سلسلة منهاج المسلم - (126)


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة -ليلة الخميس من يوم الأربعاء- ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الحاوي للشريعة الإسلامية بكاملها، عقيدة وآداباً وأخلاقاً وعبادات وأحكاماً.

وقد انتهى بنا الدرس إلى [ الفصل الثالث عشر ] وهو [ في زيارة المسجد النبوي، والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم في قبره الشريف، وفيه ثلاث مواد ].

[ المادة الأولى: في فضل المدينة وأهلها وفضل المسجد النبوي الشريف ].

فضل المدينة

[ أولاً: فضل المدينة:

المدينة حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودار هجرته، ومهبط وحيه، حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حرم سيدنا إبراهيم مكة المكرمة، فقال: ( اللهم إن إبراهيم حرم مكة، وأنا أحرم ما بين لابتيها)] أي: [ حرتيها ] الشرقية والغربية [وقال: ( المدينة حرام ما بين عائر إلى ثور ) ] وجبل عائر أمامنا وثور وراءنا [( فمن أحدث فيها حدثاً أو آوى ) ] ونصر [ (محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل، لا يختلى خلاها)] أي: خلاء المدينة وعشبها ونباتها [ (ولا ينفر صيدها، ولا تلتقط لقطتها، إلا لمن أشاد بها )] فإذا أردت أن تعلن عنها فلا بأس، وإذا لم ترد أن تعلن فلا تلتقط أبداً، فلو وجدت مليون ريال في الشارع فإن كان عندك قدرة على أن تعلن عنه للناس فبها ونعمت، وإذا لم يكن عندك قدرة على الإعلان فلا تحمله [ ولا يصلح لرجل أن يحمل فيها السلاح لقتال ] فلا يحسن برجل أن يحمل فيها السلاح للقتال [ ولا يصلح أن يقطع منها شجرة إلا أن يعلف رجل بعيره ] فلا حرج [ وقال عدي بن زيد رضي الله عنه: حمى رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ناحية من المدينة بريداً من بريد ] أي: أربعة أميال من أربعة أميال [ لا يخبط شجره ولا يعضد إلا ما يساق به الجمل ] أي: تقطع عوداً لتسوق به الجمل [ وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها ) ] أي: يدخل في المدينة دخول الحية إلى جحرها [ (لا يصبر على لأوائها وشدتها أحد إلا كنت له شفيعاً أو شهيداً يوم القيامة ). وقال: ( من استطاع منكم أن يموت بالمدينة فليفعل؛ فإني أشهد لمن مات بها )] وشهادة الرسول قيمتها دخول الجنة [ وقال صلى الله عليه وسلم: ( إن المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها ). وقال صلى الله عليه وسلم: (المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون)] قال هذا للذين رحلوا منها إلى الشام واليمن [(لا يدعها )] أي: يتركها [( أحد رغبة عنها إلا أبدل الله فيها من هو خير منه، ولا يثبت أحد على لأوائها )] أي: شدتها [ ( وجهدها إلا كنت له شفيعاً أو شهيداً يوم القيامة )] الحمد لله.

فضل أهل المدينة

[ ثانياً: فضل أهل المدينة:

أهل المدينة وهم جيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمار مسجده، وسكان بلده، والمرابطون في حرمه، والحامون لحماه، متى استقاموا وصلحوا كانوا أعلى الناس قدراً، وأشرفهم مكاناً، ووجب احترامهم وتقديرهم، ولزمت محبتهم وموالاتهم، حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أذيتهم، فقال: ( لا يكيد أهل المدينة أحد إلا انماع كما ينماع الملح في الماء ) ] والعياذ بالله [ وقال: ( لا يريد أحد أهل المدينة بسوء إلا أذابه الله في النار ذوب الرصاص أو ذوب الملح في الماء ). ودعا لهم صلى الله عليه وسلم بالبركة في أرزاقهم حباً فيها وتكريماً لهم، قال: ( اللهم بارك لهم في مكيالهم، وبارك لهم في صاعهم ومدهم ). وأوصى أمته عامة عليهم بخير، فقال: ( المدينة مهاجري، فيها مضجعي، ومنها مبعثي، حقيق على أمتي حفظ جيراني ما لم يرتكبوا الكبائر، ومن حفظهم كنت له شفيعاً وشهيداً يوم القيامة ) .

