرجع، هذا إنسان متكبر يرى أن مقامه فوق الآية: وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ [النور:28] وأطهر من إلحاحكم وأحسن من الوقوف في الباب، وخيرٌ من الإصرار على الدخول، إن قيل لك ارجع فارجع ولا تلح ولا تصر، فتضمنت الآية الرجوع في حالتين: في حالة عدم الإذن الصريح كأن يقال: لا تدخل لا أسمح لك بالدخول، ارجع.

وكذلك في حالة عدم الإذن الظني كأن لا يكون في البيت أحد أو سكتوا، افرض أنك طرقت الباب فسكتوا، أنت سمعت أصواتاً وصياحاً داخل البيت، طرقت الباب سكتوا، واصلت الطرق لم يتكلم أحد، هذه معناها: ارجع؛ لأنه لم يأذن.

قال الله تعالى: وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ [النور:28] فيدخل في علمه سبحانه وتعالى، أنه يعلم من يدخل بإذن ومن يدخل بغير إذن، فيجازي كلاً بعمله.

كان بعض السلف يفرح إذا قيل له: ارجع.. من دينه وتقواه؛ لأنه تحقق شيء في الآية فينصرف مستبشراً بالخيرية التي ذكرها الله، يريد أن يقال: ارجع؛ لأن الله يقول: خيرٌ لكم فصار من أهل الخير والخيرية في هذه الآية، وهذا الحكم في البيوت المسكونة سواء فيها متاع للإنسان أو لا، وفي البيوت غير المسكونة التي لا متاع فيها للإنسان.

وأما البيوت التي ليس فيها أهل وفيها متاع للإنسان المحتاج للدخول فقد قال الله تعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ [النور:29] فليس عليكم إثم ولا حرج أن تدخلوا بغير استئذان في هذه النوعية من البيوت، وهذه البيوت الغير مسكونة التي فيها متاع لكم للعلماء فيها أقوال.

فلعل ما يتضح به المقصود إن شاء الله أن نضرب مثالاً: بيوت على الطريق يأوي إليها الناس لابن السبيل، فنادق وفيها غرف ودكاكين وحوانيت في الشارع،كل هذه تدخل في قوله: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ [النور:29] فمثلاً: استأجرت غرفة في فندق أو تريد أن تدخل محلاً في الشارع، كدكان، أو بيت في الطريق مبني لابن السبيل يدخل يستظل فيه وينام، وهو مفتوح لأي واحد يدخل، فهذه لا تحتاج إلى استئذان فقد يكون المتاع: الاستظلال، وقد يكون المتاع: أن تشتري حاجة، وقد يكون المتاع أغراضاً وضعتها في غرفة الفندق، فلا يحتاج أن تستأذن عند الدخول في غرفتك في الفندق، ولا يحتاج أن تستأذن عند دخول دكان في الشارع يبيع، ولا يحتاج أن تستأذن في مبنى في الطريق مهيأ لاستقبال المسافرين أو جعل لابن السبيل يأوي إليه، فإن بعض الناس يقيمون على طرق السفر أو أماكن مظللة مثلاً لاستراحة المسافرين بدون أجرة باباً مفتوحاً بالمجان، فليس هناك من حرج في دخولها، وليس من الضرورة أن يكون فيها متاع يعني: فيها جهاز أو فيها عفش وما شابه ذلك، بل يدخل فيها ما سوى ذلك من الحاجات، بل لو أن إنساناً يريد أن يدخل خربة ليقضي حاجته من بولٍ أو غائط فلا يحتاج أن يستأذن في دخول هذه الخربة، فإن ذلك من المتاع الذي يقصده بالدخول.

فإذاً: مثل هذه الأشياء لا حرج من الدخول فيها. وهذا الاستئذان العام.

أما الاستئذان الخاص فهو الاستئذان داخل البيت، ذاك استئذان لدخول البيت، وهذا استئذان داخل البيت وهو المذكور في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [النور:58-59] هذه الآية عامة للرجال وللنساء وإن كانت بصيغة المذكر، لكن يدخل فيها النساء؛ لأن صيغة التذكير هنا من باب التغليب ليس إلا، وإلا فالنساء يدخلن في ذلك؛ لأن النساء من باب حفظ العورة أشد من الرجال، فإذا ثبت الحكم في الرجال فالنساء من باب أولى، وقوله: الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النور:58] سواءً كانوا بالغين أو غير بالغين.

وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ [النور:58] هؤلاء الأحرار، وليس المراد الذين لم يظهروا على عورات النساء؛ لأن الذي لم يبلغ الحلم قد يعرف أحوال النساء فيميز المرأة الجميلة من المرأة القبيحة، وله التفات إلى النساء وإلى ملابس النساء وزينتهن ويصف النساء، فقوله: وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ [النور:58] أي: الأحرار غير البالغين، وليس خاصاً بالذين لم يظهروا على عورات النساء، بل المراد الذين عرفوا أمر النساء لكن ما بلغوا الحلم، أما ابن السنتين ونحوها ليس من الذين يظهرون على عورات النساء، ولا يميز المرأة الجميلة من المرأة القبيحة أو يصف ويهتم بشئون النساء وله ميلٌ إلى ذلك.

وهذه الأوقات الثلاثة التي ذكرها الله سبحانه وتعالى هي أوقات الخلوة والتصرف التي يمكن أن يأتي فيها الإنسان أهله في العادة، فالله عز وجل يعلم أن الاستئذان الخاص مثلاً: استئذان الخدم أو الإماء أو الأطفال على الأبوين مثلاً، كل وقت يشق فجعله واجباً في هذه الأوقات الثلاثة؛ لأنه يوجد مشقة، لأجل الطواف بالخدمة، وقضاء الأشغال والحوائج، فإذا كانت كلما تريد أن تتحرك من مكان إلى مكان تستأذن سيكون هناك مشقة، لكن جعل هناك أوقات معينة ليس فيها دخول إلا باستئذان، وهي مظنة خلع الثياب ومظنة إتيان الرجل أهله واستراحته وقيلولته ونومه، وكانوا في الحر يخلع الرجل إزاره ورداءه، فربما تعرى فينكشف فيطلع غير المستأذن على شيء غير مناسبٍ على الإطلاق.

وقوله عز وجل: ( ليستأذنكم ) يدل على أنه ينبغي أن نربي أولادنا على هذا الأدب، يجب أن يربى الأطفال على عدم اقتحام غرفة نوم الأبوين إلا بإذن، ويربى الأولاد ألا يدخل الواحد على غرفة الآخر إلا بإذن، فقد يغير ثيابه بعد استحمام أو لأجل الخروج من البيت ونحو ذلك، ولما استغرب أحد الناس قال لـابن عمر : [أستأذن على أمي؟ قال: أتريد أن تراها عارية؟] فربما أنها تبدل ثيابها، فلابد أن يستأذن استئذاناً خاصاً حتى في الدخول على الأم، وبالذات غرف البنات، ينبغي تعليم من يدخل الاستئذان قبل أن يدخل، هذا أدب إسلامي حصل فيه تفريط أو إخلال يؤدي إلى كوارث.

وهناك استئذان آخر عند الانصراف، يكون الإنسان في بيته شخص زائر مثلاً أو في مكان اجتماع، أما إذا كان في مكان اجتماع فيه الخليفة أو إمام المسلمين فإنه لا ينصرف إلا باستئذان لقوله عز وجل: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [النور:62] فهذا نوعٌ من الأدب أرشد إليه ربنا عز وجل عباده المؤمنين، وهو الاستئذان عند الانصراف، كما أمرهم بالاستئذان عند الدخول، ومدح الله من تأدب بهذا الأدب الرفيع، فكل من كان قائماً على أمر، أو أميراً على جماعة مثل أمير السفر مثلاً، فأراد إنسان أن ينصرف أو يغادر فيستأذن منه؛ لئلا ينفرط عقد الجماعة أو يكون هناك اختلال في الإمرة أو الواجبات ونحوها، وأما بالنسبة للزيارة العادية فإن النبي عليه الصلاة والسلام أرشد إلى أن الإنسان إذا زار أخاه فلا يقومن حتى يستأذنه.