فضل المسجد النبوي الشريف

[ ثالثاً: فضل المسجد النبوي الشريف:

المسجد النبوي أحد المساجد الثلاثة التي نوه القرآن الكريم بذكرها؛ إذ قال تعالى: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ [الإسراء:1]. فإن في لفظ الأقصى إشارة واضحة إلى المسجد النبوي؛ إذ الأقصى اسم تفضيل على القاصي، ومن كان بمكة المكرمة كان المسجد القاصي منه هو المسجد النبوي، والمسجد الأقصى هو بيت المقدس ] فالمسجد النبوي مذكور بالرمز والإشارة في هذه الآية: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى [الإسراء:1]. إذاً: هناك مسجد قاص ألا وهو هذا؛ لأن الآية نزلت قبل وجود المسجد النبوي [ فذكر المسجد النبوي بالإشارة ضمن المسجدين؛ إذ لم يكن أيام نزول الآية الكريمة قد وجد بعد ] فالرسول صلى الله عليه وسلم في مكة لم يهاجر [ وقال صلى الله عليه وسلم في بيان فضله: ( صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه ). وجعله ثاني المساجد الثلاثة التي لا تشد الرحال إلا إليها، فقال: ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى ). وخص هذا المسجد بمزية لم تكن لغيره من المساجد، وهي الروضة الشريفة التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ). وروي عنه صلى الله عليه وسلم: ( من صلى في مسجدي هذا أربعين صلاة لا تفوته صلاة كتب له براءة من النار، وبراءة من العذاب، وبراءة من النفاق ) ] والحديث فيه ضعف، والعمل به محمود.

[ ولهذا كانت زيارة هذا المسجد للصلاة فيه من القرب التي يتوسل بها المسلم إلى ربه في قضاء حاجاته والفوز بمرضاته تعالى ] فيخرج من الهند .. من الصين .. من أمريكا لزيارة المسجد النبوي؛ تقرباً إلى الله عز وجل.

[ أولاً: فضل المدينة:

المدينة حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودار هجرته، ومهبط وحيه، حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حرم سيدنا إبراهيم مكة المكرمة، فقال: ( اللهم إن إبراهيم حرم مكة، وأنا أحرم ما بين لابتيها)] أي: [ حرتيها ] الشرقية والغربية [وقال: ( المدينة حرام ما بين عائر إلى ثور ) ] وجبل عائر أمامنا وثور وراءنا [( فمن أحدث فيها حدثاً أو آوى ) ] ونصر [ (محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل، لا يختلى خلاها)] أي: خلاء المدينة وعشبها ونباتها [ (ولا ينفر صيدها، ولا تلتقط لقطتها، إلا لمن أشاد بها )] فإذا أردت أن تعلن عنها فلا بأس، وإذا لم ترد أن تعلن فلا تلتقط أبداً، فلو وجدت مليون ريال في الشارع فإن كان عندك قدرة على أن تعلن عنه للناس فبها ونعمت، وإذا لم يكن عندك قدرة على الإعلان فلا تحمله [ ولا يصلح لرجل أن يحمل فيها السلاح لقتال ] فلا يحسن برجل أن يحمل فيها السلاح للقتال [ ولا يصلح أن يقطع منها شجرة إلا أن يعلف رجل بعيره ] فلا حرج [ وقال عدي بن زيد رضي الله عنه: حمى رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ناحية من المدينة بريداً من بريد ] أي: أربعة أميال من أربعة أميال [ لا يخبط شجره ولا يعضد إلا ما يساق به الجمل ] أي: تقطع عوداً لتسوق به الجمل [ وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها ) ] أي: يدخل في المدينة دخول الحية إلى جحرها [ (لا يصبر على لأوائها وشدتها أحد إلا كنت له شفيعاً أو شهيداً يوم القيامة ). وقال: ( من استطاع منكم أن يموت بالمدينة فليفعل؛ فإني أشهد لمن مات بها )] وشهادة الرسول قيمتها دخول الجنة [ وقال صلى الله عليه وسلم: ( إن المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها ). وقال صلى الله عليه وسلم: (المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون)] قال هذا للذين رحلوا منها إلى الشام واليمن [(لا يدعها )] أي: يتركها [( أحد رغبة عنها إلا أبدل الله فيها من هو خير منه، ولا يثبت أحد على لأوائها )] أي: شدتها [ ( وجهدها إلا كنت له شفيعاً أو شهيداً يوم القيامة )] الحمد لله.

[ ثانياً: فضل أهل المدينة:

أهل المدينة وهم جيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمار مسجده، وسكان بلده، والمرابطون في حرمه، والحامون لحماه، متى استقاموا وصلحوا كانوا أعلى الناس قدراً، وأشرفهم مكاناً، ووجب احترامهم وتقديرهم، ولزمت محبتهم وموالاتهم، حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أذيتهم، فقال: ( لا يكيد أهل المدينة أحد إلا انماع كما ينماع الملح في الماء ) ] والعياذ بالله [ وقال: ( لا يريد أحد أهل المدينة بسوء إلا أذابه الله في النار ذوب الرصاص أو ذوب الملح في الماء ). ودعا لهم صلى الله عليه وسلم بالبركة في أرزاقهم حباً فيها وتكريماً لهم، قال: ( اللهم بارك لهم في مكيالهم، وبارك لهم في صاعهم ومدهم ). وأوصى أمته عامة عليهم بخير، فقال: ( المدينة مهاجري، فيها مضجعي، ومنها مبعثي، حقيق على أمتي حفظ جيراني ما لم يرتكبوا الكبائر، ومن حفظهم كنت له شفيعاً وشهيداً يوم القيامة ) .

[ ثالثاً: فضل المسجد النبوي الشريف:

المسجد النبوي أحد المساجد الثلاثة التي نوه القرآن الكريم بذكرها؛ إذ قال تعالى: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ [الإسراء:1]. فإن في لفظ الأقصى إشارة واضحة إلى المسجد النبوي؛ إذ الأقصى اسم تفضيل على القاصي، ومن كان بمكة المكرمة كان المسجد القاصي منه هو المسجد النبوي، والمسجد الأقصى هو بيت المقدس ] فالمسجد النبوي مذكور بالرمز والإشارة في هذه الآية: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى [الإسراء:1]. إذاً: هناك مسجد قاص ألا وهو هذا؛ لأن الآية نزلت قبل وجود المسجد النبوي [ فذكر المسجد النبوي بالإشارة ضمن المسجدين؛ إذ لم يكن أيام نزول الآية الكريمة قد وجد بعد ] فالرسول صلى الله عليه وسلم في مكة لم يهاجر [ وقال صلى الله عليه وسلم في بيان فضله: ( صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه ). وجعله ثاني المساجد الثلاثة التي لا تشد الرحال إلا إليها، فقال: ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى ). وخص هذا المسجد بمزية لم تكن لغيره من المساجد، وهي الروضة الشريفة التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ). وروي عنه صلى الله عليه وسلم: ( من صلى في مسجدي هذا أربعين صلاة لا تفوته صلاة كتب له براءة من النار، وبراءة من العذاب، وبراءة من النفاق ) ] والحديث فيه ضعف، والعمل به محمود.

[ ولهذا كانت زيارة هذا المسجد للصلاة فيه من القرب التي يتوسل بها المسلم إلى ربه في قضاء حاجاته والفوز بمرضاته تعالى ] فيخرج من الهند .. من الصين .. من أمريكا لزيارة المسجد النبوي؛ تقرباً إلى الله عز وجل.