فإذا كنت عند شخص في زيارة، فالأدب إذا أردت الانصراف أن تستأذن قبل أن تقوم وليس أن تقوم وتمشي، فهذا احترام لصاحب الدار ولأخيك المسلم، ويكون هذا الاستئذان مصحوباً بالسلام؛ لأنه عليه الصلاة والسلام قال: (إذا انتهى أحدكم إلى مجلسٍ فليسلم، فإن بدا له أن يجلس فليجلس، ثم إذا قام فليسلم، فليست الأولى بأحق من الآخرة).

ولذلك روى البخاري رحمه الله في الأدب المفرد : باب إذا جلس الرجل إلى الرجل يستأذنه في القيام، وعن أبي بردة بن أبي موسى قال: جلست إلى عبد الله بن سلام فقال: إنك جلست إلينا وقد حان منا القيام، فقلت: فإذا شئت، فقام، فتبعته حتى بلغ الباب.

فإذاً: عرفنا الآن التحية عند دخول البيوت، والتحية عند الانصراف، ولنعلم كذلك بأن هذا الأدب وهو أدب الاستئذان بنوعيه العام والخاص، أدب كريم، أجمع العلماء على أن الاستئذان مشروع، وتظافرت في ذلك دلائل الكتاب والسنة وإجماع الأمة، فقال بعض العلماء: إنه مستحب، وقال بعضهم: إنه واجب بنوعيه الخاص والعام، قال ابن مفلح : فيجب في الجملة، وأدلة الوجوب كثيرة مثل: الأمر أو النهي، والأصل في الأمر الوجوب، والأصل في النهي التحريم، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (الاستئذان ثلاثاً، فإن أذن لك وإلا فارجع) وهذه اللام في قوله: ( ليستأذنكم ) هي لام الأمر، هذا ظاهره يدل على الوجوب ثم ستر العورة واجب، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: (إنما جعل الاستئذان من أجل البصر) والاطلاع على العورة محرم، فالمسألة كبيرة.

وأما صيغ الاستئذان فإن الصيغة المشهورة (السلام عليكم أأدخل؟) فإن أذن له دخل وإلا رجع، ودل على هذه الصيغة (أن رجلاً من بني عامر استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيته فقال: أألج - أي أأدخل؟- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اخرج إلى هذا فعلمه الاستئذان فقال له: قل: السلام عليكم أأدخل؟ فسمع النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم أأدخل؟ فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم فدخل) رواه أبو داود في كتاب الأدب، باب كيفية الاستئذان، وصححه الألباني .

وجاء عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا استأذن فقيل له: ادخل بسلام، رجع وقال: لا أدري أدخل بسلامٍ أو بغير سلام، فهذا امتناع ابن عمر رضي الله عنهما الدخول لما قيل له: بسلام، احتمال أن يكون المراد ادخل بسلامك لا بشخصك، ولأنهم اشترطوا عليه شرطاً لا يدري أيفي به أم لا، فمن ورعه كان يرجع.

فالمهم الصيغة: السلام عليكم أأدخل، وقد جاء عن عمر رضي الله عنه أنه استأذن فقال: السلام على رسول الله السلام عليكم أيدخل عمر؟

ولكل قومٍ عرفٌ في الاستئذان، ولذلك لو استأذن بأي كلمة: ممكن أدخل؟ لا بأس، أأدخل؟ لا بأس، لكن الصيغة الأتم والأكمل (السلام عليكم أأدخل؟).

فهذه الصيغة الأفضل، وقد جاء عن عبد الملك مولى أم مسكين قال: أرسلتني مولاتي إلى أبي هريرة فجاء معي فلما بلغ الباب قال: أندر؟ قالت: أندرون، وهذه العبارة معناها بالفارسية استئذان، فإذاً يمكن أن تدخل على شخص لا يعرف العربية، فتستأذن عليه بلسانه بالإنجليزية أو بغيرها، المهم أن يفهم أنك تريد الدخول وتسمع إذناً صريحاً.